محمود جلبوط
الحوار المتمدن-العدد: 1443 - 2006 / 1 / 27 - 10:19
المحور:
الادب والفن
لتطبق السماء على هذي البقعة من الأرض الكابية
إن لم تتعلم من حين لآخر كيف تنتفض..
لتفجر السماء غضبها على ساكنيها الخائبة
إن لم تتعلم كيف تعزل حاكما فيها استبد
و لينقطع المطر ولتحل اللعنة
على هذي الديار النائمة
إن لم يتعلم ساكنوها أن يقولوا لا للمستبد
و ليهيموا على وجوههم في صحرائهم القاحلة
إن أهدروا كرامتهم ولم يذودوا عن حياضهم
إن لم يتعلموا أن يقولوا للظالم لا ولم يخشوا العاقبة
لم يهبط الجلاد من السماء ....
نحن الذين خلقناه كما خلقنا الآلهة
لم يولد الجلاد من الجدار ...
نحن الذين ولدناه , ثم رعيناه , ثم أسلمناه زمام أمورنا
قدسناه ثم على العرش سويناه ونمنا
دعونا له بصلواتنا
وطلبنا أن يحقق لنا كل أمنية
وصرنا نحلم أن يحارب عنا
أن يأكل عنا , و يعمل عنا
وتواطأنا معه لإخافة صغارنا
فتركنا سلطاته تنمو لتحد المدى
ملكناه علينا ومثل إله أسكناه السماء
ولما صار يسومنا القذى
نظرنا إليه بحذر شديد وصمتنا
وصرنا نخاف منه ولا نعلن
وامتثلنا له برضانا وخضعنا
فاستمرأ الجلاد إذلالنا فأقعانا
ونصب رموزا وشخوصا بينه وبيننا
وصرنا نطلب منه العفو و المغفرة
إن هو استباح حقنا
ونشكره ونطلب الرضا منه
إن هو منحنا من أرزاقنا
يأمرنا فنطيع.... وننفذ ما به
يوصينا
ومن يخالف ولا يمتثل منا
نحجر عليه ونخاف الحديث معه
ونزج به إلى السجن....
ولد الجلاد لأم من أمهاتنا
تسكن معنا في مدننا
ثم لما التوى الزمن فيما بيننا
نحن الذين نصبناه إله في أرضنا
وبأيدينا بنينا له عرشا ليسوسنا
ومن بيننا صنع ملائكته
جواسيسا له علينا
وراحت تحصي جواسيسه
ما يدور في قلبنا وفكرنا
وتحولت بالتقادم آلهة صغيرة تمثله في زوايانا
وساعدناه في بناء سجونا للمعارضين من بيننا
وتكاثرت السجون فصار لكل واحد منا سجنا
ووضع جاسوسا لكل جاسوس علينا
و لبس كل منا للنظافة قناعا
وسادت حرب الزيف فيما بيننا
و انتابتنا هستيريا الرعاع..
وصار الذئب لنا مرياعا
فخبت ذكورتنا في صحبة عنته التي أوكرت أنوثتنا
ورحنا نمارس حياتنا في الظلام
تحت خيمة العيب والممنوع علنا
متى يا ترى نخجل من أنفسنا
و ثانية نثور الأحاسيس فينا
نزيل الصدأ الذي زنجر على مفاصل حياتنا
تلوح الإبتسامة بيديها الإثنتين لنا
ويطل الأمل مشرقا من نوافذنا
ونصرع الذئب الذي سلمناه قطيعنا
و نطرد الجلاد من مدينتنا
فيعود الحمام في مناقيره ياسمين العشق
ليعشش ثانية في سطوح منازلنا
#محمود_جلبوط (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟