أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير كاظم عبود - الموت في المنافي الغريبة الفنان فائق حسن وداعاً














المزيد.....


الموت في المنافي الغريبة الفنان فائق حسن وداعاً


زهير كاظم عبود

الحوار المتمدن-العدد: 403 - 2003 / 2 / 20 - 03:21
المحور: الادب والفن
    


                                  الموت في المنافي الغريبة 
                                   الفنان فائق حسن وداعاً

                                                                               


يحكى أن سيدنا يوسف (ع) أوصى بأن يحمل تابوته الى مقابر آبائه بعد وفاته ، فمنع أهل مصر ذلك وبقي في أرضهم حتى بعث الله النبي موسى (ع) وأهلك فرعون ، فحمل تابوت يوسف الى مقابر آبائه فقبره بالأرض المقدسة .
وأوصى الإسكندر أن تحمل جثته الى بلاد الروم ليقبر فيها ، وتم تحقيق ذلك إذ تم دفن الرجل في مقابر أهله وقومه .
ومع أن الأصل أن يقبر الميت في المنطقة التي يموت فيها ، الا أن عين الأنسان تبقى تنظر بحنين قاتل الى جهة الوطن .
يقول الشاعر الفرز دق :
وفي الأرض عن دار الفلى متحول      وكل بلاد أوطنتك بلاد
ويبقى الأنسان يحمل الوطن بين رموش جفنيه وفي تلافيف العقل والقلب ، ويحمل الناس حفنة من تراب أوطانهم يشمونها في لحظة الوجع والحنين والاستذكار والإحساس بالغربة والوحشة .

بلاد ألفناها على كل حالة         وقد يولف الشيء الذي ليس بالحسن
ونستعذب الأرض الذي لاهواء بها    ولا ماؤها عذب ولكنها وطن

وهكذا بقيت القبور رموزاً للناس بعد رحيلهم عن الدنيا  ، ومن يزور المقابر يشاهد الخليط العجيب من العظماء والعلماء والبؤساء تساووا في رقدة القبر وتوسد التراب ، بالرغم من فوارق شكلية في تصميم القبور أو الشواهد التي تحكي نبذة مختصرة عن الراقد في هذا اللحد الذي ربما تغير أكثر من مرة حتى صار لحداً للذي صار  في هذا الزمان .
والغربة مشهد من مشاهد الوجع الإنساني ، ودليل أكيد على عدم استقرار الروح في مكانها الذي أختارته ، تؤنسها جمعة الأهل والخلان والأصدقاء ، وتطريها ذكريات الطفولة والشباب ، وتواسيها مقابر الأهل ودموع الأحبة .
ومنزل الأنسان وطن ، والمدينة وطن ، والأهل وطن .
فكيف بالمرء أذا فقد المنزل والمدينة والأهل ، وفوق كل هذا قبر في الغربة .
فصدق قول الشاعر العربي :
يا منزلا عبث الزمان بأهله        فأبادهم بتفرق لا يجمع
ذهب الذين يعاش في أكتافهم     وبقى الذين حياتهم لا تنفع

عذابات البشر في الموت الغريب والقبور الغريبة لم تصب أكثر مما أصابت أهل العراق ،  ليس لها ما يفسرها سوى قساوة الأنسان ، وسيطرة نوازع الشر التي باتت تتحكم في عقول الكثير من بني آدم في هذا العصر الطافح بالآلام والأثام التي لن يخلصها من عمق الروح سوى المحبة والتسامح وتقديس القيم التي نادت بها الأديان والتي أوصى بها الله ، ومحبة الأنسان بأعتباره من أكرم المخلوقات التي حباها الله بهذه الصفات الجميلة من لحظة الولادة الى لحظة الموت .
مات فائق حسن الفنان العراقي الجميل الذي ملأ الدنيا بألوان فرشاته وبلوحاته الممتدة من غر ناطة الأسبانية الى ولايات المحيط الأطلسي ، بعد أن ترك منها في العراق ، العراق الذي بقي حلماً يراود خياله من أن يضمه قبر في وطنه .
مات الفارس التشكيلي الذي كان يقف شامخاً فوق جواده الأنيق يتطلع باتجاه دجلة والفرات لعله يحمل طيور الشمال المهاجرة بعضاً من شوقه ومحبته وتحياته المكبوتة داخل روحه .
أجل مات فائق حسن غريباً شريداً عن وطنه ، وهذا هو قدر أهل العراق المبعثرين في مجاهل الأرض ، والتي طرزت قبورهم مقابر المدن الغريبة والموحشة والمنسية في ذاكرة الناس .
مات فائق حسن في الزمن الضائع ، والكل يتطلع الى قدره وموته المؤجل ، ويبقى القرار والحكم الذي يطغي على عقل وقلب الحاكم أن لا تدعو جثث العراقيين الخطرة أن تعود ، ففي جثث موتى العراقيين يكمن سر فناء الظلم والطغيان والشر  .

 



#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث الساعة
- هل ستقع الحرب ؟؟ أم سيتم ترتيب المنطقة دون اللجوء إلى الحرب ...
- أسئلة قبل التغيير في العراق
- مصالحة المذبوح مع القاتل
- معونة الشتاء هل تتذكروها ؟؟
- مروان الحمار
- وتسأل أن هل قام فينا العراق ؟
- هل أسألكم أين مجلس السلم العالمي ومجموعة عدم الانحياز ؟
- إشكاليات لم تزل بحاجة لحلول عراقية
- تغيير الاسم لن يغير الحال في العراق
- أيها الناس أسمعوا وعوا
- أما لليل العراق من آخر ؟
- عبد الكريم قاسم …. الحاضر الغائب
- نداء من قاضي عراقي مستعجل الى جميع المنظمات الأنسانية لأنقاذ ...
- جاسم المطير ….. سلاماً
- حاجتنا الى المجتمع المدني في العراق
- إثبات النفي
- الحكومة تضحك على حلفائها
- ليس دفاعاً عن سعد البزاز
- لترتفع الأصوات عالياً مطالبة بحياة العلامة الجليل السيد جعفر ...


المزيد.....




- الأديب والكاتب دريد عوده يوقع -يسوع الأسيني: حياة المسيح الس ...
- تعرّف على ثقافة الصوم لدى بعض أديان الشرق الأوسط وحضاراته
- فرنسا: جدل حول متطلبات اختبار اللغة في قانون الهجرة الجديد
- جثث بالمتاحف.. دعوات لوقف عرض رفات أفارقة جُلب لبريطانيا خلا ...
- المدينة العتيقة بتونس.. معلم تاريخي يتوهج في رمضان
- عام على رحيل صانع الحلم العربي محمد الشارخ
- للشعبة الأدبي والعلمي “جدول امتحانات الثانوية العامة 2025 ال ...
- من هو ضحية رامز في 13 رمضان؟ .. لاعب كرة قدم أو فنان مشهور “ ...
- فنانون يبحثون عن الهوية بين أرشيف التاريخ وصدى الذاكرة
- أمير كوستوريتسا: الأداء الأفضل في فيلم -أنورا- كان للممثل ال ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير كاظم عبود - الموت في المنافي الغريبة الفنان فائق حسن وداعاً