أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - القصيدة المتوحشة - الفصل السادس في رواية














المزيد.....

القصيدة المتوحشة - الفصل السادس في رواية


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 5573 - 2017 / 7 / 6 - 08:34
المحور: الادب والفن
    


-6-
بإمكانك ان تقطع كلّ الورود لكنك لا تستطيع أن تمنع الربيع من أن يأتي.
هكذا كتب بابلو نيرودا..
بهذه العبارات أخذتُ اعزّي نفسي. لا بُدّ لربيعي أنا أن يأتي ..لا بُدّ للصّبار أن يُزهِر. لا بُدّ لي أن أجدَ منفذًا للأمل.
جلستُ في زاوية غرفة المعيشة أراقبُ بصمتٍ ذاكَ العنكبوت.
هو يجلس في بؤرة بيته..يتحكّم في كُلّ خيوط اللعبة. بخبث ينتظر أن تقع الفريسة بين خيطانه ليشدّها إليه..يشلَ حركتها ويلتهمها.
فجأة..
فُتِحُ الباب الرئيسي للمنزل.
عادَ مبكرا على غير عادته.
ما زلنا في العاشرة صباحا.
كعادته لم يُلقِ عليّ التحيّة. لم يخبرني بسبب عودته المبكرة. كان متوترا فاحتفظتُ بصمتي خوفا من نوبة غضبٍ ينهال بها عليّ. ظلّ هو كما أبو الهول .. صندوقٌ صامت لا يجيد للتواصل الاجتماعي الإنسانيّ لُغَةً.
مرّ يومان على هذا المنوال.
في اليوم الثالث وصل صديق له من المدرسة التي يعمل سكرتيرا فيها.
أخذا يتحدثان عن أمور المَدرَسة وأنا أسترقُ السّمع من المطبخ.
فهمتُ أنّه تشاجر مع مدير المَدرسَة بسبب تطاوله على السكرتيرة وفاء.
فهمتُ أنّه أمسك بأداة حادة وكان على وشك أن ينزل بها على رأسها لولا أنّ المدير كان بالقرب منه فأمسك بيده وطرده من العمل.
سقط الخبرعليّ سقوط الصاعقة.
كيف سأحتمل بقاءه في المنزل ليل نهار؟
ثمّ.. كيف سنحيا وديون البنك متراكمة !
أحسست أنّني أختنق.
ظلّ في البيت عدّة أيام كالشرطي الذي يراقب كلّ حركة يقوم بها السّجين... وأنا أبتهل لإلهي ليل نهار أن يجد لي حلا.
جاء مُدرّسٌ آخر من ذات المدرسة التي كان يعمل فيها وأخبره أن المدير يطلب رؤيته. غادر في اليوم التالي ولم يعد باكرا فأدركتُ أنّهم أعادوه إلى عمله.
في المساء عاد في موعده.
كنتُ أشاهد فيلما عربيا.
تناول الريموت كونترول وقام بتغيير المحطة دون أن يستأذنني.
انسحبتُ بصمتٍ إلى غرفة النّوم لا لأنام إنّما لأحلمَ بواقعٍ آخر.
في الصباح وأنا أجهزّ القهوة في المطبخ .. سمعته يتأففُ . كان قد نهض مِنَ النَّومِ وأخذ فورًا يبحث في خزانة الثياب عن قميصٍ له.
= ليش مش كَاوْيِة لِي قُمْصَانَي؟
صَرَخَ .
أجبتُ:
- افتح أوّلا نافذة الغرفة ليدخل النُّور فترى كلّ قمصانك جاهزة.

*

اعتدتُ على عصبيته ومزاجه السَّيء. دومًا يبحث عن سبب ليذلّني.. ليُعنفني.
وكثيرًا ما يخترع له أسبابًا للتعنيف.

*
في عيدِ ميلاده..
حاولت ان أصنع لي واقعا آخر معه.
كان قد سمح لي بمغادرة المنزل مع أمل للتّسَوّق. اشتريتُ له كنزَة شتويّة.
عندما عاد من عمله.. هرعتُ إليه أُقبّله وأقول له : كل سنة وأنت سالم.
أقصاني عنه كأنني خدشتُ رجولته.
ناولتُهُ الكِنْزَة.
رماها على الأرض وهو يصرخَ :

= هاي رُوحي أعطيها لأبوكِ.

لم أتناولها عن الأرض.
انسحبتُ إلى غرفتي.
في الصباح.. نهضَ متبخترا كالطاووس. تناولها عن الأرض. ارتداها وغادر المنزل بصمت.

*

دوما رفض أي مبادرة رومانسيّة منّي.
دوما كانت والدته تتهمني بالتقصير في تلبية حاجياته ممّا يثير غضبه.

- كِنِّكْ شايفة لَكِ شوفة تانية.

طعنتني بكرامتي.
تعاليتُ عن الردّ عليها.
ما الفائدة من مقارعة حائط!

*
كانَ دوما يرفض أن نحتفل بأي مناسبة كعيد ميلادي أو ميلاده أو زواجنا ويرفض أن يأتيني بأيّ هديّة.
أخبرني أنّ الرَجُل الذي يأتي بالهدايا لزوجته ..يفعل ذلك ليُغطّي على خيانته لها مع امرأة أخرى.
ذات ألم.. قلت له بمرارَة:
- يا عم خُونّي مليون مرّة..
بسّ جيبلي هدية .
= انت مجنونة.
- مجنونة مجنونة. بس ما تنسى عيد ميلادي بكرة.
ليس بالضرورة أن تأتي بهدية باهضة الثمن. بإمكانك أن تقطف وردة من البستان وتهديها لي فتجعلني أشعر أنني ملكة لأنّك تعرف قيمة هذا اليوم في حياتك.
اهتمامك بي المنبثق من إحساسك بي هو ما يهمّني لا الهدية بحد ذاتها.
ثاني يوم انتظرتُ كالنّحلة. رُحتُ ألفّ وأدور في مكاني بعصبية. تراه استوعب أنني كيان أم أنّه سيظل يتعامل معي على أنّني دمية.
أخيرا عاد. كانَ يحملُ علبة كبيرة.
أخذ يحرّر ما في داخلها فإذا به قد اتاني بحاسوب.
زقزقَ قلبي.
الآن..أستطيع أن أُقصي عنّى ماردَ العزلة.
الآن ...أستطيع أن أتواصلَ مع سائرِ الأدباء في كل وطن عربيّ وأجد ما أقرأه في وقتي الضّائع سُدى.
حقًا.. استطاع فيصل أن يقطع كلّ الورود من بستان حياتي لكنّه لم يستطع أن يمنع الرّبيع مِن أن يأتي.
-هذا حاسوب هدية . كلّ مَن يعمل في سلك التّدريس حصل على حاسوبٍ مجانا. غدا يأتي وليد ..مُدَرّس الحاسوب.. ليُعلّمك عليه.
*
تلك الليلة.. غفوت دون أن أحلم بالغريب .

تلك الليلة آمنتُ أنّني لا بدّ سأعثر لخولة على أثر. سأبحث عنها في كلّ المواقع الاجتماعيّة.
يا الله.. كم اشتقتُ لها!
شهور مضت وأنا أسأله أن يسمح لي ولها بتبادل الزيارات وهو يرفض ويصرّ على سجني داخل قمقم العُزلة.. بعيدا عن كلّ عَيْن.. حتّى أختي أمل كانت تطلب منه الإذن بزيارة فيسمح لها مرّة في الشّهر حين يضمن وجوده بيننا ليصغي لكلّ كلمة نقولها ويدير هو دفّة الحوار.
*
*
*
لكن...آه ممّا سيأتي به الغد!

















#ريتا_عودة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القصيدة المتوحشة - الفصل الخامس في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الرابع في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الثالث في رواية
- القصيدة المتوحشة - الفصل الثاني من رواية
- القصيدة المتوحشة-الفصل الأول من رواية
- قصيدة الهايكو haiku
- تبًّا لنا
- وَمَضَاتٌ مُفَخَخَّة
- خولة سالم وعنفوان الأنثى الثائرة على الجرح
- أن أصيرٙ فٙرٙاشٙة
- كم مرّةً أخبرتُكَ
- قراءة انطباعيّة في رواية -زمن وضحة-
- شرنقة ُ الحُبِّ ... ومضات
- في انتظاره-قصة قصيرة
- سيمفونية العودة- المشهد الأخير
- سيمفونية العودة- المشهد الثالث-6
- سيمفونية العودة- المشهد الثالث-5
- سيمفونية العودة- المشهد الثالث-4
- سيمفونية العودة- المشهد الثالث-3
- سيمفونية العودة- المشهد الثالث-2


المزيد.....




- ثبتها الآن.. تردد قناة كراميش للأطفال 2024 على القمر الصناعي ...
- جيمس كاميرون يشتري حقوق كتاب تشارلز بيليغريمو لتصوير فيلم عن ...
- كأنها خرجت من أفلام الخيال العلمي.. ألق نظرة على مباني العصر ...
- شاهد.. مشاركون دوليون يشيدون بالنسخة الثالثة من -أيام الجزير ...
- وسط حفل موسيقي.. عضوان بفرقة غنائية يتشاجران فجأة على المسرح ...
- مجددًا.. اعتقال مغني الراب شون كومز في مانهاتن والتهم الجديد ...
- أفلام أجنبي طول اليوم .. ثبت جميع ترددات قنوات الأفلام وقضيه ...
- وعود الساسة كوميديا سوداء.. احذر سرقة أسنانك في -جورجيا البا ...
- عيون عربية تشاهد -الحسناء النائمة- في عرض مباشر من مسرح -الب ...
- موقف غير لائق في ملهى ليلي يحرج شاكيرا ويدفعها لمغادرة المسر ...


المزيد.....

- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - القصيدة المتوحشة - الفصل السادس في رواية