عماد حبيب
الحوار المتمدن-العدد: 1442 - 2006 / 1 / 26 - 07:11
المحور:
الادب والفن
نزلت الحرارة لما تحت الصفر بكثير، و مات عشرات و مئات بشرق اوروبا، و مات البعض هنا بباريس. اثقلت نفسي بالملابس الشتوية لكنني لم اضع شيئا لا على رأسي و لا في يديا فأنا لا أطيق ذلك، و اسرعت نحو نفق المترو. رأيت أحد المشرّدين نائما فوق فوهة التهوئة التي تعلو نفق القطارات. كان بخار الماء الخارج منها يوحي بشيئ من الدفئ، لكني لم ألحظ حراكا. و كان قطيع كلاب ينام بجانبه.
دنوت منه و اردت ان اطمئن عليه، ربما تصورت انه قد مات كغيره فأردت ان ابلغ المطافي ليحملو الجثة.
كان لا يزال حيا، بل كان صاحيا و مدركا لكنه يحاول النوم. سألته عن حاله فقال انه جائع. يندر أن يجوع الانسان هنا. سألته عن علب اكل كلاب كانت بجانبه فصعقني جوابه. قال ان بعضهم و بعضهن يعطونه اكلا للكلاب و لا يعطونه هو شيئا. قال لي: يقولون هذا الاكل للكلاب !! مذا يتصورون ؟ اني سآكله!!. امس اعطاني طفل صغير قطعة كرواسون. خطفها مشرد آخر، لم أغضب، مادام اخذها فلأنه جائع.
فكرت انه لو اكل اكلب الكلاب و رآه من اعطاه اياه لغضب، لاعتداء صاحبنا على حقوق الحيوان، و تذكرت اني اردت ان اكتب شيئا عن حقوق الحيوان، فلم اقدر أن ابتسم حتى.
و الح علي سؤال و انا ابتعد عنه مسرعا نحو المترو، ترى لمن سيعطي صوته في الانتخابات المقبلة من كان قلبه على اكل الكلاب؟ و نسيت بدوري ان اعطي صاحبنا شيئا يقتات به، ثم انا اساسا لا صوت لي هنا.
#عماد_حبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟