|
ديموقراطية بيان رقم 1
حسن حاتم المذكور
الحوار المتمدن-العدد: 1450 - 2006 / 2 / 3 - 09:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قبل ان يباشر الأمريكان احتلالهم للعراق’كانوا قد استكملوا ما يكفي من شروط نجاح اللعبة التي ستكون لصالح مشروعهم في نهاية الأمر ’ وساذج للغاية من يعتقد انهم الآن يتخبطون في المستنقع العراقي’ بعكسه في مستنقعهم يتخبط الساسة العراقيون دافعين الشعب بأتجاه ورطتهم’ الأمريكان لهم حساباتهم الذكية’ اسقطوا نظام البعث وابقوا على الحزب بقياداته واجهزته واسلحته وثرواته وخطوط امداداته وقدراته على ارباك الأوضاع الداخلية’ وهم يدركون ايضاً ان البعث بأمتداداته الطائفية والعنصرية هو الأكثر استعداداً للخيانة وبيع العراق مقابل فضلات سلطوية’ الى جانب البعث يمتلكون الكثير ممن يشكلون الآن قيادات مؤثرة في العملية السياسية ’ وافسدوا الكثير ممن كانوا خارج تأثيرهم قبل احتلالهم للعراق’ ويعدون الكثير من الرجال وتسويقهم كقادة جدد للعراق الجديد’ ولديهم كذلك اوراق اضافية مؤثرة داخل اروقة قيادات الطوائف والقوميات والتيارات والأحزاب ’ وحتى الذي يغرد خارج سربهم مرحلياً هو الآخر يؤدي دوراً مفتعلاً مرسوماً امريكياً داخل اطار لعبتهم . بأختصار: امريكا تمتلك افضل اوراق اللعبة وجواكرها في الحالة العراقية الراهنة’ الى جانب ذلك ما هو الأخطر والمخيف من العلاقات والمخططات الغامضة والأهداف المتشابكة بينها وبين اغلب دول الجوار . اعود واكررهنا ما ذكرته في مقالات سابقة وبكامل قناعتي’ ان الشعب العراقي الماسك بوعي وارادة بخيوط مستقبل العملية السياسية والتجربة الديموقراطية’ يبقى وحده عصي على الآخرين’ ورغم نزيفه المتواصل ابتداءً من انقلاب 08/شباط / 63 الدموي والى يومنا هذا’ ورغم الدمار والموت اليومي المشبوه المصادر انجز الأنتخابات الأولى والأستفتاء على الدستور والأنتخابات الثانية’ ورغم الشروط والنتائج التي ارغم على تجرع مرارة نتائجها’ فهو وحده القادر مستقبلاً على انجاز ما يحلم به وما لا يروق للآخرين’ هذا الشعب الصابر الضاغط على اوجاع نزيفه’ والمدهش على جميع الأصعدة استمر رقماً من الصعب تأميمه او التحايل علية وتمييع قضيته’وظل الأمريكان ووكلائهم ومن ورطتهم بفضائح الفساد والتبعية من النخب السياسية يخشون ما مخزون فيه من طموحات وارادة وأبناء مخلصين . استمر الأمريكان وعفشهم المحلي حريصين على مواصلة نزيف ومعاناة العراقيين انتظاراً لاستسلامهم للأمر الواقع’ وواصل العراقيون بمنتهى الصبر والأصرار على انجاز ما يستطيعونه من طموحات واهداف وانجازات مرحلية ’ ماسكين خيوط قضيتهم رافضين كل ما هو مشبوه من نوايا ومخططات . تلك المواجهة قد تكلف العراقيين ثمناً’ وقد يكون باهظاً’ لكنهم سيربحون قضيتهم في نهاية الأمر’ لأن المعركة على ارضهم بأنسانها وتاريخها وروافدها وثرواتها وجغرافيتها وعمقها الحضاري . واصلت الواجهات البعثية’ اسلامية وعلمانية تمسح بذيولها ارضية المخططات الأمريكية انتظاراً ان تسمح لهم بالوصول الى اللحظة التي تعلن فيها البيان الأول لجمهوريتهم الثالثة’ قاطعوا الأنتخابات وضغطوا بسفك دما العراقيين تمشياً مع توجيهات محيطهم العروبي’ الضاغط بدوره على الجانب الأمريكي’ وبعد ان هزمهم العراقيون في المواجهة الأولى وانجزوا انتخابات 30/01/2005 ’ شاركوا في صياغة الدستور بغية تجييره لصالح مشروعهم او اسقاطه على الأقل’ فكانت النتيجة هزيمتهم ايضاً’ فقرروا الأشتراك بقوة في العملية السياسية وانتخابات 15/12/2005 نزولاً عند توصيات ووعود امريكية واقليمية’ فاقفلوا مدن نفوذهم الطائفي العنصري وراهنوا على افتراض اكثريتهم في بغداد وضواحيها وتوقعوا الحصول على اكثر من 45% من مقاعد المجلس الوطني فأوعزوا الى مقاومتهم غير الشريفة اطلاقاً ان توقف اعمال التفخيخ والتفجير والقتل العشوائي كهدنة موقتة حتى نهاية العملية الأنتخابية واعلان النتائج ’ فجاءت النتجة على غير ما توقعوا’ وادركوا في نهاية الأمر حجمهم الحقيقي’ كذلك ادركوا علمانيي وليبراليي البعث الأمريكي ان الشعب العراقي يمبز ما بين السيء والأسواء’ ويحسن الأختيار ما بين اهون الشرين’ ومتى سيكون مردود اصواته اقل خسارة وفداحة على حاضره واقل عثرات في طريقه’ وما يثير الأستغراب ان الذين كانوا يدينون نهج المحاصصات والتوافقات الطائفية والقومية قبل ان يحصدوا مرارة هزيمتهم’ وعدم ادراكهم القيمة السياسية والمعنوية لدور المعارضة’ اخذوا يدعون الى نهج المحاصصة وتجاهل الأستحقاق الأنتخابي وارادة الناس عبر شروطهم في حكومة الوحدة الوطنية’ واخذوا يتكالبون للأشتراك في الحكومة القادمة ورفع سقف حصتهم الى الحد الذي لم يبق فيه اية معارضة داخل المجلس الوطني القادم وهذا ما لم يحدث في جميع ديموقراطيات العالم’ وكالعادة كان الدم العراقي تحت الطلب والعنصر الأهم في وسائل ضغطهم على الأخرين فكان شعارهم ( اسفك الدم العراقي .. ثم فاوض ) . ان انبثاق تشكيلة ــ مرام ــ مثلاً والمطالبة بلا استحقاق بوزارات سيادية وبشكل خاص الداخلية الدفاع والملفات الأمنية’ نوايا مكشوفة الخلفيات’ الى جانب الضغوط الأمريكية عبر مغازلة الواجهات البعثية المسلحة ( المقاومة ) وتحريك اوراقهم ورموزهم داخل العملية السياسية والتدخلات الأقليمية والأيعاز الى زمر الملثمين والمفخخين والأنتحاريين الى مزيد من الدم العراقي’تطرح شروط عودة الجيش العراقي البعثي السابق بكامل اجهزته ورموزه التآمرية ’ والغاء قانون اجتثاث البعث وعودة العراق الى حاضنته العروبية تماماً كما كان وتغيير مواد الدستور والتغلغل عبر الوزارات السيادية والأجهزة الأمنية الى كيان الدولة واغلب المؤسسات الحكومية بغية التهيئة الكاملة الى مرحلة ما بعد انسحاب القوات المتعددة الجنسيات من العراق ليصبح الأمر جاهزاً لأعلان البيان الأول للجمهورية الثالثة للأقلية الطائفية العنصرية . تلك هي اهداف ديموقراطية المقاطعون للعملية السياسية سابقاً والمشاركون فيها لاحقاً ... ديموقراطية الملثمون والمفخخين والذباحين ومستأجري البهائم الأنتحارية والمتاجرين بضحايا عمليات خطف الأبرياء .. هؤلا هم البيئة الأسواء في تاريخ العراق الحديث ’ اوبئة الأنتكاسة والدمار والعار المعيب’ نفايات لا يمكن ان يكون في الوطن الجميل مكاناً لها . اي خطاءً فادحاً يرتكبوه الذين يعبدون الطريق لهؤلا القتلة نحو الأذاعة لأعلان بيان جمهورية الموت الثالثة , قذرة وجاحدة تلك الأيادي التي تصافحهم وتساومهم على ثقة وارادة ابناء الوطن’ لا يستحق قدسية الصوت الأنتخابي هذا الذي يراهم على غير حقيقتهم ويقيمهم خارج حجمهم ويمسح سيماء الخيانة والغدر والجريمة عن وجوههم المدانة’ سافل هذا الذي يرفع عن اعناقهم دَين ضحايا الأنفال وحلبجة والأنتفاضة الشعبانية والدجيل والفيليين وعرب الأهوار والمقابر الجماعية ’ ساذج او متجاهل هذا الذي لايفرق بين اهلنا في المناطق الغربية وبين الزمر البعثية والسلفية التكفيرية التي فُرضت عليهم وسلبت ارادتهم ولم يساعد على تحريرهم بعد قطع خيوط الفتنته من جانبه ويمد لهم يد المحبة والأخاء والتسامح والشراكة المصيرية في الوطن . زمر تطبعت على الخيانة و الغدر والقتل والخطف والذبح والأغتصاب ’ غارقة بمستنقع عيوبها’ ان محاولة علاج امرها دخلت حيز المستحيل . أليس من الظروري والأصلح حجزها بعيداً عن الجسد العراقي... ؟ داخل اسوار قرب حدود الجوار العروبي’ تفتح ابوابها فقط بأتجاه امتداداتها ومنابعها العنصرية والطائفية’ اليس من المغالطة الفجة التعامل مع تلك الزمر الموبؤة كأطراف عراقية داخل العملية السياسية’ تساهم في صياغة او تعديل دستور البلاد وتشترك في بناء التجربة الديموقراطية ... ؟ ضحك على ذقون من هذا القفز على الحقائق واللعب فوق جروح الوطن واهله ... ؟ من خول الآخرين الخلط بين ديموقراطية الناس وتحررهم من اثار ازمنة الأنظمة الشمولية وبين ديموقراطية العودة الى المربع المآساوي لجمهورية بيان رقم ــ 1 ــ . بالتأكيد سيلتقي الفرقاء ’ ويتصافح الطائفي مع الطائفي’ ويتعانق العنصري مع العنصري’ ويرفعوا كؤوس نصرهم المشترك بعد التخمة من الكعكــة العراقية’ وتفتح صفحات جديدة للتضليل والخداع واستغفال الناس والألتفاف على اهداف حاضرهم ومستقبلهم . اقولها مخضبة بنزيف العراق والعراقيين ’ كل شي في العراق جميلاً .. الأنسان ’ النفوس والأرادة’ النخيل والنهرين ’ الجغرافية والتاريخ والعمق الحضاري ’ الثقافة والفنون والوعي والتراكم المعرفي’ الطيبة والكرم’ التراث المشترك الذي نسجته مخيلة حميع ابناء الطيف العراقي ’ كل شي في العراق جميلاً الا السياسيين ’ نقطة القبح في التاريخ العراقي .. العاهة المخجلة التي لازمته الى يومنا هذا ’ القيود التي كبلت ارادته والعثرات القاتلة في طريق مستقبله . انا واثق ’ ان ابناء العراق سيغسلون الطلعة البهية لوطنهم ويزيلون البقع المخجلة عن جمال وجهه . انه حلمهم القادم من مقبرة واقعهم الراهن .
#حسن_حاتم_المذكور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحزب الشيوعي العراقي: نصيحة ومودةٌ.
-
الفيحاء : نجمة في ليل محنتنا
-
اعترافات عراقيي الخارج
-
حصار الأحتلال والموت والقوائم الفائزة
-
من يزرع الحزن .. يحصد اللعنة
-
هل من شك ... ؟
-
شكراً للرئيس مام جلال
-
الأرادة الأمريكية وعبثها في الحالة العراقية
-
مرام : قطارٌ للكذب والرصاص
-
دعونا نفرح بأنجازاتنا
-
هاكم ثقتنا ... اين وعودكم ... ؟
-
العراق ينتخب العراق
-
الجادرية هلاهل في عرس بعثي
-
الرفيق ابو داوّد اهكذا سنمضي الى ما نريد ؟
-
اشكالية الجالية العراقية في الخارج
-
تفجيرات انتخابية
-
هكذا يسترجع البعث جمهوريته الثالثة
-
هكذا تكون المواقف الوطنية
-
الأنتخابات القادمة: لن تكون موجة لصعود التآمر البعثي
-
البعث : وجهان لعملة الخيانة الوطنية
المزيد.....
-
هذا الهيكل الروبوتي يساعد السياح الصينيين على تسلق أصعب جبل
...
-
في أمريكا.. قصة رومانسية تجمع بين بلدتين تحملان اسم -روميو-
...
-
الكويت.. وزارة الداخلية تعلن ضبط مواطن ومصريين وصيني وتكشف م
...
-
البطريرك الراعي: لبنان مجتمع قبل أن يكون دولة
-
الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تقدمها على جميع المحاور
-
السيسي والأمير الحسين يؤكدان أهمية الإسراع في إعادة إعمار غز
...
-
دراسة تكشف عن فائدة غير متوقعة للقيلولة
-
ترامب يحرر شحنة ضخمة من القنابل الثقيلة لإسرائيل عطّلها بايد
...
-
تسجيل هزة أرضية بقوة 5.9 درجة قبالة الكوريل الروسية
-
مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة الفلسطينية بقصف إسرائيلي لرفح
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|