|
في الحديث عن الروح
سفيان الحداد
الحوار المتمدن-العدد: 5559 - 2017 / 6 / 22 - 05:06
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
في الحديث عن الروح 1 أريد أن أقص قصة صغيرة لعلها معبرة رواها لي صديق ملحد أستاذ فلسفة خلسة من "الرفاق".لقد صارحني بأن جده الميت جاء في المنام الى ابيه الذي على قيد الحياة ليرشده الى مكان عكاز طبي خبأه في مكان ما ثم لما استيقظ جاء الى ابنه اي صديقي الملحد وأعلمه بالرؤيا وطلب منه البحث في المكان المقصود ليجده صديقي الملحد ويستعمله فيما بعد لأنه تعرض لكسر ويحتاج الى هذا العكاز .. التفسير العلمي لهذه الظواهر يبقى تفسيرا لا غير لأن العلم معرفة ولم يدع أنه المعرفة ولم يقل بأنه المعرفة سوى الايديولوجيا حتى أن متدينين انطلت عليهم الحيلة جيدا فانبروا يفسرون بل يبررون النص الديني استنادا الى العلم .بينما المعرفة العلمية في الابستيمولوحيا وهو ما يسمى بالقول في العلم تبقى نسبية حتى في مجال الحقائق فما بالك بالنظريات .في الايديولوجيا فقط تصبغ على النظريات هالة يشتم منها ما يشاكل القداسة والعلماء ذاتهم قد يتحولون الى ايديولوجيين حين يتحدثون بوثوقية غير مفهومة ولا ننكر أن الخطاب العلمي له بريقه واغراءاته ....العلوم المادية لها فضائل على الانسان ولا شك ولكنها تهافتت في تفسيرها للحياة ...جوهر الموضوع في كل هذا الذي يدور حوله الجدل هو الروح والنفس ....يبدو أن المعرفة الانسانية في هذا الموضوع بالذات تسير الى الوراء وليست تتقدم وهذا رأيي الخاص ....ولعل المنهج العلمي في التعاطي مع هذه الموضوعات قد ساعد على نكسة المعرفة العلمية والمعرفة الانسانية المتأثرة بها ..
في الحديث عن الروح 2 كنت قد تحدثت عن صديقي الملحد وأستاذ الفلسفة الذي صارحني في زحمة سؤاله وخلسة من رفاقه الايديولوجيين أن جده المتوفي قد جاء الى والده في منامه وأرشده الى مكان ما حيث خبأ في قائم حياته عكازه الطبي ليستعين به لاحقا صديقي بعد أن تعرض الى كسر في الرجل وقد وجده كما هو بحسب الرؤيا .هذا الصديق هو صديق ورفيق لشخص آخر هو أيضا صديقي ورفيق دربي على الحاده ....كنا نجلس في مقهى ذات تاريخ عريق في الفكر والنضال في المحافظة التي فيها اقيم نقلب النظريات والكتب متأملين في ذات الالم .ذات يوم وعلى انفراد سألني " هل قرآن ربك يتضمن سورة فصلت " -وكنت حينئذ مسلما على طريقتي متقلبا بين الزوايا الصوفية أطعمها بالكنائس ثم أنظر الى كل ذلك في الخمارة يغمرني الدمع ويخيم علي الصمت موزعا البسمة والتحايا خلسة من الحزن- أجبت صديقي في ارتباك يخالطه الاستغراب بالايجاب .فصارحني فورا بأنه في المنام قد رأى مطلع السورة بينما هو لم يقرأ القرآن ....ثم اندفع حزينا جدا مرتبكا جدا متوترا جدا مرددا " مستحيل ...مستحيل ...مستحيل..." وكان يعني أنه من المستحيل أن تكون حقيقة الاهية ثم ذاب وتركني أتمتم بما لم أعد أذكر ....هذا الصديق عاش بعد وفاة ابيه في زهرة طفولته مع والدته ولم يتزوج وقد شارف على الخمسين ولم يشتغل بتاتا لا لأنه متواكل بل لعله لا يعلم الى أن حل بتونس ما يوصف بالثورة فاشتغل لمدة شهر واحد لا شريك له ثم فاجأه الموت بينما هو كان قادما الى المقهى الذي فيه نجلس ....مات في صمت .وشيعه قليل حتى لعله لعوزه لم يأبه به أحد من رفاق النضال الا صديقه وصديقي استاذ الفلسفة ....فخلف لوعة ومرارة أتطعمها الآن وقد مر على الفراق ما ينيف عن الخمس سنوات ...ترحمت عليه بما يليق بملحد عاش زاهدا .....
في الحديث عن الروح (3) طالما النفس و ما يصطلح عليه بالروح ليستا تحت طائلة العلم المادي بعد وطالما هذا العلم لم يفسر الظواهر الخارقة لقوانين الطبيعة ولم يفسر الحياة ولا الموت وطالما في المقابل لا تزال ما يصطلح عليه بالاسطورة بما فيها الاسطورة الدينية تتصدى ولو جزئيا وبشواهد حسية قاطعة للمربكات اللاحقة بآلاف البشر في ارزاقهم وأبدانهم وزواجهم وتناسلهم بينما الايديولوجيون الماديون يستحثون العلم المادي على كسب معركتهم هم وليست معركته هو ويهدؤون من الروع ويطمئنون المفقودين والمحطمين بما يشاكل الاوهام بل احيانا يحملونهم مسؤولية ما يلحق بهم استنادا الى نظريات موصوفة بالعلمية ليست من بنات افكارهم .... طالما جوهر الموضوع لا يزال مسألة عالقة معرفيا فتحويل وجهة الانسان من الاسطورة الى العلم فيما لم يحرز فيه العلم تقدما ذا بال يبدو غير ذي موضوع .وغني عن البيان أن الاعتقاد في العلم المادي المتلازم غالبا مع الالحاد لا يختلف جوهريا عن الايمان فكلاهما لا دليل عليه الا من ذاته ولو أنه يبدو لأول وهلة أن وسائل الالحاد أكثر اثارة واغراء واستمالة للعقل ولكن الواقع محك اختبار ويا له من محك ....العلم فضائله على الانسان لا ريب فيها ولكنه لم يحقق ما هو مرجو منه في الاجابة عن السؤال حتى اندلع هذا الاشكال ... ولا بأس من الاصداع ببعض الحقائق 1/ ان المشاكل والاضطرابات الموصوفة بالنفسية بعضها تكفل بتخريب بيوت آلاف من البشر وهذا له انعكاسه على المجتمعات من نواحي شتى ليس هذا ابان ذكرها 2/ الطب النفسي لا يزال يتقدم هذا في الدول المتقدمة .في بعض الدول العربية الطب النفسي حيال بعض الحالات قد يتحول الى ما يشاكل الاجرام فهناك مرضى التحقوا في شبابهم بالشيخوخة المبكرة علاوة على اتلاف مناعتهم وطبعا لم يشفوا بل خرجوا من الحياة على الحياة 3/أحيانا الايديولوجيون الماديون انفسهم حين يلحق بهم غدر بمعارفهم يتلوه فشل من جهات علمية يلتمسونها هم انفسهم يضطرون الى الذهاب الى المشعوذين ويفعلون ذلك خلسة من كل شيء ....وحين أتحدث عن ايديولوجيين ماديين أعني أكاديميين حتى ان احدهم ذكر لي في احدى الجلسات أنه قبل أن يتخطى باب المشعوذ فضح الحاده طالبا منه الانصراف فلا فائدة يطالها من مجيئه ...
في الحديث عن الروح 4 بداية من هذا اليوم أروي ما يشاكل سيرة ذاتية امتدت على ما يربو عن الثلاثين سنة ولا تزال .و ما سأرويه يلزمني في شخصي مع التزامي الأخلاقي والقانوني بعدم ذكر أسماء أشخاص مع العلم أن ما سأذكر تناولته عديد المؤلفات أصحابها من شتى الديانات بأكثر دقة و تفاصيل وعمق . وتشير بعض الدراسات أن مؤلفات منسوبة الى علماء من اختصاصات شتى انخرطوا فيما يسمى بالجمعيات الروحانية منذ القرن التاسع عشر وما أذكره ليس مرتبا في الزمن بل ذكريات مقتضبة من سيرة ذاتية تتعلق بعالم الارواح والقوى الخفية بصرف النظرعن تفاصيل من المفترض أن تقال ولكن أقدر أنه ليس ابانها . أتحدث اليوم عن تجربتي الشخصية مع الوساطة الروحانية . بدءا أشير الى أن مصطلح الوساطة الروحانية المتداول في عديد المؤلفات التي اهتمت بالموضوعات الروحانية يقصد بها بوجه عام الاتصال بأرواح الموتى عن طريق ما يسمى بالوسيط الروحاني والذي هو الآخر يكون تحت رقابة ما يسمى بمرشد روحاني من الاموات وهو بحسب هذه الدراسات من يؤمن استدعاء روح الميت التي تتحدث الى الاحياء في جلسات للغرض من خلال الوسيط الروحاني الذي قد يدخل في غيبوبة بينما روح الميت حالة فيه وتتحدث من خلاله بمعارف وبلغات لا علاقة له بها وأحيانا ينقل الوسيط ما يسمعه من روح الميت الى الاحياء .هذا باقتضاب على نحو ما تفسير الوساطة الروحانية في البحوث الروحانية . ما عشته أنا شخصيا من تجربة والذي لاحقا ساعدني على فهم ما أنا بصدده من بحوث روحانية يختلف شيئا ما عن المقصود بالوساطة الروحانية المذكورة غير انه لا يخرج عن جوهرها . ما عشته كان بين يدي معالج روحاني شاب وكان بحسب روايته لي نادل مقهى قبل أن يتفطن الى وابل من الشغب المجهول المصدر أثناء شغله وانتهى به الامر الى أن يشتغل معالجا روحانيا رغما عن انفه وعن انف زوجته أيضا و تساعده في العلاج قوة خفية بحسب ذكره متمثلة فيما يسمى عند المسلمين بجنية -المسيحيون لا يؤمنون بوجود الجن بل يقولون بوجود قوى شريرة - ولكنه ايضا يستعين بشخصين .أحدهما في سن الخمسين تقريبا بينما الشخص الثالث وهو المركزي على ما شاهدت فهو طفل في سن الثانية عشرة تقريبا .اذ يوجه الخطاب الى روح حالة جزئيا في هذا الطفل لعلها قوة عاقلة غير منظورة أو ما يسمى بالجن وتعطى لها معلومات عن المرضى متعلقة باسمائهم وأسماء امهاتهم ثم يقع انتظار العلاج الذي يجي ء عن طريق الكتابة بواسطة الطفل كتابة لا ارادية في مضمونها وفي سرعة تحريك القلم وفي تنوع العلاجات بين المرضى ما بين عزائم في اشكال مربعات او مثلثات تحتوي على حروف معينة ومستحضرات و آيات من سور القرآن تكتب خاصة بمادة الزعفران أو ماء الورد ثم يشربها المريض فاما يصاب بدوار أو صرع ومنهم من شرب "الدواء" فصار يمشي متمايلا يمنة ويسرة حتى اذا ما رام أن يدخل الى الخلاء لم يقدر حتى على الاستنجاء من فرط ما لحق به من اوجاع و أذكر أنه من بين ما لاحظت أثناء زيارتي لهذا المعالج مرة اخرى اذ كان منفردا متضايقا مما آل اليه أمره ومتضايقا حتى من المرضى الوافدين عليه وكنت حينئذ أواسيه ...قلت من بين ما لاحظت أصواتا لما يشبه العصفور بسقف الغرفة التي كنا بها سويا بينما هو يتحدث الى هذه القوة الخفية التي يدعي أنها معه الحديث عن الروح 5 متابعة لماكتبت عن تجربتي الشخصية مع ما نصطلح عليه بالقوى غير المنظورة وعالم الماورائيات أود أن أشير الى ما يلي : 1/ الشواهد الحسية لمن تتسنى له تجربة شخصية مع هذه القوى لا علاقة لها بالايمان بالله .وقد قلت سابقا أن ما يسمى بالكرامات لدى المسلمين او خوارق الطبيعة التي تشاهد بادراكات الحس وتلتمس بمناسبتها آيات وتراتيل من الكتب المقدسة الدينية أو غيرها من الوسائل لا تدل برابطة منطقية على أن دينا بعينه هو الحق على حساب دين آخر بل لا تدل في ذاتها على الحقيقة الالاهية .ومن يربط بين هذه الامور والحقيقة الالاهية فهو لعله يفعل ذلك تلقائيا بحكم خلفية ثقافية تشكل ذهنيته بوجه عام ويبدو أن هذه الملاحظة تنطبق على المتدينين وحتى الملاحدة الذين يتوترون بشكل مبالغ فيه من الحديث عن هذه المسائل كما لو ان هناك رابطة سببية منطقية بين الايمان بالقوى غير المنظورة في ثقافتهم والالاه الديني الذي نشأوا وتربوا في ظل الاعتقاد المتعلق به قبل أن ينحازوا الى الالحاد ثم يؤصلوا له . 2/ بناء على هذه الملاحظة فان من يظفر بعينات حسية على ما يؤشر على وجود قوى غير منظورة لا ينتظر منه بالضرورة أن يتحول الى قديس بل أحيانا يحصل العكس تماما . 3/ ما بدا لي من خلال أدلة الالحاد بوجه عام على وجاهتها أنها تنطلق من أساس للمعرفة لا دليل عليه الا من ذاته فرفض وجود الروح والخلود وقوى غير منظورة وعوالم مختلفة عن عالمنا المنظور بمقولة ان العقل ينفيه او أنه لا يخضع للتجربة العلمية أو أن العلم التجريبي ينفيه الى غيره من المقولات كل ذلك معرفيا لا دليل عليه الا من ذاته فالعقل محايد وفي المطلق لا ينفي الاحتمال وأما العلم التجريبي فهو بطبيعته نسبي علاوة على ان ابحاثا توصف بالعلمية تسير في اتجاه البحث عما وراء المادة أو عن وجود ليس بالضرورة متعاليا تماما عن المادة ولكن لا يحمل ذات خصائصها 4/ أعتقد من منظوري الشخصي أن الانسانية غير مؤهلة في الوقت الراهن للايمان بالله بادراك ووعي مسؤول .وأعتقد أن هذا الجدل بين الملاحدة والمتدينين غير ذي موضوع .فعلميا المتدينون يراهنون على الحياة كجوهر ولم يغيرهم التدين جوهريا على وجه الاطلاق وليسوا يختلفون عمليا في شيء عن الملاحدة بل لعل ملاحدة زهاد في الحياة يتصرفون كما سذج ينبغي على متدينين أن يعيشوا حيوات متراكمة في اجساد متتالية ليتلمسوا احساسهم .... الى هذه القوة الخفية التي يدعيها أنها معه .... ( يتبع)
#سفيان_الحداد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوثوقية والمخدرات
-
عن الالحاد أتحدث
-
في تونس لماذا لا يعود -الاحتلال- الفرنسي ؟؟؟؟
-
كلمات متقاطعة -2-
-
قيمة العدل وقيمة الحب
-
حاجة الانسانية الى محاكاة الطيور
-
ببساطة مؤلمة أيضا
-
ببساطة مؤلمة
-
حالة تأملية
-
أحكام -النون الساكنة- في الكتمان
-
كلمات متقاطعة
-
خواطر حول الايمان بالله في مطلق الايمان والعدالة الاجتماعية
-
الاسلام السياسي في تونس على محلك التجربة وعلى ضوء سيرة ذاتية
-
-الاسلام المعتدل-
-
الاسلام السياسي
المزيد.....
-
لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق
...
-
بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
-
هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات-
...
-
نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين
...
-
أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا
...
-
الفصل الخامس والسبعون - أمين
-
السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال
...
-
رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
-
مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|