|
تحالف المفكر وراعي البقر، والتحكم بشعوب العالم
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 5545 - 2017 / 6 / 8 - 02:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم تكن رعاية البقر في المكسيك قبل 1865 م ، كما هو متعارف عليها اليوم ، عالمياً ، تحت اسم الكاوبوي ، بل ، كانت تقتصر على أشخاص ، مهنتهم تربية الأبقار ورعايتها وتطبيبها ونقلها من مدينة إلى أخرى ، بالطبع ، قبل ظهور القطار الحديدي الذي وفر على الاقطاعيين أموال ، كانت تدفع لعدد كبير من الرُعاة ، لكن الأمر تبدل كلياً ، عندما دخل الرجل الأبيض إلى شمال القارة الأمريكية ، سرعان ما إبتكر شخصية الكاوبوي ، التى عبرت في مضمونها، عن القوة والإقطاع والتجارة ، وهذه المهنة ، كان لا بدّ لها من اعطائها مزيج من الشخصيات المختلفة ، في ظل أرض شاسعة ، ينتشر فيها ، قاطع الطريق والانقسام الأهلي ، والحروب، الذي سمح لرجل الكاوبوي ، التنقل بين شخصيات متعددة ، احياناً ، شرطي وتاجر وعشيق وبيطري وقاتل ، تماماً ، كما يشير تاريخ رجل الكاوبوي ، في المقابل ، لم يتقبل الرجل الأبيض تذوق البقر المكسيكي ، فابتكر تهجين بين الأبقار الأوروبية والمكسيكية ، فأصبح للأمريكي الشمالي ، بقرته الخاصة ، وهذا ينطبق على كل شيء في الولايات المتحدة الأمريكية ، لهذا ، كل الأشياء في الولايات المتحدة ، بحجم كبير ، وذلك بسبب ، الدمج والتهجين . تأسست الولايات المتحدة الأمريكية ، في ظروف شائكة وصعبة للغاية ، مساحات كبيرة ، حملة مشاريع وأفكار مختلفة ، لكن ، منذ التأسيس الدولة ، ظَهَر تحالف ، ومازال يتطور ، بين رعاة البقر، المصلحة الأكثر غناءً ورواجاً ، وبين جملة مفكرين ، الذين رأوْا في أمريكا ، الخلاص ، من جحيم أوروبا ، حسب اعتقادي ، لم يكن لأصحاب الفكر ، مفر سوى الرضوخ إلى هذا التحالف ، وبالفعل ، تطور منذ ذاك اليوم ، فأصبح لراعي البقر ، دوراً في التجارة والسياسة والقانون ، واستمرا المفكر، بالإختفاء خلف الدولة العميقة ، وتحت مسميات مختلفة ، يخطط من أجل تحويل دولته البعيدة جغرافياً إلى امبراطورية ، التى أصبحت قوة تسيطر وتهيمن على العالم ، بالطبع السينما ، كان لها الدور الكبير في تجميل وترويج راعي البقر ، وقد لعب دور الكاوبوي ، بجدارة ، اثنين ، جون واين وكلينت استوود ، البارع ، خلاصة ، فكرة هذا التحالف ، المال أساس كل شيء ، من أجل حفنة من المال ، تتغير الضمائر والسياسة والعلاقات، ويتحول العدو إلى صديق والصديق إلى عدو، بل ، هناك ميزان ، من يدفع أكثر، سترجح الكفة إليه ، بالتأكيد ، ليس المال فقط ، يحدد الأمر ، بل ، حجم وتأثير البلد وإمكانياتها المالية .
ولكي نكون أكثر دقة ، هنا مهمة المفكر في هذا التحالف ، ضبط إيقاع الراعي ، الذي تطور وأصبح سياسي ورئيس ، لكن المفكر ، رغم درايته العميقة ، حول تطور الراعي ، الا أنه ، وبشكل مقصود ، حافظ على بنيويته التى تشكلت منذ البداية ، بين القساوة والشهوة والشهرة ، وتركه ينتقل بسلاسة ، وهذا يفسر سُلوك بوش الابن المفضوح ، وترمب الأكثر افتضاحاً ، فهؤلاء، نتاج ثقافي للأوائل ، فالإدارة الأولى للولايات الأمريكية ، قامت بالأصل ، على الإبادات الجماعية وقوة الفرد وليس المجتمع ، الذي يكثر فيه الجريمة والرهاب ، لهذا ، من طباعها وسلوكها ، الأساسي ، عقد الصفقات ، وحسب سلوك الإدارات الأمريكية ، تاريخياً ، وضعت العالم بين ثالثة خيارات لا رابع لهم ، أما الصفقة أو الحصار أو التدمير ، وقد تكون المملكة السعودية ، على الأخص ، والخليج عموماً ، صفقاتها تحمل نوع من النقد الدراماتيكي ، حاضر في حيّز كبير في الاعلام ومرتفع بين النقاد، لا نجده في مكان أخر ، بالرغم أن ترمب ، رئيس اليوم وابن سلالة الرعيان الأبقار ، لم يسّلم منه في هذا الكوكب أحد ، وهنا ، إذا دقق المرء قليل ، يجد أن 2 % من الناتج الخام لأوروبا، الذي طالب به من أجل إستمرار حماية أعضاء الناتو ، أكثر بكثير مما دفعته السعودية والخليج ، بما فيهم تركيا ، بل ، ما قدّمه الخليج ، ليس سوى مبلغ متواضع ، أمام ما ينوي ، أن يحصل عليه من الأوروبيين ، أو بالأحرى ، السعودية ، ستأخذ مقابل المليارات المدفوعة ، سلاح ، وستنفذ رؤيتها 20 / 30 ، في المقابل ، الأوروبي والناتو ، سيدفع من أجل الحماية فقط ، رَغْم أن أوروبا ، دول صناعية ، لكن ، الأمريكي ، لديه فزاعة يهدد بها الأوروبي ، روسيا وبوتين ، ويفرض عليها حصار وعقوبات ، تماماً ، كما هي فزاعته التى يهدد بها الخليج ، بالطبع ، إيران ، والعكس صحيح ، فقد سمح لوجود ، جماعات مسلحة سنية ، تحولت هوس ، للشيعة والمنطقة ، وصرف النظر عن جماعات أكثر اجراماً ، شيعية ، شكلت رعب لأهل السنة والأكثرية في المنطقة .
بالطبع ، من أجل الانصاف المحذوف من هذا العالم ، تشمل الهيمنة الأمريكية إيران ، لكن ، تتعامل معها الإدارة الأمريكية ، بشيء من الرخاوة ، لأنها أقلية في المنطقة ، في عهد اوباما ، نقلت إدارته ، إيران من درجة الحصار إلى الصفقات ، رضخت ايران ، إلى صفقات مماثلة التى عقدتها السعودية ، وبمبالغ أكبر بكثير ، بين هذه الصفقات ، هناك صفقة واحدة ، طائرات بوينغ ، ب 20 مليار دولار ، وتقوم إيران ببيع النفط العراقي بالسوق السوداء ، بأقل من 15 % للامريكان ، وتتغاض عن بيع النفط الكردي لإِسرائيل بأقل من 9 % ، وهناك بالطبع ، صفقات سلاح لم يعلن عنها ، قد كانت لمحة مجلة دير شبيقل حولها ، وهذا يفسر صمت الأمريكان عن جرائم الحشد الشيعي والحرس الجمهوري والمليشيات الاخرى ، الشيعية .
قد يتساءل ، قاريء هذا المقال ، من هم مفكرين الولايات المتحدة الأمريكية ، الذين أنشأوا هذا التحالف ؟، الجواب ، بسيط ، هم ذاتهم الذين دعموا ودفعوا بثورة الأنوار في أوروبا وروجوا للوجودية وساهموا في الانقسام المذهبي ، وهذا يشير ، أن أمريكا لا تتحمل ، شخص مثل الرئيس الأسبق اوباما ، لأن ، لو هذا ، ممكن له أن يكون ، كان حال الولايات الأمريكية مختلف ، بل ، لم يكن هناك داعي إنشاء أمريكا ، لكن ، اوباما غرد خارج السرب ، فالمحصلة ، ضاع بين قوة ، استخدمته بشكل كامل ، ثم رمت جميع ما اعتقد إنها إنجازات كونية ، في سلة المهملات ، نعم إنه الفلم الأمريكي الأطول ، وأخيراً ، ما عبر عنه نتنياهو عن خيبة أمله من الرئيس ترمب ، يُظهر تصريحه عن ضحالة سياسية ، رغم ، حنكية نتنياهو المشهود بها ، إلا أن ، احياناً ، الأسطورة تغلب على التكتيك ، وهذا ، ما حصل تماماً مع نتنياهو ، جنونه في تحقيق الأسطورة ، اخرجه عن التكتيك ، فالأمر في النهاية ، ليس كبير ، لأنه ، سيتراجع وسيجلس في مكانه الطبيعي ، صامت ، لأن ، عندما الكبار تخطط ، الصغار ، تستمع ، وفي سياق مختلف ، لكنه ، متصل في التشابه ، على أمير قطر ومن حوله ، قراءة المتغير واستيعابه ، قبل فوات الاوان ، لأن ، الاستمرار في ذات السلوك ، لا يعني سوى القبول بالتوريط ، لكن ، القبول بالشروط مبدئياً ومن ثم التفاوض على بعضها ، يعني السلامة .
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القوة الفكرية مقابل النارية
-
نصيحة من كاتب عربي إلى الملك محمد السادس
-
الدولة الفلسطينية بين التجميد والتحجيم
-
الضحية والنجاة
-
لماذا إبراهيم دون الآخرين .
-
مروان صباح / ابو محمود الصباح ، صلاح خلف ، محمود درويش ، ابو
...
-
الهتيف والسحيج والعريف
-
حذف الأصل لصالح الصدى .
-
هي والمرآة
-
مراجعة سياسات الاخوان المسلمين في مصر
-
بين الأدنى والأعظم ، حروب يقودها الإنسان ضد الحقيقة والمعرفة
-
التعليم والغذاء
-
إدارة ترامب منذ اللحظة الأولى تكشف عن كسلها الذهني .
-
أشباه مانديلا وجيفارا
-
الشيخ كشك وعادل إمام
-
مقارنة بين مغنيات الماضي والحاضر
-
الصحفي والطوبرجي والمقاتل
-
أسباب تراجع الهيمنة الأمريكية على العالم
-
القرن الأفريقي ، الصومال نموذج مبكّر ودائم التجدد .
-
الدولتين بين الاحتمال والمستحيل ، مخرجات مؤتمر فتح من السادس
...
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|