|
من البيعة الصغرى الى البيعة الكبرى
تميم منصور
الحوار المتمدن-العدد: 5529 - 2017 / 5 / 23 - 19:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الى السعودية في مطلع هذا الأسبوع ، وحصوله على البيعة الكبرى ، من قبل ممثلين عن حوالي 60 دولة عربية وإسلامية ، جميعهم خروا راكعين ، وقدموا له الطاعة والولاء وأقسموا أن لا يخيبوا آماله باستمرار الوفاء والعهد له . هذه البيعة الجماعية التي كانت شاهداً على التاريخ ، وكانت شاهداً أيضاً على هذا الانقلاب الأخلاقي العربي والإسلامي ، وهذا الضياع والغرق في رمال الربع الخالي ، كل هذا يذكرنا بالطقوس التي كانت تقام عند تتويج ملوك أوروبا ، وعند تتويج سلاطين بني عثمان ، كان السلاطين العثمانيين يفرضون على رعاياهم أن يقدموا لهم البيعة مرتين ، المرة الأولى فردية ، وتسمى البيعة الصغرى ، والبيعة الثانية تسمى البيعة الكبرى ، والتي يجب أن تكون في أماكن عامة . هذا ما حصل عليه خليفة العرب والمسلمين الجديد ، وخليفة أهل البر والبحر دونالد ترامب ، لقد تمت مبايعته مرتين منذ توليه الرئاسة ، الأولى وهي الصغرى كانت فردية ، جاءت من قبل العديد من الملوك والرؤساء العرب والمسلمين في واشنطن ، لكن على ما يبدو هذه البيعة لم تشبع غريزة ترامب ، فأصر على أن يحظى ببيعة كبرى وعامة من قبل حوالي 60 دولة عربية وإسلامية ، لأنه يخطط لتحويل المشاركين في هذه البيعة الى حلف ناتو إسلامي أمريكي ، يهدف الى محاربة محور المقاومة وحركات التحرر العربية ، كما هو الأمر بالنسبة لحلف الناتو الأوروبي الذي أقيم بعد الحرب العالمية الثانية لمحاربة الشيوعية . اكثر الصفحات خجلاً وسوداً التي سوف يدونها التاريخ الخاصة بهذه الزيارة ، ليس افراغ الخزانة المالية السعودية فقط ، بل نجاح ملك السعودية الهزيل الخرف واسرته المتخلفة المستبدة من جر هذا القطيع من قادة الدول العربية والإسلامية للسجود أمام عتبة ترامب في قصر اليمامة في الرياض ، لقد ساقهم في الإشارة كما تساق الأبل ، بعد أن نجح بترويضهم والتحكم برسن كل واحد منهم ، بواسطة التلويح بفتات من بقايا دولات النفط . هذه ليست المرة الأولى التي يقوم بها أفراد هذه الأسرة المارقة من جر هذا القطيع ، ففي الماضي القريب تمت سياقة هذه القافلة من الأبل وراء الحمار السعودي لإقامة حلف معاد لمحاربة اليمن ، وقد أسموه التحالف العربي ، ومضى على إقامة هذا الحلف حوالي سنتين ، في هذه المرة تريد اسرة بني عنيزة السعودية أن تثبت أنها سيدة العرب وروحهم السياسية ، وأن مصر لا تزال غارقة في مستنقع الفساد الذي سببه حكامها وغارقة أكثر في فقر وجهل شعبها ، فقرر الملك الخرف أن يبرهن للعالم بأن مملكته ليست قبلة المسلمين الدينية فحسب ، بل أيضاً قبلتهم السياسية . ما تريده السعودية تحالفاً قوياُ عربياً اسلامياً نكاية بإيران ونكاية بكل محور المقاومة ، لكن يبقى الهدف الرئيسي من إقامة هذا الحلف هو خدمة للمصالح الأمريكية في المنطقة وحماية إسرائيل . الجديد في إقامة هذا الحلف ليس زيادة عدد الأبل التي تم سحبها وربطها في ذيل الحمار السعودي فقط ، بل الجديد أن ترامب رفض قبول الطاعة من جميع أعضاء هذا الحلف ، فقد أعلن أمام الجميع بأن حركة حماس منظمة إرهابية ، وما استمرار أفراد القطيع باجترار وهضم ما قاله ترامب سوى الموافقة المطلقة على أقواله ، هذه صفعة في وجه محمود عباس وفي وجه قادة حركة حماس السياسية ، لأنهم فرطوا في الكثير من ثوابتهم في سبيل الانضمام الى الحلف الذي اقامته السعودية لتدمير اليمن ، كما فرطوا بأهم هذه الثوابت عندما ساندوا محور القوى التكفيرية الذي قادته أمريكا والسعودية وقطر وتركيا . هذا التفريط بثوابت حماس لم يشفع لقيادتها السياسية أمام ترامب ، ولم يشفع لها أمام حلفاءها السعوديون والأتراك وغيرهم ، لأن جميع الحضور في حضرة ترامب صفقوا له ، وهذا يعني أنهم جميعاً وافقوا على اتهام أهم وأكبر فصيل فلسطيني مقاوم بالإرهاب. ليس من حق هذا السفاح الذي يدعم ويشارك كل ممارسات إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني ، ويدعم الإرهاب بكل صوره في سوريا والعراق واليمن ، ليس من حقه أن يتهم أي فصيل فلسطيني مقاوم بالإرهاب ، لأن مقاومة الاحتلال حق شرعي من حقوق جميع الشعوب ، أما بالنسبة للسعودية فحكامها الذين يعملون على تدمير اليمن ، ويدعمون الحكم الطائفي في البحرين لا يفرقون بين مقاومة الاحتلال والإرهاب . عندما أطلق ترامب سهامه بإتجاه حركة حماس ، كان يعرف أن محمود عباس ممثل دولة فلسطين يتواجد في حرم الطاعة أمامه ، وكان يعرف بأن عباس لم ولن يعترض لأسباب لا اريد الخوض فيها ، لكن اعتبار حركة حماس من وجهة نظر أمريكا إرهابية ، هو بمثابة فيتو وجدار مانع يمنع عباس من الاقتراب من هذه الحركة والتصالح معها ، ويزيد من عمر الانقسام ، لأن أمريكا وإسرائيل ترفضان أي توافق بين شرائح الشعب الفلسطيني . أن هذا المستوى من القيادة السياسية الفلسطينية المتخاذلة ، يعمق اليأس في نفوس أبناء هذا الشعب ، ويعمل على محاصرة القضية وعودتها الى المربع الأول ، خاصة بعد أن استمع العالم الى كلمات الولاء التي القاها عدد من نعاج التطبيع ، لم يذكر أي واحد منهم إسرائيل على أنها دولة محتلة والسبب أن أمريكا والسعودية مدعومتان من مصر والأردن ومشيخات الخليج ، خلقوا جميعاً إسرائيل ثانية لمحاربتها ومعاداتها وهي ايران ، إسرائيل الصهيونية المحتلة خرجت من دائرة العداء بالنسبة للحلف العربي الأمريكي الاسلامي . سيذكر التاريخ بأن النتائج التي استخلصها ترامب لزيارته للسعودية ، ليست الصفقات التجارية والأموال التي حصل عليها ، ولا قطعان النعاج التي سجدت أمامه ، ما سيستخلصه هو حالات الجهل والتخلف والخنوع والافلاس السياسي الذي لمسه من قبل الناتو الإسلامي العربي ، ولا نستبعد أن يصدق ترامب نفسه بأنه الرئيس الملهم كالسادات الذي أعلنها عدة مرات أن الوحي زاره في سيناء ، وهل زار الوحي ترامب في السعودية ، حتى لو زاره سوف يعود ويستيقظ ليعرف حجمه وذاته عندما يعود الى أمريكا .
#تميم_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة في صفحة من صفحات الانقسام الفلسطيني الفلسطيني
-
طوابير العرب العائدة لبيت الطاعة الامريكي
-
أسرى الحرية بين النصر والشهادة
-
تهليل القرعة التي تتباهى بشعر اردوغان
-
وهل يضر النيل يوماً اذا بال التكفيريون فيه - أنه لا ينجس
-
مرة أخرى - أيمن عودة في الميزان
-
تبرئة مبارك المسمار الأخير في نعش الثورة المصرية
-
البادي أظلم
-
الخطوة الأولى في طريق العودة وحدة الصف
-
هنا دمشق من القاهرة
-
الوجه امريكا والعجيزة اسرائيل
-
ريفلين وقفزة القط الشرير
-
بلدية البيض في القدس
-
بالأمية والغيبيات تُحكم الشعوب والبلدان
-
وحدها الشعوب العربية قادرة على الزام امريكا بالتغيير
-
وماذا بعد الاستقالات ؟؟؟
-
الاعلام الإسرائيلي يُسقط نتنياهو بحفرة الشبهات
-
حُلم عثمنة تركيا تبدد تحت وقع الإرهاب الاردوغاني
-
الأصابع المرفوعة في السجلات المختومة بالقبلة الامريكية
-
جدل عقيم وحمى الاتهامات
المزيد.....
-
ترامب: لا ناجين في حادث اصطدام الطائرة بالمروحية فوق نهر بوت
...
-
مغنية راب سودانية.. صوت يصدح أملا في زمن الحرب
-
غزة تشهد إطلاق سراح رهائن إسرائيليين جدد من أمام منزل يحيى ا
...
-
سلوان موميكا.. مقتل حارق القرآن في بث مباشر على تيك توك في ا
...
-
هل تمكّنت إسرائيل من إضعاف حماس عسكرياً؟
-
كيف استطاع أحمد الشرع أن يصل إلى رئاسة سوريا؟
-
من دمشق.. أمير قطر يدعو لحكومة -تمثل جميع الأطياف- في سوريا
...
-
ترامب: ليس هناك ناجون في حادثة تحطم الطائرتين فوق مطار ريغان
...
-
بن غفير: إطلاق سراح الرشق والزبيدي شهادة على الاستسلام ويجب
...
-
حافلات تقل سجناء فلسطينيين أفرج عنهم تغادر سجن عوفر الإسرائي
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|