غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 5503 - 2017 / 4 / 26 - 13:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مــا زلـــنـــا نـــنـــتـــظـــر...
سياسات فرنسية.. عــرجــاء...
السيد جان مارك إيــرو, وزير الخارجية الفرنسي الحالي, والذي يتبقى له أسبوعان لا أكثر على كرسيه المهزوز, والذي يشكل كراكوزا بسيطا بالسيرك الجهادي الفرنسي ضد سوريا مع السادة برنار هنري ليفي, لوران فابيوس وبرنار كوشنر, وبعض " فراطة أنصاف الاشتراكيين " الذين اندحروا بالدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية.. والتجأوا إلى كهوف السيد إيمانويل ماكرون الفائز بالتصفية الأولى.. منافسا السيدة Marine Le Pen.. صرح هذا "التقريبا وزير سابق" من أسبوعين بأن لديه وثائق بأن طيران بشار الأسد هو الذي القى غاز الساران على خان شيخون قضاء إدلب المحتلة من عناصر جهادية إسلامية... بينما أكد عديد من الخبراء المختصين, بما فيهم عدد من الجامعيين الخبراء البريطانيين والأمريكان.. أن داعش وجبهة النصرة الموجودتان بالمنطقة هي التي تملك وحدهما كميات من هذا الغاز التي تطلق من الأرض وليس من الجو... لم نعد نسمع هذا الوزير ولا أصدقاءه المنشغلين بالبحث عن مناصب ــ ملجأ.. بحال تحولهم إلى عاطلين عن العمل.. بالأيام القليلة القادمة.. رغم إعلانهم ــ منبطحين ــ ولاءهم إلى السيد Emmanuel MACRON النجم المجهول الآتي من بنك روتشيلد ومن حلقات فرانسوا هولاند, والذي تراجع عن إعادة ترشيح نفسه.. عندما أنذرته جميع مؤسسات الإحصاء الفرنسية.. بأنه لن يحصل على أكثر من 2% من الأصوات.. وفضلت احتضان السيد مــاكــرون, ووضع أقصى طاقاتها وإمكانياتها وراء شخصه.. كــأنــه الممثل Georges KLOONEYبدعايته لشركة Nespresso... لأن المؤسسات الرأسمالية تفضل دوما من تربى وترعرع بمؤسساتها ووعوده بحماية مصالحها.. ولا أي شـيء غير مصالحها.. لهذا السبب رأينا سكرتير عام الاتحاد الأوروبي وغالب رؤساء الدول المشاركة بهذا الاتحاد, قد أعلنوا تأييدهم الكامل بالحملة الجديدة التي بدأت منذ صباح الإثنين 24 نيسان 2017 للتصفية ما بين المرشحين Emmanuel MACRON او Marine Le PEN... معركة سوف تكون من أعجب وأغرب.. وخاصة أشرس انتخابات رئاسة الجمهورية الفرنسية, والتي شاركت بها خلال الخمسين سنة الأخيرة.. بكل جهودي.. وبلا أي تردد.
ــ بعد ظهر البارحة.. يوم الإثنين الساعة السادسة عشرة, وبعد نتائج التصفية الأولى من الانتخابات الرئاسية.. ظهر السيد فرانسوا هولاند, الرئيس الذي يتبقى له أسبوعين.. على القناة البرلمانية.. مطالبا معلنا دعم "شلفونه" ماكرون, والذي تربى سنتين بأحضانه.. ضد السيدة Le Pen من أجل إنقاذ الديمقراطية, على حد تعبيره (يا عيني على الديمقراطية!).. ولكن الشلفون صار ديكا.. يصيح ويتمختر من الآن بمزرعة دونالد ترامب وأنجيلا ميركل.. متخليا عن مزرعة هولاند.. قبل أن يعلن هذا الأخير تخليه عن تجديد ترشيحه.. ناكرا بنوته وعلاقاته السابقة.. أو مع أي كائن كان.. وأنه بدءا من اليوم سوف يختار من يشاء من الأصدقاء...
السياسة يا أصدقائي بأيامنا هذه أصبحت فـن الـخـيـانـة..وفن التلون وتغيير الرأي عدة مرات باليوم الواحد... وليست فــن الأدب والمصداقية والوفاء والولاء...وحماية الشعب والوطن... إنها ابنة عصرنا هذا!!!...........
لهذا.. فـانا عجزت.. هــرمــت... ولم أعد أفهم منها أي شــيء... رغم أنني رافقتها ومارستها من بداية فتوتي.. منذ كنت بالخامسة عشر من عـمــري.....
*************
عــلــى الـــهـــامـــش :
ــ لي مع أعضاء الحزب الاشتراكي (الفرنسي) أصدقاء عدة, من مختلف المستويات والمسؤوليات الحزبية والمهنية.. بالحياة اليومية.. من سنوات عديدة حتى اليوم... ومع تشقق هذا الحزب وانخفاض مستوى تعاليمه الاشتراكية.. واندماجه بسياسة تحرير التجارة والعولمة والقوانين العمالية.. مما أدى إلى تفاقم البطالة يوما عن يوم.. وإيجاد سراديب ملتوية تجمعهم بنقابة أرباب العمل القوية المعروفة, والتي تسعى جاهدة ــ بفترة هولاند ــ إلى تخفيف حجة وقوة القوانين لصالح العمال والموظفين.. وضمان عدم تسريحهم, بحماية قوانين عمرها خمسون سنة من النضال العمالي.. حيث بــدأ الحزب الاشتراكي ووزراؤه ونوابه وشيوخه.. يتساهلون بتطوير هذه القوانين.. ونخرها وإضعافها.. مراضاة لاتحاد نقابات أرباب العمل والتي كانت تقبض الملايين من الدولة المركزية في سبيل فتح أبواب العمل ومحاربة البطالة.. وفي الواقع كانت هذه الشركات المتعددة الجنسيات.. تقبض المساعدات وتضاعف التسريحات التعسفية.. وتهرب مرابحها خارج فرنسا...
وهذه الشركات وهذه البنوك التي فتحت جميع الأوتوسترادات للسيد إيمانويل مـاكــرون للتسلل من بنك روتشيلد إلى سكرتارية فرانسوا هولاند.. ومن ثم تعيينه وزيرا للاقتصاد... متابعا فتح الثغرات بجميع قوانين الضمانات التي كانت لصالح الطبقات العاملة.. بالإضافة إلى حماية مصالح الشركات الرأسمالية الكبرى الفرنسية والأجنبية.. وإعفائها من الضرائب... متابعا تصريحات اشتراكية (غريبة عجيبة) جديدة... لا تــومــن على الإطلاق لا الخطوط الاشتراكية الحقيقية التي تؤمن المصلحة العليا الفرنسية.. ولا الاقتصاد الفرنسي.. ولا الطبقات الوسطى والعاملة.. بشكل جذري تــام...
ومع هذا وضعت أكبر الأجهزة الدعائية بخدمة مطامحه.. فاستقال من مدة سنة من الوزارة وأعلن تشكيل حزب جديد اسمه En Marche "مـاشون"... لا يسار ولا وسط ولا يمين... وبدأ يستقطب كوادر الأحزاب والمؤسسات والشركات... وبدأت تنهال على اسمه ملايين وملايين الأورويات من شخصيات رأسمالية عالمية.. بينهم لبنانيون.. ثم أعلن ترشيحه للانتخابات الرئاسية الفرنسية.. وفاز قبل البارحة بدورة التصفية الأولى.. مع نجاح شبه مؤمن بالأحد المقبل السابع من أيار 2017... وعمره اربعون سنة فقط. ضد السيدة Marine Le Pen.
هذا الإنسان ــ الكترون ــ عجيب غريب... ما يوجه إليه من أسئلة.. تبقى جميع الأجوبة غيماتية.. لا تفهم لا بداياتها ولا نهاياتها.. إنها شعارات واسعة تراضي وترضي.. ولكنها تبقى وعودا... وخلال الخمسة عشر سنة الأخيرة من تاريخ فرنسا.. ما من رئيس أو مسؤول وفى بأي من وعوده الرئيسية.. وبكل ولاية واحد منهم.. تصاب فرنسا بمليوني عاطل عن العمل زيادة عن السابقين.. ويزداد خط الفقر بمليون فقير إضافي آخر...
وخلال العشرين سنة الأخيرة.. الوعود التي تنعت باللغة العربية "بالوعود العرقوبية" Fausses Promesse بفرنسا تنبت وترتفع لها أشجار وغابات... وحتى أغبى الأغبياء ــ عادة ــ لم يعد يصدق الوعود ولا السياسيين... ولكن إعلام اللوبيات المسيطرة على غالب محطات الإذاعة والتلفزيون.. صنعت لهذا (الإنسان الإلكتروني) والذي تصاغ حوله روايات وقدرات هوليودية وقصص معسولة بلا حدود... لا أعتقد بفاصلة واحدة منها... تشبه المأكولات الجاهزة والتي تملأ كاتالوكات منمقة مدروسة.. شكلها الخارجي جذاب.. ولكن حذرا من أخطارها على البدانة والمعدة...
جميع أصدقائي الاشتراكيين وغيرهم... خلال الأشهر الثلاثة الماضية.. زحطوا باقات وباقات على شواطئ مياه "جنة وعود" هذا الإنسان الغير طبيعية الاصطناعية... كأنهم مسحورين مسطولين أمام مبشر دين جديد, يوزع لهم البركات والوظائف...
حاول قسم منهم أعرفهم من سنوات.. ساعدتهم بمختلف نشاطاتهم الحزبية والانتخابية.. لأنهم كانوا هم أيضا ــ بالمقابل ــ يساعدوننا بديمومة نشاطات رابطاتنا وجمعياتنا السورية... حاولوا جــري معهم بهذا التيار الماكروني الساحر.. بلا أية نتيجة.. لأنه لهذا التبادل الشرعي حدود... وبانجرافهم الكلي وراء السيد مــاكــرون.. لم يتبق هناك أي شــيء يتبادل أو يطلب... لأنني لا أؤمن على الاطلاق بكل ما يبشر بــه هذا النبي الاقتصادي الرأسمالي الطموح... وبيننا جبال من الاختلاف بالرأي... ولو فقدت معه مئات الأصدقاء.. مع حزني وأسفي عليهم...
وهنا اؤكد لآخر مرة, بأنني رغم الصعوبات التي عشتها بهذا البلد... لم أطالب هؤلاء الأشخاص بأية خدمة شخصية على الإطلاق.. لا لي ولا لأي فرد من عائلتي.. وكانت المطالب الشرعية, لحاجات أو مطالب لأشخاص سوريين بحاجة لمساعدة.. أو للروابط والجمعيات السورية الفرنسية التي ساهمت سنينا بنشاطاتها وحاجاتها...
لأنني رغم يأسي من فساد السياسة... ما زلت اؤمن بشريحتها التاريخية اليونانية والرومانية القديمة.. وبمبادئ الثورة الفرنسية وشريعتها لحقوق الإنسان1799ــ1789...عندما كانت فلسفة لتطوير الإنسانية وهناء الإنسان نــحــو الأفضل.. لا طواحين كذب ونفاق وفساد...
بــــالانــــتــــظــــار...
للقارئات والقراء الأحبة الأكارم... هـــنـــاك و هـــنـــا.. وبكل مكان بالعالم... وخاصة للنادر القليل المتبقى من الأحرار الذين ما زالوا يقاومون ويناضلون ــ على حساب حياتهم وأمنهم ورزقهم ــ من أجل الحقيقة الحقيقية والحريات الإنسانية والعلمانية الكاملة ومساواة المرأة بالرجل.. وحرية التفكير والتعبير.. بلا استثناء أو تعديلات مطاطية... لــهــن و لــهم كل مودتي وصداقتي ومحبتي وتأييدي واحترامي ووفائي وولائي.. وأصدق تحيات الرفاق المهذبة.
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟