رضا محافظي
الحوار المتمدن-العدد: 1451 - 2006 / 2 / 4 - 07:33
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
مرت مئات السنين قبل ان يقع الفنان الموسيقي العراقي نصير شمة على مخطوط كتاب خلص من خلال دراسته و التدقيق فيه الى نظرية تفيد باضافة وتر ثامن الى العود يقال انه يمكن معه استيعاب كافة الاصوات من أعلاها الى أخفضها . الوتر الثامن انجاز علمي في فن الموسيقى يعكس اتقانا كبيرا للموسيقى و لفنونها من طرف من فكر في زيادته و توقدا لعقله و تفوقا في الابتكار من طرفه سابقَ الزمنَ قرونا عديدة الى الأمام الى أن وصل الى زماننا هذا و وجد من العرب من يهتم له و يعطيه حقه من العناية و الدراسة .
الوتر الثامن في العود هو الاشارة الى قوة العقل العربي في زمن مضى و قدرته على الخلق في كل الميادين . العقل الذي اتسع ليستوعب كل الثقافات السائدة آنذاك بدون عقدة و بدون حرج ، فراح يستقي منها ما جدّ و حسن من أنواع الفنون في كل المجالات و يتبنى أفضلها و يتصور تطويرها و تحسينها و يبهر العالم بنظريات و ابتكارات لا تزال تتألق الى اليوم . الوطن العربي آنذاك كان مركز استقطاب به مغناطيس غير مرئي يجلب اليه زبدة الفنون و العلوم لتعصرها العقول الفذة و تستقطر منها المفاجآت للعالم الغربي المتفرج آنذاك على التطور السريع للحضارة العربية الاسلامية .
تلك القدرة العقلية الخلاقة تلاشت مع الوقت و ذابت خلال مسيرة قرون على مستوى الوطن العربي و صار العقل العربي لا يكاد يفهم ما يدور حوله حتى تكون الأمور قد تطورت الى ما هو أكبر و اعقد فيقف عاجزا مذهولا لا ينطق له لسان . و ها هو يستفيق بعد قرون ليعيد البحث فيما تفنن اجداده في ابتكاره للموسيقى و ما وقف اكبارا له اليوم مختصون من العالم المتطور و كأنه يعكس بذلك أن العقل العربي آنذاك سبق زمانه بقرون عديدة و أن العقل العربي اليوم تأخر بقرون عديدة .
ما يعزّ في الوطن العربي اليوم هو ذلك النوع من العقول المتمردة على الحاضر ، على المستحب ، على المألوف ، على الروتين و على الراحة الفكرية ؛ العقل المكسِّر لكل حاجز المستكشف لكل مجهول و المستشرف لما يحمله بطن المستقبل ؛ العقل الذي فكر في الوتر الثامن منذ قرون و حاول تغيير مجرى البحث في الموسيقى بصفة جوهرية لو كان هناك من يتبع الابتكار بالتنفيذ من أمة كانت تهوي الى أعماق سحيقة . ما ينقص اليوم في عالمنا العربي هو النظر من جديد في تلك العقول و البحث في سبب تجمدها و أفول نجمها بعد أن كانت تمد العالم بكل جديد في فنون العلم و الفكر البشري و الاستثمار فيها بكل جد و صدق من أجل كسر قشر بيضة ابداع قد تتفتق على الكثير .
#رضا_محافظي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟