أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد صبيح - فائق حسين حتى في حياتك كنت جميلا














المزيد.....

فائق حسين حتى في حياتك كنت جميلا


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 403 - 2003 / 2 / 20 - 03:22
المحور: الادب والفن
    



فائق حسين
حتى في حياتك كنت جميلا

لطالما شكل الموت، خارج مداراته العدمية، لحظة اكثر من عادية، لحظة تفصل بين موقفين او رؤيتين او عالمين ، كأن يكون حلا لمشاكل ومدخلا لأخر. ومع حضوره اليومي والتفصيلي في حياتنا وتحوله، افتراضيا، الى شئ عادي ومالوف، الا انه يتفلت ابدا من تلك العادية لما فيه من قدرة عجيبة على المفاجاة حتى في اكثر اوقات انتظاره وتوقعه. ربما لارتباطه بالوحشة والفراغ والنأي  لذا يكون لوقعه ثقل مضاعف حين يصدف حدوثه،حيث ستقترن صورته ابدا، في الايام الرمادية والعواصف وشحوبات الغروب والاجواء الماطرة< هل ننسى اليوم الماطر الذي شكل خلفية لموت السياب الماساوي؟>... مع كل هذا ومع ان الانسان يهجس بقواه الغامضة والخفية في كل لحظة بالموت الا ان لوقعه، حين يكون مفاجئا، مرارة والم خاصين.
هكذا فجاة وبغير توقع يقفز سطر قصير ليقول لنا، فاصلا عنا كل ممكنات الاستدراك، لقد مات فائق حسين!!
لم يستاذن احدا ولم يودع احدا، لقد اختار الرحيل صامتا وهادئا وربما منسيا.. غادرنا منسلا بخفة في اللحظة الحرجة حين صارت بوابة الوطن مواربة تكاد تتحطم درفتيها من ضغط اشواق الابناء من وراء الحدود فينطلق ماراثون الشوق المنكفئ للملايين التي تنظر اليه بشغف، منتظرة، وهي تطقطق الاصابع وتشبكها قلقا، لتقفز برؤوس مضغوطة بابخرة فرح الطفولة المنسي الى تلك البقعة العصية، حيث يقبع الوطن، هادئا منكسرا بانتظاره الطويل.. رحل فائق حسين قبل ان نطفئ معا ظمأ تلهفت اليه حناجرنا التي جففتها الغربة وضياع الاتجاهات في اركان الارض المائة.
كان اسمه لامعا، عرفت انه فنان عراقي- عالمي ذا صيت كبير. لاتزال حاضرة في ذاكرتي  هيئته، في المرة الوحيدة التي شاهدت فيها، منذ زمن بعيد، صورته ، بقصة شعره  وشاربيه المتناغمين مع موضة تلك الايام.. حينها ترك  بي اثرا محايدا، اعجابا عاديا بتشكيلي مميز يشعرني بعمق انتمائي لعراقيتي.
كانما كان قدري يحتال علي ليضعني- انا الذي كثيرا ما اغرمت ببساطة المبدعين وكبار النفوس وطالما نفرت بحدة من  كل نأمة غرور او تعال حتى اني وضعت معيارا خاصا في تقييم عمق ابداعية المبدع او المفكر للبساطة والتلقائية فيه مكان القلب- امام تلك اللحظة،حيث ستنهمر بساطة< فائق حسين> لتاسرني بها، اللحظة التي ساسمع فيها لاول واخر مرة صوته في ندوة في البالتولك، متحدثا ببساطة وتلقائية خالية من اي تفاصح او منمقات ولا اي ادعاء، اطلق كلماته وافكاره ببساطة وطيبة امهاتنا الاميات، حينما يخاطبننا بافكارهن البسيطة وعباراتهن الابسط  لكنها المشحونة بما لايحتوى من الحنان والفهم العميق لكل توعراتنا.. حينها تحدث عن استقلالية دور المثقف واهمية ان لاينضوي تحت خيام الايدلوجيين. كانت افكاره عميقة وقالها ببساطة آسرة ومؤثرة فعلا.. عندها انفتح امامي عالما واسعا ، نظيفا ومضاءا، امتلأ بالحب والاحترام والاعجاب لهذا الرجل، وكم رغبت حينها ان ابادله الحديث والتعرف على عالمه عن قرب لكن ترسبات عقد اساءة الفهم والاهمال والتاجيل< العقدة المستعصية لدى الكثيرين>احالت بيني وبين تنفيذ هذه الرغبة... من اين لي ان اعرف ان الموت بمكره الاسود يترصد سعاداتنا حتى وان كانت احتمالات ورغبات.
مرات قليلة تلك التي افجع بها لموت شخص ما، رغم كثرة من ماتوا من حولي، لكني فجعت بموت <فائق>.. وببساطة تالمت ،لاادري لماذا! كانما تربطني بهذا الرجل اشياء واشياء اشعر بها دون ان ادركها او اعرفها، ولااريد ان اعرفها لكي ادعها محتفظة بسر غرابتها وخفاياها.
لقد اعتدنا غالبا، وبدوافع غامضة، ربما الندم احدها،ان نحب موتانا، نجملهم ونرى خصالهم الجميلة فقط.. لكن< فائق حسين> يخرق اعتياداتنا باصرار لانه لم يصر جميلا فقط حينما دلف من بوابة الموت مارا بمصفاة الانتقاء، حيث نبقي الجميل من موتانا،  بل لانه كان جميلا حتى في حياته.
لن نغفر لك ابدا < يافائق> انك تركتنا، نتلبث في الحياة ونجترع الالم لفراقك!.تاركا ايانا نعود الى الوطن متحسرين اذ تلتقي شموسه الدافئة بغير احبتنا الذين ملوا الانتظار فانسحبوا مبكرين..

السويد
20030219



#خالد_صبيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخيار الثالث ماله وماعليه
- المثقف في مواجهة المشروع الفاشي
- خيار الحل السلمي للازمة العراقية الفرصة الاخيرة
- هل يمكن ان يعتذر من لايخطأ ابدا؟
- الحوار المتمدن شمعة المواقع
- حين تصير الكتابة هذيانا.. سيول تضخم الانا
- لقاء الفرع والاصل في لعبة الانقاذ المتبادل
- المصالحة الوطنية مشروع لمكافئة النظام
- الاتحاد الوطني الكردستاني النزعة التصفوية والعنصرية
- النقود.. النقود.. النقود
- خواطر وتناظراتحول الانتخابات السويدية و-اخلاقيات الذبابة
- مؤتمر المعارضة الوطنية (القطار الاميركي) والوحدة الوطنية
- من اجل نقاش حر وديمقراطي - تعقيب على الرد الصادر من الاعلام ...
- الديمقراطية المشروطة تطلعات ومفاهيم التيارالاسلامي
- ماذا بعد التكفير؟ راي في تنويه الشيخ الآصفي
- الازمة العراقية مطالب خيالية في افق مغلق
- اقصاء الآخر والانفراد السياسي - (نقد) التيار الاسلامي للمارك ...
- المعارضة الوطنية العراقيةهل تخطو باتجاه الوحدة؟
- التوجه العقلاني اساس لمواجهة التحديات القادمة
- العسكر قادمون اخفوا رؤوسكم!


المزيد.....




- صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
- إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م ...
- مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
- خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع ...
- كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد صبيح - فائق حسين حتى في حياتك كنت جميلا