مراد سليمان علو
شاعر وكاتب
(Murad Hakrash)
الحوار المتمدن-العدد: 5523 - 2017 / 5 / 17 - 23:26
المحور:
الادب والفن
(العقال)
كان رئيس عشيرة عظيمة من عشائر حوض جبل سنجار قد استوطن المهجر هربا من لوم ومطالب عشيرته بعد الفرمان الرابع والسبعين، وبعد ليلة حمراء من لياليه هناك شعر بالتعب والنعاس وارتخت أعضاءه فخرّ نائما وهو يشخر شخيرا غليظا ويحلم وكأنه جالس في صدر ديوانه وحيدا إلا من القهوجي الذي يذرع الديوان الطويل ذهابا وايابا حاملا كالعادة دلة القهوة، ويطقطق الفناجين الفارغة ببعضها، وعندما وصل قبالة الشيخ ناوله فنجانا من القهوة التركية الفاخرة، ودفعها الشيخ دفعا في جوفه بعد أن رقصّ الفنجان على أصابع يده اليمنى عدّة مرات، ولكنه شعر بمرارة في فمه تفوق مرارة العلقم ألف مرّة، فقال للقهوجي: "ما أمرّ قهوتك". فرّد عليه القهوجي قائلا: "أنها قهوتك".
وبعد أن شرب شيخ العشيرة ما طاب له من فناجين القهوة، أدرك بأنه في حاجة ليتحدّث إلى شخص ما حتى لو كان هذا الشخص القهوجي السليط اللسان، فقال: "ألا تعتقد بأنه في يوما ما ستكون لعشيرتي ايضا زحلياتها، وسيبني احفادنا كلّ شيء من جديد". فأجاب القهوجي: "أجل، بعد دمرتم أنت وأبناؤك كلّ شيء".
فقال له الشيخ بعصبية: "يا لك من بشع". فردّ عليه القهوجي: "بشاعتي ليست اسوأ من جبنك".
فقهقهة الشيخ وهو يقول: "ما اغبانا نتحدث عن العبودية، والجبانة في بلاد الحرية". فابتسم القهوجي وهو يردّ عليه قائلا: "مصائب قومك عندك فوائد".
وهنا ثار الشيح ودفع بالقهوجي، فسقطه ارضا وانسكبت القهوة على بلاط الديوان، ثم نهض الشيخ مذعورا من نومه وهو يردد: "انسكاب القهوة في الديوان فأل سيء". ثم تحسس عقاله على رأسه فلم يجد للعقال أثرا.
#مراد_سليمان_علو (هاشتاغ)
Murad_Hakrash#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟