هاشم العيسمي
كاتب سياسي
(Hashem Aysami)
الحوار المتمدن-العدد: 5582 - 2017 / 7 / 16 - 20:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بين السنة و الأخرى تبرز على الساحة الأردنية قضية الانتخابات كعملية أساسية لمشاركة الشعب في صنع القرار , و رسم خطوط المستقبل و النهضة الأردنية المبتغاة , و في خضم هذه العملية الطويلة و المرهقة , و لضعف الخبرة السياسية لدى عموم الناس يبرز السؤال الأعظم
من أنتخب , لماذا أنتخب, و على أي أساس أنتخب ؟؟
و هنا لست بصدد الإجابة على هذه الأسئلة إذ لكلٍ توجهاته و لكلٍ معاييره التي يفصل بها , لكنني في هذا المقال سأجيب عن سؤالٍ أراه يوازي أهمية السؤال السابق أو يزيد و هو , من عليّ ألاّ أنتخب؟؟
و حسب متابعتي لعدة عمليات انتخابية و وعود انتخابية و مواقف سياسية ما بعد انتخابية , يمكني القول بأن الإخوان المسلمون هم من يجب ألا ننتخب , لماذا ؟ ذلك يعود إلى قضايا كثيرة أثرتُ طرح بعضها و التركيز عليه ليتجلى لنا الخطأ الجسيم الذي قد نرتكبه غذا ما انتخبنا الإخوان المسلمين .
• علاقاتهم الخارجية الملتبسة :
إن المتابع لمواقف جماعة الإخوان المسلمين يلاحظ ارتباطاتهم و مواقفهم الخارجية الملتبسة , فهناك علاقتهم بالجماعة الأم و الفروع الأخرى في البلدان الإسلامية و الذي يفرض ضغوطاً على فرع التنظيم الأردني لتقديم سياسات تتماشى مع متطلبات الجماعة العالمية إذا ما وصلوا للحكم , و ناهيك عن ذلك نرى علاقة التنظيم المتذبذبة بجمهورية إيران الإسلامية و التي تتجلى بدعم التنظيم لسياسة إيران النووية و طموحها التوسعية و هو ما يشّكل تصدع في العلاقة بين المملكة الأردنية الهاشمية و حلفائها الذين اتخذوا الخط المعاكس في علاقتهم مع إيران , بالإضافة لعلاقة التنظيم بحركة حماس الفلسطينية و حزب الله اللبناني اللتان قدمت الدعم لهما في مواضع مختلفة , و هذا ما قد يشكل حاجزاً أمام المساعدات الغربية للأردن التي تعد ركيزة مهمة للاقتصاد الأردني و ضرراً كبيرا للسياحة الأجنبية و توتير العلاقة بين المملكة الأردنية الهاشمية و حلفائها من السعودية و مصر و الإمارات و ليبيا و سوريا و هو ما سيفرض ضغوطاً إضافية على الدولة الأردنية في ظل التأرجح التي تقوم عليه المنطقة العربية في حال وصول تنظيم الإخوان المسلمين للحكم .
• تعزيز الفتنة في الشارع الأردني
إن وصول الإخوان المسلمين للحكم يعني بشكل أو بأخر تعزيز الفتنة في الشارع الأردني , فإن المنطقة العربية بمجملها تعيش الآن على صفيحٍ ساخن بسبب صعود حركات قائمة على أساس ديني , و هذا ما قد خلف انطباعات سلبية في عقول فئات الشعب المختلفة و أخص منها ذوي الخلفيات الغير إسلامية , أن هذه الحركات تتمترس خلف الدين الإسلامي لتصفية باقي فئات المجتمع و السيطرة على جميع مفاصل المجتمع , و هذا ما سوف يعزز أزمة الثقة بين الحكومة –إذا ما كانت إخوانية- و باقي فئات المجتمع , في مرحلة نحن بحاجة فيها إلى تعاون الجميع لتعزيز الاستقرار السياسي و الازدهار الاقتصادي ,بالإضافة إلى أن تنظيم الإخوان المسلمين يرى نفسه –مثله مثل السلفيين و حزب التحرير و حزب الوسط و غيره من الحركات ذات الخلفية الإسلامي- ممثلاً للإسلام و هو ما سيعزز أزمة الهوية بين فئات الشعب المُدينة بالولاء لإحدى هذه الحركات , ناهيك عن تحويل الدين الإسلامي لمادة صراعية في ساحة الصراع السياسي .
• مخالفة نصوص القانون
رغم أن الحزب التابع لجماعة الإخوان المسلمين يملك ترخيصاً قانونياً من الدولة ,إلاّ أننا لو نظرنا جيداً لرأينا أن هذا الحزب مخالف لمادة ب/5 من قانون الأحزاب التي تمنع من قيام الأحزاب السياسية على أساس ديني , و إن ترخيص حزب جبهة العمل الإسلامي ما هو إلاّ مناورة سياسية لا أصل لها قانوناً .
• الشعارات البراقة و السياسة البرغماتية
إن أحد أهم الأسس التي ينتخب المواطن على أساسها هي الأمانة بتنفيذ الوعود المعطاة خلال الحملات الانتخابية , و لا يخفى على الجميع أن حركة الإخوان المسلمين من أمهر الحركات في إطلاق الشعارات و الوعود البراقة المستحيلة التنفيذ , مثل شعار "الإسلام هو الحل" , "دستورنا القران" -وهو ما يعد بالمناسبة انقلاب على دستور الدولة و الأعراف المجتمعية و الثوابت الإسلامية- و هذه الشعارات يتم تناسيها عند الوصول إلى منصة صنع القرار , فالمتابع لسياسة رجالات الإخوان المسلمين يتحسس برغماتية واضحة لأولئك الرجالات في التعاطي مع الأحداث السياسية تحت عنوان ,"في السياسية لا أخلاق"و "المصلحة هي القانون المطلق" متناسين في ذلك القيم و الثوابت و المبادئ الإسلامية التي تحدد و تنظم عمل المسلمين .
• قلة خبرتهم في العمل السياسي
إن من أهم الأسس التي يجب أن تكون موجودة لدى صنّاع القرار هي الممارسة الطويلة للعمل السياسي غير الموجودة لدى رجالات التنظيم , فتنظيم الإخوان المسلمين قد كرَّس عمله الطويل في الخدمات الاجتماعية و العمل الاجتماعي , و الأدلجة الدينية و الفئوية لشباب المجتمع في محاولات كثيرة لاستدرار عواطف الشعب بدلاً من وضع برامج سياسية تنمي وعيهم و ترضي آمالهم في تطبيق إصلاحات سياسية تنتهي بتحقيق الاستقرار السياسي و الازدهار الاقتصادي , فكيف انتخب من لا يملك برنامجاً إصلاحياً و خطة بنائية متينة قابلة للتطبيق و التنفيذ ؟؟ هذا سؤال يجب أن نطرحه على أنفسنا كثيراً قبل أن ندلي بصوتنا .
إن النقاط السابقة و غيرها الكثير -الذي لا مجال لعرضه هنا- تفرض علينا وضع معايير و أسس لأنفسنا خلال المشاركة في العملية الانتخابية من مثل , من أنتخب ؟ و لماذا أنتخبه؟ و ماذا قدم؟ و ما هو برنامجه السياسي؟ و السؤال الأهم : ما هي آثار وصوله للسلطة على الدولة و المجتمع؟؟ , و الإجابة على هذه الأسئلة –على حد علمي- لن تصب في مصلحة تنظيم الإخوان المسلمين , أو حتى في مصلحة الدين الإسلامي كدينٍ حنيف , إنساني , عالمي , و يصلح للجميع , ويبقى السؤال الأهم , هل استخدام الدين الإسلامي في السياسة يصب في مصحته , أم في مصلحة السياسة ؟ أم فقط يصب في مصلحة في مصلحة المتاجرين به من أمثال الإخوان المسلمين و غيرهم .
هاشم العيسمي 16/7/2017
#هاشم_العيسمي (هاشتاغ)
Hashem_Aysami#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟