أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد المجيد طعام - الفتنة نائمة تستيقظ قبل كل عيد.. قصة قصيرة














المزيد.....

الفتنة نائمة تستيقظ قبل كل عيد.. قصة قصيرة


عبد المجيد طعام

الحوار المتمدن-العدد: 5538 - 2017 / 6 / 1 - 17:13
المحور: الادب والفن
    


لازلت أتذكرُ حال أمي خلال شهر رمضان ،كم كانت تتعب، كحال زوجتي حاليا .. كنت أشفق على أمي لأنها كانت تحمل أعباء البيت وحدها لم يكن أبي يقاسمها هذا الهم إلا نادرا ...حاليا أحاول ألا أكرر نفس التجربة مع زوجتي، اعترف لها بمعاناة المرأة المغربية قلت لها مؤخرا: " لابد من استصدار قوانين تشريعية تجبر الرجل على مساعدة الزوجة في أعباء البيت...القوانين هي وحدها القادرة على تغيير الوضع ...و لكن على المرأة أن تكون لها الجرأة للتبليغ عن زوجها إذا لم يقدم لها يد المساعدة.." نظرت إلي زوجتي بابتسامتها المعهودة و قالت لي:"لا عليك..يا حبيبي..لا تفكر في هذا الأمر كثيرا ...المشكل لا يرتبط بقوانين بقدر ما يرتبط بخلفية ثقافية...سيتحقق حتما التغيير ..ألا ترى ذلك في طبيعة علاقتنا ...حتما هناك أشخاص تغيروا مثلما تغيرنا نحن ..لا عليك ياحبيبي...آه تذكرت لقد سلقت البطاطس ، هل يمكن أن تنقيها ؟ هي هناك..شكرا لك حبيبي.. "
في الحقيقة لا أريد أن أتكلم عن زوجتي بقدر ما أريد أن أتكلم عن والدتي "الحاجة فاطمة"...هناك تقاطعات كثيرة بينهما : طاعة الله ،الصبر ، المحافظة على توازن الأسرة ، إسعاد كل أفرادها...
كانت والدتي تخرج إلى السوق وحدها عبر الأوطوبيس ، لم يكن يتجاوز ثمن التذكرة العشرين فرنكا، أي سنتيما بلغتنا الوطنية الحالية..بعد ساعات متعددة تعود محملة ، متعبة لكنها لا تستطيع أن تشرب جرعة ماء لأنها صائمة و حريصة أن يمر صيامها خلال كل الشهر في طاعة الله و الزوج و إرضاء الأبناء ..كانت تعبر في صلواتها عن رضاها بما يمنحنا الله من أكل و شرب و صحة و نجاحات في الدراسة...بالمناسبة أمي درست في مدارس "الفرنسيس" إلى حدود القسم الثالث ابتدائي بمدرسة " ثلث سقاقي" بالمدينة القديمة ،كانت تكتب اسمها بالفرنسية و تحفظ أناشيد وطنية فرنسية ترددها أمامنا ،كنا نشعر باعتزاز كبير لكن لم نكن نميز هل هذا الاعتزاز ناتج عن معرفة والدتنا لبعض الأناشيد الفرنسية أم ناتج عن الكلمات الوطنية التي كانت تشعل حماسنا... أما أبي فقد كان يشتغل مع مقاولين فرنسيين في البناء و استطاع أن ينسج علاقات صداقة مع الكثير منهم.. أبي هو الآخر كان يعرف بعض الكلمات الفرنسية و لكنة تعلم فقط كتابة اسمه باللغة العربية...كم كنا نضحك عندما يشد القلم بين أصابعه الغليظة ليخط بصعوبة مجموعة من الخطوط نتبين منها ملامح باهتة لاسمه.. لم نعان من الفاقة كما أننا لم نعرف التخمة ،...كانت السعادة تغمرنا بين والدين اهتما بنا كثيرا و حرصا على أن نأخذ حظنا من التعليم بالمدرسة العمومية المغربية...
حينما يقترب عيد الفطر تكثر خرجاتنا إلى السوق مع والدتنا ..أحيانا كثيرة نعود بخفي حنين نجر أرجلنا المتعبة من كثرة الانتقال من دكان إلى آخر...كانت أمي تحرص على شراء الأحذية و الألبسة المتينة ، لكن بأثمنة منخفضة ، كان من الصعب أن تجد كل المواصفات المطلوبة في يوم أو يومين لهذا كانت تخصص الأسبوع الأخير من شهر رمضان للمهمة المستحيلة...
خلال الأيام الأخيرة من رمضان كانت أمي تقدم لأبي تقريرا مفصلا عن خرجاتها "التسوقية" بعد الإفطار .. كانت تحرص على احترام مجموعة من الطقوس فلا تقدم تقريرها إلا بعد أن يأخذ أبي كأسا من الشاي المنعنع " برزته" صحبة سيجارتين أو ثلاثة إلى حين يسترجع "ميزاجه" فتنفرج أساريره و يصبح قابلا للسماع و الحديث مع أمي و معنا...
في تقريرها لهذا اليوم من مسلسل التسوق و هي تنظر في اتجاه أبي قالت له :" اليوم الفتنة فالسوق! ! " نظر إليها مبعثرا دخان سيجارته في كل أرجاء الغرفة الضيقة ضيق رئتيه المتعبتين فاسترسلت:" الفتنة تاع الصح ! ! الناس كلهم خرجوا ...أوطا في نوطا فيك.." رد عليها أبي ضاحكا :" ما عمرنا نتقدموأ ....غادي نبقاو دائما غي بهايم! ! "
لم أتبين في تلك اللحظة العلاقة بين التقدم و فتنة السوق ، نظرت باستغراب اتجاه أبي دون أن اتجرأ على استفساره ، لكن منذ تلك اللحظة استقر في ذهني أن الفتنة لا تكون إلا في الأسواق عندما تقترب الأعياد ،حينما يخرج كل أهالي المدينة دفعة واحدة لقضاء حوائجهم... كنت اعتقد أن الفتنة لا تتجاوز أسبوعا واحدا ، تنتهي بمجرد ما يحل يوم العيد... كنت أستصغرها ..لم أكن أتصور أن هناك معنى آخر للفتنة ...يظهر أنني كنت على خطأ.. أليس كذلك ؟ ؟.



#عبد_المجيد_طعام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكلسيوم هو السبب/ قصة قصيرة
- التوحيمة / قصة قصيرة
- الجو أوروبي / قصة قصيرة
- قصة قصيرة / قالوا ….إنه الزمن الجميل !!
- قصة قصيرة / اعترافات أمام فنجان قهوة...
- حمَارُ عَمّي عمْرو / قصة قصيرة
- الكلاسيكو / قصة قصيرة
- رحل جدّي وأخذ الشمس معه / قصة قصيرة
- حب أول نظرة / قصة قصيرة
- أكيد التحاليل كانت خاطئة / قصة قصيرة
- تفاحة آدم / قصة قصيرة جدا
- يونس المثْليُّ / قصة قصيرة
- زوجي حامل .. ! ! / قصة قصيرة
- الطفلة العاهرة / قصة قصيرة جدا
- حبيبي أصبح سمكة / قصة قصيرة
- قصة قصيرة / أنا أرفض...
- قصة قصيرة / بُعَيْدَ آذان الفجر بدقائق...
- قصة قصيرة جدا / شجرة حب غير عادية
- قصة قصيرة / حزام ناسف و ثلاثة أقراص فياغرا
- قصة قصيرة / الحاج لزرق و السياسي المحنك


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد المجيد طعام - الفتنة نائمة تستيقظ قبل كل عيد.. قصة قصيرة