عبد القادر زين الدين
الحوار المتمدن-العدد: 5540 - 2017 / 6 / 3 - 10:52
المحور:
الادب والفن
تناول الناقد المغربي أحمد المجاطي في كتابه " ظاهرة الشعر الحديث " أهم التحولات التي عرفها الشعر العربي الحديث بين النكبة والنكسة، وهي الفترة التي تمرد فيها الشعراء على الثوابت الفنية التقليدية لتناسب المضامين الجديدة المتسمة بالاغتراب والضياع والخوض في تجربة الحياة والموت. ويعد الشاعر علي أحمد سعيد أدونيس من شعراء الحداثة والتمرد الذين كانت لهم مساهمات متميزة في إشكالية الحياة والموت من خلال مفهوم التحول الذي عبرت عنه قصائده، وخاصة في ديوانيه " كتاب التحولات والهجرة في أقاليم النهار والليل " و" المسرح والمرايا" وهو مفهوم يسعى من خلاله الشاعر إلى دفع الواقع العربي نحو التجدد والبعث.
ولعل من أبرز القصائد التي تبرز هذا المفهوم بشكل جلي، قصيدة "تيمور ومهيار " التي نقلت لنا مشاهد تمثل صراعا بين قوتين: تيمور رمز الاستعباد والقهر والموت، ومهيار رمز الشعب، حيث يسعى تيمور بكل ما أوتي من جبروت وقوة إلى تعذيب مهيار والقضاء عليه، لكن محاولاته باءت بالفشل أمام إصرار مهيار على التحدي، فقد تحدى السجت ونفذ من أسواره، وتحدى الموت بعدما عمد تيمور إلى قطع رأسه وتجزيء جسده إلى أجزاء صغيرة والإلقاء به في جب للأسود، وتحدى مفعول شراب كبير السحرة الذي سعى إلى مسخه، كما تحدى النار الحارقة داخل تمثال أجوف مع النفط والرصاص والكبريت والزرنيخ، حيث انتهى انصهاره وتحوله إلى رماد إلى خروجه حيا من الرماد.
لقد اعتبر الناقد المجاطي أن الشاعر أدونيس قد وفق إلى حد كبير في تجسيد فكرة التحول من خلال هذه القصيدة، مرجعا ذلك إلى مضمونها الذي يرمز إلى الواقع الحضاري العربي، فمهيار الذي تحدى كل مظاهر البطش والقهر، إنما يرمز إلى إرادة الحياة لدى الأمة التي تعرضت للانكسار والموت، لكنه موت يحمل في ثناياه بوادر الأمل والتجدد، هذا فضلا عن تمكن الشاعر من استيحاء الأسطورة بطريقة غير مباشرة، وتحديدا أسطورة الفينيق الذي حرق نفسه لكي ينبعث الربيع من رماده، وأسطورة العنقاء التي تموت فيلتهب رمادها فتحيا ثانية.
#عبد_القادر_زين_الدين (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟