أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - رجلين لحمامة، فين خدامة














المزيد.....

رجلين لحمامة، فين خدامة


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 5590 - 2017 / 7 / 24 - 04:01
المحور: الادب والفن
    


"رجلين لحمامة، فين خدامة"؟
غاية في البساطة، جملة اسمية تنتهك قواعد اللغة، لكنها مع ذلك تحيي نمطا مفعما بالحياة، تفترض نشاطا عقليا، تفترض خيالا بهيجا يرقص على نمط خاص، لقد دأبنا على أن الشيء الذي لا يمنح معنى ما لا يوحي بالحياة، وبتعبير غامر بالمودات المجحفة، التي ترمي إلى نكران الذات، هذا ليس أكثر من مقطع شعبوي ينتفي فيه الإبداع، فن غير ملتزم، ومن ثمة، ليس أكثر من ملهاة ترقص على إيقاع حرف السجع.
أرجل حمامة، لا تعني شيئا غير أن العبارة تدعو إلى شيء خفي، تدعو للتخيل، إلى استحضار صورة حمامة وقدميها، خصوصا إذا علمنا أن لون قدميها أحمر بلون حمرة الحناء، لكن ما الدليل في هذا الإفتراض؟ الدليل لا يمكن ملامسته إلا باستجضار السؤال الإستنكاري: فين خدامة؟ أين هي تعمل؟ سؤال استنكاري من قبيل من أين لك هذا؟
معروف جدا، في المجتمع الرحالي أنه لا وقت فيه للرخاء، إنه مجتمع دائم الحركة، مجتمع كل أفراده تعمل ويفترض فيه أرجل خشنة لا أرجل ناعمة تحتفظ ليونة دائمة، لا أرجل حناء، (الحناء هنا كتعبير عن نمط احتفالي في المغرب وكرمز للتزين في أوقات الفراغ) ومع كل ذلك، وعلى الرغم من استنكار السؤال، لا يعني المقطع أنه يستنكر الحالة، إنه بشكل آخر دليل استحسان، تغزل في آخر المطاف: الجميل جميل حتى في أوقات عمله مثل الحمام في بحثه الشاق عن قوته، إنه مقطع يعبر ببلاغة تامة عن تحول خاص فيه إحالة إلى تناقض خاص يكمن في شخصية الحمامة، الجمال الناعم والعمل الجاد، شكل من التناغم في قالب استنكاري هو ما يطرحه النص تعبيرا عن استحالة خاصة، عن تعجب في آخر المطاف: كيف لأرجل شخص أن تكون جميلة رغم أنه يعمل؟
صحيح أن التشبيه بالحمامة يفترض تناغما بين الحمام والعمل (عملها بالتحديد بحثا عن قوت يومها) لكن طرح السؤال الإستنكاري: فين خدامة (أين تعمل؟)، الغاية منه هو التعبير عن هذا التحول الذي استدرجه كل مرة، تحول خارج عن سياق عمل الحمامة، تحول عن نمط البحث عن القوت اليومي (العمل في الحقل كنمط إنتاج رحالي غايته الإكتفاء بالقوت اليومي الذي يحافظ على حمرة الارجل) إلى عمل يحرقها، العمل لصالح الآخر.
في سياق المقطع يمكن فهم الأمر ببساطة فائقة كما يفترضه الفكر السائد: إنه يرمز إلى عادة أريستوقراطية يفترض فيها السؤال الإستنكاري كشكل من أشكال التنديد (يجب أن نفهم هنا أن طارح السؤال الإستىكاري ليس من نفس الموقع، أو على الأقل ليست له تلك الخلفيات الإجتماعية التي تحكمنا الآن والتي فيها يمكن للعبد أن يتزوج ابنة السيد في الزمن المغربي الجميل بحق، الزمن الامازيغي قبل الإستعمار الفرنسي)، لكن التماهي في التشبيه بالحمام يمنعنا من هذا الإستنتاج خصوصا أن المقطع الجميل هذا لم ينتج في وسط مديني بل في وسط قروي (استنادا طبعا إلى مرحلة تداوله، من نهاية الخمسينات في القرن الماضي إلى نهاهة التسعينات، أي في زمن التحول من نمط الإنتاج الرحالي إلى نمط الإنتاج المديني أو ما يعبر عنه في علم الجغرافية الحديث بالهجرة من القرية إلى المدينة).
جمالية النص هي في سؤالها الإستنكاري، في التشبيه وفي تناقض الإحالة، بشكل مهذب غير جارح للعواطف، يجرد حالة للوصف: رجلين لحمامة، فين خدامة؟ لصياغة سؤال مشروع يعبر عن بهجة التعجب القريبة جدا من عجائبية أبوليوس في إشكالية حماره الذهبي.
في ثنايا هذا النص، هناك أكثر من لمح متسائل، إنه نص حركي لا يستقيم، نص ممانع لا يمكن سحبه ببساطة برغم سذاجة كلماته، هو نص إن شئتم، يحرك مفاصله برغم سكونيته الميتة كما تفترض اللغة العربية: "رجلين"، "لحمامة"، لكنه نص حي بفضل انتمائه الزجلي: رجلين لحمامة! مالها؟ (أرجل حمامة! ماذا بها؟)، هي أرجل حمراء ناعمة! هذا كل ماتعنيه في أحسن الأحوال بغض النظر عن رمزية النص، لكن عقلانيته الزجلية تمنعه من أن يكون نصا جامدا. هنا تطرح إشكالية عقلية اللغة (اللغة الزجلية كما تشاؤون، اللغة الحية عند علماء اللسنيات الغربيين، أي عكس هذه اللغة الميتة التي يتجادل حول موتها الكثير من الشعوب، هذه اللغة التي تأبى أن تتنازل ولو بشبر في أن تكون لغة ميتة برغم موتها الكلينيكي، اللغة السائدة بالحديد والنار كما يقال في لغة اللسنيين)، هذه اللغة التي تحدد الحي بالزجلي وتحدد الميت بالحضاري والفني، أقصد لغة الفناء الروحي التي تقدس الموت علانية.
منذ القدم، عبر أبوليوس عن خدعتنا وليس عبقريتنا كما يعتقد البعض، أن نتمسخ في حمار يبقي هويتنا، مفادها:
حين تشعر بأنك مغلوب تمسك بأن تبدو كأنك حمار(في هذه الحالة، بما أن الامر هو حالة عامة نتشابه فيها، في المغرب، عربي وارد افتراضا أوأمازيغي أصيل كما يفترض) يجب أن نكون جميعا على حالة أبوليوس: أن نكون حميرا.
الغريب أن العلم الأمازيغي لا يحتمل صورة حمار أو حتى صورة رمزية لأبوليوس.
كم اكره التشبث بالماضي!
كل هذا النمط من التعبير الأمازيغي حول الحق في اللغة والثقافة هو تعبير عن انحطاط يتوخى التشبث بذيل حمار أبوليوس.
لم يولد حتى الآن السؤال حول الهوية!



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزوفري
- مشكلة الحسيمة بالريف شمال المغربي .
- الديموقراطية
- الأمازيغية: قضية أم مسألة؟
- جبل عوام: الثعلب لذي انتقل من مجرد عامل تقني إلى مالك راسمال ...
- مرثية لروح والدي الطاهرة
- جينيالوجيا الشيوعية (2)
- شذرات أمازيغية: الأمازيغي و الهوية!
- حول ضربة -زعطوط-(1) الأشقر
- جينيالوجيا الشيوعية
- آدم عربي : العمل المنتج والعمل غير المنتج
- ماماس: الشاعرة الأرضنية المغربية
- ترامب وسياسة الهجرة
- أزمتنا الحقيقية
- النزعة الفاشية في خطاب الحكومة المغربية
- الفتنة: ثورة المحايدين
- الكتابة وجع
- المكر السياسي للإيديولوجية القومية العربية
- دائرة المشردين (2)
- ديكتاتورية الطبقة العامل في جبل عوام


المزيد.....




- كأنها خرجت من أفلام الخيال العلمي.. ألق نظرة على مباني العصر ...
- شاهد.. مشاركون دوليون يشيدون بالنسخة الثالثة من -أيام الجزير ...
- وسط حفل موسيقي.. عضوان بفرقة غنائية يتشاجران فجأة على المسرح ...
- مجددًا.. اعتقال مغني الراب شون كومز في مانهاتن والتهم الجديد ...
- أفلام أجنبي طول اليوم .. ثبت جميع ترددات قنوات الأفلام وقضيه ...
- وعود الساسة كوميديا سوداء.. احذر سرقة أسنانك في -جورجيا البا ...
- عيون عربية تشاهد -الحسناء النائمة- في عرض مباشر من مسرح -الب ...
- موقف غير لائق في ملهى ليلي يحرج شاكيرا ويدفعها لمغادرة المسر ...
- بأغاني وبرامج كرتون.. تردد قناة طيور الجنة 2023 Toyor Al Jan ...
- الرياض.. دعم المسرح والفنون الأدائية


المزيد.....

- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - رجلين لحمامة، فين خدامة