أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد علاء الدين عبد المولى - في هجاء نفسي














المزيد.....

في هجاء نفسي


محمد علاء الدين عبد المولى

الحوار المتمدن-العدد: 1451 - 2006 / 2 / 4 - 06:38
المحور: الادب والفن
    


في هجاء نفسي
أيتها النّفس الأمّارة بالقهر!.‏
أنصب لك الآن مرآةً ترين فيها أنّك لست مبّرأة من الكدر والنّقائض. أقول لك تأمّلي صورتك ولو لمرّة واحدة، وحدّقي في هذا الإرث الهائل من الأخطاء والخطايا، الذي تحملينه.. منها خطايا ارتكبتها في أزمنة الضّعف والجنون، ومنها خطايا ما أجبرك عليها أحد. تارة تحت شعار المجاملة، وتارة بهدف تجريب الحوار مع الآخرين لكي لا يقال إنكِ في برج عاجّي، أو مصابة بتصوّرات الغرور والتّكبّر... وتارة بهدف تقديم الخير والمحبّة للآخرين... الآن، أشعر أنّني ضيّعتك يا نفسي بين هذا وذاك، وهذه وتلك، ومازلت وحدك تخترعين المبّرر تلو المبّرر لما ترتكبين من حماقات أو خيانات بحقّي وحقّ مبادئي ومنطلقاتي وآرائي.. إلى أين تنجرفين أكثر؟. من قال إنني راض عنك ولو بصورة نسبيّة؟. أرفض بحدّة ما تفعلينه بي. وألومك وحدك على قلقي المتكاثر كخلايا السّرطان. لأنك استمرأت أن تغدري بأخلاقيّاتي. وتحمّليني فوق طاقتي مالا أستطيع أن أرى فيه إلاّ كذباً ونفاقاً ورياءً.‏
ليس حقّاً ما تفعلينه من أباطيل... ليس رأياً صادقاً ما تعتقدين أنه قناعةٌ. أنت تعرفين أنّ من انشغلت بهم طويلاً لن يكتب التّاريخ أسماءهم إلاّ في خانة النّسيان السّريع. لماذا أهملت أيتها النّفس مبادئي وغاياتي، ورضيت أن تخفضي لهم جناح الذّلّ أكثر من الحدّ اللاّزم؟. بل كيف استطعت خفض هذا الجناح وهو ما خلق إلاّ للعليان والإيغال في أبراج الفضاء البعيدة؟. كيف سمّيت لي ذلك صداقات أدبيّة، وعملاً ثقافيّاً، وعلاقات ضروريّة؟. لماذا تحكمني الضرورة في أحكامها؟. أإلى الحدّ الذي أخسرك فيه؟. وأعود بلا غاية في النّهاية؟.‏
أيتها النّفس المثقلة بعربات الرّماد والسّواد!.‏
كم أشعلت من شموع في عتمة الآخرين، وبقي ليلكِ الدّاخليُّ بلا أيّ شعاع؟. كم قرأت في عيونهم احتمال أن يكونوا أصدقاء عظماء يحتضنون أدقّ خفاياك، فاكتشفت الآن مدى الغشاوة على قلوبهم عندما يتعلّق الأمر بفرط حساسيتك، وهي تلتمع كحدّ سيفٍ ينشكّ في خاصرتي بسرعة البرق؟. ما هي صداقاتك أيتها النفس إن لم تكن حواراً داخليّاً غير محمولٍ على الانتهاز والنّفع المباشر؟. لماذا استثمرك أصدقاؤك، واعتصروك كإسفنجةٍ من حنان وعطاء، يمكنهم بكل سهولة تنحيتها جانباً في أيّ ظرف طارئ؟. ما هي الصداقات إن لم تكن اكتشافاً للآخر دون اللجوء إلى رفع شعارات الحب والأقداح، والثرثرة اللامتناهية حول صيغة الصّداقة والحب والأخوّة؟.‏
إنهم توهّموا أنهم أصدقاء. في الوقت الذي يوجّهون إليك فيه طعنات أليمة دون أن يدركوا ذلك. لأنهم لا يمتلكون البوصلة السّرّيّة التي تجعلهم قادرين على تحديد الاتجاه معك بصورة سليمة... حتّى طغى هدير السّيّارات على حوار القلوب. وارتفع رنين الأقداح حتّى غطّى جوهرة الإصغاء إلى قهرك الدّاخليّ... منهم من اعتقد أنه في الوقت الذي يذيع حبه لك، كان دون وعي منه يجرح كرامتك... وأنت تبتسمين له وتقرئين له الشعر وتسمعين شعره... وترجعين إلى جحرك في النّهاية منعزلةً، تقيمين وحدك صلاة الدموع...‏
كم تباهى بك آخرون وتاجروا بحبك لهم، أو بحبّهم لك. كانوا إذا أهدوك صباحاً مزهراً، نشروا ذلك على الملأ. وإذا وقفوا إلى جانبك وأنت في أسفل الجحيم، أفسدوا ذلك بالمزاودة على جراحك وقيودك.‏
لم يكونوا في ذلك سحابةً تمطر دون أن تزاود على الأرض. كان عليهم ألا يأخذوا صفات السّحابة، بل صفات أخرى. وكان عليك أن تكتشفي ذلك منذ زمن بعيد. لكنك تخونين حلمي بك دائماً.‏
في وقتٍ ما، تتساوى لديهم صورتك مع صورة الحيوان أو المعدن. ويريدون إقناعك أنهم يحبّونك رغم ذلك. وكثيراً ما كان الحيوان أرفع مرتبةً من الإنسان الذي فيك. لأنّ الإنسان فيك كان يصرخ قهراً وفقراً، والحيوان الذي فيهم يقفز فرحاً ونشوةً. وهم الذين وضعوك في هذا المقياس... ويسمّونه صداقة...‏
أيّتها النّفس...‏
أعلن ضجري الشّامل منك. ويأسي العالي من مصيري معك. أعلن وقوف النّهر في داخلي عن رغبته في دخول أيّ زورق إليه... زوارق من كل حدب وصوب، تطغى وتتناسل، وأنا أريد رؤية لون الماء في نهري... اذهبي أيتها الزوارق بعيداً. نسيت لون مائي. إنك محمّلةٌ بما لا أطيق من الضّجيج والابتسامات المصطنعة. والأكفّ التي تسلّم على بعضها فلا أجد من حرارة فيها غير حرارة الجلد...‏
أعلن طلاقي من نفسٍ تأخذني إلى النّفاق أكثر. ومن لسانٍ يثرثر أكثر ممّا يتحوّل إلى غصنٍ موسميّ يتفتّح وفق ميقات الفصول المقدّسة. أعلن أنّني سأطرد نفسي من نفسي لأني سأفقد نفسي إن لم أفعل ذلك بنفسي...‏
أعلن أني قلت (طوبى) و (مرحى) أكثر ممّا ينبغي... وأني اصطنعت أعياداً لم تعد تلائم رغبتي. وأنّي حوّلت آلة البيانو إلى طبلٍ... والورقة البيضاء إلى سوق للكلام. وجعلت من يدي معبراً للضّلال.. وحوّلت القناعة إلى عملةٍ رخيصة... والموقف الثّقافيّ إلى مهرجانٍ ضاعت فيه المعايير واصطبغت فيه الثّياب بالألوان الزّائفة والأزرار التي لا تُفتَحُ إلاّ على صقيع داخليّ مرعب...‏
أعلن انسحابي من الضّجيج... وإغلاق النّوافذ الكاذبة... وطيّ الملفّات المزوّرة... أعلن ضيقي من أسئلتكم وإهداءاتكم وتحيّاتكم وموائدكم ومشاريعكم وكهولتكم وشبابكم... أعلن عدم قدرتي بعد الآن، على أن أتقبّل خيوط عناكبكم ولا صليل مودّتكم.. أعلن حقدي على أي ضوء لا يكشف الحقيقة بنقاء.. وبغضي لكلّ نصٍّ يزيد الأقنعة قناعاً.. وكلّ نقد يطوّب الأشباح ونباتات الطّحالب على أنها أشجارٌ سامقة.. وكلّ حوار يضطرّني فيه الآخرون إلى أن أتلوّن حسب أهوائهم. أعلن يأسي ممّا رأيت واكتشفت في كلّ الأجيال المتلاحقة... أعلن أني ربحت العالم أكثر من المطلوب، وخسرت ذاتي أكثر من المطلوب... وها أنذا سأتابع اكتشافي لأسرار ذاتي علّني أربح منها قليلاً، ولو اضطرني ذلك إلى أن أخسر العالم...‏



#محمد_علاء_الدين_عبد_المولى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفق للذاكرة المعتقلة
- على بابها الغارق في الياسمين
- مرثية لذاكرة القرن
- قراءة في كتاب البدايات
- بورتريه مثقف عضوي
- القصيدة
- نشيد للفرح الأخير
- يبان مواطن عربي أوقع عليه وحدي
- احتمالات قيد الريح
- نايات في عرس الدم البابلي
- يوميات نسبية لكائن ليس مطلقاً
- القصيدة في الطريق إليكم
- عويل في جنازة شرقية
- ختامها يوسف
- مقدمة في نقد الحداثة- بين البدعة والاختلاف
- تشكيلات في مديح ريحانة الأُنس
- أغزو العالم بأحذية جنوني
- محاولة قراءة جديدة في تجربة نزار قباني الحلقة الخامسة
- قصيدة وداع الامبراطور الأخير
- محاولة قراءة جديدة في تجربة نزار قباني الحلقة الرابعة


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد علاء الدين عبد المولى - في هجاء نفسي