أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - بيضاء كالثلج. . البحث عن آصرة الأخوّة المُفتَرضة















المزيد.....

بيضاء كالثلج. . البحث عن آصرة الأخوّة المُفتَرضة


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5564 - 2017 / 6 / 27 - 13:10
المحور: الادب والفن
    


صدرت عن "الدار العربية للعلوم ناشرون" ببيروت رواية "بيضاء كالثلج" للكاتبة الفنلندية سَالا سيموكّا، ترجمة زينة إدريس، وهي الجزء الثاني من ثلاثية "بياض الثلج" التي تضم روايتين أخريين وهما "حمراء كالدمّ"، و "سوداء كالأبنوس". تنتمي هذه الرواية إلى أدب اليافعين، كما يمكن أن يقرأها الكبار أيضًا كعملٍ أدبي ناضج، خصوصًا وأنَ سيموكّا قد حققت شهرة عالمية كبيرة بعد فوزها عام 2013 بجائزة "توبيليوس" لأفضل رواية للشباب عن روايتيها "من دون أثر" و "في مكان آخر". كما حصلت في العام ذاته على جائزة فنلندا تثمينًا لمسيرتها الفنية وانجازاتها الأدبية الاستثنائية التي تُقارَن دائمًا بروايات الكاتب النرويجي الشهير جو نسبو والروائي السويدي ستيغ لارسون اللذين تجاوزت مبيعات رواياتهما سقف العشرين مليون نسخة لكل كاتب على انفراد.
أوردَ الباحث الأميركي أبريل دون ويلز سبع عشرة ثيمة تتردد كثيرًا في أدب اليافعين لكننا سنختار فقط الثيمات التي تعاطت معها سيموكّا في رواية "بيضاء كالثلج" وهي الصداقة، والحُب، ومواجهة المشاكل، والتحوّل الجنسي، والاعتماد على النفس، والموت، والعلاقات الأسرية وما إلى ذلك من موضوعات أرّقت لوميكي أندرسون(17 سنة)، الشخصية الرئيسة في الرواية التي مرّت بالعديد من المواقف والأحداث الصعبة خلال أسبوع واحد من إقامتها في العاصمة التشيكية براغ، لكنها لم تستسلم، بل ظلّت قوية ومُجابِهة رغم يفاعتها، وطراوة عودها.
يحتاج الروائي في أدب الجريمة إلى زجّ القارئ في عُقدة مُبكرة، مُبهمة في الأعم الأغلب، أقرب إلى اللُغز، مثلما حصل تمامًا لـ "لوميكي أندرسون" التي فاجأتها "لينكا" قائلة:"أعتقد أنكِ أختي"(ص13) ثم عزّزت هذا الإدِّعاء حينما أضافت:"أنا من لحمكِ ودمكِ، وأنتِ من لحمي ودمي"(ص14) وكأنها تريد أن تضعنا في مواجهة الثيمة الرئيسة في الرواية وهي الإيمان الأبيض كالثلج للعائلة، إيمان نقيّ ساطع مرتبط بآصرة الدم التي تجري في عروقهما معًا. وما يعزِّز هذا الإدعاء أن بيتر أندرسون قد زار براغ قبل عشرين عامًا ومن المحتمل أن لينكا قد جاءت إلى هذه الدنيا نتيجة علاقة عابرة، تمامًا كما حصل مع لوميكي التي أنجبتها أمها من نزوة خاطفة مع بيتر ولم تُخبر ابنتها إلاّ في سنّ العاشرة. وبينما ينغمس القُرّاء في متابعة هذا اللُغز وحلّه تُوجِّه سيموكّا عنايتنا إلى قصة "العائلة البيضاء" التي يعتقد أعضاؤها أنهم مجموعة عقائدية مختارة تربطهم روابط روحية وبيولوجية في آنٍ معًا. إنّ مِنْ يُدقق في شخصية لوميكي سيجد أنها ذكيّة، لمّاحة، صادقة الحدْس، وسوف تكتشف بواسطة فِراستها الحادّة أنّ هذه العائلة التي اجتمعت في إطار ديني تتعرّض في حقيقة الأمر إلى مخطّط جهنمي سوف يفضي بهم إلى كارثة، وشعرت بأن آدم هافيل الذي يقوم بشعائر الصلاة، وطقوس الاعتراف، وإدارة العائلة برمتها ليس رجل دين، وأنما يبيّت أمرًا ما لم تُدرِك كنهه بعد.
وفي الوقت الذي تنهمك فيه لوميكي بمحاولة فكّ اللغز الأول الذي يستغرق وقتًا طويلاً تقع حوادث متعددة مثل مقتل جارو، سقوط امرأة بكامل وعيها في النهر ليلاً، انحراف عجلة عن مسارها وسواها من الأحداث التي لا تندرج في إطار المصادفة. فمقتل جارو يدفع لوميكي للبحث عن جيري هاسيك، الصحفي الموهوب في استقصاء المعلومات والذي سبق له أن التقى بجارو وأجرى معه مقابلة تلفازية تتمحور حول العائلة البيضاء فدفع حياته ثمنًا لها.
تتوالى المطاردات وعمليات الدهم ذات الطابع البوليسي الملئ بالخوف والترقّب والإثارة لنكتشف أن لينكا ليست الأخت نصف الشقيقة للوميكي لكن هذه الأخيرة قررت أن تساعدها وتنقذها من عملية الانتحار الجماعي التي تبيّنَ أن عقلها المدبِّر آدم هافيل قد تقاضى مبلغًا كبيرًا من فيرا سوفاكوفا، الرئيسة التنفيذية لقناة "سوبر 8"، حيث عرضَ عليها خبرًا حصريًا عن انتحار العائلة البيضاء الذي سيصور تفاصيله جيري هاسيك من دون أن يعرف بالتفاصيل واللمسات الخاصة التي أضافتها فيرا لأسْر انتباه البلد بأكمله.
كانت فيرا مقتنعة تمامًا بأن الموت وحدة يصنع الأسطورة الحقيقية، وليس هناك أكثر إثارة من فكرة "الانتحار الجماعي" الذي نفذّها آدم هافيل لاحقًا حين ألقى قنبلة مولوتوف على النافذة فتحطّم الزجاج واشتعلت غرف المنزل تباعًا بينما كان أفراد العائلة البيضاء السبعة عشر مخدّرين في القبو. لقد نجح آدم هافيل في إقناع ضحاياه بأن النار ستنقّي أرواحهم، وأنها أصدق الأشياء في حياتهم!
غادر هافيل مكان الجريمة بينما كانت لوميكي تنقذ "أختها" لينكا بمساعدة جيري لتتحول إلى بطلة أحبّها المشاهدون. لم يُقبض على المجرم هافيل لأنه غادر باسم مستعار ولا تتوفر معلومات عن هويته الحقيقية.
لم تتمكن لوميكي في رحلتها القصيرة إلى براغ من كشف أسرار ماضيها الذي ظل غامضًا ومُلتبسًا لكنها حصلت على بعض المفاتيح الضرورية التي ستفتح لها بعض الأبواب المغلقة. كما أن القصة المُلفّقة التي اختلقتها لينكا قد هبطت على مسافة قريبة جدًا من الحقيقة، ويكفي أن لوميكي قد أصغت لنداء الصداقة أو الأخوة المُفترضة حتى وإن استيقظت هذه الآصرة الحميمة في الأحلام والذكريات النائية بعض الشيء.
تبدو شخصية "بلَيز" زائدة ولو حذفناها لما أثّرت على النسق السردي للرواية، كما أن معظم لقاءات لوميكي به كانت تتمّ عبر الاستعادات الذهنية وكأنّ الروائية تطالب القرّاء بالتعاطف معه كونه يعاني من خطْبٍ ما، فهو يعتقد بأنه كان يحمل الاسم الخطأ، ويرتدي الملابس غير الصحيحة قبل إجراء العملية الجراحية. أما شخصية جيري فقد قدّمته الكاتبة سيموكّا كصحفي موهوب، ومتعطِّش للمعرفة، ووسيم جدًا لكنه لم ينجح في إقامة علاقة عاطفية مع لوميكي رغم أنها باتت في شقته لبعض الوقت الذي كانت تتعرّض للمداهمة والمطاردة من قِبل قاتل مأجور. ولم تبدو هذه الشخصية إيجابية تمامًا فلقد رضخ لضغوطات رئيسته في العمل ولم ينبس بحرف واحد بصدد المؤامرة التي حاكتها فيرا سوفاكوفا مع العقل المدبِّر آدم هافيل بصدد تخطيط عملية الانتحار الجماعي التي ستهزّ البلد، بحجة مسؤوليته عن إعالة شخص لم نعرف مَنْ هو؟ كما أنّ مديرة القناة هددته بطرده من وظيفته إذا لم يلزم الصمت وأن هناك عشرات من المتقدمين الذين يمكن أن يحلّوا محله.
لم يجامل النقاد الفلنديون خاصة، والاسكندنافيون بشكل عام كاتبة هذه الرواية التي لم تتجاوز سن الشباب بعد لأنهم يعتبرونها الآن كاتبة مكرّسة فهي تكتب الرواية، وتترجم أدب اليافعين والأطفال على حد سواء، كما تكتب مراجعات نقدية للكتب الصادرة حديثًا في صحيفتي "هلسنغن سانومات" و "هَمين سانومات"، ومجلة " لُوكوفيليس" الأدبية المخصصة لأدب الشباب أيضًا. ومن بين أبرز الانتقادات لهذه الرواية أنها "تفتقر إلى الدافع والهدف" وأن عائلة لوميكي وبقية الشخصيات " متكتِّمة وصموتة" ولم نعرف عنها الكثير ونحن نطوي الغلاف الأخير للرواية. كما ذهب بعض النقاد ومراجعي الكتب إلى مقارنة هذا العمل برواية "الفتاة ذات وشم التنّين" للروائي السويدي ستيغ لارسون، ثاني أكثر المؤلفين مبيعًا في العالم بعد خالد حسيني، الروائي الأميركي من أصول أفغانية، غير أن أوجه الشبه تقتصر على وجود صحفي وفتاة شابة في كلا الروايتين اللتين تندفعان في مسارات مختلفة.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عاشقات سعد علي يمرحنَ في فردوسهِ المُتخيَّل
- انتظار السَمَرْمَرْ: رواية متماسكة وليست محْكيات مشتّتة
- -بطنها المأوى- لدُنى غالي. . . نموذخ صادم لأدب المنفى والسجو ...
- سلامًا للغربة . . وداعًا للوطن: المبدعون يصنعون شخصية الأمة
- شخصيات جاكومَتي الخيطية ترحل من الوجود إلى العدم
- إشكالية الإقحام و الفبركة في رواية بهار
- فيلم الكَنّاوي: ساجر النار: أصداء التاريخ وسؤال الحرية المطل ...
- تواشج الأشكال والمضامين في رواية -العدد صفر- لأُمبرتو إيكو
- قُصاصة ورق . . نص سردي يعرّي قسوة السلطة السورية
- لمَسات ورّاق فرنسي الهوى: توحش اللغة الإنكَليزية ودموية ثقاف ...
- الفنان التعبيري ستار كاووش ينهل ثيماته من كتاب الحُب
- التفكير بالعين: مقاربة نقدية تفتقر للإجابات الشافية
- ديفيد هوكني: الفنان الذي خلّد الطبيعة والأصدقاء
- رسائل أنسي الحاج إلى غادة السمّان
- مقدمات وإشارات تعريفية بآثار إبداعية ومعرفية
- عذراء سنجار: وطن مخطوف وطائفة مُستباحة
- التربية الجمالية في الفكر المعاصر
- سينما المؤلف
- ضوء القمر ولغته البصرية المرهفة
- رواية -التوأم-. . نص أدبي مُدوّن بعينٍ سينمائية


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - بيضاء كالثلج. . البحث عن آصرة الأخوّة المُفتَرضة