أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف حمك - حنينٌ فيروزيٌّ جارفٌ .














المزيد.....

حنينٌ فيروزيٌّ جارفٌ .


يوسف حمك

الحوار المتمدن-العدد: 5576 - 2017 / 7 / 9 - 19:01
المحور: الادب والفن
    


صباحٌ فيروزيٌّ ليس ككل صباحٍ – و أنا أسير بخطواتٍ معتدلةٍ إلى مكان عملي – وكزت أسماعي أغنيةٌ رائعةٌ لفيروز .
أيقظت حنيناً راقداً في فراشه الوثير داخل أقبية متحف ذاكرتي من غفوةٍ ثقيلةٍ مرهقةٍ لأنين حرمانٍ مزقه صمت ليلٍ بهيمٍ ... و مطلعها : ( أنا عندي حنين ما بعرف لمين ...)

تمر الأيام بنا و الشهور ، و تعبر الأعوام و السنون ، فيضيق علينا الزمن بسرقة أجمل لحظاتنا ، و اختلاس أروع الأشياء التي تؤنسنا ....
إيذاناً بقرب أوان الوداع في زحمة متاهات الحياة .
تحت قبة سماءٍ مكفهرٍةٍ بسحابةٍ سوداء تمطر علينا بوابلٍ غزيرٍ من أوجاع الفراق .

و بدورنا نمضي نحن ... نسرع الخطا ... نهرول ... نركض ... فلا نلتفت للوراء ...
نترك خلفنا ملاعب طفولتنا على سهولنا الخضراء ،
و مراتع لهونا على قمم جبالنا ، و بداخل كهوفها ، و فوق صخورها الصماء .
فربيع صبانا بألوان أزاهيره الزاهية ، و عبقها المفعمة بالحب و العزيمة . مدارسنا التي منحتنا القوة و العزيمة فسحقنا بها الأمية و الجهل .
معاهدنا و جامعاتنا التي بها اكتسبنا العلم و المعرفة في مدننا الضاحكة قبل أن تحزن فتلبس ثوب السواد .
زملاؤنا على مقاعد الدراسة ، و في المؤسسات و التعليم و التدريس ...

ضجيج تلاميذنا ، همسات طلابنا و همهماتهم ...
مواويل فلاحينا و فلاحاتنا في مواسم الحصاد .
مجالسنا في الأفراح و حلقات الرقص في الأعراس ..
لم الشمل في خيم العزاء ...
مرابع قرانا الخلابة ... صراخ الباعة في أسواق مدننا الراقية قبل أن تثخن بالجراح ... نكهة القهوة و الشاي في مقاهينا بصحبة الأحباب .
أماكن منتزهاتنا ... و الجلوس على مقاعد الحدائق الجميلة ...
السهر و السمر في الليالي القمراء ...
التجمعات الغفيرة لمناسباتنا القومية و الدينية التي كانت تنزف الحماسة و السعادة ...

قهقهة أطفالنا التي كانت تملأ الدار علينا دفء الحياة ، براءتهم حولتها إلى روضةً من رياض الجنان .. قبل أن يخطفهم وجع الرحيل ، و تمتد إلينا جميعاً يد شبح التشتت و الضياع ... فبات الدار مهجوراً تلتهمه الأشباح ..

أحلامٌ نسجناها بخيوط البهجة و عبق الورود ...
أرواحٌ عشقناها دون غيرها .... أطيافها سكنت تجاويف قلوبنا ، لتسجل حضورها في كل جيبٍ من جيوب الخيال ...

أغنية فيروز أخذتني إلى أيامٍ كانت تعج بخبايا الماضي السعيدة .
و بها ثار الشوق في كل أرجاء الفؤاد ،
و أمواج الهيام تدفقت من الجوانح المتعبة لهمساتٍ نقيةٍ دافئةٍ ، تمنيت أن أحلق بها عالياً فأصل إلى كبد السماء .
كلماتها مع صفاء اللحن أجفلت حنيني صارخاً لكل ما كان جزءاً من أنفاسي في زمنٍ عذبٍ افتقدته ..

و الحيرة فتحت أبواب الذاكرة على مصراعيها ، فتدفقت خبايا الماضي كلها دفعةً واحدةً ،
لم أعد أعرف تأجج حنيني لمن ؟ و هياجه لأي شيءٍ ، أو لأي مكانٍ ؟
انسلخت من واقعي ، و انتشلني ذهني من الحاضر ...
اختفى كل ما حولي ، و بات زائلاً لم أشعر به .
فغرقت في لجة لذة الماضي ، و عذوبة لحظاته العابرة .



#يوسف_حمك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأماكن تستحوزها الأرواح الحميدة .
- أردوغان يضع حجر أساس الدكتاتوية .
- صداقةٌ في مهب الريح .
- أرواحٌ تهدم ، فلا تعرف البناء .
- عيدٌ طمرته آلة الموت أسفل الركام .
- اللاجئُ أيام الدهر كلها عليه قليلٌ .
- هل قتل العباد إنجازٌ ، أم إحياؤهم ؟!
- عزفٌ على وترٍ شغوفٍ .
- عذراً أيها الوزير : لكم نزاهتكم ، و لنا مفسدتنا الكبرى .
- الاستفتاء حقٌ مشروعٌ ، و ليس خزياً و لا عاراً .
- إلى متى يستمر الوضع على هذا المنوال ؟!
- عن الحياة غائبون
- أحقابٌ همجيةٌ من الجهلِ .
- صوموا إن شئتم ، أو فَلّتَصْمُتوا.
- ضائعٌ أمله ، و منسيٌّ حلمها .
- صرخة فتاةٍ آلمها الغدر .
- البطالة في المخيمات آفةٌ تولد الآفات .
- كاليستوقراطيون بلا وميضٍ .
- نفوسٌ تخرُّ هابطةً
- هربنا من الدب ، فوقعنا في الجب .


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف حمك - حنينٌ فيروزيٌّ جارفٌ .