أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - السيد نصر الدين السيد - حكاية الجزيرتين














المزيد.....

حكاية الجزيرتين


السيد نصر الدين السيد

الحوار المتمدن-العدد: 5567 - 2017 / 6 / 30 - 23:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تمهيد
شهدت اربعينات القرن الماضي ميلاد آلة جديدة هي "الكمبيوتر". آلة تضخم من قدرات الإنسان العقلية لا العضلية ويمكنها تنفيذ ما يوكل لها من أعمال بدون تدخل مباشر من الإنسان. فهي قادرة على اجراء الحسابات بسرعة فائقة وعلى خزن واسترجاع كميات هائلة من البيانات. وبالطبع كان أول المستفيدين من قدرات هذه الآلة هم العسكريون الذين كانت جيوشهم تخوض حربا شرسة مع جيش المانيا النازية. فقد مكنتهم هذه الآلة فك الشفرة التي كان الجيش الألماني يستخدمها وساعدتهم على اجراء الحسابات المعقدة المتعلقة بمسارات المقذوفات.

ودفعت هذه النجاحات كيانات الاعمال الى التفكير في استخدام الكمبيوتر لتحقيق ثلاثة اهداف هي: رفع كفاءة الأداء، وزيادة الإنتاجية، وتحسين مستوى ما تقدمه من خدمات. وفي غمرة الحماس لهذه التكنولوجيا الواعدة تم تنفيذ العديد من المنظومات المرتكزة على الكمبيوتر مثل منظومات معالجة البيانات ومنظومات معلو مات الإدارة ومنظومات دعم القرار. وعلى الرغم من استخدام مطورو هذه المنظومات لأحدث نظم الكمبيوتر وللبرمجيات المتاحة فإن نتيجة تنفيذها لم تكن مرضية. ولقد دفع فشل هذه المنظومات في تحقيق اهدفها المطورون الى إعادة النظر في المقاربة التي يتبنوها. وكانت المقاربة التي تبنوها هي "المقاربة التكنولوجية" Technical Approach. وتقوم هذه المقاربة على فرض مؤداه ان بناء منظومة تستخدم الكمبيوتر وبرمجياته في تحليل ما يتم جمعه من بيانات واستخلاص صورة واقعية لأداء الكيان لابد وان يسهم في تحقيق الأهداف الثلاثة التي سبق ذكرها.

وتساءل المطورون عن سر هذا الإخفاق فهم يستخدمون أحدث المنتجات التكنولوجية وتعتمد تحليلاتهم على علوم منضبطة مثل بحوث العمليات. وكانت الإجابة هي ان سبب فشل منظوماتهم هو اغفالهم الدور الذي يلعبه العنصر البشري أو "المكون الاجتماعي" لمنظومة المعلومات! و"المكون الاجتماعي" هو كافة العاملين في المؤسسة بمختلف درجاتهم وما يمتلكونه من معرفة وما يتمتعون به من مهارات هذا بالإضافة الى منظومة القيم السائدة ونظام الحوافز والهيكل التنظيمي. وكانت النتيجة ظهور مقاربة جديدة لبناء منظومات المعلومات وهي "المقاربة الاجتماعية التكنولوجية" Socio-Technical Approach. وهي المقاربة التي تأخذ في اعتبارها كلا من "المكون التكنولوجي" (الكمبيوتر وبرمجياته وشبكات الاتصالات) و"المكون الاجتماعي" هذا بالإضافة الى علاقات التأثير المتبادلة بينهما.

وكان الدرس المستفاد هو ان التعرف على خصائص المكون (او السياق) الاجتماعي وتفهم متطلباته هو شرط لازم لنجاح أي منظومة أو لإيجاد ودوام الحل الأمثل لمشكلة ما. او بعبارة اخري ان التكنولوجيا وحدها فقط غير كافية لإنجاح منظومة المعلومات.
حكاية الجزيرتين
ولا يقتصر استخدام "المقاربة الاجتماعية التكنولوجية"، التي عرضنا لها في القسم السابق، على تطوير نظم المعلومات بل يمكن استخدامها في البحث عن حلول للمشاكل المعقدة أو عن إجابات للأسئلة المركبة. وسنحاول في هذا القسم استخدامها في قضية "تبعية الجزيرتين" وذلك بعد تعديل طفيف في مفهوم المكون الاجتماعي.

والجزيرتين هما جزيرتان صغيرتان هما جزيرتي تيران (80 كم²) وصنافير (33 كم²) اللتان تقعان على مدخل خليج العقبة في موقع حاكم. اما التعديل فهو يتعلق بإعادة تعريف المكون الاجتماعي بانه يشمل كافة "المعنيين بالأمر" Stakeholders. والمعني بالأمر هو أي شخص أو مجموعة أشخاص أو منظمة يمكن ان تتأثر بالقرارات المتعلقة بشأن هاتين الجزيرتين. وقائمة المعنيين بالأمر في حالتنا هذه تشمل المواطنين المصريين كأفراد وكافة الأحزاب والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني المصرية وذلك على سبيل المثال لا الحصر. هذا بالإضافة الدول المطلة على الخليج والكيانات الدولية الأخرى.

وكانت المسألة المتعلقة بهاتين الجزيرتين والتي شغلت الرأي العام المصري ولا زالت هي عن تبعيتهم. وهي المسألة التي اعتقد انها ستظل تشغله بالرغم من موافقة البرلمان المصري على اعتبارهما سعوديتان وتصديق الرئاسة على قرار البرلمان. وازاء مسألة التبعية هذه انقسم الرأي الى فريقين. الفريق الأول يرى انهما سعوديتان وهو في ذلك يستند الى قواعد ترسيم الحدود البحرية، أي انه يعطي للجانب الفني (التكنولوجي) الوزن الأكبر، وينحاز الى عدد محدود من المعنيين بالأمر. اما الفريق الآخر فيرى انهما مصريتان بقوة "الأمر الواقع" de facto. وهو الامر الواقع الذي خلقه تواجد القوات المسلحة المصرية على ارض الجزيرتين منذ أواخر اربعينات القرن العشرين، ووثقته وثائق الأمم المتحدة. فعلى سبيل المثال البند 133 من نص محضر جلسة الأمم المتحدة المنعقدة في 15 فبراير عام 1954 والذي حاء فيه أن مصر اتفقت مع السعودية على احتلال الجزيرتين وأنهما يمثلان جزء لا يتجزأ من الأراضي المصرية (*).

ونختم مقالنا بما اخبرتنا به "المقاربة الاجتماعية التكنولوجية" وخلاصته ان التكنولوجيا وحدها فقط لا تضمن دوام الحلول!

(*)http://www.un.org/es/comun/docs/index.asp?symbol=S/PV.659&Lang=E



#السيد_نصر_الدين_السيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فرض عين
- عبء الاختيار
- جبر التنوير
- الفتوحات المدنية لابن الانسان
- والمثقفون يتبعهم الغاوون (عن المثقفون وعن أدوارهم)
- سلاح الغلابة
- مرافعة لم يطلبها أحد
- مذبحة الروبوتات
- جامعة المستقبل: الرؤية والرسالة
- نظرية ورقة النشاف
- المادة المضادة ومأساة انسان العقل المُغَيب
- الديموقراطية وجودتها المنشودة
- القيراط الخامس والعشرين
- أسطورة تجديد الخطاب
- أمة في أزمة
- حاوريني يا طيطة
- حكاية المنظومتين
- محاكمة الحضارات
- ومن التفكير ما قتل
- هذا ما جناه علينا ارسطو


المزيد.....




- عراقجي يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى عدم الخضوع للض ...
- -أونروا-: مخازن الأغذية في غزة أصبحت فارغة والقطاع على شفا م ...
- قوة الردع الخاصة في طرابلس تعلن إنجاز أكثر من 800 قضية خلال ...
- الاستخبارات الخارجية الروسية: الفاشية الأوروبية هي العدو الم ...
- اكتشاف طريقة معالجة الدماغ البشري للمشاكل الجديدة
- علماء صينيون يطورون روبوتات مجنزرة على شكل حلزون
- نظام غذائي يحمينا من الالتهابات المعوية الخطيرة
- تجربة واعدة تحدد -الوقت المثالي- لاستخدام بخاخ الربو الوقائي ...
- -كوفيد الطويل الأمد- والخرف المبكر.. تحذيرات من علاقة محتملة ...
- فان دام يعرب عن محبته لبوتين ورغبته في القدوم إلى روسيا ليصب ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - السيد نصر الدين السيد - حكاية الجزيرتين