أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - احمد حمادي - عندما يحكم الأموات














المزيد.....

عندما يحكم الأموات


احمد حمادي

الحوار المتمدن-العدد: 5561 - 2017 / 6 / 24 - 13:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


دائما ما نتساءل، ما الذي يدفع شبابا لتفجير أنفسهم وإنهاء حياتهم بهذه البساطة؟ ولماذا يتفانى آخرون بالدفاع عن دولة داعش وأمثالها؟ ولماذا يهاجر شباب إلى سوريا واليمن من العراق وأفغانستان وباكستان ليواجهوا مصيرهم المحتوم؟ وما هي مبررات ملايين آخرين للزحف كل عام مئات الكيلومترات سيرا على الأقدام وهم يضربون صدورهم ويجلدون ظهورهم ويشجون رؤوسهم؟
إنها سطوة الأموات على الأحياء، إنها تلك الشخصيات التي عاشت قبل مئات أو آلاف السنين، والتي تعتقد الجماهير بأن الحلول جاهزة لديها هي وحدها ولا احد سواها.
الحنين والعودة للماضي ليس شأنا خاصا بإنسان هذه المنطقة، بل هو رؤية بشرية متواصلة منذ أقدم العصور، فدائما ما يرغب البشر بالعودة إلى الماضي لان فيه (رغم قسوته وقهره ورعبه في كثير من الأحيان)، فيه أيضا الأحباب والأصحاب الذين فارقناهم، (الماضي الذي لم يعد يهددنا) فيه أيضا الأوهام التي صاغتها البشرية على مر تاريخها الطويل كي تواجه من خلالها الكم الكبير من البؤس والحرمان الذي لاقته أثناء مسيرتها، فالماضي ذلك المخزن الهائل والمتناقض من كل شيء يتجسد أمامنا على انه في احد مراحل تمثله، المنقذ لضياعنا الحالي، غير مدركين انه المنبع والرافد الأساسي لهذا الضياع. وكما يقول عالم النفس فيكتور فرانكل" فان الميل الذي يجعل السجين يرنو إلى الماضي هو المساعدة على جعل الحاضر بكل ما يتضمنه من رعب، قابلا للعيش". ونحن نسكن داخل سجن الماضي من اجل التخلص من سجن الحاضر البغيض، سجن التخلف والجهل، سجن الفوارق الطبقية التي يستأثر من خلالها معدودون تافهون بمقدرات الملايين من البشر. سجن يعيش فيه نصف المجتمع على الهامش، فكيف لهذا النصف (النساء) أن لا يلجأ إلى الماضي ليخفف من عبء الحياة الثقيل، سجن ملايين العمال الذين يعملون يوما واحدا ليعيشوا بؤس البطالة عشرة أيام، سجن المرض والحرمان والتفرقة على أساس القومية والعشيرة والدين، سجن الإعلام المصروف عليه مليارات الدولارات وهو يزق العقول يوميا بجرعات من الماضي العتيد وبطولات فرسانه الغابرين.
إذا أليس العيش في الماضي ومحاولة استرداده المستمرة واستحضاره كحل جاهز لكل المشكلات التي تعصف بنا هو الطريق الأسهل والأقل عناء؟
ونتساءل أيضا، ما الذي تجنيه أحزاب الإسلام السياسي اليوم من عيش المواطنين داخل سجن الماضي؟ ولماذا يصر هؤلاء الإسلاميين ابتداء من الدولة الإسلامية في العراق والشام مرورا بمملكة السعودية والإخوان المسلمين المنتشرين في اغلب البلدان وصولا لأحزاب العراق الحاكمة وراعيها الرسمي جمهورية إيران الإسلامية، لماذا يصرون على التعكز على الماضي؟ وما هي المنافع التي تجنيها هذه الدول والأحزاب والحركات من استحضارها الماضي؟ والجواب بكل بساطه انه الطريق الأسهل للسيطرة على عقول الناس وإخضاعهم. ورغم ما يدعيه هؤلاء من اختلاف في رؤيتهم لبناء الدول غير أن شيئا واحدا يجمعهم، هو أن الحاضر بكل ما يحمله من تطور وعلم وتكنولوجيا ، ليس هو الواقع الذي من المفترض أن تعيشه الشعوب إنما عصر المسلمين الأوائل هو العصر الذهبي الذي يجب العودة إليه رغم كل ما يحمله من أساطير وخرافات وتناقضات وقتل وسبي وامتهان للعقل وللإنسان.
لم يبق لهذا الإنسان المحاصر بقضبان الماضي والمقاد بسحر شخصيات التاريخ وهو يعيش الواقع بكل ما يحمله من بؤس وحرمان إلا أن يجد عزاءه بالأموات، راسما صورته الوردية عن حياتهم وبطولاتهم، مستلهما من خلال ما كتبوه أو كتبه عنهم الآخرون شكل الحياة المثالية التي يطمح أن يعيشها، فالحاضر بؤس والمستقبل قلق وخوف من المجهول، ولأن تجارب الماضي القريب تدل بما لا يقبل الشك على أن الأمور تسير دائما من سيء الى أسوء،عند ذاك يصير لزاما علينا أن نجعل الأموات ملجئنا الأخير حتى وان كان لجوئنا هذا يولد حلولا وهمية ولها عواقب وخيمة. يقول كارل ماركس "ان تقاليد جميع الأجيال الغابرة تجثم كالكابوس على أدمغة الأحياء".



#احمد_حمادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخرافة في جامعات العراق


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - احمد حمادي - عندما يحكم الأموات