أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماهر رزوق - اسطنبول : دفء الحب و قسوة العزلة














المزيد.....

اسطنبول : دفء الحب و قسوة العزلة


ماهر رزوق

الحوار المتمدن-العدد: 5518 - 2017 / 5 / 12 - 23:37
المحور: الادب والفن
    


اسطنبول : دفء الحب و قسوة العزلة



كتبتُ من قبل مقطعاً لطيفاً ، أصفُ فيه مشاعري المتناقضة تجاه هذه المدينة الغريبة ، أودّ أن أنسخهُ هنا ليكون مقدمةً لحديثي عنها :

اسطنبول ... ليست إلا جحيماً بقناعٍ فردوسي ... وحشٌ مفترسٌ بوجهِ حملٍ وديع ... إعصارٌ مدمرٌ يبدو كالنسمة الصيفية الباردة ... إنها الخدعة التي لا تستطيع تفاديها ... أو اتخاذ احتياطات الحذر تجاهها ... إنها الفخ الذي تسقط به رغم علمك المسبق بوجوده ... !!
هذه المدينة تلتهم أيامك بشرهٍ ... و تدعك وحيداً في غرفةٍ باردةٍ ... في حيّ قديم ... !
في كل أيامك تخدع ... خدعة تبدأ في الصباح (بالسيميت : معجنات تركية) ... و تنتهي في المساء بحنين غبي إلى بلدك ...!!
قاتلٌ محترفٌ هي اسطنبول ... تقتلُ بصمتٍ عمرك القصير ... و تسامحها مع أول جلسةٍ تافهةٍ أمام البحر و أول رشفةٍ من كأس شاي ساخن !!

لماذا دفءُ الحبّ ؟ و لماذا قسوةُ العزلة ؟؟

أن تحبّ في اسطنبول يعني أن تعيش حباً لن تنساه أبداً ، فكأن كل شيء في هذه المدينة يتآمر معك ، ليجعلك كازانوفا اللحظة !!
عندما تحب هنا ، تشعر و كأن رائحة العشق تفوح من كل شيء ... من الزهر المبعثر في كل مكان ... من البحر الممتد حتى الأفق ... من نوافذ الحافلات و رطوبة السواحل ... من الأغاني و المسلسلات التركية ... من أبواق البواخر و صفارة قطار الأنفاق ...
أستطيع أن أجزم أن اسطنبول عاصمة العشق بامتياز ، فالعشاق في كل زقاق يتغازلون كالعصافير ، و يحتفلون بحرية لذيذة و قبلات مشروعة ... تشعر بالسعادة لمجرد رؤيتهم ... و تستمتع بضحكاتهم البريئة التي تعلق في الذهن و لا يقهرها همّ أو قلق !!

أما عن قسوة العزلة فيمكن القول : هنا أنت لوحدك تماماً !!
كل ما يتعلق بتفاصيل حياتنا الاجتماعية ، خلعناه في المطارات و المرافئ ... و دخلنا عزلتنا بكامل ارادتنا و اختيارنا !!
عن نفسي عانيت في اسطنبول من عزلة فكريةٍ قاسيةٍ جداً ، فالكتب العربية شحيحة جداً هنا .. ولو توفرت فإنها تكون دائماً دون المستوى المطلوب ... كالروايات الرومنسية و روايات الجريمة فقط !!
حتى على مستوى اللغات الأخرى ... فإن تركيا كلها تعاني من ضوابط شديدة على الأدب و التفكير الحر ، و أكبر دليل على ذلك ... مقاطعة العديد من أعمال أورهان باموق (الحائز على جائزة نوبل للآداب) ، بحجة أنه كاتب علماني و لاديني ... كذلك إليف شافاق التي رفعت عليها دعوى ، بحجة التهجم على السيادة الوطنية التركية في روايتها المشهورة (لقيطة اسطنبول) ...

نعود إلى العزلة الاجتماعية التي فرضها علينا واقع اختلاف اللغة و تجمع العرب في أماكن محددة ، جعلتهم ينشؤون مشاريعهم الخاصة و علاقاتهم الخاصة و ينعزلون عن المجتمع التركي ...
كذلك توفر أعمال للعرب بلغتهم العربية أو باللغة الانكليزية (التي يتقنها أغلب العرب) في شركات تركية أو عربية أو عالمية ...
يضاف إلى ذلك طبعاً ، الانغلاق المحكم للمجتمع التركي و عدم رغبته بالانفتاح على العالم ... فأعياده مختلفة (بغض النظر عن الأعياد الاسلامية) ... طريقة تعامله مع الأمور مختلفة و جامدة أحياناً ، لدرجة تشعر فيها أن التغيير قد يعتبر جريمة في تركيا !!
قلة اطّلاعه على المجتمعات الأخرى ولو حتى على الانترنت ... فقد سألني أحد الأتراك يوماً : إن كان لدينا بطيخ أحمر في سوريا !!؟
فأجبته بأن لدينا بطيخاً أحمر و أزرق أيضاً ... فبُهر و قال كلمتهم الشهيرة : هالله هالله !!
كل هذه الأسباب و أسباب أخرى لا تحضرني الآن ، أدت إلى عزلة العرب القاسية في اسطنبول ، رغم جمال و عذوبة هذه المدينة و طيبة قلب سكانها و حبهم لفعل الخير و مساعدة الآخر ...
رغم الحب الدافئ الذي يكسر برودة الشتاء الطويل و يتغلب أحيانا على الحنين المرير إلى أوطاننا المنكوبة !!


MAHER RAZOUK



#ماهر_رزوق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجرح النرجسي العربي
- قصيدة : كانت جميلة جدا
- الخطأ و الصواب (1)
- الهجرة و الفصام الاجتماعي
- قصيدة بنكهة الروايات العظيمة
- قصيدة اسمها : أبواب الجحيم
- الصراع الشيعي السني في سوريا


المزيد.....




- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماهر رزوق - اسطنبول : دفء الحب و قسوة العزلة