أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مصطفى فؤاد عبيد - فلسفة الفقه والفقه الُمقارن .. بين الشريعة والقانون!!














المزيد.....

فلسفة الفقه والفقه الُمقارن .. بين الشريعة والقانون!!


مصطفى فؤاد عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 5542 - 2017 / 6 / 5 - 09:53
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


5 حزيران - يونيو، 2017

عند التأمل في مسيرة رياضة كرة القدم العالمية يمكن ملاحظة التنوع في أساليب اللعب بين مختلف الفرق القومية للدول الكبرى مع احتفاظ كل منها بالأسلوب الذي يميزها عن غيرها من الفرق، سواء من حيث تركيزها بشكل أكبر على اللعب بأسلوب الدفاع أو الهجوم مثلاً، أو من حيث اهتمامها بالمهارات الفردية للّاعبين أو القوة والسرعة التي يتمتعون بها أو طريقة التمريرات البينية، وقد أدى هذا التميز والتفرّد في الأداء، على مر عقود من الزمن، إلى شهرة أساليب لعب تلك الفرق الكبرى وتحولها إلى مدارس كروية لكل منها فكر ورؤى وفلسفة تميزها عن غيرها من المدارس التي سُميت بأسماء تلك الدول، وباتت الفرق الأخرى، المتواضعة، تقتدي بتلك المدارس وتنتقي من أساليبها المختلفة ما يناسب قدرات وإمكانات لاعبيها المتواجدين على أرض الملعب وما يتناسب مع الظروف والمعطيات والمخاطر أو الفرص المتاحة في كل مباراة عند الحاجة.

وإذا صح لنا تقييم هذه الظاهرة، الرياضية في مظهرها والفلسفية في جوهرها، فإنه يمكن القول بأنها تُعتبر نموذجاً لفلسفة الفكر الجمعي الذي يساهم في تأسيسه مجموع الأفراد في كل مجتمع ككل وبشكل تراكمي متسلسل على مر العصور، بحيث أنها لا تُنسب لأفراد محددين في تلك المجتمعات، فلسفة ينبغي أن يُحتذى بها في مجالات أخرى عديدة نفتقد لها منذ عصور في المجتمع العربي، فالأسلوب البرازيلي في لعب كرة القدم، مثلاً، لم يُنشئه ويؤسسه لاعبون برازيليون محددون بل ساهم في إنشاءه وتأسيسه، بل واستمراراه، عدد كبير من اللاّعبين على مر أجيال عديدة متعاقبة في دولة البرازيل وانتشر واشتهر كأسلوب يمارسه فريقها القومي والفرق الرياضية المحلية فيها، هذا على الرغم من نبوغ العديد من اللاّعبين البرازيليين على مر الأجيال، وكان من الممكن أن تُسمى المدرسة البرازيلية باسم أي منهم إلاّ أن ذلك لم يحدث وظلت برازيلية!، تماماً مثلما تأسست واشتهرت مدارس كروية أخرى عديدة كالمدرسة الإيطالية والألمانية والإنجليزية.

وباستثناء النظريات والاكتشافات والاختراعات العلمية والتطبيقية التي تُنسب لأصحابها، باعتبارها تنطوي على حقوق فكرية وأدبية، فإن كل ما يرشح من فلسفة وثقافة سائدة أو حتى أسلوب حياة يميّز كل مجتمع، من مجمل النشاط الإنساني التراكمي المتشعب والمتسلسل فيه، إنما يتم تشكيله وبلورته على مر العصور بواسطة غالبية أفراده وتفاعلاتهم البينية بشكل تراكمي متعاقب على مر الأجيال، وهذا ما يفسر مسألة العادات والتقاليد التي تميز كل مجتمع، والتي تظهر وتتأسس وتتأصل فيه وتُصبح كذلك في سياق إنساني اجتماعي خفي يجري تأسيسه وتأصيله بمرور الزمن دون أن يُنسب لأفراد محددين، تماماً مثلما تتأسس وتشتهر مدارس كرة القدم!

وعند إمعان النظر في تاريخ النظم القانونية والاجتماعية ومسيرة تطورها في مختلف المجتمعات يمكن استنباط حقيقة وجود التبعية والارتباط الوثيق، ذي الاتجاهين، بين فلسفة القوانين في كل مجتمع وخصائصه وسماته المميزة، بحيث ساهم هذا الارتباط في تطوير القوانين والتشريعات في المجتمع بما يتناسب مع خصائصه من جهة، كما ساهم في تحسين وتطوير تلك الخصائص والسمات بما يتناسب مع القوانين والتشريعات التي يجري تطويرها من جهة أخرى، وقد أدى ذلك إلى تراكم الفكر الفقهي القانوني الجمعي ومن ثم ظهور مدارس فقهية قانونية تُنسب إلى تلك المجتمعات بشكل عام ولا تُنسب لأفراد محددين فيها، كالمدرسة الفرنسية والمدرسة الإنجليزية، بالرغم من نبوغ العديد من علماء وفقهاء القانون في تلك المجتمعات وإرسائهم للعديد من النظريات والرؤى الفقهية القانونية التي لاقت رواجاً عالمياً!

وعلى الصعيد الديني، فإنه يمكن ملاحظة أن دول الغرب سارت على نفس الخطى التي سارت عليها في المسألة القانونية، بحيث أنها حافظت على الارتباط الوثيق بين الفقه الديني وخصائص المجتمع والتطور الحضاري فيه، إلى الدرجة التي ربما تكون رُجحت فيها كفة الخصائص والسمات المميزة له، المادية الطابع، على حساب الدين وتعاليمه الإنسانية والروحانية، الأمر الذي أدى بهم إلى مزيد من التحرر والانفلات في جوانب عديدة، إلاّ أنه ظل ارتباطاً بالمجتمع نفسه وليس بأفراد محددين فيه، والعجيب أن هذا الأمر بدا معكوساً في المجتمعات العربية والإسلامية، بحيث ارتبط الفقه الديني على مر عصور من الزمن بأفراد محددين، اجتهدوا وقدموا كل ما بوسعهم وبكل ما أوتوا من علم في زمانهم من أجل هذه الأمة ورفعتها، بدلاً من ارتباطه بالمجتمعات، بحيث ساهم هذا الأمر في انفصال الفقه الديني عن المجتمع بشكل تراكمي على مر الأجيال، أدى في نهاية المطاف إلى نشوء فجوة تسببت في شعور الكثير من الأفراد بحالة من الاغتراب تدفعهم إما للتشدد والتعصب الديني أو إلى التحرر والانفلات، وذلك في ظل غياب الفقه الديني الوسطي المعتدل الذي ينبع من بين جنبات المجتمع ويتأثر بخصائصه المميزة له والتطور الحضاري الحادث فيه.

إن تأسيس الارتباط بين الفقه الديني والمجتمع العربي، بكل ما يميزه من خصائص وسمات محافظة شرقية الطابع، لن يؤدي فقط إلى تطوير الفقه الديني بطريقة تتناسب مع التطور الاجتماعي والحضاري الحادث فيه ومن ثم الحد من شعور أفراده بالاغتراب نتيجة غياب السند الديني المعاصر، بل سوف يؤدي كذلك إلى ضمان استمرار الحفاظ على العادات والتقاليد العربية والأخلاقيات الأصيلة الموجودة في المجتمع أصلاً بدلاً من الاتجاه للتقليد الأعمى لدول الغرب، طالما أنها أصبحت تتمتع بنوع من القدسية النسبية نتيجة ارتباطها بالدين، والذي سيصبح بدوره يعالج قضايا المجتمع المتجددة بشكل أكثر ملائمة لخصائصه العصرية وأكثر انسجاماً مع احتياجات أفراده المتنوعة.



#مصطفى_فؤاد_عبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأديان ونظم تشغيل الكمبيوتر Religions & Operating Systems
- نحو التطوير الإستراتيجي لمنظومة الاقتصاد (4) تصحيح ثقافة ترش ...
- ثنائية العالِم والمثقف العربي في العصر الحديث
- نحو التطوير الإستراتيجي للنظم القانونية (3) استقراء القاعدة ...
- نحو التطوير الإستراتيجي لمنظومة التربية والتعليم (6) مفارقة ...
- تصورات نقدية حول نظرية المؤامرة
- نحو التطوير الإستراتيجي لمنظومة التربية والتعليم(5) تعدد فتر ...
- نظريات تطوير المناهج التعليمية الحديثة (3) التطوير التفاعلي
- نظريات تطوير المناهج التعليمية الحديثة (2) المعايير العقلية ...
- نظريات تطوير المناهج التعليمية الحديثة (1) نظرية الثبات الكم ...
- نحو التطوير الإستراتيجي لمنظومة الأمن (6) نظريات الإدارة الأ ...
- نحو التطوير الإستراتيجي لمنظومة الفساد (2) درجات الفساد
- نحو التطوير الإستراتيجي لمنظومة الفساد (1) مخارج الطوارئ
- نظريات الإدارة الأمنية الإستراتيجية (5) التنسيق والتعاون الأ ...
- نحو التطوير الإستراتيجي لمنظومة التدريب والتنمية البشرية (1) ...
- نحو تطوير الفنون والثقافة الفنية والتذوق الفني – 4 تطوير الش ...
- نحو إصلاح وتطوير منظومة التعليم العالي والبحث العلمي(5) ثقاف ...
- نحو التطوير الإستراتيجي لمنظومة الأمن (4) مفارقة شخصية رجل ا ...
- أسرار التنمية الإستراتيجية الحديثة (1) مركز الثقل التنموي
- نحو التطوير الإستراتيجي لمنظومة التربية والتعليم(4) المناهج ...


المزيد.....




- سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي: ...
- أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال ...
- -أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
- متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
- الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
- الصعود النووي للصين
- الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف ...
- -وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب ...
- تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مصطفى فؤاد عبيد - فلسفة الفقه والفقه الُمقارن .. بين الشريعة والقانون!!