أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكرم إبراهيم - قصة














المزيد.....

قصة


أكرم إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 1450 - 2006 / 2 / 3 - 10:41
المحور: الادب والفن
    


قشة
سيدي ! لا تستطيعون أن تتصوروا فرحتي : كنـت قد رتبـت الأمور لكي يصل خبري إلى أمنستي* فإذا بي أقرأ ما يفـيد بأنـكم مهتمون بحقوق الإنسان ، وأنكم سترتقون بعملكم إلى مستوى الاهتمام بالقضايا الصغيرة ؛ أي إن إجبار جاري على التراجع أصبح في صلب اهتمامكم . فعلت هذا والأسى يملأ قلبي ، فأنا أدرك كم تساهم هذه المنظمات بغزونا النفسي والثقافي ؛ فمجـرد أن تتدخـل إحداها في قضيتي ، ويشاع خبر هذا التدخل ، سيلعن آلاف ، بل ملايين العرب أمهـم التي تأكـل أبناءهـا فلا يجـدون الحمايـة إلا لـدى الآخريـن . وأنا كثيـراً ما أكتـوي بهذه الدونيـة لدى مواطنينا ، لكن للضرورات أحكام يا سيدي ! فالقضية قضية حرية أو كرامة على أقل تقدير . كانت مشاعري هذه تكويني وتشلني . وهاأنا ذا بعد أن عرفت أسرع إليكم بلهفة الغريق إلى حبل النجاة . أي فرحة غمرتني ! لقد تحـررت فجأة وعلى غيـر توقع من مشاعري تلك ، وأصبحت كعصفور يتمرغ في شمس الربيع ونسيمه ، كعصفور في فترة التعشيش . كانت فرحتي فرحتين؛ واحدة لأننا أصبحنا أيضاً نتمثل قيم حقوق الإنسان ، وأخرى لأننا لن نقف على أعتاب الآخرين بعد الآن . وهؤلاء ليسوا أيـاً كـان لـنسمح لهـم أن يتطهـروا ببسـاطـة يا سيـدي !.

القضيـة يا سيـدي !. أنني من أصحاب الدخـل المحـدود . شـددت الأحزمة لخمس عشرة سنة مضت لأشتـري شقـة متواضعـة على الهيكل . ومع أن الأحزمة ستبقـى مشـدودة لمـدة مماثلـة ، مع هـذا ، كانت سعادتي كبيرة عندما أصبحت جاهزة . ماذا أقول لكم ؟! من فرحتي استلقيت فارداًً أطرافي على أرضها الباردة ناظراً إلى السقف كما لو أنه سماء ليلة صيفية مقمرة ، وبقيت هكذا حتى ازرق جلدي من البـرودة . " لقد تحررت أخيراً من سطوة أصحاب البيوت ، ومن حياة التنقل والأجرة التي تأكل راتبي " . البيـت وطن يا سيدي ! بل من لا بيت له لا وطن له . يصعب عليكم إدراك معنى هذا الكلام إذ لم تعيشوا حالة شبيهة يا سيدي !. المهم يا سيدي !. أنه لا شيء لدي يعادل هذا البيت ؛ كان شيئاً كبيراً كبيراً بحيث يصعب علي وصفه.
أذكر يا سيدي أنني مـررت بحالـة شبيهـة : كنـت في البريـة والوقـت أواخـر الصيف . وكان قطاف العنب قد انتهى وأصبح متعذراً على المرء أن يجد ولو حبة واحدة منـه ، فإذا بعـدد كبيـر من العناقيد معلقة على الأطراف البعيدة لسنديانة كبيرة بحيث لا يستطيع الوصول إليها سوى طفل مثلي . كانت ناضجة حتى لتكاد تكون زبيباً . وعندما كبرت فقط علمت أنها كانت مختمرة والحالة حالة سكر . المهم يا سيدي أنني عندما نزلت كنت نشوان ؛ استلقيت على الأرض والسماء صافية فوقي و السعادة غامرة ، حتى إن ذاكرتي ما زالت إلى اليوم تستعيد تلك الحالة ، لكنها تستعيدها كحلم مغرق في القدم ؛ لا أذكر أين هامت أفكاري ، أية سراويل اشتـريت ، أيـة أحذيـة ، أيـة حلـوى وألعاب ، ما أذكـره فقط ، هذه الحالة العصية على الشرح ، حالة سعادة لا تأتيك في الحيـاة سوى مرة واحدة ؛ كم حاولـت ! جربـت جميع المشـروبات ، وفي مختلف الظـروف والأزمنة ، في مختلف الأمكنة ، لكـن دون جـدوى .
كم كان إحساسي وأنا مستلق على أرض الشقة شبيهاً بذلك الإحساس ! لكن الحياة تأبى إلا أن تعكر صفو السعادة ؛ فلقد كان تنفيذ الشقة سيئاً . وليت الأمـر انتهى هنـا ، فلقــد حـاول أحـد الجيران تعـديلاً يضر بأساس البناء . افترضت أنـه جاهل بعواقـب فعله، لكنـه أبـى أن يسمع؛ فلقد قال : من لديـه كلام فليرفع شكوى ، لست مستعداً لسماع أحد . ولم تشفع لنا الخبـرة الفنية لمعارفنا . حاولت كثيـراً مع بقية الجيـران حتى لم يبق سوى الشكوى . وهنا كانت الكارثة ، ثلاثة أشهر وأنا أذهب وأعود ، جعلوا مني رقاص ساعة يا سيدي ! أكثر من عشرين مراجعة !. كان واضحـاً أنهم يماطلـون لأنـهم شركاؤه في مخالفـة القانـون . وأنا يا سيدي ! لم أبحث عن الصدام ، كنت أكرر دائماً وفي كل مراجعة : لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم ، يستطيع بزيادة التكلفة زيـادة زهيـدة أن ينفـذ مـا يريـد دون خطـر جسيم . ما كانوا بحاجـة لأن يدفعوني إلى اليأس والتراجع عن الشكوى ؛ ألف ليرة يدفعها إنسان مقتدر ليست شيئاً ، لكنهم تمادوا ، تمادوا كثيراً يا سيدي ! . تصوروا يا سيدي ! أنهم حـولوا الشكوى إلى جهة قالـت منذ المراجعـة الأولـى أنهـا غير صاحبة اختصاص ، ومع هذا استعصت لديها شهرين ، ولم يفرج عنها إلا بعد سبع مراجعات نفد بها صبري ، سبع مراجعات والجهة غير صاحبة اختصاص يا سيـدي !.
لم يبق أمامـي سـوى أن أشكـو هذه المماطلة . فعلت فجن جنونه وأرسل يهدد ويتوعـد . قال إن يده "طايلة" ويجـب علي أن أسحـب الشكوى الأخيرة . في البداية هدأت نفسي ، قلت : ليس إلى هذا الحد ... لسنا في العهد العثماني . لكنه يا سيدي ! نفذ التعديلات كما يريد ولـم يأخذ بالحسبـان أياً من الشكويين. عنـدها خفت ، خاصـة وأن الشكويين تمسان متعهدين وموظفين كباراً . ما خطر ببالي قط أن تنقلب الأمور هذا المنقلب يا سيدي!. والآن لم يبق لي إلا أن أكتب لكم من باب الحيطة والحذر ، وهـاأنـا ذا أفعل ، فـإذا ما وصلتكم رسالتي هذه يكون قد حدث لي شيء على خلفية هذه القصة.
عبد الله المظلوم
مواطن من ضيعة غربة التحتانية



#أكرم_إبراهيم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة والعودة : الجدل بين الشعار والممارسة والخطاب *
- نصر آخر لحزب الشعب وشركائه
- قمة هرم أم مركز مثلث ؟!!
- قراءة في إعلان دمشق
- ليس خوفاً على السلطة بل خوفاً من حزب الشعب


المزيد.....




- واسيني الأعرج: المثقفون السوريون وضعوا اللبنة التي فضحت المظ ...
- فيلم بيج رامي بطولة رامز جلال 2025 .. القصة ومواعيد العرض وت ...
- سلاف فواخرجي تشكر الشعب المصري وتعتذر عن أي شتائم تعرض لها د ...
- الهلال الأحمر الفلسطيني يكذب الرواية الإسرائيلية حول مسعفين ...
- السنغال بلد الثقافة والتصوف ومحاربة الاستعمار
- مصر.. إلزام أسرة موسيقار شهير راحل بدفع 3 ملايين جنيه لصالح ...
- تكريم عدد من المثقفين العرب مع انطلاق الدورة 30 لمعرض الرباط ...
- 3 معارض رائدة في المتحف العربي للفن الحديث بالدوحة
- ما قصة اليوتيوبر المصري مروان سري، والناقدة سلمى مشهور مع نا ...
- مترجمة إيطالية تعتذر عن ارتباكها في البيت الأبيض.. وميلوني ت ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكرم إبراهيم - قصة