دلشاد مراد
كاتب وصحفي
الحوار المتمدن-العدد: 5489 - 2017 / 4 / 12 - 12:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
"الأزمة السورية قبل الضربة يختلف عما بعدها"... هذا ما اتفق عليه معظم المحللين والمراقبين والأوساط السياسية المعنية بالملف السوري ... لكن ماذا يعني ذلك؟
فاجأ الأمريكيون العالم صباح يوم السابع من نيسان الجاري بتوجيه ضربة عسكرية لقاعدة الشعيرات الجوية التابعة لنظام بشار الأسد وسط البلاد، وسرعان ما تصدرت واجهة الاهتمامات الدولية والإقليمية والمحلية السورية.
أتت الضربة الأمريكية بُعيد تعرض بلدة خان شيخون لهجوم جوي بالغازات السامة، وهو الأمر الذي تسبب بحدوث مجزرة راح ضحيتها عشراتُ المدنيين، لتعلن واشنطن أنَّ ضربتها العسكرية للقاعدة الجوية كانت رداً على مجزرة خان شيخون. وقد ترافق مع الضربة تحركٌ لمجلس الشيوخ الأمريكي بسنها قانوناً جديداً يُوجِّب على الولايات المتحدة التعامل مع رأس النظام السوري بشار الأسد كـ “فاقد للشرعية ومجرم حرب” ويدعو مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لاتخاذ إجراءات فورية وحاسمة رداً على استخدام بشار الأسد الأسلحة الكيماوية، ويفوض بإرسال أسلحة أكثر تطوراً إلى المعارضة السورية.
هلل من يُسمون أنفسهم بالمعارضين "معارضة الفنادق والفيسبوك والتويتر والواتس" للضربة الأمريكية وانتشر هاتشاك "أبو إيفانكا منحبك" كالنار في الهشيم بين أوساط تلك الفئة، بينما التزم مناصرو النظام بالصمت.
أردوغان من جانبه استغل ما حصل ليدعو من جديد إلى شرعنة احتلاله لمناطق في الشمال السوري من خلال إقامة مناطق آمنة، بل نصح بوتين بترك حليفه السوري، وأعلنت السعودية وقطر تأييدها للضربة الأمريكية، فيما اتفقت روسيا وإيران على الرد المشترك لأي ضربة أخرى لنظام بشار الأسد، ودعت أطراف دولية وإقليمية أخرى إلى اتباع الحل السياسي في الأزمة السورية.
لقد غيرت الضربة الأمريكية معطيات كثيرة في الأزمة السورية، ومنها دخول السياسة الأمريكية الجديدة تجاه سوريا والتي كان ترامب يتحدث عنها شفهياً مرحلةَ التنفيذ، وتعليق التنسيق القائم بين واشنطن وموسكو حول الملف السوري وبدء إعادة فرز المحاور الدولية، أي بمعنى آخر كانت الضربة إيذاناً ببدء مرحلة جديدة في الأزمة السورية قد تتسم بالتصعيد العسكري، ولهذا السبب قال الكثيرون: "إن ما بعد الضربة ليس كما قبلها".
وفي الحقيقة إن جعل سوريا ساحة لتصفية الحسابات الدولية والإقليمية والتخلي عن الحل السياسي، وكذلك استمرار الحرب الداخلية ليست لصالح الشعب السوري بتاتاً. وواهمٌ من يعتقد أنَّه بمجرد التدخل العسكري الخارجي لوحده ستنتهي معاناة الشعوب السورية.
إنَّ سبلَ الحل في سوريا تمرُّ من خلال اتحاد الشعوب السورية للقضاء على المرتزقة المتمثلين بداعش والنصرة "فتح الشام" وغيرهما من تلك المسميات والكيانات التي تمولها الدولة التركية، بالتوازي مع تفكيك النظام الأسدي وإنهاء وجوده في المناطق المحررة. ولكن الحل العسكري لوحده غيرُ كافٍ، فإن لم يترافق معها الحلُّ السياسي الجدي من خلال الحوار السوري- السوري وبمشاركة الأطياف والمكونات كافة، والمشروع السياسي الذي يختاره السوريون أنفسهم، فإن البلاد لن تشهد الاستقرار وإعادة البناء من جديد.
[email protected]
*زاوية في العمق / صحيفة روناهي العدد 384 الأربعاء 12/4/2017م
#دلشاد_مراد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟