أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال عبود - الحنكليس والانتياس














المزيد.....


الحنكليس والانتياس


كمال عبود

الحوار المتمدن-العدد: 5588 - 2017 / 7 / 22 - 16:29
المحور: الادب والفن
    


حكايا جدو أبو حيدر
*******
الحنكليس والانتياس*
----------
1955
------
-1-
بيتُهُ جميل .. معشوشبٌ بالخضره ..
بيتُه حجرٌ رملي ٌ مغطى جدارنه بنباتٍ أخضرمتسلق و ملتصق بالجدار ومخضوضر طيلة العام ...
غرفةٌ واحدة خلفها مطبخ صغير وحمّام في ذات الوقت .. قبلةُ بابه نحو الجنوب وأمامه فسحة كبيره هي سطح الطابق الأرضي ، تنتهي بدرجٍ حجري رملي الى الشارع العريض ، والعريشة الجميلة تغطي أغلب السطح وهناك صفائح الحديد المملؤة أزهاراً وورودا ..
هذا بيت ( الحنكليس)
قرب قوس النصر الأثري في ملتقى الأحياء الثلاثه ، حارة الشحادين وحارة الطابيات والصليبه ، وكل حارة تحسب البيت جزءاً منها لجماله ..على الرغم من فقر صاحبه وعوزه ...
مرات ومرّات عرض عليه الأثرياء شراء بيته لكنه يرفض دائماً وبشده قائلاً
: لن أبيع البيت .. من يبع بيته يكون قد باع وطنه
والحنكليس لقب لرجلٍ نحيفٍ أسمراً غامق اللون وجهه طويل كثيراً ويلبس قلنسوةً كالمخروط الهرمي ولذا أخذ اللقب لأنّه يشبه سمكة الحنكليس في الخامسه صباحاً ينحدر الحنكليس من بيته ... حاملاً حقيبةً قماشيّه ذات طبقتين وفيها زوّاده و- مطرة ماء - وقطعةً كبيرة من العجين ... يجتاز حي الصليبه وحي الكامليه والعامود ، إلى باب المرفأ .. يقف هناك مع المنتظرين حتى طلوع الشمس .. يأتي( الريّس ) فيندفع العمال صوبه كي ينتقي منهم من يريد..؟ أو يبعدهم ويقول لا يوجد لكم عملاً اليوم .... ما في بواخر للتفريغ . ويكون ذا حظّ عظيم من يختاره الريّس للعمل ويطلب منهم ان يدعون بطول العمر لِ - أبي هاني - صاحب المرفأ أقوى واغنى وأكثر سلطةً وقسوة من اي رجلٍ عرفته المدينه ..
--------------
في الأيام التي لا يُسمح له بدخول المرفأ يذهب الحنكليس شاطيء البحر الصخر شمال المرفأ قرب .. البطرني .. يسحب قصبة الصيد الطويله التي خبأها بين الصخور ويربط بها خيط الصيد وسنارةً أو - شكماً - ويجلس هناك على صخرتهِ المعهوده .. لكل صيادٍ صخرةً .. لا ينازع صياداً أي صيادٍ على صخرتهِ ... هذه لحنكليس وهذه لأبو كف والاخرى لابن التن والبعيدة لاحمد عضيمه وابن القلاب ..الصيادون لا يتنازعون ...لا يتجادلون و قليلاً ما يتكلمون .. ليس عندهم اي فضول في معرفة كم اصطاد رفيقه هناك اتحاد عضوي بين الصياد وصخرته وبقعة الماء حول سنارة الصيد ... يجمعهم البحر وتحية السلام ...
عالمهم عالم ثري كثراء البحر متنوعٌ كتنوع السمك وكتنوع الوانه وطعامه ..
والحنكليس ذو خبرةٍ يعرف البوري والقجاج والغبّص والسلموره واللقز والفريده والبلميده مع السردين والغريبه......
-2-
----------
قالت له زوجته : منذ شهرين لم ترجع باكراً ...؟
اعرفك تماماً .... أكيد عم تدور عا الارامل وتعطيهم كل ما تخرجُه من - البور - ( المرفأ) أو من البحر ...
سكت الحنكليس لانه في الحقيقة حين يعمل في المرفأ يكنس بقايا ما يسقط متناثراً و يُخرجهُ خلسةً مُعرضاً نفسه لعقوباتٍ جسديّة ونفسيةٍ في سجن الطاغيه - أبو هاني - صاحب المرفأ الجبار القذر الذي لا يرحم ، و في طيات حقيبتهِ بضع حفناتٍ من الارز أو السكّر أو قليلاً من ورق الشاي ، ويعطي ما ُيخرج للعائلات التي لا معين لها حتى غدا محبوباً ومقدّراً من الجميع في المدينة القديمه ... والآن صار يمرُّ على منزل وراء دارٍ خربه ... منزلٍ مهجور يغيب ساعةً ويخرج .. يفرغ بعض ما في جعبته من سمكٍ أو نقود ... يفرغها في يد رجل مقعد .... يسامره أحياناً ويساعده ويسمع منه حكايا زوجته وطفلهما ، وكيف تتبرج الزوجة صباحاً وترجع مساء تنهره وتوبخه وانها تتعب كي تصرف عليه المال حتى يأكل ويلبس وانه يتمنى ان لا تذله امرأه وانّه عزيز النفس .
لكن الامر بات مختلفاً حين صنع الحنكليس دراجةً تشبه عربة خضار عجلتان من الوراء وعجلة من الامام وصار يضع المقعد عليها ويجره الى الشاطيء... ويرجعان عند المساء ....
تعلم صديق الحنكليس الصيد وجاء الرزق وفيراً واتسعت بسمته بل انه صار يطرب الصيادين بصوته القوي الجميل ، وصار خبيراً ونال لقب - الانتياس- ( السمكة الكبيره - من فصيلة سمك القرش ) لانه يصطاد سمكاً كثيراً ومتنوعاً كالانتياس.

ما حدث في المدينة بعد ذلك ان كل صيادٍ صار يصحب مقعداً يعلمه الصيد
خلتْ المدينة من المقعدين ، حتى ان الانتياس قال مرةً : طظ في الحكومه ، ما بدنا عطف احد
1987
-----
مات الحنكليس ، حزن الجميع وخرجوا في جنازةٍ مهيبةٍ وحاشده ، خرجوا كباراً وصغاراً تتقدمهم عربات المقعدين ، لم تعهد المدينة مثل تلك الجنازه حتى انّ احد الغرباء تساءل :
هل كان المتوفي عظيماً ...؟ ولأي حزبٍ ينتمي ....؟
ردّ احد المشيعين : نعم كان عظيماً وكان اسم حزبه - الحنكليس
------
* الحنكليس والانتياس: تسميتان محليتان لنوعين من السمك في شاطيء اللاذقية



#كمال_عبود (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قميص عرّو
- جورة بو سمعان
- جب داؤود
- أبو قطيط
- النورَجْ
- الجلموق
- الغربال
- الأبلق مختار الرعوش
- حلساء .. ملساء
- ظِلالْ
- حكايا جدو أبو حيدر -30-
- حكايا جدو أبو حيدر -29-
- حكايا جدو أبو حيدر -28-
- حكايا جدو أبو حيدر -27-
- حكايا جدو أبو حيدر -26-
- حكايا جدو أبو حيدر -25-
- حكايا جدو أبو حيدر -24-
- أوجاع
- حكايا جدو أبو حيدر -23-
- حكايا جدو أبو حيدر -22-


المزيد.....




- سعاد بشناق عن موسيقى فيلم -يونان-.. رحلة بين عالمين
- الشارقة تكرم الفنان السوري القدير أسعد فضة (فيديو)
- العربية أم الصينية.. أيهما الأصعب بين لغات العالم؟ ولماذا؟
- سوريا.. رحلة البحث عن كنوز أثرية في باطن الأرض وبين جدران ال ...
- مسلسل -كساندرا-.. موسيقى تصويرية تحكي قصة مرعبة
- عرض عالمي لفيلم مصري استغرق إنتاجه 5 سنوات مستوحى من أحداث ح ...
- بينالي الفنون الإسلامية : أعمال فنية معاصرة تحاكي ثيمة -وما ...
- كنسوية.. فنانة أندونيسية تستبدل الرجال في الأساطير برؤوس نسا ...
- إعلاميون لـ-إيلاف-: قصة نجاح عالمي تكتب للمملكة في المنتدى ا ...
- رسمياً نتائج التمهيدي المهني في العراق اليوم 2025 (فرع تجاري ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال عبود - الحنكليس والانتياس