فريد العليبي
الحوار المتمدن-العدد: 5500 - 2017 / 4 / 23 - 17:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لفهم حقيقة التسريبات التى تخص جرائم مرتكبة او قيد الاعداد في السياسة والإعلام وغيرهما تحسن العودة الى جذور النظام السياسي المعاد تشكيله غداة هروب بن على مطلع سنة 2011 ، لقد تشكل ذلك النظام من قوى تخضع العلاقة بينها الى خاصيتين أساسيتين فهى من جهة متجانسة من حيث ارتباطها بالفاعل /الراعي الدولي ممثلا خاصة في الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة الامريكية ، وعلينا ان تذكر ان مختلف تلك القوى كانت ولا تزال تتسابق لكسب ود هذه السفارة الغربية او تلك ولكنها من جهة ثانية غير متجانسة من حيث المصالح التى تمثلها محليا فهى متباينة تباينا شديدا وهذا الوضع نشأ عنه توتر ما فتئ يتصاعد فالأمر يتعلق بمنافع ومغانم يجب الفوز بها.
وهذا نجم عنه استعمال ادوات مختلفة في الصراع ،ومنها التسريبات موضوع حديثنا ، وقد عانت تقريبا شتى القوى منها بما يشبه صراعا في حلبة ملاكمة حيث هناك نقاط يسجلها هذا او ذاك على حساب منافسه في انتظار الضربة القاضية التى يمنع حتى الان الفاعل الدولى وقوعها مؤديا دوره كحكم يضبط ايقاع الصراعات والتناقضات.
ومن هنا فإن تلك التسريبات أبعد عن ان تكون مجرد مؤامرة لشد الانتباه الى قضايا مفتعلة، كما انها لا تندرج ضمن بحث اصحابها عن الحقيقة خدمة لمصلحة الشعب والوطن ، انها جزء من ادوات الصراع بين تلك القوى التى يريد بعضها السلطة كاملة او الاستئثار بالجانب الاكبر منها او حتى التمتع بجزء من أجزائها، وذلك بحسب موازين القوى.
يتعلق الامر اذن بتاكتيكات متشابهة واستراتيجيات تكاد تكون متماثلة أعنى استعمال نفس الوسائل لبلوغ نفس الغاية ولكن المستفيدين مختلفين فأحيانا يكون هذا وأخرى يكون ذاك ، ورغم ما تكشف عنه تلك التسريبات من انعدام الفضيلة وتفشي المخاتلة والغش والخسة والنذالة في تصريف الشأنين السياسي والإعلامي فإن هناك امرا ايجابيا في كل ذلك وهو ان الشعب يفتح عينه على حقائق عادة ما يحرص اصحابها على اخفائها .
#فريد_العليبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟