كمال عبد الله
الحوار المتمدن-العدد: 5573 - 2017 / 7 / 6 - 15:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إستراتيجية الوباء....الإسلام السياسي (3)
بعد أن فشل محمد في مكّة وبعد أن ضيّق عليه القرشيون الخناق ، وجد نفسه مجبرا على اللّجوء السياسيّ إلى المدينة مع من أراد ذلك من أصحابه من النّساء و الرّجال...و سيكون من الجيّد وضع بعض الاعتبارات التالية أمام أعيننا حتى يكون القارئ على بيّنة من الظروف التاريخية و الاجتماعية و النفسية لمحمد وهو يقرّر اللّجوء إلى المدينة...نشير بادئ ذي بدء إلى أن :
- محمدا قد كان مهزوما داخليا...
- محمدا قد كان حانقا على ما فعله به أهله في قريش...
- الغموض السياسي قد كان يسيطر على الموقف الذي وجد محمد فيه نفسه...
- العلاقة التي كانت بين مكّة و المدينة لم تكن علاقة صراعية وقد تكون مكة هي الطرف الأضعف....
- أغلب سكان المدينة من اليهود ( بنو قينقاع و بنو قريضة و بنو النضير)
- الأوس و الخزرج وهي قبائل عربية قيل بأنها جاءت من اليمن ولا يذكر لها التاريخ دينا ...
- صراع بين الأوس والخزرج في ما بينهما...
- صراع بين الأوس و الخزرج من جهة و بين يهود المدينة من جهة أخرى...
ويدفعنا هذا للتساؤل عن موقع الدّين الجديد الذي مازال لم يتحوّل بعد إلى إيديولوجيا مستقلّة عن الفكر الوثني من جانب وعن المسيحية التي لم يتأثر بها كثيرا من جانب ثان و عن اليهودية التي استورد منها أغلب قصصه منها جانب ثالث...لنقرّر أولا من أن الدين الجديد مازال يسمى دينا و لا يسمى إسلاما...
أورد البخاري في صحيحه عن عائشة أنها قالت :"لم أعقل أبويّ إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - طرفي النهار بكرة وعشية.... كتاب المساجد رقم الحديث 476..."
من خلال الملاحظات التي أوردناها، نلاحظ أن محمدا قد كان بحاجة لأمرين أما الأمر الأول فهو عقد تحالفات صلبة من القبائل التي بالمدينة وأما الأمر الثاني فهو خلق عصبية جديدة لا تستقي قوتها من القبيلة بل من الدّين...وكما استعمل محمد القرآن للدفاع عن نبوّته في مكة من دون أن ينجح وتم طرده منها ، فقد استعمله ليدافع عن دينه الجديد في المدينة وهو ما جعل يهود المدينة ينتقدونه علنا ويعتبرون دينه الجديد مجرد اقتباسات و سطو على ما ورد في العهد القديم خاصة و أن محمد لم يقدّم أي "معجزة" حقيقية تدعم نبوته... ومرّة أخرى نلاحظ بأن الدين الجديد لم ينتشر بالوسائل التواصلية المعتادة كالجدال و نحوه ...و أثناء إقامة محمد بالمدينة وعلى امتداد الخمس سنوات الأولى ، أي قبل صلح الحديبية ، قام محمد و عصبته من أهل قريش و من أهل يثرب بما عدده 21 غزو قبل صلح الحديبية و 7 غزوات بعدها...وقد تعود كثافة الغزوات في السنوات الأولى للاستقرار بالمدينة إلى رغبة محمد في بسط سلطانه العسكري بقوة السيف لا بسلطان الدين على المدينة و على ما جاورها من القبائل و لكي يثبت أركان حكمه التي لم ينجح الدين في تثبيتها فقد كان للسيف الدور الحاسم في هذا....وقعت غزوة بني قريضة في العام الخامس للهجرة و في هذه الغزوة ذبح انصار محمد ما بين 700 و 900 يهودي...أما لماذا فيقول التاريخ الذي كتب بعد قرنين من الزمان بأن ما فعله محمد قد كان نتيجة لنقض بني قريضة للعهد الذي قطعوه مع محمد ( رواية البخاري تقول بأن مجزرة بني قريضة قد وقعت لأمر جاء به جبريل إلى محمد )...يقول الحديث...( حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ حِبَّانُ بْنُ الْعَرِقَةِ وَهُوَ حِبَّانُ بْنُ قَيْسٍ مِنْ بَنِي مَعِيصِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ رَمَاهُ فِي الْأَكْحَلِ فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْمَةً فِي الْمَسْجِدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْخَنْدَقِ وَضَعَ السِّلَاحَ وَاغْتَسَلَ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ يَنْفُضُ رَأْسَهُ مِنْ الْغُبَارِ فَقَالَ قَدْ وَضَعْتَ السِّلَاحَ وَاللَّهِ مَا وَضَعْتُهُ اخْرُجْ إِلَيْهِمْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَيْنَ فَأَشَارَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ فَرَدَّ الْحُكْمَ إِلَى سَعْدٍ قَالَ فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ وَأَنْ تُسْبَى النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ وَأَنْ تُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ الحديث رقم 3813)....
نورد بعض الملاحظات حول مجزرة بني قريضة :
- استسلام بنو قريضة من دون أي قتال كما ورد في الآيات 26/27 من سورة الأحزاب...
أورد ابن اسحاق ما يلي نصه (ثم استنزلوا ، فحبسهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالمدينة في دار بنت الحارث امرأة من بني النجار ثم خرج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى سوق المدينة ، التي هي سوقها اليوم فخندق بها خنادق ثم بعث إليهم فضرب أعناقهم في تلك الخنادق يخرج بهم إليه أرسالا ، وفيهم عدو الله حيي بن أخطب ، وكعب بن أسد ، رأس القوم وهم ست مئة أو سبع مئة والمكثر لهم يقول كانوا بين الثمان مئة والتسع مئة)......
.
- هدف محمد من ما فعله مع بني قريضة إلى :
* فرض سلطانه تحت مشروعية السيف السيف و إن لم يتخل عن مشروعية الدّين ( كل الغزوات التي حصلت ما بين ( العام الثاني و العام الخامس التاسع للهجرة ) كانت مجرد غزوات لبسط السلطان و النفوذ السياسي و العسكري حتى و إن كان الشعار المعلن هو نشر الدين و الدليل هو ما حصل في غزو أحد عندما ترك أربعون رام للنّبال ( 80بالمائة) مواقعهم و نزلوا من الجبل للحصول على الغنائم...
* إذلال أعدائه...( يهود خيبر مثلا) يغتصب ابنة أحد أسيادهم ( صفية بنت حيي) وينكحها يوم ذبح زوجها و والدها يقول البخاري بالحديث رقم 2893 ما يلي نصه : (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه -..... ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحِصْنَ ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَىِّ بْنِ أَخْطَبَ ، وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا وَكَانَتْ عَرُوسًا ، فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِنَفْسِهِ ، فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الصَّهْبَاءِ حَلَّتْ ، فَبَنَى بِهَا ، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِى نِطَعٍ صَغِيرٍ )....
* الاستعانة بجبريل الذي يكون مستعدا للدفاع عن مواقف محمد مهما كانت بذاءتها (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ۚ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ...الأنفال 67)
يمكننا الآن أن نستخلص التالي حول استراتيجية الوباء التي يتبعها الاسلام السياسي من خلال نفس التمشي السياسي الذي كان يمارسه محمد و من تبعه منذ ما يزيد عن 1400 عام...
1- إذا ما توفرت القوة المناسبة فليست هنالك حاجة للدين ( شعار الاخوان ...وأعدوا لهم)
2- تقسيم القرآن و أحاديث البخاري و مسلم و السير المعتمدة إلى جزأين هامين ( جزء المجادلة بالتي هي أحسن...لكم دينكم ولي ديني...وإنك لا تهدي من أحببت... و هذا في حالة الضعف وجزء ثان ( لقد جئتكم بالذبح... بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ بالسَّيْفِ حتى يُعبدَ اللهُ وحدَه لا شريك له، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلّ رُمْحِي،
وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ... أمرت أن أقاتل الناس حتى يـشـهــدوا أن لا إلــه إلا الله وأن محمد رسول الله ، ويـقـيـمـوا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ؛ فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام ، وحسابهم على الله تعالى....
3- هذا التناقض الذي نراه بين الشيء وضدّه مقصود و يخدم نظرية الانتشار الوبائي للإسلام السياسي و الذي يقوم على ثلاثة أمور :
أ ) الاسلام
ب) الجزية
ج) الموت
ليس هنالك من مخرج ثالث...لا وجود لما يسمى بحرية ضمير...حتى الذين استطاعوا البقاء أحياء من المعارضين فقد استطاعوا ذلك لانهم كانوا في عصبة تحميهم من جنود الإسلام السياسي الذي لا يعرف غير المفاهيم الثلاثة التي ذكرنا....
كمال عبد الله ....تونس....
#كمال_عبد_الله (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟