أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير الخويلدي - جهد التفلسف بماهو تمرين في الترجمة














المزيد.....


جهد التفلسف بماهو تمرين في الترجمة


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 5587 - 2017 / 7 / 21 - 22:12
المحور: الادب والفن
    


" لم يكتف ، من خلال السفر، باكتشاف أجنَبَةِ العادات الأخرى، بل وكذلك بأن ثقافة المرء بحد ذاته لا تقل غرابة، بل وإثارة للضحك، فيما لو رآها بعيني الآخر. هذه هي، برأيي، نقطة الصفر في الفلسفة. كل فيلسوف يتبنى لحظة التهجير هذه."1
ليست الترجمة ضرورية ولازمة للفكر الذي يشتغل عليه الكائن البشري في وجوده في العالم فحسب وإنما هي أمر حيوي وتجربة حاسمة قصد بلورة فهم الذات وبلوغ التفاهم مع الغير.
لذلك يمر ردم الفجوة بين الأنا والآخر ورفع اللبس الحضاري بين النحن والهم وإزالة سوء التفاهم التاريخي بين العرب والغرب عبر تمتين جسور الترجمة التوليدية وتنقية مقاصدها.
في هذا الإطار تحتل الترجمة الفلسفية مكانة مرموقة في سبيل بناء مشروع استراتيجي للأمة وتحيين العقل العربي والوحي الإسلامي في راهن الدراسات المعرفية وحاضر الفلسفة الحية وفي اتجاه عقد محادثة كونية بين مختلف الألسن التي لازالت تشارك في كتابة نص الوجود.
بيد أن الترجمة في الزمن مابعد الحديث لا تعتمد على نظرية معلومة ولا ترجع الى معيار معروف يحدد بدقة الخطأ والصواب ولا تمتلك جملة من الخصائص الكبرى وبرنامج من القواعد المضبوطة وإنما هي حركة تأويلية تقوم بنقلات نوعية بين ثقافات ومحاولات تقريبية بين اللغات وسرديات نصية وتخيلات قصصية ضمن شبكة من الصور ونسق من الرموز.
وبالتالي لا تتحقق الأمانة الدلالية للنص الأصلي في النص المنقول عبر فعل الترجمة إلا من خلال تحويل المبنى التركيبي إلى نسيج لغوي يفيض بالحقيقة المعرفية والعلامة الواقعية ولا ينتقل الكلام من طوره المكتوب إلى سياقه اللساني الملفوظ سوى عن طريق هجرة المعاني والأفكار عبر فضاء المصطلحات والمفاهيم وكذلك بالاستعارات الحية والمجازات المرسلة.
لهذا برزت الترجمة كممارسة عملية بالأساس وإنتاج مادي للمعرفة الكامنة دون الاستناد على عقلنة مسبقة وتخطيط فكري ودون الحاجة إلى تنظير منهجي وتصور معرفي قبلي.
لا تعود الترجمة إلى ما قبل ميلاد النص ولا ترجع الى الزمن الذي سبق تشكل النص قصد التعرف على بذوره وإدراك جذوره والإحاطة بعناصره الجنينية وإرهاصاته البعيدة ولا تهتم بالسياق التاريخي والشروط الاجتماعية والملامح السياسية والظروف الثقافية التي أحيطت بالمؤلف أثناء كتابته ولا تفكر في الأوضاع المعرفية والأنساق الرمزية والأنماط الإدراكية التي تسيطر على عالم الفكر وتشكل براديغمات العلم في عهد الكاتب وإنما تضع كل ذلك في مقام ثان وتولي عناية أساسية في مرحلة أولى بالوضعية الهرمينوطيقية للنص وتبحث عن الوسائط من أجل استيفاء عملية العبور وتأمين حركة النقل بالمعاني من لسان إلى لسان.
بطبيعة الحال تقتضي عملية الترجمة الالتزام بعدد من البروتوكولات الرسمية من أجل تنظيم العمل المعرفي وترتيب الورشة الميدانية والارتقاء بها من حالة وجدانية إلى موقف نضالي:
- الترجمة عملية ممكنة ومكابدة وجودية مضنية.
- الترجمة تجربة حدوث للحقيقة وإنتاج للمعنى.
- الترجمة علاقة ترابطية تفاعلية بين اللفظ والشيء والدلالة.
- الترجمة مران على التطبيق وتدرب على الفهم.
- الترجمة محادثة مزدوجة بين الأنا ونفسه والآخر.
- الترجمة عملية لفظية لنوافذ مفتوحة تسهل نقل المعلومات.
- الترجمة تشكيل عالم مشترك للتلاقي والتعارف بين الذوات.
- الترجمة طريقة لمقاربة اللغة وصيانتها من التحريف.
- الترجمة ذروة التجربة التأويلية وفهم نابع من الحياة.
- الترجمة موقف نقدي تقويمي ووجهة نظر منفتحة وعلاجية.
- الترجمة سعي للتملك دون هيمنة وتلاقي للأصلي مع الأجنبي.
- الترجمة جدل بين أسئلة القارئ وأجوبة الكاتب يسجد الوعي المتأثر تاريخيا.
- الترجمة إعادة بناء للتراث من خلال امتلاك الماضي وتوسيع آفاق الحاضر.
- الترجمة قراء تفاعلية عبر أصوات متعددة للزمن التاريخي للذات الحضارية.
- الترجمة إبداع للفضاء النصي وإعلانا يتكلم فيه الكائن عن العهد ويعظ بالوعد.
- الترجمة وجود نحو النص الخاص بنا يتلاحم فيه الصوت والمعنى.
- الترجمة تخلي عن السلطة وخلع عن المركز وتشكيل حر للهامش المختلف.
- الترجمة اتفاق جوهري بين اللغة والفكر والوجود على وضع اختلاف الهوية.
- الترجمة معاصرة التراث وتقليد حديث وانتصار على الغرابة وتوطين للهجين.
- الترجمة كيفية للكلام وأسلوب فني في التنضيد وصناعة الحياة ضمن لغات أجنبية.
"وهكذا ، كل ترجمة هي، في الوقت نفسه، تأويل. حتى أننا يمكن أن نقول إن الترجمة هي ذروة التأويل الذي يكونه المترجم للكلمات"2 .
بهذا المعنى يستوجب طرح سؤال : ماذا يعني فعل الترجمة؟ البحث في التجربة اللغوية التي ينخرط فيها الكائن البشري مسافرا بين الألسن وواصلا وفاصلا الفكر عن اللغة والواقع.
خلاصة القول أن الترجمة عملية دقيقة يجريها الفكر على نظمه المعرفية تتراوح بين المنحى الأدبي والمقاربة العلمية وترتكز على حدث في الكلام يقوم على لعب بالألفاظ ضمن انصهار آفاق مفتوحة على إيقاع تعزفه الجمل والأفكار والأشياء وتترجمه في فعالية إبداعية أصلية.
لكن ماهي الشروط التي يوفرها الفكر الحضاري من أجل تحويل الترجمة إلى فعل إبداعي؟

المراجع:

1-آلان باديو وسلافو جيجيك، الفلسفة في الحاضر، تحرير بيتر إنغلمان، ترجمة يزن الحاج، دار التنوير، بيروت، طبعة أولى، 2013. ص70.

2-غادامير (جورج هانز)، الحقيقة والمنهج: الخطوط العامة لتأويلية فلسفية، ترجمة حسن ناظم وعلي حاكم صالح، دار أويا، طرابلس، ليبيا، طبعة أولى، 2007، ص506.

كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سفر فلسفي صوب الإقامة في عين الذات
- التربية على الثقافة والإبداع عند أنطونيو غرامشي
- إشكالية الخطاب بين الموروث والوافد والمبكتر
- الفلسفة التطبيقية بين قوانين الفكر وقواعد العمل
- فك الارتباط بين التفكير الماورائي والتصورات التيولوجية
- مبادئ العدالة من منظور نفعي عند ستورات ميل
- شروط الإبداع الخالص
- كتابة التاريخ بين المفرد والجمعي
- اتجاه التحركات الاحتجاجية نحو مطلب التنمية
- البرنامج التربوي في تجربة جون لوك الفلسفية
- الشبيبة الثورية من لاّمبالاة الانتظار إلى المشاركة المؤثرة
- دور الإيديولوجيا في تقدم المجتمع وتحريك التاريخ
- هوة الاختلاف بين التنازع والتسامح
- العقل الفلسفي بين التأسيس المعرفي والمراجعة النقدية
- عمل بلا فائض قيمة وعمال بلا قوة عمل
- نظرية الذاكرة بين التلاعب والتماسك
- ديمقراطية المواطنة وشرعية الحقوق
- تجديد التربية من خلال إيتيقا الفكر المركب
- فلسفة الحياة اللاّفلسفية
- مخارج التجارب التعاونية من الأزمة الإقتصادية


المزيد.....




- شاهد.. -موسى كليم الله- يتألق في مهرجان فجر السينمائي الـ43 ...
- اكتشاف جديد تحت لوحة الرسام الإيطالي تيتسيان!
- ميل غيبسون صانع الأفلام المثير للجدل يعود بـ-مخاطر الطيران- ...
- 80 ساعة من السرد المتواصل.. مهرجان الحكاية بمراكش يدخل موسوع ...
- بعد إثارته الجدل في حفل الغرامي.. كاني ويست يكشف عن إصابته ب ...
- مهندس تونسي يهجر التدريس الأكاديمي لإحياء صناعة البلاط الأند ...
- كواليس -مدهشة- لأداء عبلة كامل ومحمد هنيدي بفيلم الرسوم المت ...
- إحياء المعالم الأثرية في الموصل يعيد للمدينة -هويتها-
- هاريسون فورد سعيد بالجزء الـ5 من فيلم -إنديانا جونز- رغم ضعف ...
- كرنفال البندقية.. تقليد ساحر يجمع بين التاريخ والفن والغموض ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير الخويلدي - جهد التفلسف بماهو تمرين في الترجمة