|
جمالية الخطاب القصصي الحديث: -كوميديا العالم السفلي- للمبدع العراقي عبدالكريم الساعدي أنموذجا / بقلم الناقدة التونسية سامية البحري
عبدالكريم الساعدي
الحوار المتمدن-العدد: 5487 - 2017 / 4 / 10 - 23:30
المحور:
الادب والفن
جمالية الخطاب القصصي الحديث: "كوميديا العالم السفلي" للمبدع العراقي عبدالكريم الساعدي أنموذجا: بقلم الأستاذة سامية البحري ____________________
مدخل : الجمال صورة تبصرونها وعيونكم مطبقة؛ ونشيد تسمعونه وآذانكم مغل 1_ في مصطلح الجمالية: الجمال علم مستقل بذاته؛ وقد اهتم به الفلاسفة اهتماما كبيرا وخاصة منهم الفلاسفة الألمان نذكر على سبيل المثال "كانط"و "هيجل " .. وقد برز الاهتمام بمقولة الجمال منذ الإغريق إذ عرض له "افلاطون" في المأدبة " وليس المجال لاستعراض فلسفة الجمال عبر العصور أو علم الجمال في الفلسفة الحديثة خاصة.. بل أردنا الإشارة إلى ذلك كمرحلة لاستقراء هذا المفهوم في القصة القصيرة. سندنا في ذلك المجموعة القصصية "كوميديا العالم السفلي " للكاتب العراقي عبد الكريم الساعدي ... وقد ارتأينا هذا المثال لأنه الأقرب إلى تجربتنا النقدية ولا نعدم التجارب الأخرى لأقلام متعددة ومبتكرة فالمساحة المخصصة لهذا البحث لا تتسع لعرض كل التجارب وإن كانت تجارب مهمة وثرية؛ قد تكون موضوع بحث آخر في قادم الأيام _إن شاء الله _ 2_ جمالية القصة القصيرة الحديثة: إن التجديد في كيفية تناول الخطاب السردي (القصة/الرواية) لن يتحقق _في تقديري_ إلا إذا أولينا الاهتمام ؛عند تناولها للنصوص_ لعلم الجمال؛ تماما كعلم التفسير وعلم التأويل.... وغيرها من العلوم الأخرى التي تساعد على تناول النص من وجهات نظر مختلفة.. و جمالية الخطاب السردي العربي مفتوحة على إمكانيات مختلفة لما تتميز به اللغة العربية من ثراء في هذا الباب والمقصود بذلك الثراء الفني الذي يتصل بالثراء البلاغي أساسا. وهو بدوره يفتح مجالات عديدة للكاتب حتى يتمكن من صناعة " جمالية "الخطاب عن طريق الصورة الشعرية ولنا في ذلك أنموذجا ممثلا في "علم البيان" فالكاتب يمكن أن يركب الصورة الشعرية بطرق مختلفة. ومثال ذلك المشابهة وهي عالم متعدد المداخل.. فضلا عن المجاز والاستعارة والكناية. . وكلها بمثابة القلعة المحصنة؛على الكاتب أن يمتلك القدرة على فتح أبوابها والولوج إليها بسلام ، إذا أتقن التعامل معها كانت بردا وسلاما على نصه. وخرج إلينا إبداعه في أرقى تجلياتها. وإذا كان سليطا؛متعسفا على الصورة؛يركب الغموض والابهام في سبيل أن يوهم أنه عصي على الفهم وأنه يمتلك قدرات خارقة في تركيب النص ؛ كانت كالنار التي تأكل كل ما يعترضها. ويموت النص عبر الزمن؛ وذلك بحلول القطيعة بينه وبين المتقبل... فالصورة الشعرية هي قدرة فائقة؛من الكاتب على ممارسة مسألين في غاية الانسجام؛ وهما: _أ_ صناعة الصورة: وهي تفترض المعرفة الدقيقة والسليمة. _ب_ تذوق الصورة: وهو تجسيد للبعد الجمالي؛الذي سيمر إلى المتقبل عند عملية التقبل. إن الأفق الجمالي للقصة القصيرة في الحقيقة؛ مفتوح ومتعدد ولا يمكن ارتهانه في الصور الشعرية فحسب. ويكمن ذلك في طرق الاشتغال الفني أثناء عملية الكتابة. .. _3 كوميديا العالم السفلي ومبدأ إنتاج جمالية الخطاب: إن مبدأ الجمالية في عالم كوميديا _في الحقيقة _متعدد الأبعاد إذ نعثر على: _جمالية البناء في الخطاب ______وهو بناء أفقي: يخرج من الأسفل ليعود إليه ( من الأسفل إلى الأسفل =عود على بدأ ) حركة دائرية. _جمالية الصورة في الخطاب ______شعرية الخطاب ( خلق عالم شاعري في رحم العالم القصصي ) _جمالية السردية في الخطاب _____ تناسق السرد وتناغمه وفق تسلسل الأفعال تسلسلا جماليا مبهرا..بعيد عن الرتابة ؛بل ينتظم في إيقاع فريد ؛يتحدى الإيقاع الشعري..و يتجاوزه _جمالية القبح في الخطاب ______ تصوير القبيح من الواقع بطريقة فنية فائقة الروعة.. _جمالية التقبل للخطاب_________ انخراط المتقبل في العملية الإبداعية حتى لكأنه قد شارك في إنتاجها وكل هذه الأشكال الجمالية المتفرعة /المتعددة/المتناغمة في آن قادرة على صناعة جمالية النص في كوميديا العالم السفلي. وهو ما يؤدي إلى لذة القص المنتج بدوره للذة التقبل؛المنتج بدوره للذة النقد... فقارئ النص في هذه المجموعة يتوغل في عالم مثقل بالوجع والعذاب والمعاناة ؛ فإذا به يعانق "كمال النعيم" نعيم القص الشعري الجميل؛والصور الساحرة وهذاما أسميناه "مبدأ إنتاج جمالية الخطاب" وتصوير "القبيح" بآليات وتقنيات "جمالية" كما أن اللغة التي ينقل بها الساعدي هذا الواقع القبيح هي لغة تحلق بأجنحة عديدة في عالم الحرية... وتثور على القواعد المحنطة المألوفة بين الدوال والمدلولات؛وحتى بين المفردات بعضها ببعض.. أمثلة على سبيل الذكر لا الحصر: _ولادة: قطيع من الظلمة يخبط ناظري _ذات الاثير: وحيدة تجلس على شرفة الوجع _ كوميديا العالم السفلي :أمارس ترميم شيبي؛علي أرتطم بقلب مترع بالحنين _رقصة فزع: يلحس الخوف ما تبقى من عقله فالنص كوميديا يحرراللغة _في اعتقادي_ ويعطيها أكثر من فضاء؛لتسبح بلا ضوابط ولا قيود مفروضة.. وهو ما يفرض على الناقد أن يكون قادرا على التحليق في سماء هذا الإبداع بأجنحة أسطورية؛حتى إذا تكسر له جناح نبت له آخر في الحين. .. إذن" الجمالية" تمثل المفتاح الذي يساعد على فك بعض شفرات نص "كوميديا " وهو ما يؤهلنا للسفر في عالم النص وإعادة تشكيله من جديد بطرق مختلفة؛.. فنلتقيه؛فإذا هو" عجينة" قابلة للتشكل في عالم من الابهار والروعة. إنه رحلة "القنص"التي يقوم بها الناقد وهو يمتطي أدواته التي تمكنه من أن يطارد مقاصد الخطاب في خطة ترتقي إلى المغامرة التي تفرض ركوب المخاطر. فإما أن تعود وقد ملأت السلال؛ وإما أن تعود بفكر خاو وقلب متألم وروح كئيب. . وإما أن لا تعود..وتلك هي المأساة. .. وأنا أرتحل في عالم كوميديا للمرة الثانية وأتوغل في "العالم السفلي" أكاد أصغي إلى النص وهو يهمس في خفر" امسكي..._رحمك الله _ فإني لست من غريب اللفظ أو سقط المتاع؛ بل من رحم الواقع خرجت؛وأوجاع الكادحين رسمت؛ وفي هذا الزمن القبيح توغلت.." فينساب الهمس في خفايا الروح؛وأقع أسيرةهذا النص العجيب؛الغريب... يحاصرني الوجع وتخنقني رائحة الموت. .. ورغم ذلك أعانق لذة القص وابتكار التصوير.. تهزّني نشوة الاكتشاف فأركض وراء مواكب الكلام أمضي قدما؛علي أدرك بعض الخفايا..يعتريني الصمت والذهول... وأذوب في جمالية متعددة الأبعاد ... في الحقيقة؛هذه المجموعة هي حشد هائل من الصور يتفجّر بعضها عن بعض؛فيشهد توالدا تلقائيا عجيبا فريدا ليؤسس مشاهد مترامية الأطراف. .. إن نص كوميديا العالم السفلي للكاتب والمبدع القاص عبدالكريم الساعدي؛ من النصوص التي أعتبرها رئيسية /ثورية في النثر العربي؛ والأدب العربي عموما.. وهي تجربة فريدة سيكون لها الشأن العظيم في الساحة الأدبية _كما هي جل نصوص هذا الكاتب العراقي المتميز_ الذي يتقن العزف على أوتار الحرف؛بآليات متفردة و "نوتات" موسيقية لم يسبق إليها؛ حتى لكأن تحت لسانه هاروت ينفث فيه سحرا..... الأستاذة سامية البحري /نفرتيتي / تونس/حضرموت بتاريخ 10 أفريل من سنة 2017
#عبدالكريم_الساعدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غزوة الحرمان
-
عادة علنية / قصة قصيرة
-
بيكادون
-
صوت اللسان
-
( تكوين ) نص أدبي يتقاطع و يلامس أكثر من نظرية فلسفية و فكرة
...
-
تكوين
-
أمل
-
القاص الذي جعل حوادث قصصه قريبة من العقل والمنطق... قراءة /
...
-
تأملات في لوحة مرمرية أيديولوجيا الوجع في القص العراقي -33 أ
...
-
جماليات اللغة في [ ولادة ] للقاص عبد الكريم الساعدي
-
الغريب
-
السفير / قصة قصيرة
-
دراسة نقدية بقلم الأستاذة سامية البحري: - أحلام وذباب-
...
-
بين الانتظار والاحتضار/ سامية البحري - تونس
-
عيناك للعراق / الأستاذة سامية البحري / تونس
-
دراسة نقدية لقصة ( طقس عبثي ) للقاص عبدالكريم الساعدي، بقلم
...
-
قراءة نقدية للأستاذة/ زهرة خصخوصي لنصّ “الرّفيق ديونيسوس” لل
...
-
- الكلام على الكلام صعب -
-
عطب
-
سيرة معطف / قصة قصيرة
المزيد.....
-
*محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا
...
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|