|
غياب النساء والأطفال من بيان الحكومة.
فاطمة خفاجي
الحوار المتمدن-العدد: 5503 - 2017 / 4 / 26 - 08:19
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
أولاً : لقد اختارت الحكومة ان تربط بيانها بأهداف التنمية المستدامة ٢٠١٥-٢٠٣٠ التي وضعتها الامم المتحدة ولكنها للأسف لم تستفد أبدا من هذه الأهداف الدولية التي تعهدت كل دول العالم ان تحققها فمثال علي ذلك فان اول هدف من اهداف التنمية المستدامة هو القضاء علي الفقر والهدف رقم. ٥ أيضاً يتعلق بتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة وللأسف فان بيان الحكومة كان بعيد كل البعد عن التحدث عن هذين الهدفين وعن إجراءات تحقيقهما ثانياً نتعجب أيضاً من عنوان بيان الحكومة المصرية والذي هو "نعم نستطيع" وهو نفس عنوان حملة (أوباما) الانتخابية نتساءل هل استخدام نفس العنوان له معني مخفي عنا تريد ان ترسله لنا الحكومة ؟ أم أن رئيس الوزراء أو وزير التخطيط لم يفطنوا لزلة القلم هذه ؟ ثالثاً إن بيان الحكومة هو بيان ذكوري في المقام الاول لم يراع قضايا النوع الاجتماعي ولم يذكر كلمة "امرأة" غير مرة واحده في صفحاته العديدة وكان وضع المرأة متساوي مع وضع الرجل في كل القطاعات وكأن مشاكل المرأة وطموحاتها وأحلامها هي نفسها تلك بالنسبة للرجال وكان تحقيق اي هدف اذا تحقق سوف تستفيد منه مباشرة النساء بمقدار استفادة الرجال وكأن إجراءات تحقيق اي هدف هي واحدة بالنسبة للجنسين ، ويمكن القول ان غياب المرأة من بيان الحكومة يمثل تراجع واضح في سياسات الحكومة التي قد سبق وأن أنشأت وحده التخطيط والنوع الاجتماعي في معهد التخطيط في أوائل التسعينات والذي وقع علي عاتقها ادماج النوع الاجتماعي وقضايا النساء في الخطط القومية المصرية السابقة وسنعرض في التالي أمثلة توضح خصوصيات وضع النساء ومشاكلها التي تتطلب اهداف خاصة أو مجهودات مضاعفة أو إجراءات خاصة لم يشر اليها البيان من قريب او بعيد ١) يذكر البيان ان معدل البطالة سيخفض الي نحو ١٠-١١٪ في ٢٠١٧-٢٠١٨ والي ٩٪ في عام ٢٠١٩ والي الإضافة ان هذه الأرقام مبالغ فيها ومن الصعب تحقيقها فإن أيضاً معدل البطالة بين الإناث هو أربعة أضعاف البطالة بين الذكور ولم يذكر البيان كيف سيخفض هذا المعدل المرتفع بالنسبة للإناث. ٢) يذكر البيان انه سيتم خلق المزيد من فرص العمل ولم يحدد عددها ولم يذكر نسبة هذه الفرص التي سوف تستفيد بها النساء وفي اي قطاعات ولا يشير الي الخدمات الاجتماعية التي يجب انت تواكب زيادة أعداد النساء في سوق العمل مثل انشاء عدد من دور الحضانة التي يمكن ان تستضيف أطفال المرأة العاملة حتي تستطيع ان تلتحق بالعمل الرسمي وهناك أيضاً سؤال هام حيث ان البيان يتحدث علي مشروعات قوميه عملاقة مثل تنمية محور قناة السويس وجيل جديد من المدن الجديدة ومشاريع الطرق الكبير والمحاور وتطوير الساحل الشمالي الغربي ومشاريع الكهرباء وكلها مشاريع تعتمد علي انشاء بنية أساسية عادة ما لا تخلق فرص عمل للمرأة بينما تستطيع ان تخلق فرصاً للرجال.
٣) إن البيان لم يتحدث من قريب أو من بعيد عن العدالة الاجتماعية واعتبر أن الحماية الاجتماعية هي العدالة الاجتماعية وذلك بالرغم من الفارق الكبير بينهما وعندما تناول مشروع تكافل وكرامة وهو المشروع الذي تنفذه وزارة التضامن الاجتماعي لتطوير شبكات الأمان الاجتماعي ، فقد ذكر البيان ان المشروع سوف يغطي ٦٠٠ ألف أسرة في العام الاول ومليون أسرة في العام الثاني ومليون ونصف في العام الثالث ولم يذكر البيان عدد أو نسبة الأسر التي تعولها النساء وهي تمثل اكثر من ٣٠٪ من الأسر في مصر سوف تستفيد من هذا المشروع. وهذا المشروع هو محاولة لحماية الأسر الفقيرة عن طريق الدعم المادي بدلاً من الدعم السلعي في مقابل شروط معينة مثل إبقاء الأولاد بالمدارس وعدم إلحاقهم بالعمل وهم أطفال وقد سبق ان نفذ هذا المشروع تحت مسميات أخري في منطقتين في مصر ولم يتم تقييمه وما إذا كان قد حقق أي نجاح حتي نبني علي ما سبق وان نستفيد من دروس الماضي والبيان مملوء بإعادة تنفيذ مشروعات لم تقيم ولم نعرف ما أنتجته سلبا او إيجاباً في الماضي حتي نبعث الروح فيها من جديد. ٤) يذكر البيان أن الحكومة قد انحازت للمواطن بشكل تام بوصفه المحور الرئيسي لبرنامجها و لكونه الهدف الأساسي لبرنامج الحكومة وذلك بالرغم من ان البيان يركز علي البناء والجماد ولا يركز علي بناء البشر فقطاع الصحة لا يتحدث عن الرعاية الصحية الأولية او الصحة الإنجابية بمفهومها الواسع ناهيكم عن الحقوق الانجابية ويكتفي البيان بتعريف المشكلة الاساسية بأنها مشكلة زيادة السكان التي تعتبر في الواقع نعمة وليس نقمة كما يصورها البيان وذلك اذا كانت الحكومة تعني بتعليم سكانها ورعاية صحتهم. ٥) وبالمثل عند الكلام عن التعليم تكون الأهداف المذكورة التي تتناول زيادة عدد المدارس لا تتحدث عن كيفية العمل علي تحقيق جودة التعليم او إلغاء التمييز بين الجنسين الذي مازال مستشريا في المناهج الدراسية ويتناول البيان أهم قضايا مصر وهو التعليم باقتضاب شديد لا يوحي بتواجد اي إرادة سياسية في التركيز عليه. ٦) لم يتطرق البيان الي المشكلات الخاصة بالمرأة مثل ما تعاني منه ملايين النساء اللاتي لا يملكن بطاقات للرقم القومي بعد وهو حق أساسي وضمان المواطنة للنساء الفقيرات ولم يتطرق الي أهمية إصلاح قانون الأحوال الشخصية الذي يحرم النساء من كثير من حقوقهن داخل الاسرة ويؤثر أيضاً علي تمتعهن بحقوقهن في المجال العام ويعتبر القانون الحالي أيضا سبباً في حرمان كثير من الأطفال من حقوقهم الاساسية بسبب معدلات الطلاق العالية ولم يتطرق البيان أيضا إلى أهمية وجود قانون متكامل يناهض كافة أشكال العنف ضد النساء والفتيات. ٧) تحدث البيان في اختصار شديد عن أهمية تواجد المرأة في الحياة السياسية ولكنه لم يذكر شيئا عن نوايا الحكومة في فتح الباب أمام النساء لاعتلاء المناصب المقفولة أمامهن مثل اعتلاء سلم القضاء من بدايته أي اعتلاء سلك النيابة واعتلاء النساء لمنصب محافظ ورئيسة جامعة وعضوية اللجنة العليا للانتخابات.
٨) لم يتطرق البيان الي الأهداف التي يجب ان تختص بها الطفولة في مصر وذلك بالرغم من أن الأطفال يمثلون الفئة الأكثر عدداً في مصر فنحن نعلم مقدار المشاكل التي يعاني منها الأطفال في مصر ومعاناتهم من سوء التغذية وتدني جودة التعليم ناهيك عن عمالة الأطفال والأطفال بدون مأوي.
٩) وأخيرا يتحدث البيان عن محاربة التطرف الديني بدون إشارة لأي تفاصيل عن كيفية وضع حد لاستخدام التفسير المغلوط للدين لوضع المرأة في وضع متدني والذي يستخدم لكي يروج بعدم إمكانية إعمال المساواة بين النساء والرجال وبين البنت والولد. في النهاية يمكن القول ان بيان الحكومة يشوبه كثير من العيوب الجوهرية وهو بعيد كل البعد عن كونة خريطه طريق ويفتقر الي اي إجراءات تمكن من تحقيق الأهداف التي يحتويها ويتميز أيضا ببعده عن اي ربط بين المنظور السياسي والأهداف الآخري التي يتضمنها مما يجعله وثيقة بعيدة كل البعد عن الواقع الذي نعيشه وعن المستقبل الذي يمكن تحقيقه.
#فاطمة_خفاجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المرأة السعودية في سوق العمل.. تطور كبير ولكن
-
#لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء
...
-
المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف
...
-
جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا
...
-
في ظل حادثة مروعة.. مئات الجمعيات بفرنسا تدعو للتظاهر ضد تعن
...
-
الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال
...
-
فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى
...
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %
...
-
نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية
-
روسيا.. غرامات بالملايين على الدعاية لأيديولوجيات من شأنها ت
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|