|
استراتيجية الوباء...الإسلام السياسي (2)
كمال عبد الله
الحوار المتمدن-العدد: 5572 - 2017 / 7 / 5 - 02:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وصلنا في نهاية ورقتنا الأولى إلى ما نتيجته من أنّ الإسلام لن ينتشر تحت عباءة القرآن و لكنّه يستطيع تحقيق ذلك تحت حدّ السيف...و سوف نحاول تفكيك هذه الفكرة إلى مجموعة من العناصر التي قد تساعدنا على فهم ما حصل من أحداث خلال تلك الفترة التي لم تترك لنا أي أثر – أقول جيدا – أيّ أثر يحدّثنا عنها...وسوف لن نجد تحت أيدينا سوى نصّ ديني خال من أي معلومة تاريخية قد تفيدنا...وبقدر ما تبدو هذه المهمة صعبة إلا أنّنا سوف نحاول الاستعانة بما توصّلت إليه الأبحاث التيولوجية و الأنثروبولوجية وأبحاث علم الخطاب في هذا الشأن لمحاولة فهم ما قد يكون قد حصل من أحداث خلال تلك الأيام البالغة الظلمة....
سنقسّم هذه الورقة إلى جزأين هامين ...وسوف يتناول الجزء الأول منها الخطاب السياسي لمحمّد فيما سوف يتناول الجزء الثّاني الخطاب الايديولوجي له...
1- المستوى السياسي :
لا يمكن لأحد الجزم بأنّ مكّة التي نعرفها اليوم هي نفس مكّة التي يتحدّث عنها القرآن...هذه حقيقة أولى وهي حقيقة يؤكدها القرآن نفسه...يتحدّث النص الديني عن مكان يفترض فيه أن يكون ذا نخل و أعناب و رمان و فاكهة أخرى و الحال أنّ مكّة التي نعرفها اليوم لا علاقة لها بهكذا زراعات...لا من حيث المناخ ( تساقطات لا تتجاوز العشرة ملليمترات سنويا و لا من حيث التاريخ فلا وجود أركيولوجي لما يعرف اليوم بمكّة قبل القرن السادس ميلادي...هذا المكان لم يكن موجودا و لم يرد له أي ذكر في أي مكان الا في ما ذكره كتاب السنّة في ما بعد مع الدولة الأموية...وإذا ما افترضنا جدلا بأنّ مكة التي نعرفها هي مكة التي سكنها أصحاب الدين الجديد الأوائل فسوف يكون علينا الإقرار بالتالي.... * بيئة صحراوية قاحلة يعتمد اقتصادها أساسا على الرعي ( الابل و الماعز أساسا) * قبائل غير مستقرة في أماكن واضحة و تتنقل من مكان إلى آخر وفقا لوجود المرعى و الماء.. * غياب كلّي لأي مظهر حضاري قبل ظهور الدين الجديد ( بيوت...كتب...أدوات حياتية...) * صراعات و معارك لأتفه الأسباب مما يدل على السلوك البربري و الهمجي لهذه القبائل.... * غياب مفهوم السلطة السياسية مع وجود قوي لمعنى الشيخ = السيد) * تركيبة طبقية رعوية من جانب و تقوم على الغزو من جانب ثان مع وجود العبودية / الأسرى.... هذا هو الإطار العام الذي خرج منه الدّين الجديد...وهي بيئة غير مستقرّة لا بالمعنى المجتمعي ولا بالمعنى التاريخي/ السياسي... * وجود كثير من الديانات منها ما هو وثني ومنها ما يدين بالحنفية (لا نعرف شيئا عن هذه الحنفية غير كلمة حنفية فلا وجود لنصوص و لا لطقوس لهذا الشيء الذي يسمى حنفية و لسنا ندري كيف يكون الشخص حنيفيا من دون وجود نص يوضح تشريعات وطقوس هذه الديانة) كما وجدت ديانات أخرى أيضا ( انظر جواد علي ...المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام). * غياب ما يدل على وجود الحاجة لأي دين جديد....
في خضم هذا الإطار العام ظهر محمد بدعوته الجديدة....ولم يكن لظهوره أية ضرورة تاريخية لو استعملنا أدوات التّحليل الماركسية وحتمية تحول أنماط الانتاج من شكل إلى آخر...بل وحتى ولو استعملنا نظرية نمط الانتاج شبه الآسيوي فسنرى أن الحاجة إلى ظهور شيء جديد ( دين) لم تكن ملحّة من حيث حركة التاريخ التي كانت منسجمة مع واقع الصراع القبلي لا الطبقي الذي كان يعتبر حقيقة تاريخية لا يمكنها أن تتحرك...فانتقال المجتمعات من نمط إنتاج إلى آخر مرتهنة بتطور التناقضات و التراكمات المجتمعية التي تدفع باتجاه الثورة للبحث عن شكل سياسي يؤطر الحراك الاجتماعي الذي صار صراعه حادا مع الواقع الاجتماعي ممّا يجعل من التحوّل حتمية... جهر محمد بدعوته وكان له أربعون سنة على ما يروى بكتب مؤرخي بني أمية و العباسيين...ولم يكن وحيدا فقد كان معه ورقة ابن نوفل المسيحي وخديجة ابنة عم ورقة بن نوفل...وإذا كنّا نعرف أنّ محمد قد تزوج من خديجة و له من العمر خمسة و عشرين عاما فسيكون قد جهر بدعوته بعد خمسة عشر عاما من زواجه من خديجة و التي توفيت بعد جهر محمد بدعوته بتسع سنين وأربعة أشهر على ما أرّخ له بنو أمية...وهوما يعني أنها ماتت قبل الهجرة بسنة أي قبل المرحلة الثانية من تطور الحركة السياسية لمحمد... يمكننا أن نلاحظ التالي : * محمد يعلن أنّه نبي مرسل من الله.... * قريش لا تعترف بنبوته وتتهمه بالمسحور و المجنون و الكاهن و الشاعر.... * يقضي محمد كل المرحلة المكية وهو يدافع عن نبوته مستعينا بالنصوص القرآنية التي كانت لا تدّخر جهدا في الدفاع عنه... * يكسب محمد بعض الأنصار لدينه الجديد من الفقراء...وبعض العبيد...لا من منظور ديني بل بمعنى الانتماء...يذهب البعض من المؤرخين إلى أن أصحاب محمد الأوائل كانوا من سادة قريش وهذا لا يستقيم مع ما عاناه محمد و أصحابه ( الأثرياء) من الأذى...مع أنّ هذا أيضا لا ينفي مساندة بعض الأثرياء له...مع ملاحظة أن أبا بكر و عمر لم يكونا من الأثرياء كما يدعي أهل السنّة و الجماعة اليوم.... * خلو النص القرآني الأول ( المكي) من آيات القتل و الغزو... * غياب تام لربط الدّين بالإسلام... * تحرك القرشيين لمواجهة محمد عندما أصبح دينه يشكل خطرا على مصالحهم ( ادارة شؤون مكة...السقاية...الحج...) * محمد يفشل في نشر أفكاره و دينه الجديد بين القرشيين... * تحوّل تام في النص القرآني عند انتقال محمد مع أصحابه إلى المدينة... * القرآن يتحوّل إلى بيان تأسيسي ومحمد يتحول من نبي إلى قائد عسكري...( التوبة 25...الحج 78 ...الممتحنة 1...البقرة 191/216/217/246...آل عمران 167 /169/195...النساء..69/77/89/91...الأنفال...16/65...الأحزاب 25...محمد...4/20...الحديد...19... * محمد يقرر مغادرة مكة : الحديث18242 في مسند أحمد " .....ولولا أنّ أهلك أخرجوني ما خرجت...."
أوردنا في ما سبق الظروف العامة التي رافقت ظهور محمد في مكة و بداية دعوته إلى الدين الجديد...ثم فشله في تحقيق ما كان يرغب بتحقيقه...و بعيدا عن التفكير الانشائي نقول بأن دعوة محمد قد فشلت لأنها كانت تفتقر لحضور السيف ...وهو ما دفعه لترك مكة و الهجرة إلى المدينة...مع أصحابه و زوجاتهم خاصة وقد أحس بانعدام السند العاطفي بعد موت خديجة التي كانت ظهيرا حقيقيا له والتي تزوج بعد موتها بشهر أو أقل من سودة بنت زمعة...
ملاحظة : نطرح في الورقة القادمة البعد الإيديولوجي والذي حوّل الدين الجديد من دين بالمعنى التيولوجي إلى وباء تمكّن من أنصار محمد و حوّلهم إلى مجرد عصابات لا هم لها سوى الغزو و السبي و الغنائم والأسر...
(يتبع....)
#كمال_عبد_الله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استراتيجية الوباء...الاسلام السياسي
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|