أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلمان رشيد محمد الهلالي - ظاهرة السادة في المجتمع العراقي (القسم الثاني)















المزيد.....


ظاهرة السادة في المجتمع العراقي (القسم الثاني)


سلمان رشيد محمد الهلالي

الحوار المتمدن-العدد: 5555 - 2017 / 6 / 18 - 11:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



والسؤال الذي يطرح نفسه : هل ان جميع انساب السادة العلويين ترجع الى الامام علي حقيقة ؟ الجواب هو النفي , فكثير من العوائل غير العلوية انضمت الى سلسلة النسب العلوي بدافع المكانة والتقدير الاجتماعي وراس المال الرمزي . وقد عاصرنا في حياتنا القصيرة نسبيا انضمام بعض العشائر او العوائل او الافراد المتفرقين الى صف السادة العلويين , وقد حصل هذا بافراط في عقد التسعينات بعد انبعاث الروح العشائرية , وتطور الامر بصورة كبيرة بعد سقوط النظام البعثي الحاكم عام 2003 من خلال دفع الاموال لبعض النسابيين المرتزقة الذين يصطنعون فروعا في مشجرات العلويين , الا انها لاتخفي على اهل الاختصاص من النسابيين المعروفين والباحثين المتمرسين , حتى وصل الحال بالمرجع الديني السيد علي السيستاني الى اعطاء فتوى تحريم الانتساب للبيت العلوي دون ادلة ناهضة او معتبرة , واعتبر مبدا الشياع والشهرة هو الحكم في معرفتهم , ولكن في الاجمال ان انساب السادة العلويين هى اصح الانساب العربية بالقياس الى غيرهم (وفق المعايير العربية وليس الموضوعية والعلمية), والسبب هو اعدادهم القليلة نسبيا في المجتمعات الاسلامية , لانهم اقرب الى العوائل منهم الى العشيرة او القبيلة . والثاني هو الكتب والمخطوطات الكثيرة التي ادرجت مشجراتهم وانسابهم وتذكر في مكل مرحلة تاريخية عوائلهم وفروعهم والاحداث التي مرت عليهم . والثالث وجود نقابة العلويين او الهاشميين في العصور الاسلامية الاولى التي كانت تحفظ اسمائهم وتمنع الدخول في انسابهم . فقد ذكرت احدى المصنفات التاريخية (ان دائرة خاصة انشات لرصد العلويين من آل أبي طالب اطلق عليها نقابة الطالبيين مهمتها التنقيب عن أصالة من يدعي السيادة والبحث في الأماراة والقرائن المتواجدة لديهم ، وذلك في سنة 251 هـ من العصر العباسي بعد موافقة الخليفة المستعين بالله ، وعين السيد المحدث الكوفي حسين بن احمد بن محمد بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد بن الامام السجاد اول نقيبا لها , وأخذت طابعاً رسمياً كهيئة حكومية في الخلافة العباسية. تقوم بتثبيت وتسجيل اسماء السادة، وتخصيص الأموال الشرعية لهم ليدبّروا بها معيشتهم) .
يعتقد البعض ان مفردة سيد التي تطلق على العلوين جاءت من خلال الحديث النبوي (الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة) واعتقد ان هذا التخريج ضعيف , لانه في الاصل لم يطلق على السادة العلويين في عصر الائمة . وان من أوائل من حمل لقب «السَّيِّد» من آل علي هو معاذ بن داود بن محمد بن عمر بن الحسن بن علي بن أبي طالب المتوفي سنة (295هـ) في الشاهد الحجري الذي على قبره (السَّيِّد الشَّرِيف معاذ بن داود) , الا أنه من غير المؤكد كيف ومتى بدأ إستخدام مفردة "السيد" بمعناها الإصطلاحي في ذرية الرسول ، لكن هناك وثائق تدلنا على وفرة استعمالها في القرن السادس الهجري - فكانت تأتي قبل أسماء العلماء في ذلك العهد - لكن عوضاً عن ذلك استعمل مفردة الشريف ، ( انظر تسمية الشريف المرتضى و الشريف الرضي) , ومنه ما جاء في رواية عنوان البصري عندما كان يحاول الحضور عند الإمام جعفر الصادق (...فقال ما حاجتك قلت: السلام على الشريف) . كما أن استعمال لفظ "السيد" لم يكن بمفرده مرسوماً حينذاك , فاقترن بلفظ "الشريف" فيلاحظ في آثارهم استعمال عبارة "السيد الشريف". على المنتسبون إلى الرسول محمد من ذرية الامام علي ، وكانوا يلقبون في الحجاز بـ"الشريف" . وذكر مؤلف كتاب (تاريخ قم) المصطلح نفسه . كما استعمل ابن حوقل المعاصر لمؤلف تاريخ قم مصطلح "السادة" لآل أبي طالب. وقد استشرى مصطلح "السيد" في الأوساط الشيعية بصورة عامة، بينما استخدم لفظ "الشريف" من قبل اهل السنة في المغرب والحجاز للتمايز بين أولاد الحسن عن أولاد الحسين الذين يحملون لقب "السيد" . وذكر جلال الدين السيوطي في رسالته الزينبية (ان اسم الشريف يطلق في الصدر الاول على كل واحد من اهل البيت (ويقصد بني هاشم) سواء اكان حسنيا او حسينيا ام حنفيا او جعفريا من ذرية جعفر بن ابي طالب او عقيليا من ذرية اخيه عقيل او عباسيا من ذرية العباس من عبد المطلب , ولهذا نجد تاريخ الحافظ الذهبي يذكر في التراجم الشريف العقيلي والشريف العباسي والشريف الجعفري والشريف الزينبي , فلما ولى الفاطميون الخلافة بمصر حصروا اسم الشريف على ذرية الحسن والحسين فقط ) . واعتقد بانه خلال تلك المرحلة كانت مفردة الشريف تطلق على النخبة الدينية والثقافية من العلويين , فيما تطلق مفردة السيد عل العامة , الا انه ومع مرور الزمن الغيت مفردة الشريف , ومن حسن حظ السادة العلويين انهاء الغيت , والا لو كانت بقيت حتى الان لقال الطائفيون ومن يتبعهم من المخصيين انظروا (ان العلويين يدعون انهم اشراف وباقي عوام الشيعة غير اشراف !!) .
اشاع اولئك الكتاب ايضا ان وجود السادة ونفوذهم هو ظاهرة شيعية فقط , وان استغلال النسب لاغراض سياسية واجتماعية – على صحة وجودها - انما هى مقتصرة على المجتمع الشيعي فحسب , وليس لها وجود عند اهل السنة . فيما ان الواقع خلاف ذلك تماما , فنظرة سريعة على اسماء العؤائل والرؤساء والملوك في الدول العربية تجد ان الانتساب الى البيت العلوي (او الادعاء بذلك) رائجا في تلك الدول والمجتمعات العربية السنية , وبالطبع لايكون لهذا الانتساب معنى او هدف ان لم يكن المجتمع يقدس هذه الاسماء والعناويين , فحكام المغرب (العائلة المالكة حاليا) والاردن (العائلة المالكة حاليا ) وليبيا (العائلة السنوسية المالكة سابقا والقذافي لاحقا) والسودان (العائلة المهدية سابقا) والعراق (العائلة المالكة سابقا والبكر وصدام لاحقا) كلهم ارجعوا اصولهم للبيت العلوي , بل ان هذه الظاهرة تبرز بوضوح عند اهل السنة في العراق من حيث الكثرة العددية للسادة العلويين اولا والتاثير السياسي والاختراق الحكومي ثانيا , لكنها في المجمل تضعف في الجانب الديني الطقوسي لسبب بسيط , هو عدم حاجة اهل السنة للدين اصلا , لان السلطة هى دينهم ودنياهم , بل انها اخذت مقام الدين او حلت محله , فالشيعي عندما تواجهه اشكالية معينة او ضائقة مالية او مصيبة مستعصية او مرض لاشقاء منه فانه يلجا الى الدين او الله لاازالة تلك المصائب , وبالطبع ان الله - بحسب التدين المدني والريفي المستقر – له وساطات وطرق حتى تصل اليه , وليس مباشرة كما هو سائد في التدين البدوي البسيط , وهؤلاء الوسطاء هم اهل البيت والائمة المعصومين كخط اول وذرياتهم الاحياء واحفادهم الاموات من اصحاب المقامات كخط ثان . فيما ان السنة لايحتاجون الى تلك الوسائط , ليس لان النمط البدوي الديني قد يشكل انماطا عليا مازالت راسخة في نظامهم الثقافي والاسلامي فحسب , بل لان السلطة التي يلجئون اليها بحكم النسق القرابي والقبلي والطائفي كفيلة بحل تلك الاشكالات والمصاعب التي تواجههم في الحياة . وسبق ان ذكر هذا المعنى الكاتب العراقي حسن العلوي عندما قال (ان الشيعي يذهب للامام الكاظم من اجل خلاص معاملته في بغداد فيما ان السني يذهب لمولود مخلص) (شخصية سنية حكومية متنفذه) .
واما في موضوعة النسبة العددية تجد ادعاءات النسب العلوي عند اهل السنة في العراق اكثر مما هو عند الشيعة بكثير , الا انهم لايعرفون امام الملا بهذه الخاصية , لعدم اطلاق مفردة (مولاي) عليهم عند المناداة , او انعدام الدلالات الرمزية الاخرى التي يحملها السادة عادة في المجتمع الشيعي كالعمامة السوداء عند رجال الدين او طلبة العلم الحوزوي او الحزام الاخضر او اليشماغ الاسود وغيرها . فاذا راجعنا كتب الانساب العلوية عند اهل السنة نجد ان النسبة العددية تتجاوز ال (8%) من العدد الاجمالي للسكان , فيما تبلغ النسبة عند الوسط الشيعي الاجتماعي بين 2 – 4 % من العدد الاجمالي , ويمكن لاي انسان التاكد من خلال استقصاء النسبة او العدد في مدرسته او صفه او كليته او شارعه او في مدينته او غير ذلك , علما ان العديد من الكتاب الطائفيون ومن اجل ترسيخ نزعة التشكيك في انساب العلويين قالوا ان نسبة السادة في المجتمع الشيعي تصل الى 25% من عدد السكان , وهى اكذوبة ظاهرة يدحضها الواقع الذي ذكرناه . واذا اطلعنا على كتاب يونس الشيخ ابراهيم السامرائي (القبائل والبيوتات الهاشمية في العراق) الصادر ابان الحقبة البعثية عام 1986 لوجدنا انه جعل معظم البيوتات والقبائل السنية في العراق هى من السادة العلويين , ونذكر بهذا الصدد ( الكيلاني والاعرجي والواعظ والحيدري والالوسي والتتار والهاشمي والوتري والانكلري والمدرس والقاضي والنعيمي والرفاعية (ال بو مليس وال بو ناصر(منهم البكر وصدام) وال شيخ خلف وال شيخ كمر وال ملا حويش وال مصطفى الخليل وال الطبقجلي وال رجب الراوي وال نامس وال عيسى) والحديديون والصميدع والحيالون وال شوكة والقصاب والقلمجي والبدري والسوامرة (منهم زعيم داعش الخليفة ابو بكر البغدادي) والجوعاني والمواشط والسعدون والمراسمة (المرسوميين) والعيثاويين والمشاهدة والبريفكانيون والبدران وال العابد والبرزنجية والشمولية والبيخال والنقشبندي والجبارية والطالباني والداودية والرجيبات وغيرهم ) وهذا الانتساب هو بالطبع ماادعى به هؤلاء , لان معيار النسب عند اهل السنة هو غيره عند الشيعة , فكثير من الباحثين والنسابين المعروفين عند الشيعة لايعترفون بصحة تلك الانساب وانتمائها للبيت العلوي , بل ان النقد والتشكيك جاء حتى من قبل الباحثين والمؤرخين السنة انفسهم , ويبدو ان هذه الكثرة العددية هى التي جعلت البعض يطلق الراي الشعبوي الظريف الذي يقول (ان كل واحد يولد ليلة الجمعة من اهل السنة يكون سيد !!) .
وقد اشير الى شكوك في صحة نسب العدد الاكبر من السادة السنة وحتى المعروفين منهم . فقد ذكر بان ال الكيلاني المنتسبين الى المتصوف المعروف الشيخ عبد القادر الكيلاني الذين كانوا نقباء اشراف بغداد لمدة تزيد على اربعة قرون (1531-1962) لم يستطيعوا الهرب من توجيه الاتهام اليهم ، بانهم زوروا شجرة نسب عائلتهم على اعتبار ان الشيخ الكيلاني لم يعلن نسبه العلوي في حياته , ومن اعلن ذلك هو احفاده من بعده , ( اصله من كيلان غرب في ايران وكان يطلق عليه مرقد العجمي ). وحصل هذا التشكيك نفسه في شجرة ال سعدون - الذين ادعوا النسب العلوي ايضا - من قبل يعقوب سركيس وعماد عبد السلام رؤوف وعباس العزاوي والنسابة ضامن ابن شدقم الحسيني وغيرهم ، الذين اكدا وجود خلل ونقص في بعض حلقات النسب ، حتى ان الباحث المعروف يعقوب سركيس جعلهم حسينيون ثم عدل لاحقا وقال انهم حسنيون . كما حصل نسب السادة الرفاعية نسبة الى الشيخ المتصوف المعروف احمد الرفاعي المولود في المغرب والمتوفي في محافظة العمارة في العراق الذي يرجع اليه بالنسب الشخصية المتنفذة في البصرة طالب النقيب (وعشيرة ال بو ناصر) على طعن لافت من اغلبية الباحثين والمؤرخين , اهمهم محمود شكري الالوسي وابي الهدى الصيادي والدكتورة نوالة ناظم محمود , وذكروا ان الشيخ الرفاعي لم يذكر نسبه العلوي في حياته وانما ادعى ذلك احفاده من بعده , كما لم يذكر علويته الشعراني في كتابه (الطبقات الشافعية الكبرى) والسبكي في كتابه (طبقات الشافعية الكبرى) عندما ترجموا لسيرة حياته .
واما في المسار السياسي الحديث , فان للسادة السنة في العراق دورا اكبر من السادة الشيعة في المناصب والنفوذ والجاه , وهذا يرجع الى ماقامت به الدولة العثمانية من التقرب لهم واصطفائهم عن باقي العراقيين . فقد قدمت سياسة الجامعة الاسلامية – كما اكد حنا بطاطو - التي تبناها السلطان عبد الحميد الثاني (1876-1909) خدمات جليلة لافراد عوائل السادة السنية في العراق ، من اجل الاستفادة منهم في دعم الهيبة الروحية للخليفه العثماني . وكانت محصلة ذلك هو تغيير اوضاعها الاجتماعية والاقتصادية بدرجه مؤثره , فقد اعفى السلطان عبد الحميد عائلة الكيلاني من التجنيد العسكري , كما اعاد الاشراف على مدرسة مرجان واوقافها في سنة 1882 الى نعمان خير الدين الالوسي . فيما تعزز موقف ال الجميل من العهد الجديد , وتقلد محمد عبد الغني جميل وظائف مهمه في الدولة ، وقد استغلتا عائلتا الكيلاني وال الجميل علاقاتهما القوية بالحكومه في توسيع ملكياتهما الزراعية بضواحي بغداد وديالى وكربلاء ، كما اصدر السلطان امرا اخر يقضي بتخصيص قسم من ربع العشر على اراضي الدوله للاوقاف القادرية التي يشرف عليها نقيب الاشراف . فيما لم يكن حال عائلة النقيب في البصره يختلف كثيرا . فقد كانت تملك قبل الحرب العالمية الاولى نحو (200) قارب، وعقارات زراعية غنيه على ضفتي شط العرب معفاة من الضرائب ، وكذلك ال البرزنجي الذين ادعوا النسب الموسوي ، فقد تمتعوا بالحماية المباشرة من السلطان عبد الحميد مما اكسبهم المكانة الخاصة والقدر الكبير من النفوذ السياسي ، ليس في السليمانية فحسب وانما في ولاية الموصل قاطبة .
واما منصب المفتي ابان الحكم العثماني في العراق , فقد كان حكرا على السادة السنة وكان اولهم السيد عبد الله امين ثم احمد الطبقجلي وعبد الفتاح المفتي واسماعيل المفتي ومحمد اسعد الحيدري واخاه عبد الله الحيدري وعبد الغني جميل ومحمد سعيد الطبقجلي ثم ابو الثناء الالوسي الذي استمر بهذا المنصب خمسة عشر عاما تقريبا , وفقده - حسب قوله - بسبب وشايات البعض للوالي نجيب باشا في بغداد , حتى ساءت احواله المادية اضطره الى رفع شكوى للسلطات العليا في اسلامبول , الا ان جواب وزير المالية (ان وسائل عيش العلماء المحتاجين تكون في السماء وليس في الخزانة العامة) جعله في موضع الياس من العودة للمنصب واعادة الاوقاف المرجانية التي سحبت منه .
بعد ثورة الاتحاديين عام 1908 واقرار الدستور العثماني وعزل السلطان عبد الحميد الثاني، تعرضت مكانة العوائل العلوية السنية المتنفذة الى الاهتزاز، بعد اعلان مبدأ المساواة بين رعايا الدولة وعزم الاتحاديين الغاء الحصانة او الاعفاء الضريبي على اراضي واملاك السادة ، ورغبتهم في ايلاء المناصب الادارية والمالية على ضوء كفاءة الافراد ، وليس النفوذ المحلي او الثروة او النسب ، وهذه المخاوف هي التي ساهمت في انضمام الكثير من العوائل السنية من الاشراف الى الجمعيات والمنظمات التي اخذت تطالب باللامركزية الادارية او الاستقلال الذاتي عن الدولة العثمانية امثال : طالب النقيب وعبد الله باش اعيان من البصرة ، ويوسف السويدي وكامل الطبقجلي وعبد الرحمن الحيدري وعبد الرحمن الكيلاني في بغداد ، وعبد الغني النقيب ومحمد الفخري في الموصل ، وعلى ضوء هذا يتوجب النظر الى مطالبة السادة الاشراف بالحكم الذاتي في العراق على انها ذات دعوات شخصية اكثر من النظر على انها تعبر عن مشاعر قومية صادقة او ذات توجهات وطنية اصلية .
بعد الاحتلال البريطاني للعراق عام 1914 واجه السادة السنه تحد اكبر لمكانتهم الاجتماعية وامتيازاتهم الاقتصادية، فبالرغم من اظهار البريطانيين استعدادهم للحفاظ على نفوذ الطبقات الاجتماعية القديمة والتقليدية كالشيوخ والسادة والاغوات والباشوات، الا ان افكارهم الجديدة والعصرية والنشاط الاقتصادي المتطور الذي اخذوا يمارسونه في العراق ، كانت امورا تضعف بطريقة غير مباشرة او مرئية النظام الاجتماعي القديم ، بمعنى ان هذه التاثيرات والاجراءات تشكل خطرا على المدى البعيد لفئة السادة وليس على المدى القريب او المنظور ، ومن اجل ذلك تعاملت بعض عوائل السادة المتنفذة مع البريطانيين بايجابية من اجل الحفاظ وترسيخ المصالح الشخصية والعائلية . فقد اكد نقيب الاشراف في بغداد عبد الرحمن الكيلاني للمس بيل (انني اعترف بانتصاراتكم ، وعندما أُسأل عن رايي في استمرار الحكم البريطاني أجيب : اني تابع للمنتصر). فيما اعلن طالب النقيب في البصرة صراحة تاييده للانتداب البريطاني على البلاد ، وهو الامر او المسار نفسه الذي اتخذه في الموصل الاشراف الرئيسيين ، والمعبر عن دعمهم واخلاصهم للنظام والحكومة .
خلال مرحلة الانتداب البريطاني بين عامي 1920-1932 حقق السادة السنة مكاسب سياسية لافتة ، فقد خص السادة بـ (9) من اصل (13) لمنصب رئاسة الوزراء في البلاد . ومن (35) من اصل (113) مقعدا وزاريا ، اي ان حصتهم بالحكومات المتعاقبة خلال هذه المرحلة كانت اكبر من حصة اي شريحة اجتماعية عراقية اخرى دون استثناء، بما في ذلك الضباط العثمانيون – الشريفيون السابقون المقربون جدا من الملك فيصل والبريطانيين - الا اننا نجد ان حصة السادة السنة قد تراجعت تدريجيا بعد حصول العراق على الاستقلال ، لصالح اولئك الضباط ، حتى وصلت النسبة الى ادنى مستوى لها بين عامي 1947-1958 ، حيث وصلت نسبة السادة في منصب رئاسة الوزراء الى 10% فقط ، بعد ان كانت 69% خلال مرحلة الانتداب . فيما حصل تزايد في العهدين الجمهوري الاول(1958 – 1968) والثاني (1968 – 2003) لحكم السادة السنة بالمقياس الزمني , فمن خلال (45) عاما من الحكم , تسلم السادة ال بوناصر (وفق المعيار السني)(احمد حسن البكر وصدام حسين) السلطة مايقارب (35) عاما , اي مايقارب ثلاث ارباع الفترة الزمنية للعهد الجمهوري الاول والثاني .
واما في المسار السياسي الشيعي نجد ان من اصل (11) شخصا تسلم منصب رئاسة الوزراء في العهدين الملكي (1921- 1958) والجمهوري (الاول والثاني) (1958- 2003) والعهد الديمقراطي (2003- 2017) , تسلم اثنان فقط من السادة العلويين هذا المنصب , وهما محمد الصدر وابراهيم الجعفري (مدة سنة ونصف فقط) , فيما استحوذ مايطلق عليهم العوام باقي المنصب وهم (صالح جبر ومحمد فاضل الجمالي وعبد الوهاب مرجان وناجي طالب وسعدون حمادي ومحمد حمزة الزبيدي واياد علاوي ونوري المالكي وحيدر العبادي) . وبعد عام 2003 - الذي يطلق عليه البعض حكم السادة - فان من مجموع خمسة عشر عضوا من مجلس الحكم الذي عينوا عام 2003 ليمثلوا المجتمع الشيعي كان عدد السادة ثلاث فقط , وفي مسار رئاسة الوزراء انتخب سيد واحد وهو ابراهيم الجعفري مدة سنة واحدة فقط من مجموع اثنى عشر عام (2005 – 2017)(زمن كتابة المقالة) واربع رؤساء وزراء , واما في مجال المحافظات الشيعية العشرة (مع العاصمة بغداد) فانه لم ينتخب سيد واحد كمحافظ خلال ثلاث دورات انتخابية ومن مجموع ثلاثين محافظا. وكذا الامر مع الوزارات بعد 2003 فمن مجموع خمسة عشر وزيرا في وزارة مجلس الحكم (2003 – 2004) كان عدد الساة من الشيعة اثنان فقط . وفي وزارة اياد علاوي التي تشكلت عام 2004 بلغ عدد الوزراء السادة الشيعة ثلاثة فقط من مجموع (31) وزيرا . وفي وزارة ابراهيم الجعفري التي تشكلت عام 2005 بلغ عدد الوزراء السادة الشيعة ثلاثة ايضا من مجموع (33) وزيرا . وفي وزارة المالكي الاولى التي تشكلت عام 2006 بلغ عدد الوزراء من السادة الشيعة ثلاثة فقط من مجموع (35) وزيرا .



#سلمان_رشيد_محمد_الهلالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظاهرة السادة في المجتمع العراقي (القسم الاول)
- لماذا ظهر الارهاب عند اهل السنة فقط ؟ ( مقاربة جديدة )
- المركزية الغربية والمركزية السنية
- العامليون الاسلاميون والعلمانيون الذين درسوا في العراق في ال ...
- هل العراقيون اذكياء ؟؟؟
- في ذكرى الشهيد الحلاج ..
- الصحافة الايديولوجية في العراق (قراءة في صحيفة صوت الطليعة ا ...
- الماسونية في منظور علي الوردي
- هل تاثر علي الوردي بالشيخ علي الشرقي ؟؟
- تاريخ الصحافة في الناصرية : ( قراءة في صحيفة صوت الجماهير )
- تجليات الوعي السياسي في الناصرية
- الدولة العراقية التي لاعصبة لها ...
- الموارد الثقافية - الليبرالية لمشروع علي الوردي
- الموروث الافندي عند الانتلجنسيا العراقية
- المصالحة مع الموت عند العراقيين ..
- المنظر الليبرالي عبد الفتاح ابراهيم في الناصرية
- حتمية التنوير الاسلامي
- حسن العلوي (الظاهرة التي سقطت)
- تطور مفهوم الوطنية في العراق (القسم الخامس والاخير)
- تطور مفهوم الوطنية في العراق (القسم الثالث)


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلمان رشيد محمد الهلالي - ظاهرة السادة في المجتمع العراقي (القسم الثاني)