أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - القصيدة المتوحشة - الفصل 18 من الرواية














المزيد.....

القصيدة المتوحشة - الفصل 18 من الرواية


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 5581 - 2017 / 7 / 15 - 15:35
المحور: الادب والفن
    


-18-

ليلة السّنة الثالثة للغيابِ المُدَنَّسِ..
رأيتُنِي أدْخُلُ المِرْآةَ المغبَّرة برَمَادِ الحُلُم القَديم.. فإذا بي وَجهًا لوَجْهٍ معَ كائنٍ خُرافِيّ لهُ وجهُ رَجُلٍ.. جسدُ بنفسجةٍ وجناحيِّ طائرٍ وَعلى جبينِهِ وشمُ البَحْرِ.
راحَ يَتَضَخَمُ شيئًا فشيئًا إلى أنْ صَارَ في طُولِ قامتي.
تورَّدَ وجهُهُ وهو يبتسمُ ابتسامةً عفويـّةً كالأطْفَال.
فغرَ فاهُ فإذا بصَوتٍ كَصَوتِ طُيُــورٍ كثيرَة يـُوَشوشني:

"حبيبتي.. أنا هنا
لا تخافي.
حبيبتي.. أنا هو.
لا تجزعي...!
كنتُ ميتًا وقمتُ
وها أنا حيّ"



هممّتُ بالهرولةِ إلى جناحيهِ الممتدَّينِ نحوي فإذا بأفاعٍ كثيرَة تنبشُ التُّربة تحتَ قدميَّ. تسعَى بسرعةِ البَرْقِ إليّ وفحيحها يشلّ كياني الهَشَّ. تلتفُ حَوْلَ عُـنـُقِـي. تَعْصِرُ أنفَاسِي.
أختَنِـــــــــ.....ق!
أحتضرُ ألمًا.
أَتَ شَ ظـَّ ىَ
رُعبًا.
بغتة..
يخلعُ الطائرُ رداءَهُ الأثيريّ ويتجسّدُ رجلاً في جَمَالِ الآلهةِ.
يتناولُ فأسًا ويلاطمُ الأفَاعِي الحاقدة ك فَارِسٍ شَهْم. يضربُها الضربةَ تلوَ الضَربَة كَ مَنْ يُلاطمُ طواحينَ الهَوَاء.
لكن..
هيهات...
ها أنا أهوي قُـــرْبَ قَــدَمَيْـــــهِ.
أهوي جثةً متهالكةً مهزومةً مِن عُمْقِ اعماقها..
أهوي وعلى شفتيّ نداءٌ:
ايزوريس. كنْ بخير حبيبي.! -
...
..
.

صحوتُ على فجرٍمختلف النكهة.
رُحْتُ ألمُّ شتاتَ أورَاقي وأقلامِي وأجهِّزُ نفسي للسَّفر إلى الجامعة حيث افتتاح العام الدِّرَاسي الثالث.
تسبقني اللهفةُ إلى الحَافلة التي ستُقِلُّني إلى جبلِ الكَرْمِل.
كلّ شئ يسيرُ كما يجب هذا الصباح يا خالد!
أتناول المرآة من الحقيبة.
كم هي مرآتي شهيّة اليوم.
شهيّة كقلبي المترقّب عودتك.
تتهادَى الحافلةُ وسطَ الطُّرُقاتِ المُشَجَّرَة.
يزقزقُ قلبي ويطير من غصنٍ إلى آخر بخفّة ريشة.
إحساس غريب.. غامض.. خفيّ غمرني:
خالد...!
خيّل لي أنّني لمحته في حافلة أخرى تجَاوَزَتنا.
تـُراني رأيتهُ حقًّا أم شُبــِّهَ لي !؟
إنْ لم أرَه ..
فمِنْ أينَ لي هذا اليقين بأنّ طيفه لا يفارقني؟
لمَ أحيا مثقلةً بهِ كأنـّنا كائن واحد منشطر.
يُسَيِّرُني..يَأسُرَني..
يتناولُ القلمَ ويكتبُ على أوراقي فأنزوي في الرُّكنِ أقرأُ باعجابٍ ما تخطـُّهُ يدُهُ الخفيّة في جوفِ العتمة.
لا..!
لن أقُصَّ هذي الهَواجسُ على أحَد ولا حتّى على خولة.
كي لا يكون في كشفِها مَقتلي.
كي لا ترجمُنِي القلوبُ الضَّريرَةُ بتُهْمَةِ:
...
..
.
لوثةُ جُنُون. / نوبةُ
...
..
.
على جمرٍ..
أنتظرُ اقتحامَ المـُحَاضِر في الأدَبِ المُقَارِن هذي القاعة الرَّحبة المُطلّة على بحر حيفا.
تحاصِرُني عيونٌ فضوليــَّةٌ مِنْ كُلِّ جهاتِ القلقِ.
أهرب من نظراتهم إلى الورق:

آهٍ..
لو تدرون:
ما لم ترَ
عين
ما لم تسمع
أُذُن
كانَ سَيْــــــــري
فوقَ شظايا
دَربِ الآلامْ..
فكانَ موتي
وكان انبعاثي
فرَاشةً حُرّة
مِنْ كُلِّ قَيْدٍ
وذِكْرَى!
...
..
.
اقتحمتْ خيالي صورةٌ راحتْ معالمها تَتَّضِحُ رويدًا رويدًا.
رَأيتـُني كاللقْلَقِ المَضْرُوبِ بلَعْنةِ الوُقُوفِ دَهرًا عَلى سَاقٍ وَاحِدًة في مَاءٍ آسِنٍ. تذكَرْتُ فيصل..تذَكَّرتُ أبي وأخي .. تذكرتُ أمي..
انتفضَ القلمُ بين أناملي النَّحيلة وشرَعَ بتسجيلِ المزمور الثالث لنُواحِ ما بَعْدَ النَّكبَة العاطفيّة:

أن أصيرَ
مِعْوَلاً
لِهَدْمِ الأَوْثَانِ
دَاخِلَ معبَدي..
أَنْ أَثُورَ
على الرَّاكِدِ
في مِذْوَدي..
أن أتَحَدَّى
جَلاَّدي..
أَنْ أصِيرَ
الطَّيْرِالشَّادي
أنْ أُتْقِنَ المَدَّ
حينَ يُتْقِنُ عَدُوِّي
الجَزْرَ..
أنْ أكونَ مَقْهُورَة..
أَوْ أَكُونَ ال ..قَاهِرَة..
تلكَ..
تلكَ هِيَ المَسْألة!

...
...
..
.

بغتة..
غمرني الإحساسُ ذاتُهُ بكثافةِ حُضُور خالد في عُرُوقي.
فـُتِحَ بابُ قاعة المُحَاضَرات في الجامعة. بَانَ رَجُلٌ في جمـَـالِ الآلهة وحضورها. تهادَى داخلَ القاعة كغزالِ يسيرُ إلى جدولِ ماء.
بحذرٍ..
رَتـَّبَ أوراقَهُ على المِنْضَدة.
بلمحِ البَصَر..
بعثرَ أوْرَاقَ اتزاني.
بدأ قلبي يقرع بصوتٍ كطنين النّحل.
طالعَ العيونَ المتراكمة ككثبانِ الرَّملِ من حولهِ.
تورَّد وجهُه وهو يبتسمُ ابتسامةً عفويّة كإبتسامات الأطفال فَرَحًا ب هديةِ العيدِ.
فتحَ فاهُ ..
فإذا بصوتٍ كصوتِ طيورٍ كثيرة يوشوشُ...
يُوَشْوشُ:
...
..
.
أحبــَّائي.
أنا المحاضرُ المَغْـربِيّ..خالد عبدو بن الإله.
أتيتكم وفقَ معاهدة تبادل مُحاضِرين بين الجامعات.
سأقوم بتدريسكم مادة: (الشعر الحديث).. ما هي مميزاته.. مع نماذج من الأدب العربي والأجنبي الحديث.
...
..
.
.
.




راحَ يتحدثُ عن ايزيس..
دون أن يراني فقد كنت في الزاوية البعيدة للقاعة.
كانَ قلبي يقرعُ بعنف...
يقرعُ كأجراسِ الفرحِ فجرَ العيد ...
وكلّ رَنــَّة كانت ترتِّلُ العشقَ ترتيلا:


.. خــــــــــــــــــــالد.. خـــــــــالد .. خـــــالد ..
أحقــًّا هذا أنت..!؟.. حبيـــــــــــــــبي..



#ريتا_عودة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القصيدة المتوحشة - الفصل 17 من الرواية
- ليلة الرّعب
- القصيدة المتوحشة - الفصل 16 من رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل 15 من رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل 14 من رواية
- يا أسوار عكا
- القصيدة المتوحشة-الفصل 13 من رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصلان 11, 12 في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل العاشر من رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل التاسع في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الثامن في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل السّابع في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل السادس في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الخامس في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الرابع في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الثالث في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الثاني من رواية
- القصيدة المتوحشة-الفصل الأول من رواية
- قصيدة الهايكو haiku
- تبًّا لنا


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - القصيدة المتوحشة - الفصل 18 من الرواية