عبدالله الداخل
الحوار المتمدن-العدد: 5561 - 2017 / 6 / 24 - 08:28
المحور:
الادب والفن
في ذكرى ثمانية وعشرين رجلاً أُغتيلوا مرتين
كذلك كانت الأسوارُ فينا
وغاباتُ أبراجٍ تطوِّقُنا
والسهامُ قادمةً صوبَنا مطراً في الريح
في ذلك الحين، كعادتهم، يفتح الخونة
بوّابةَ الشؤم للأعداء
***
مضيتُ أمسِ في بيتنا الطينيِّ
صوبَ الباحةِ الخلفيّةْ،
فصارت بي سيولٌ
تملأُ البحرَ من عتَبي
إذ رأيتُ تنّورَ جدتِنا الذي ورثتْه أمي
حدّثــْـــتُهُ بما يوقِدُ النارَ من غضبي:
من جوفكَ تأتي الظهيرةُ في صيف الوطنْ
ومن فمِكَ الـمُلَمّى
أرصفةُ المدينةْ
كم أطعمْتَنا من غش تجار العدوِّ
في سوق قريتنا
بأزمان الحروب
مزيجاً من طحين بذور التمر
يجمعها الأطفالُ
في كل دربٍ متربٍ
ومن نُثارِ عُشْبٍ أو نُشارةِ الخشبِ
وكم أُطعِمْتَ من فرعي ومن وَرَقي
وعشتَ على نسْغي
ومن عَصَبي
وكم تحسرتُ لهيباً
بكـَوْمٍ من الخوص
جفّفته الشمس
حين أرى ما التهمتَ من كـُتـُبي
وكم كنتَ تَكويني بسَهْوي
حين يُدْوِيني غيابُ أحبتي
فوق ما يُدويكَ من سَعفٍ
ومن كربِ
فكم لساناً من النار
تلمّظَ في رئتيَّ
وكم لهباً تسابق في صدري
مع اللهبِ
أطعمتَني خبزاً ولكنْ
أجَعْتَني
وأوجعتني
لأنَّ اللهَ الذي جعلتُهُ فيَّ ممنوعاً
بقعر أسراري ومعرفتي
كان يأتي بالجحيم لروحي
وكان مثلكَ فُرناً للأماني
ومحرقةً للجِنانِ
فلم تَكــْــفِ الحياةُ محراثاً له
ولا الأرضُ ما اقتاتَ من حطبِ
أكاذيبُهُ التي ضاقتْ بها كتبُ الرعاة
منذ أزمان العبيد
ثم تداولها الرعاع
كانت تطوّقنا بألف برجٍ من الخوفْ
وألفِ منجنيقٍ من الكذِبِ
#عبدالله_الداخل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟