|
العلاقات البينية بين علم الاجتماع وعلم الحاسب الآلي-المفاهيم والمنهجية-
حسين سالم مرجين
(Hussein Salem Mrgin)
الحوار المتمدن-العدد: 5487 - 2017 / 4 / 10 - 10:27
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
المقدمة: بدايةً نتقدم بالشكر للمهندس: وسام النجار، على ملاحظاته المتعلقة بمفاهيم علم الحاسب الآلي، حيث كان لتك الملاحظات أهمية في ضبط المفاهيم و المصطلحات وتوضيح المعاني ، كما اتقدم بالشكر للأستاذ: أنور سيعفان على مراجعته اللغوية وملاحظاته التي كان أهمية أيضا في التدقيق اللغوي و أبراز المقاصد الدلالات. أصبح العصر الحالي هو عصر التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والتقنية، فالعالم اليوم ليس عالم الأمس، فالعالم اليوم تتعدد فيه المؤثرات، وتتنوع فيه أشكال المنافسة، وتنهار الفواصل الزمنية والمكانية بين الدول والمجتمعات. والمنطقة العربية ليست بعيدة عن تلك التغيرات، حيث وضعت هذه الأحداث البُحاث والمهتمين في علم الاجتماع على وجه الخصوص أمام محكٍ لاختبار وتقييم إمكاناتهم وقدراتهم على مواجهة تلك التغيرات، من خلال مدى امتلاك أدوات نظرية قادرة على التفسير، ومن ثم امتلاك مهارة تفـعيل المخيلة السوسيولوجية في إيجاد الحلول والمقترحات. ولتحقيق ذلك لابد من مراجعة وتطوير رؤية وأهداف برنامج علم الاجتماع، والتي لا تزال مقتصرة على تخريج بحاث في مجال علم الاجتماع بأسلوب تقليدي، يقوم جُلها على المحاضرات النظرية، وتعتمد على التلقين واجترار المعلومات، دون الاهتمام بالعمل الجماعي والتفكير الإبداعي وتطبيق المعارف، والأهم من ذلك هو الاستمرار في دراسة العلاقات التقليدية مع العلوم الاجتماعية كعلم النفس والتربية والسياسة والاقتصاد، دون الاهتمام بالبحث بشكل جدي عن العلاقات البينية مع العلوم الأخرى، كعلم الحاسب الآلي الذي لا تزال علاقته بعلم الاجتماع محصورة في استخدامات وتطبيقات في بعض البرامج، مثل برنامج(spss) ، في حين لم يهتم بُحاث علم الاجتماع بالبحث عن العلاقات البينية مع علم الحاسب الآلي من خلال الاستفادة من مكانيزما وتقنيات علم الحاسب، والتركيز على طريقة وآليات عمله، فمثلاً يمكن لعلم الاجتماع الاستفادة من علم الحاسب الآلي في بناء منهج للمعالجة ؛ بغية زيادة الـوضوح في بعض المفاهيم، إضافة إلى تفسير بعض النظريات وحل المشكلات باستخدام التحليل الرياضي الخوارزميات ومهارات التحليل ﻭﺍﻟﺘﺼﻤﻴﻡ ﻭﺍﻟﺒﺭﻫﻨﺔ والمقارنة، وهنا أتذكر مفهوم الفوضى الخلاقة الذي تم طرحه العام 2003م، والذي أثار حينها زوبعة من حيث المفهوم والتفسير في العلوم الإنسانية، فجاء الدكتور: أحمد زويل- ليفسر ويحلل المفهوم بشكل بسيط ، انطلاقاً من زاوية علم الكيمياء، حيث شبه الفوضى الخلاقة مثل قطعة الثلج التي يتم إخراجها من درجة التجميد لتذوب وليتغير شكلها حسب المطلوب مسبقاً، ليتم بعد ذلك إرجاعها إلى درجة التجميد مرة أخرى، هذا مثال يُبين أهمية الاستعانة بأدوات تفكير علوم أخرى في تبسيط وتفسير بعض المفاهيم والمصطلحات في العلوم الإنسانية، حيث لا تزال أقسام علم الاجتماع في كليات الآداب بالجامعات الليبية تتعاطى مع المفاهيم والمشكلات الاجتماعية بنفس الأسلوب التقليدي، كما أن العديد من مناهجها ومقرراتها هي في الأصل اجترار لمعلومات ومقررات من القرن الماضي، وهي بهذا لا تساهم في إحداث التغيير داخل المجتمع، لذا فهي لا تزال تعيش في عالم الأمس، وغير قادرة على اللحاق بعالم اليوم المتطور. وبناءً على ذلك ستسعى هذه الورقة إلى البحث عن العلاقات البينية بين علم الاجتماع وعلم الحاسب الآلي بطريقة غير نمطية، وذلك من خلال التركيز على منهجية عمل علم الحاسب الآلي في تحسين وتطوير أدوات تفكير علم الاجتماع، وبشكل عام فإن السعي لتطوير علاقة علم الاجتماع بعلوم الحاسب الآلي منطلقة من العوامل التالية : ضرورة إعادة تعريف علم الاجتماع ليتلاءم مع المتطلبات الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، والثقافية، والإدارية، والنفسية للقرن الحادي والعشرين. تفضيل طلاب للتخصصات المتداخلة والتخصصات البينية. احتياجات سوق العمل التي ينبغي مراعاتها في برنامج علم الاجتماع؛ لكي يُخرج كوادر بشرية تتوفر فيها مقومات الكفاية الخارجية والتميز الذي يتطلع إليه المجتمع. تفاقم أزمة بطالة قسم علم الاجتماع، والشكوى من عدم جدوى مؤهلاتهم. الكلمات المفتاحية: علم الاجتماع – علم الحاسب الآلي – علاقات بينية أهداف البحث: 1. إعادة تعريف علم الاجتماع. 2. الاستفادة من أدوات ومنهجية علم الحاسب الآلي في تحسين وتطوير أدوات تفكير علم الاجتماع. 3. تقديم تفسيرات حول آليات تهيئة أفراد المجتمع لبعض القيم الاجتماعية الجديدة من خلال استخدام مفاهيم علم الحاسب الآلي. 4. محاولة استخلاص أمثلة وشواهد للعلاقات البينية بين علم الاجتماع وعلم الحاسب الآلي، استناداً إلى ما تمّ مسحه من أدب نظريّ وتجريبي. 5. السعي لوضع رؤية تصويرية لإثراء قسم علم الاجتماع في ضوء تفعيل الدراسات البينية مع علم الحاسب الآلي. منهجية البحث: غلب على هذه الورقة المنهج الوصفي التَّحليلي، كونه المنهج الأكثر تلبية لأهداف الورقة والأكثر قدرة على الكشف عما تنطوي عليه العلاقة بين علم الاجتماع والعلوم الأخرى، والأكثر قدرة على التعامل مع الأمثلة والشواهد التي سنتعامل معها في هذه الورقة من جهة أخرى. أهم التساؤلات: قد نحتاج إلى طرح تساؤلات عدة حول ماهية علم الاجتماع ، ماذا نريد ؟ ولماذا ؟ وكيف؟ فالباحث في علم الاجتماع يتوجب عليه طرح تلك التساؤلات للكشف عن المعوقات التي ربما عرقلت الإنجاز والتنفيذ للوصول إلى علم اجتماع عربي قادر على فهم وتفسير عالم اليوم، ليترفع علم الاجتماع بذلك من ممارسة النقد إلى ممارسة التقويم، ولا شك من أن ذلك سيكون أنفع للمجتمع، إذن كيف يمكن لعلم الاجتماع درء هذه المشاكل ليتلاءم وعصر اقتصاد المعرفة المدعوم بتكنولوجيا المعلومات؟ وللجواب عن هذا السؤال نحتاج أولاً إلى إحداث تغيير في أدوات التفكير، ثانياً تغيير أدوات التقييم؛ لكي توفر إجابات للأسئلة التالية : ما هو علم الاجتماع ؟ بمعنى إعادة تعريف علم الاجتماع. ما الذي يجب أن يكون عليه؟ كيف يمكن تحقيق ذلك؟ ما الوسائل المستخدمة؟ 1. ماهية علم الاجتماع : في البداية ظهر علم الاجتماع في كتابات ابن خلدون عندما حاول دراسة الحياة الاجتماعية والجماعات والقبائل بغية توضيح آليات عمل المجتمع العربي الإسلامي وطبيعته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتغيرات الحاصلة فيها وتبيان أسبابها وقوانينها ونتائجها، في حين ظهر علم الاجتماع في المجتمعات الغربية عندما حاول أيضاً بعض المفكرين الغرب من أمثال أوجست كونت وإميل دوركايم، دراسة طبيعة الحياة الاجتماعية في المجتمعات الغربية وتبيان التغيرات الحاصلة فيها، خاصة الثورة الفرنسية 1789م، والثورة الصناعية التي بدأت مع بدايات القرن التاسع عشر. في الحقيقة لا أُخفي إعجابي بواقعية ابن خلدون وتحليله العلمي المبني على الاختبار والتجريب، وقدرته على استنباط العلاقات في ذلك التحليل، والقدرة على التفكير في مجالات لم يسبق لأحد سبر أغوارها، لذا لا نريد تجاوز أفكاره ونحن نتناول ماهية علم الاجتماع، حيث يرى البعض بأن أفكاره تشكل نقطة تحول في تأسيس علم الاجتماع، بالتالي فإننا بحاجة إلى الوقوف على أفكاره فيما يتعلق بماهية هذا العلم، إضافة إلى الوقوف على منهجيته وبُعدها السوسيولوجي - التاريخي في تلمس هذا العلم، فنجد ابن خلدون يُعَرِّف علم الاجتماع بأنه "ما يعرض لطبيعة ذلك العمران من الأحوال مثل التوحُّش والتأنُّس والعصبيات وأصناف تغلبات البشر بعضهم على بعض، وما ينشأ عن ذلك من المُلك والدول ومراتبها، وما ينتحله البشر بأعمالهم ومساعيهم من الكسب والمعاش والعلوم والصنائع، وسائر ما يحدث في ذلك العمران بطبيعته من الأحوال" (ابن خلدون : 1983:ص33)، كما يُبين ابن خلدون بأن " هذا العلم مستقل بنفسه، فإنه ذو موضوع، وهو العمران البشري والاجتماع الإنساني، وذو مسائل وهي بيان ما يلحقه من العوارض والأحوال لذاته واحدة بعد أخرى، وهذا شأن كل علم من العلوم وضعياً كان أم عقلياً" ابن خلدون : 1983:ص34)، كما يؤكد ابن خلدون بأن هذا العلم جديد كون الغرض منه مستحدث الصنعة حيث يقول:” وأعلم أن الكلام في هذا الغرض مستحدث الصنعة غريب النزعة عزيز الفائدة أعثر عليه البحث وأدى إليه الغوص" (ابن خلدون : 1983:ص35)، ثم يستطرد بقوله " وكأنه علم مستنبط النشأة، ولعمرى لم أقف على الكلام في منحاه لأحد من الخليقة ما أدري ألغفلتهم عن ذلك وليس الظن بهم، أو لعلهم كتبوا في هذا الغرض واستوفوه ولم يصل إلينا" (ابن خلدون : 1983:ص35)، وبالرغم من تأكد ابن خلدون كون هذا العلم جديداً، إلا أنه برر ذلك في كون " العلوم كثيرة والحكماء في أمم النوع الإنساني متعددون، وما لم يصل إلينا من العلوم أكثر مما وصل" (ابن خلدون : 1983:ص35)، كما يوضح لنا ابن خلدون آلية إنتاج العلوم الجديدة من كون " كل حقيقة تصلح أن يبحث عما يعرض له من العوارض لذاتها وجب أن يكون اعتبار كل مفهوم وحقيقة علم من العلوم" (ابن خلدون : 1983:ص35)، كما بين ابن خلدون بأن هذا الفن الذي لاح لنا النظر فيه " انما يتمحور اهتمامه ودراسته من خلال كون " البشر متعاونون في وجودهم، فيحتاجون إلى الحاكم والوازع ، كما يحتاجون إلى المقاصد بطبيعة التعاون والاجتماع المبنية على المحافظة على العمران" فالإنسان عند ابن خلدون " مدني بالطبع" كما يرى "أن الاجتماع الإنساني ضروري" أي لا بد له من الاجتماع، وهو بمعنى العمران" (ابن خلدون : 1983:ص37)، ويحلل ابن خلدون الحاجة إلى الاجتماع الإنساني في كون " الله تعالى خلق الإنسان، وركبه على صورة لا يصح حياتها وبقاؤها إلا بالغذاء، وهداه إلى التماسه بفطرته". ويوضح ابن خلدون بأن الله ركب في الإنسان القدرة على تحصيل تلك الحاجة، إلا أن " قدرة الواحد من البشر قاصرة عن تحصيل حاجته من ذلك الغذاء" كما يحتاج في تحصيله إلى أعمال أخرى "،ويستحيل أن تفي بذلك كله أو ببعضه قدرة الواحد" حيث يؤكد ابن خلدون بأنه " لابد من اجتماع القدر الكثير من أبناء جنسه ليحصل القوت له ولهم، فيحصل بالتعاون قدر الكفاية من الحاجة لأكثر منهم بأضعاف" كما أن أمر الاجتماع البشري يتعلق بالحاجة إلى الدفاع، حيث يقول ابن خلدون " كذلك يحتاج كل واحد منهم أيضاً في الدفاع عن نفسه إلى الاستعانة بأبناء جنسه"، لذا فإن "الاجتماع ضروري للنوع الإنساني وإلا لم يكمل وجودهم، وهذا معنى العمران" (ابن خلدون : 1983:ص37)، كما ربط ابن خلدون بين الاجتماع الإنساني والعمران في كون الأمر يحتاج إلى وجود "وازع يدفع بعضهم عن بعض"، ابن خلدون : 1983:ص38)، كما بين بأن ذلك الوازع يكون واحداً له عليهم الغلبة والسلطان واليد القاهرة، وهذا حسب تفسير ابن خلدون هو" الملك " كما يرى بأنه لابد للبشر من الحكم والوازع (ابن خلدون : 1983:ص38). وفي المجتمعات الأوروبية ساهمت عدة عوامل في ظهور علم الاجتماع، لعل أهمها الثورة الفرنسية 1789م، والثورة الصناعية التي بدأت مع بدايات القرن التاسع عشر، وما ترتب على ذلك من ظهور مشكلات اجتماعية متعددة، فبدأ علم الاجتماع في الظهور كعلم مستقل منذ منتصف القرن 19، وبدأت تظهر فكرة القوانين الوضعية، وكون الظواهر الاجتماعية كغيرها من الظواهر تخضع لقوانين تنظم سيرها وتطورها، وتم ذلك على يد كثير من العلماء الاجتماعيين، أمثال أوجست كونت، وإميل دوركايم، وماكس فيبر، وغيرهم، حيث دعا أوجست كونت إلى تأسيس علم جديد كنسق مستقل من المعرفة الإنسانية تهتم بدراسة الظواهر الإنسانية، ووفقاً لكونت، فإن أهم سمة تميز المجتمع الإنساني هو طابعه النسقي أو النظامي، فالمجتمع يكون نسقاً يتألف من مجموعة من العناصر والأجزاء المترابطة والمتساندة والمتداخلة، وهو شيء يتجاوز الأفراد لأنه ليس مجرد مجموع الأفراد وكل فعاليتهم وعلى كل مستويات وجودهم الفردية والاجتماعية لا يمكن فهمهم إلا في سياق المجتمع الذي يعيشون فيه، كما أكد كونت إلى كون علم الاجتماع ينقسم إلى قسمين، القسم الأول يهتم بالدراسة الإستاتيكية المستقرة والكشف عن القوانين الاستمرار والتعايش والبقاء، والقسم الثاني يهتم بالدراسة الديناميكية، وهي تهتم بدراسة التغير والتحول والتطور واكتشاف القوانين الحاكمة لهذا التطور والتعاقب، والتغير الذي يطرأ على الظواهر سواء في العالم الطبيعي أو المجتمع الإنساني (شلبي : 2012: ص72)، كما حاول كونت توضيح أنّ الهدف الآخر من إنشاء علم الاجتماع، وهو اكتشاف التطورات التي طرأت على المجتمعات البشرية منذ واقعها الأولي، وكيف تحولت بصورة تدريجية إلى المجتمعات الحديثة والمتطورة، واعتقد "كونت" أنّ سبب عدم فهم الظواهر الاجتماعية خاصة التي تظهر في شكل فوضى وفساد راجع لعدم كفاية النظريات والمناهج المطبقة في بحث ودراسة هذه الظواهر، كما يذهب كونت إلى أن علم الاجتماع يدرس الظواهر الاجتماعية في حالة ثباتها وتطورها، أي في حالة توازنها وتغيرها وهو ما أطلق عليه الاستقرار الاجتماعي أو الإستاتيكا الاجتماعية ، والحركة، أو التغيير الاجتماعي، أو الديناميكا الاجتماعية (عبدالجواد : 1982:ص14). أما إميل دوركايم، فقد عرف علم الاجتماع كونه يبحث في الظواهر الاجتماعية من خلال تركيز الاهتمام على تأسيس مدخل سوسيولوجي محدد، وعلى قواعد المنهج العلمي لبحث تلك الظواهر الاجتماعية، كما تمثل أعمال "دوركايم" مساهمة أساسية ومهمة في تطوير مدخل الإجماع والاتساق العام في إطار المنظور البنائي ، كما طور دوركايم طريقة محددة ومنهجاً محدداً للبحث السوسيولوجي، يطلق عليه الآن الوظيفية. (شلبي : 2012: ص80) كما أن فبير يرى في علم الاجتماع بأنه العلم الذي يحاول الوصول إلى فهم تفسيري للفعل الاجتماعي من أجل التوصل إلى تفسير علمي لمجراه ولنتائجه (فيريول: 2011: ص8) ، في حين يؤكد ريمون آرون أحد المشتغلين بعلم الاجتماع في فرنسا أن علم الاجتماع يتميز بأنه دائم البحث عن نفسه، وأن أكثر النقاط اتفاقاً هي صعوبة تحديد علم الاجتماع، كما أورد بيتروم سروكين في مؤلفه النظريات السوسيولوجية المعاصرة عام 1982م، آراء أكثر من ألف عالم وباحث في علم الاجتماع، الأمر الذي يجعل من الصعوبة تحديد من نجح منهم في تعريف علم الاجتماع، ومع التسليم بوجود تباينات كثيرة ارتبطت بتحديد العلم وموضوعه فهي تباينات فرضتها طبيعة العلم في نشأته وتطوره، حيث تأثر بجِماع الأطر اﻟﻤﺠتمعية والفكرية التي أحاطت به .بما في ذلك الدين والفلسفة والعلوم الطبيعية، كما تأثر بطبيعة التغيرات التي طرأت ولا تزال تواصل تأثيرها على اﻟﻤﺠتمع الإنساني، وبمجمل الظروف الاجتماعية والثقافية التي أحاطت بكل رائد من رواد العلم، وجعلته ابتداءً يرتبط في خبرته بمجتمع دون غيره. زد على كل هذا حالة المنهج العلمي في كل فترة من الفترات التاريخية التي مر بها العلم. وهذه مؤثرات لم يكن تأثيرها وقفا على علم الاجتماع أو على أي علم آخر دون غيره من العلوم الإنسانية أو حتى الطبيعية. ( عبد المعطي : 1998: ص 14-15) في حين يري جيدنز أن علم الاجتماع يحاول تفسير السلوك الانساني الذي يصدر عن الأفراد الذين يقومون بالتواصل، أو الذي يستجيبون له. إنه علم مستقل يتخذ المجتمع وحدة التحليل، وهو يهدف إلى الكشف عن الصلات التي تربط نظم التي تكون المجتمع في ظل الإنساق (النسق الاجتماعي هو أية وحدة اجتماعية تتجه نحو تحقيق هدف معين)، إذ تكمن إحدى مهامه الأساسية في الاستجابة للتحولات التي يشهدها العالم المعاصر. كما أنه يسعى إلى تفسير طبيعة النظام الاجتماعي والتحولات التي تطرأ عليه. وبتعبير آخر، إنه علم يدرس انتظام السلوك الاجتماعي الإنساني، وبالتالي يتوجب عليه أن يسعى إلى تحديد وحدات الفعل الاجتماعي وأن يتعرف على كيفية انتظام الوحدات كأنساق أفعال، كما يرى بأن علم الاجتماع "مشروع مذهل وشديد التعقيد؛ لأن موضوعه الأساسي هو سلوكنا ككائنات اجتماعية " (جيدنز: 2005:ص47). كما يرى بأن " دراسة علم الاجتماع ليست مجرد عملية روتينية لاكتساب المعرفة" لذا يفترض على الباحث في علم الاجتماع أن يكون قادراً على التحرر من الظروف الشخصية المباشرة، فالعمل السوسيولوجي يعتمد على أعمال المخيلة السوسيولوجية (جيدنز: 2005:ص48). كما يرى جيدنز بأن علم الاجتماع يسعى من خلال النقد إلى عملية مراجعة، والتي تسعى إلى تكوين رؤية نظرية، (جيدنز: 2006:ص9). ويؤكد جيدنز بأنه إذا فهمنا علم الاجتماع بالشكل الصحيح سوف تتضح لنا حتماً مدى أهمية القضايا الاجتماعية التي يتعين علينا أن نواجهها في مجتمع اليوم، وكل فرد منا لديه قدر من الوعي بهذه القضايا، فعلم الاجتماع لا يمكن أن يظل موضوعاً اكاديمياً خالصاً داخل الجداران الأكاديمية.( جيدنز: 2006:ص18). ويؤكد عالم الاجتماع تورين أن انتماءه للسوسيولوجيا ليس دافعاً شخصياً، بل هو شرط موضوعي لقيام السوسيولوجيا كعلم. حيث يقول في هذا الخصوص: " إن يكن المرء عالم اجتماع اليوم، هو أن يتأمل شروط وجود مجتمع جديد، والطريقة التي يمكن بها للأزمة والقطيعة من جانب، والصراعات من جانب آخر، أن تتَّحد جميعاً لوضع تنظيم اجتماعي وثقافي جديد، من العبث الحلم بمجتمع مثالي مع نسيان التمزقات والانقلابات التي توشك على الحدوث والتي لا ترقى لأن تكون مدخلاً علمياً منهجياً متكاملاً لدراسة ظاهرة الاتصال عبر الحاسب، ونشوء مجتمعات الإنترنت، وكيفية تأثيرها في التفاعل الإنساني كونه بشرياً طبيعياً إلى كونه كائناً ممثلاً رقمياً، افتراضياً، على شاشات طورها الإنسان نفسه، فأخذت بيده إلى كون جديد من أكوان حياته وفضاءاته المجهولة" http://www.onmagharebia.com/news1817.html) ) رغم هذه التباينات فإن ثمة نقاط تمثل أساساً عاماً يتحرك من خلاله علم الاجتماع، ويتحدد به موضوعه الأساسي، وهذا الأساس يشير إلى: أن علم الاجتماع هو علم دراسة الإنسان واﻟﻤﺠتمع دراسة علمية تعتمد على المنهج العلمي، وما يقتضيه هذا المنهج من أسس وقواعد وأساليب في البحث، وهذا البعد الأساسي في التعريف يُعد حصاد تطورات علم الاجتماع منذ أن ولد على يد ابن خلدون، الذي حدده بأنه علم العمران البشري وما يحويه هذا العمران من مختلف جوانب الحياة الاجتماعية المادية والعقلية، ومروراً بأوجيست كونت الذي اشتق كلمةsociology من مقطع من اللاتينية واليونانية ليشير بهما إلى الدراسة العلمية للمجتمع. (عبد المعطي: 1998:ص5 ). كما أن تلك الأفكار والنظريات التي ناقشت الظواهر الاجتماعية، وساهمت في بروز علم الاجتماع لا يمكن فهمها من حيث نشأتها وتطورها دون ربطها بالبناء الاجتماعي الذي ظهرت في سياقاته من حيث طبيعة البناء ومكوناته الاجتماعية. وبناءً على ما سبق يتبين لنا أن لعلم الاجتماع مفهوماً ينبض بالحياة، ومتفاعلاً مع طبيعة الحياة الاجتماعية، وليس مفهوماً ثابتاً يتسم بالجمود والسكون، كونه يرتبط بمضامين عملية لحياة الناس، وبشكل عام، فإنه يبحث في الظواهر الاجتماعية من خلال جملة من التساؤلات المتميزة والنوعية التي يتم طرحها بغية الوصول إلى إجابات تساعد على الفهم والتفسير والتنبؤ لتلك الظواهر الاجتماعية، كما يتم بلورة تلك الإجابات في مجموعة من الأفكار والتصورات والمنظورات، لتعطي لنا صورة عن طبيعة الحياة الاجتماعية من زوايا متعددة، كما يحاول هذا العلم أن يفهم الفعل الإنساني وتأويله داخل بنية مجتمعية ما، برصد مختلف الدلالات والمعاني والمقاصد التي يعبر عنها هذا الفعل أثناء عملية التفاعل والتواصل الاجتماعي، ومن ثم يعتمد علم الاجتماع على خطوات منهجية أساسية، هي: الفهم، والتفسير، والتأويل، والتنبؤ، كما يتضح لنا أن ثمة اختلاف حول طرق التعامل مع تلك الظواهر الاجتماعية، لذا يمكن القول بأن علم الاجتماع يمثل عدداً من المنظورات والتصورات السوسيولوجية لقضايا متصلة بطبيعة التفاعل الاجتماعي والمجتمع الإنساني على العموم التي يمكن من خلالها فهم وتفسير الظواهر الاجتماعية والتنبؤ بها. 1.1 ما الذي يجب أن يكون عليه علم الاجتماع ؟ لا يزال علم الاجتماع يُدرس في بعض الجامعات العربية - وأخص بالذكر الجامعات الليبية - كبرنامج علمي أكاديمي منغلق يفتقر إلى آليات ربط، وعلاقة واضحة ومحددة بواقع المجتمع، كون علم الاجتماع – علم يهتم بطبيعة الحياة الاجتماعية – كما يمكن رصد عدد من مواطن الضعف في أقسام علم الاجتماع في الجامعات الليبية، وهي : أن أقسام علم الاجتماع في الجامعات الليبية - وجامعة طرابلس على وجه الخصوص- لم يستطيع بناء أسس وقواعد أكاديمية تُحمي بها أعضاء هيئة التدريس والطلبة والعملية التعليمية برمتها من مغبة الابتعاد عما هو ضروري لتطور العلم ووظيفته في الحياة العامة للمجتمع. أقسام علم الاجتماع في جل الجامعات الليبية متطابقة إلى حد الرتابة، وكأنها مقاس واحد يناسب الجميع. افتقار بعض المقررات الدراسية إلى أمثلة واقعية لها علاقة بالحياة الاجتماعية بالمجتمع الليبي، وذلك لكون جل النظريات الاجتماعية التي تُدرس لها علاقة بالمجتمعات الغربية، وهي في المحصلة تمثل نتاجاً لخبرات تلك المجتمعات قيام بعض الأساتذة بتدريس بعض المقررات تجاوز توصيفها العشرات السنوات، لذا أصبحت عملية التعليم مجرد تكرار لمحتويات ذلك التوصيف دون زيادة أو نقصان، وبذلك أصبحت عملية التعليم الجامعي هي أقرب إلى التدريس في مراحل التعليم الثانوي، ففي العام 2008م، قام قسم علم الاجتماع بجامعة طرابلس بطرح رؤية جديدة لماهية علم الاجتماع، وذلك من خلال إعادة تعريفه ومراجعة أهدافه، حيث تم إضافة عدد من المقررات ذات العلاقة بطبيعة علم الاجتماع المتجددة، كما تم إضافة مقررات ذات علاقة بآليات وطرق البحث العلمي وكتابة التقارير، غير أن تلك الثورة قوبلت باستنكار من بعض الأساتذة التقليديين الذين تعودوا على طرق محددة في التعليم، تتسم بالجمود الفكري، وعدم القدرة على التبادل المعرفي والثقافي مع الآخر، كما ذلك التغيير في ماهية علم الاجتماع وضرورة ربطه بعدد من العلوم، فمثلاً: المجتمع وهو مهمة علم الاجتماع الرئيسة، ومجال دراساته لم يعد المجتمع الواقعي التقليدي، إنما بدأ ينافسه في تزايد مجتمع افتراضي من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، وهذا بطبيعة الحال يؤدي إلى توسيع مفاهيم علم الاجتماع من ناحية، كما يؤدي إلى تعميق علاقاته البينية ليس مع العلوم الاجتماعية وحسب، بل إلى أكثر العلوم عامة. أصبحت عملية توزيع المقررات الدراسية على أعضاء هيئة التدريس تتم بناء على ذلك التكرار، والجلوس على عتبات المقررات لسنوات، حتى الوصول إلى سن التقاعد، وربما يمتد ويبقي إلى ما بعد التقاعد، وبهذا تتم العملية التعليمية بطريقة تقليدية، يتم فيها تكريس قاعدة ليس بالإمكان أبدع مما هو كائن، وهذه الطريقة في التعليم لا تخلو من السكون والجمود، وتعبر عن حالة من الركود والاستقرار المنهجي، وبالرغم من كون علم الاجتماع يُعبر عن حركية وتغير دائمين، وتجدد وتطور لا ينقطعان، ففيه دائماً أفكار تولد وتتطور، وأفكار أخرى تنحل وتضمحل، وأتذكر هنا العديد من الأحداث والوقائع التي حدثت أثناء رئاستي لقسم علم الاجتماع بجامعة طرابلس 2008-2009م، حيث كان أعضاء هيئة التدريس الجدد، أو الذين يحملون درجات علمية أقل، كانوا يخشون تدريس مقررات يقوم بتدريسها من هم أقدم عضوية منهم في القسم، وتلك الخشية ليست نابعة من عدم التمكن من المقرر، إنما تأتي جلها لأسباب لها علاقة بالشخصية الأكاديمية الليبية، التي تُصنف ذلك بأنه اعتداء على حقوق الأستاذ، كما يُصنف المعتدي بقلة الاحترام وعدم الحياء، حتى أن أحد أعضاء هيئة التدريس الأقدم عضوية ووصل إلى سن التقاعد صرح مرة بأن القيام بذلك سوف يخرج المقررات الدراسية عن سياقها العلمي المتعارف عليه، وهو بالتالي خرق وكسر للقواعد الأكاديمية. بالرغم من إنجاز المئات من الدراسات، والبحوث، ورسائل الماجستير، وأطاريح الدكتوراه، في أقسام علم الاجتماع، إلا أن ذلك لم يتمخض عنه إنتاج منهج اجتماعي، وطريقة بحث تتلاءم مع خصوصية المجتمع الليبي تكون أكثر فاعلية، ولها علاقة بطبيعة الحياة الاجتماعية في ليبيا، وتكون لها أيضاً أهداف وإستراتيجيات واضحة لمعالجتها، وحلها في إطار تلك الخصوصية، هذا إضافة إلى إصباغ تلك الدراسات والبحوث بمفاهيم لها علاقة بطبيعة المجتمعات الغربية، وبالتالي يمكن القول أن نتائج تلك الدراسات مهما كانت دقتها إلا أن إنتاجها تم في نطاق تصورات معرفية ذات علاقة بالمجتمعات الغربية، وهي بهذا تكون قد أغفلت مساحات مهمة وجوهرية من العوامل المؤثرة والفاعلة، وكذلك ربما تكون مغتربة عن الواقع المُعاش. ساهمت بعض الدراسات والأطاريح من تجريد علم الاجتماع من ثوريته، وقدرته على المساهمة في تغيير الواقع الاجتماعي وتحويله إلى مجرد أرقام وإحصاءات، حيث اتسمت نتائج تلك الدراسات كونها مجرد أرقام وجداول وإحصاءات، دون تلك القدرة على التحليل والتفسير والتأويل العميق والتنظير. انشغال جل أعضاء هيئة التدريس بالعملية التعليمية، حتى أصبحت أقسام علم الاجتماع مجرد ساحات للنقل وتقليد وتكرار ما يدور في الجامعات الأوروبية من مفاهيم، ونظريات، وإشكالات، لها علاقة بخصوصيات تلك المجتمعات، مما أدى بالابتعاد عن سياقات البحث العلمي، وتأصيل وتحليل قضايا المجتمع المهمة. عدم جدية النظام السياسي السابق في تناول قضايا التنمية والتحديث والتغيير الاجتماعي والسياسي، كما ينبغي الإشارة أيضاً إلى كون النظام السياسي السابق كان سيضيق صدره إذا ما تجرأ أحد من بحاث علم الاجتماع بالنقد، أو القول بما لا يتفق وطموحاته، بالرغم من أنه لم يتجرأ أحد من باحثي علم الاجتماع وكتب شئياً مخالفاً لتوجهات النظام، حتى القضايا الجوهرية الملحة كالفقر، والتعليم، والجريمة، والبناء العشوائي، كان يتم البحث فيها ودراستها بناءً على رغبة وتوجيه مباشر من قبل النظام السياسي السابق. من ضمن العوامل المؤثرة والفاعلة التي لم تأخذ حقها من الاهتمام في قسم علم الاجتماع بالشكل المطلوب والمناسب، هو المكون الديني للمجتمع الليبي، وذلك في فهم العديد من الظواهر الاجتماعية، حيث اعتقد بأن العامل الديني كان سيقدم لنا تصورات معرفية، ودينامية، صحيحة في بعض تلك الظواهر، وفي امتلاك الرؤية الواضحة في عمليات الفهم، والتفسير، والتنبؤ، وفي تأثيرها على بعض السلوكيات المجتمعية، مما قد يساعدنا على الوصول إلى وضع تصورات معرفية صحيحة، وبالتالي أدى ذلك الإهمال إلى تشويه فهم طبيعة المجتمع الليبي، كما نشأ عنها في العديد من المرات تفسيرات ذاتية، أو تصورات ذات علاقة بنظريات غربية لا تطابق الواقع. انعدام التفكير الإبداعي، وهو الفكر القائم على إنتاج مواضيع جديدة، يخرجها عن سياقها المألوف والمتعارف عليه، حيث يُسيطر الأساتذة التقليديون على معظم أقسام علم الاجتماع، وفرضهم الركود الفكري، وأتذكر أيضاً أنه في العام 2006م، عندما اقترحت على أحد رؤساء القسم السابقين مناقشة المشاكل التي تواجه أعضاء هيئة التدريس بالقسم، خاصة فيما يتعلق بمشاريع التخرج، إضافة إلى مناقشة الأنشطة العلمية المكملة للعملية التعليمية، جاء رد رئيس القسم آنذاك في قصاصة صغيرة– لا أزال أحتفظ بها- حيث يقول فيها " بالنسبة للنشاط العلمي بالقسم، الأساتذة يقومون بواجباتهم كمعلمين على أفضل وجه، ومنخرطين في نشاطات علمية داخل وخارج الجماهيرية "ليبيا"، أما مشاكل الطلبة المتعلقة بمشاريع التخرج...فيقول ..إن كانت لديك مشكلة مع المجموعة التي كُلفت بالإشراف عليها، فتفضل مشكوراً بطرحها على أمانة القسم، وسنتمكن من التغلب عليها إن شاء الله"، بالتالي تم تصنيف المقترح المقدم تجاوزاً لتلك الحدود والقواعد الأكاديمية، التي تم رسمها لسنوات داخل القسم، بالمقابل اعتبرت واقع القسم المعاش آنذاك تحدٍ يحتاج إلى تغيير، وبضرورة التحول من واقع نعيشه إلى حالٍ آخر ننشده. إذن بشكل عام يمكن القول بأنه هناك حاجة ماسة إلى علم اجتماع يتميز بالسمات التالية : الفاحص والمتأمل في الظواهر الاجتماعية. البعد عن القوالب الجامدة والمتكررة والتحليلات الانطباعية الجزئية والنماذج التفسيرية المنغلقة على اللحظة. الحاجة إلى البحث، وإنتاج مفاهيم سوسيولوجية أصيلة لها علاقة مباشرة بالحياة الاجتماعية بالمجتمع العربي. إمكان التنظير، وبناء مفاهيم ذات علاقة بطبيعة المجتمع العربي الإسلامي، ومن ثم يمكن تطوير علم الاجتماع. الابتعاد عن تأليه أفكار بعض أعضاء هيئة التدريس، حيث لاحظت خلال فترة رئاستي للقسم بوجود نوع من التأليه لأفكار بعض أعضاء هيئة التدريس، فعندما يقوم أحد أعضاء هيئة التدريس بنقد فكرة ما قام بطرحها عضو هيئة تدريس مما يصنفون بكونهم الآباء الشرعيين لعلم الاجتماع، تواجهك اتهامات من كل حدب وصوب، أقلها توجيه لوم قاسٍ من خلال توجيه تساؤل يتمحور حول: من أنت لتقوم بهذا النقد! فهذا النقد مرفوض وغير مرغوب. الحاجة إلى انفتاح علم الاجتماع على من هم خارج التخصص، ففي ظل عصر المعلوماتية ومجتمع المعرفة أصبح هناك تنامٍ هائل لإنتاج المعارف، حتى وصل الأمر إلى ما يعرف بـ الثورة المعرفية أو الانفجار المعرفي من خلال الإدماج والتكامل ما بين العلوم ، حيث أصبح تقدم أي مجتمع مرتبطاً أساساً بالقدرة على استخدام المعرفة، كما أن المعرفة بالتخصص وحدها أصبحت غير كافية، كونّ الحقائق العلمية متصلة ببعضها، وبالرغم من ذلك كله إلا أن علم الاجتماع لا يزال يصنف من ضمن العلوم المتخصصة، وليس علماً عاماً، مما أضعف إثراءه الفكري والمعرفي وتعميقه من خارج التخصص الدقيق، خاصة مع تزايد الوعي المجتمعي بأهمية علم الاجتماع ودوره في عمليات الفهم، والتفسير، والتنبؤ، بالظواهر الاجتماعية، حيث أصبح دور الباحث الاجتماعي يناط بالعديد من الكتاب غير المتخصصين الذين يقومون بعملية النقد المجتمعي، إضافة إلى دور وسائل الإعلام والصحف وشبكات التواصل الاجتماعي، كما أن الإعلام بوسائله الحديثة وبرامجه المتنوعة أصبح يصدر تصورات وأفكاراً ومبادئ تعمل على إحداث تغيير مقصود في المجتمع. هناك حاجة إلى إعادة تعريف علم الاجتماع من خلال إظهار أسلوبٍ جديدٍ في الفهم، أو نمطٍ جديدٍ من التفكير، وفي تحديد القواعد الإبستمولوجية التي تحكم بناء الموضوع السوسيولوجي؛ لنقل علم الاجتماع من مستواه النظري إلى مستوى التحليل الملموس، وبغية أحداث مقاربة مع التغيرات الحاصلة، فعالم اليوم وضع البُحاث والمهتمين العرب بعلم الاجتماع أمام محك لاختبار وتقييم إمكاناتهم وقدراتهم على مواجهة التغيرات المستمرة، خاصة بعد الحراك المجتمعي الحاصل في المنطقة العربية أواخر 2010م، وبدايات العام 2011م، الحاجة إلى وجود كتب في علم الاجتماع لها القدرة على مخاطبة أفراد المجتمع بوضوح بشكل عام، وليس موجهة للمتخصصين من الأكاديميين كما موجود حالياً، فحياة الفرد أصبحت تتصف بالتعقيد بسبب تداعيات تأثير التقنية والرفاهية والتصنيع عليها بدرجات كبيرة، كما أصبح الفرد يتعامل في حياته اليومية مع عناصر متنوعة، منها الاجتماعية والنفسية والجغرافية والطبية ...إلخ، وهكذا يستطيع علم الاجتماع تقديم مفاهيم ونظريات مبسطة ودراسات ميدانية تكشف حقيقة الواقع، وتساهم في النمو الاقتصادي والتنمية وتحسين مستوى المعيشة، إضافة إلى تقديم النصح لأفراد المجتمع، ولراسمي السياسات، ومتخذي القرار بشكل خاص حول تصور بدائل الواقع، كما سيساهم علم الاجتماع في مساعدة الفرد على التكيف الاجتماعي في ظل عالم مشحون بالتوترات والتناقضات وسرعة التغير، ويمنحه الثقة في نفسه وفي مجتمعه وقيمه، ويساعده في تطوير ذاته، كما يساهم فكريا في مواجهة المشكلات بواقعية. خروج علم الاجتماع من أسوار الجامعات إلى المجتمع، والقيام بدوره المناط به، من خلال المساهمة في دراسة وفهم الظواهر الاجتماعية وتفسيرها والتنبؤ بها، خاصة تلك التي برزت بعد الحراك المجتمعي منذ أواخر 2010م، والتي لا يزال يتخبط فيها المجتمع، والسعي لحلها، إضافة إلى متابعة المشكلات التي قد تطرأ على المجتمع نتيجةً لتداعيات ذلك الحراك، والسعي لدراستها وتحليلها، ومعرفة آثارها ومسبباتها، وطرق الحد منها، مثل: تزايد العنف بين الشباب، وانتشار السلاح، وانتشار الحبوب المخدرة، والهجرة غير الشرعية، وتزايد حالات الطلاق، والتسرب من التعليم، وتعطيل مؤسسات الدولة، والفساد الإداري والمالي، والغش في الامتحانات، وكثرة حالات التزوير في مستندات الدولة، والتعدي على ممتلكات الدولة، والاعتصامات في مؤسسات الدولة، وبروز التطرف الديني، ودور القبائل في المجتمع، والمصالحة الوطنية ...إلخ. هناك حاجة إلى فروع جديدة لعلم الاجتماع يحتاجها المجتمع وسوق العمل، مثل علم اجتماع المستقبل، والثقافة، والأخلاق، والإعلام ووسائل الاتصال، ونحوها من فروع علم الاجتماع التي تحتاج لا أن يكون "المعلم" أو الأستاذ تقليدياً مجرد ناقلاً ومحفظاً للمعلومات، إنما يقوم بتنمية القدرات الإبداعية وتوظيف مهارات التفكير الناقد والإبداعي، ليصبح بذلك علم الاجتماع عبارة عن تدريبٍ وممارسة بحثية وتعلم مهارات، فهذه الاهتمامات هي التي تجعل منه علماً واقعياً يلامس الحياة الاجتماعية، ويؤدي دوره الفكري والتنموي الذي أسس من أجله، ومن ناحية المسؤولية الاجتماعية يمكن أن ينفتح علم الاجتماع على المجتمع، ويشارك أفراده المعرفة بتنفيذ دورات ومحاضرات ومجلات غير محكمة وتبسيط النظريات، وإعداد برامج تفاعلية عبر التقنية ووسائل الاتصال، فغالبية كتب تطوير الذات أو ما يسمي بالتنمية البشرية، إنما هي في الأصل نظريات اجتماعية مبسطة. ولتطوير هذه الأفكار وقراءتها قراءة صحيحة، قراءة تقلل من عمليات القفز الضفدعي، ولتحقيق ذلك أعتقد بوجود حاجة إلى وقفة للتدبر في واقع علم الاجتماع، ومن ثم يكمن تصحيح المسار وتحديد مواطن الخلل، والعمل على تلافي أسبابها باتخاذ إجراءات التصحيح المناسبة، ومواجهتها بالأسلوب الملائم من خلال التفكير النقدي والرؤية النقدية لوظيفة علم الاجتماع، لأن من مهام علم الاجتماع حسب عالم الاجتماع الفرنسي بيار بورديو هي فضح الواقع وعدم التستر عليه بالحفر والنبش، وبالتالي يمكن القول بأن علم الاجتماع في الجامعات الليبية لا يزال حبيس أسوار الجامعات، حيث يعيش حالياً في ظل أزمة تنظير واهتمامات حقيقية وواقعية، حيث توجد فجوة عميقة في أقسام علم الاجتماع بين ما يُدرسونه من أفكار ونظريات، وحتى ما يقومون به من دراسات أمبريقية وواقع المجتمع الليبي، فكل المجهودات من دراسات وبحوث وأطاريح لم تنتج منهج بإمكانه فهم وتفسير والتنبؤ بالظواهر الاجتماعية التي يعيشها المجتمع مثل: البطالة، الفقر، العنف، التعليم ،...إلخ، كما أن التعليم في أقسام علم الاجتماع لا يعتمد على ملكة النقد والخيال الاجتماعي والتحليل، بل لا يزال يعتمد على التعليم البنكي القائم على إيداع المعلومات، ومن ثم سحبهـا، ولعل هذه الأزمة أصبحت أشد وطأة وأكثر وضوحاً خلال الحراك المجتمعي الذي مر به المجتمع الليبي منذ بدايات 2011م، حيث لم تستطيع أقسام علم الاجتماع التعاطي بشكل جدي مع ذلك الحراك، كما كشفت فجوة أداء علم الاجتماع عن دراسة واقع المجتمع والظواهر المنبثقة عنه، والعجز عن المشاركة في التخطيط له، كذلك الابتعاد عن المساهمة في إنضاج وعي المواطن بقضايا مجتمعه، وانحساره في التدريس والتلقين والهروب خلف أسوار الجامعة، كما لا تزال الموضوعات التي تُدرس وتبحث بعيدة عن القضايا التي يعيشها المجتمع ،وبالرغم من كون ابن خلدون أدرك ماهية هذا العلم وضرورة تخصيص حيز خاص من الفكر البشري لموضوعه فهو يقول" وهذا هو غرض الكتاب الأول من تأليفنا، وكأن هذا وهو علم مستقل بنفسه موضوعه العمران البشري والاجتماع وأصبح الإنساني، كما أنه علم يهدف إلى بيان ما يلحقه من العوارض والأحوال لذاته واحدة بعد الأخرى، كما أدرك أيضًا أنّه لم يستكمل القول في هذا العلم، ولم يدرس موضوعه بكامله، ولا اكتشف قوانينه كافة، فهو يقول " نحن ألهمنا الله إلى ذلك إلهاماً وأعثرنا على علم جعلنا بين نكرة وجهينة خبره، فإن كنت قد استوفيت مساءلة وميزت عن سائر الصنائع أنظاره وأنحاءه فتوفيق من الله وهداية، كما أنه لم يكتفِ بذلك، بل دعا القادرين إلى استكمال ما نقص منه حيث يقول" وإن فاتني شيء في إحصائه واشتبهت بغيره، فللناظر المحقق إصلاحه، ولي الفضل لأني نهجت له السبيل وأوضحت له الطريق" (ابن خلدون : 1983:ص36). 2.1 ما علاقة علم الاجتماع بالعلوم الأخرى؟ عند تناول علاقة علم الاجتماع بالعلوم الأخرى قد نحتاج إلى طرح أكثر من تساؤل عن هذا الموضوع أهمها: هل يشارك علم الاجتماع فروع العلوم الإنسانية والاجتماعية في اهتمامها ببعض الظواهر المجتمعية؟ هل هذه المشاركة تعمل على تعميق بعض المفاهيم، وتساهم في فهم وتفسير الظواهر الاجتماعية بالنسبة لعلم الاجتماع؟ هل هناك ترابط وتكامل بين علم الاجتماع وتلك الفروع؟ بداية يمكن القول إنه في ظل عصر مجتمع المعرفة والمعلوماتية، ونتيجة للطفرة الهائلة التي أحدثتها التقنية الجديدة للمعلومات، والاتصالات، والتي يسرت ووفرت وسائل وأساليب متطورة لجمع البيانات وتحليلها واستنباط مدلولاتها أصبح معها تطور المجتمع يعتمد في سيطرته ونفوذه على المعرفة، كما أصبح المجتمع يعتمد على كفايات استخدام المعلومات في كل مجالات الحياة، ويُعد منهج التكامل بين العلوم والاعتماد المتبادل بينها من المناهج الفعالة التي تساهم في ربط تلك المعارف، فيؤدي ذلك إلى تنمية المهارات على التفكير العلمي، وإثراء عقول المؤدّي إلى الإبداع والابتكار، من هنا برزت أهمية التواصل بين العلوم في عصر المعلوماتية؛ وذلك لتنمية القدرة على الإقناع من خلال اكتساب عدد من الحقائق والمفاهيم والمعلومات التي تساهم في زيادة المعرفة والفهم والتفسير والتنبؤ، مما يُعمق التفكير الناقد الذي يُعد هدفاً أساسيا من أهداف علم الاجتماع في فهم الظواهر الاجتماعية، ويعرف التكامل المعرفي بين العلوم " بأنه تقديم المعرفة في نمط وظيفي على صورة مفاهيم متدرجة ومترابطة تغطي الموضوعات المختلفة دون أن تكون هناك تجزئة أو تقسيم للمعرفة إلى ميادين منفصلة، أو إلى أساليب ومداخل تعرض فيها المفاهيم وأساسيات العلوم، بهدف إظهار وحدة التفكير وتجنب التمييز والفصل غير المنطقي بين مجالات العلوم المختلفة" http://www.shakwmakw.com/vb/showthread.php?t=234176))، بالتالي فإن منهجية تكامل العلوم والاعتماد المتبادل فيما بينها سوف تتعاطى بشكل جدي مع المعرفة التجديدية، وتعمل في الوقت نفسه على رسم سياسات أفضل واتخاذ قرارات مناسبة، كما تعالج هذه المنهجية ديناميكيات التغيير في المجتمع في ظل تسارع وتيرة المعلومات من خلال فهم الظواهر الاجتماعية من زاويا معرفية متعددة، ومن ثم تفسيرها بالشكل الصحيح ووضع الحلول المناسبة لها. وفيما يتعلق بعلم الاجتماع، فهو يرتبط بكثير من العلوم التي تساعده على تحقيق أهدافه، وأهمها الوصول إلى القوانين الاجتماعية، فنجده يرتبط بجميع العلوم الإنسانية، والتي يتكفل كل واحد منها بدراسة أحد مناحي الحياة البشرية، كعلم النفس، والتاريخ، والجغرافيا، وعلم الإنسان، كما يرتبط من ناحية أخرى بالعلوم الاجتماعية، كعلم السياسة، والاقتصاد، والقانون، (عبدالجواد: 1982:ص31). لذا فهذا الترابط والتداخل بين علم الاجتماع وتلك الفروع من العلوم يؤدى إلى تفاعلٍ وثيقٍ واعتمادٍ متبادلٍ في فهم الظواهر الاجتماعية، بحيث تكون أكثر اتساعاً وشمولية. فعلم الاجتماع من ناحيته أصبح يمد جسوراً لاستمرار التعاون والتبادل بينه وبين العلوم الاجتماعية المحددة، فيوجد مثلاً علم الاجتماع السياسي لدراسة الظواهر السياسية من منظور علم الاجتماع، وعلم الاجتماع القانوني، وعلم الاجتماع الديني، بالتالي تزايدت موضوعات علم الاجتماع، لكي ترى بمنظار هذه الظواهر وتعيد وضعها في سياقها الاجتماعي الطبيعي الذي يستحيل فهمها بدونه، ومن ثم يتعاظم الدور الذي يؤديه علم الاجتماع والدراسات السوسيولوجية للظواهر الجزئية السياسية، أو القانونية، أو الدينية، بالنسبة للعلوم الاجتماعية المحددة التي تعكس تطوراتها المعاصرة؛ مدى إفادتها من إنجازات علم الاجتماع.(عودة :بدون تاريخ : ص 52)، فالظواهر الاجتماعية أصبح يشترك في دراستها أكثر من علم واحد، ولكن كل علم يدرسها من زاوية تخصصه، وهذا الأمر أدى إلى أنْ تكون جميع هذه العلوم متداخلة فيما بينها، وهذه التداخلات تعني أنَّه لا يوجد استقلال مطلق بين العلوم الاجتماعية بالرغم من الموضوعات التي تخص كل علم، والتي تميزه عن بقية العلوم الأخرى. كما يري جيدنز بأنه لا توجد فواصل دقيقة بين علم الاجتماع من ناحية، ومجالات النشاط الفكري الأخرى في العلوم الاجتماعية، حيث إن بعض قضايا النظرية الاجتماعية التي تتعلق بكيفية فهم أو تصور السلوك الإنساني والنظم الإنسانية تمثل اهتماماً مشتركا بين العلوم الاجتماعية جمعياً، وهذا الاشتراك في تغطية العلوم الاجتماعية يمثل نوعاً من التقسيم العمل العلمي. (جيدنز : 2006:ص27). كما ذهب أوجست كونت إلى كون جميع العلوم تشترك في إطار منطقي ومنهجي عام، ويتمثل ذلك في اكتشاف القوانين العامة التي تحكم الظواهر التي يتناولها كل تخصص، وبالتالي اكتشاف تلك القوانين في الحياة الاجتماعية يجعل بالإمكان تشكيل المستقبل، وتنقسم العلوم بشكل عام إلى قسمين رئيسيين، هما العلوم الطبيعية: كالفيزياء، والكيمياء، وعلم الأحياء، وعلم طبقات الأرض، والعلوم الإنسانية التي تهتم بدراسة العالم الاجتماعي، مثل: علم الاجتماع، وعلم الاقتصاد، وعلم السياسة، والتاريخ، والجغرافيا، وعلم الإنسان، وعلم النفس. وتتصف هذه العلوم بطابعها التخصصي، وكل علم منها له نظريات ومناهج بحث خاصة به تميزه عن باقي العلوم الإنسانية الأخرى، ومع هذا فإن هناك ظواهر اجتماعية يشترك في دراستها أكثر من علم واحد، ولكن كل علم يدرسها من زاوية تخصصه. (عبدالجواد : ص31:1982). لذلك يمكن القول إن كل ميدان من ميادين النشاط الإنساني- تقريباً- يمكن أن يعد موضوعاً للاهتمام السوسيولوجي، أي أن علم الاجتماع يستطيع تحليل النظم المتصلة به، وإجراء مسح للوقوف على ملامح الجماعات والتنظيمات الداخلة فيه، كما يمكن تتبع عناصر الاستمرار والاتصال بين السلوك الجماعي والسلوك الفردي فيه، ومن هذا مثلاً أن علماء الاجتماع قد بذلوا جهوداً كبيرة في ميدان علم الاجتماع الموسيقي، وعلم اجتماع الجماعات السرية، وعلم اجتماع الحب، وعلم اجتماع الموت، بالتالي فإن هذا يعني مدى تنوع النشاط الاجتماعي الذي يمكن أن يتصدى لدراسته علم الاجتماع. (الجوهري:2007: ص71). كما أن بيترم سروكن حدد موقع علم الاجتماع بين العلوم الاجتماعية من خلال تحديد موضوع دراسة واهتمام هذا العلم، حيث قال :"إن لكل علم حدوداً معرفية في مجال حقله، وعلى الرغم من ذلك، فإن هناك مواضيع مشتركة بين العلوم، فمثلاً هناك تداخل بين الفيزياء والهندسة والرياضيات والكيمياء، وجميع هذه العلوم متداخلة مع علم الأحياء، وهذه التداخلات الميدانية أنتجت ميادين جديدة كالكيمياء العضوية والفيزياء الرياضية، ونجد هذه الصفة في العلوم الاجتماعية، فعلاقة علم الاجتماع بعلم النفس أوجدت لنا حقلاً جديداً اسمه علم النفس الاجتماعي، وعلاقة علم الاجتماع بالتاريخ أظهرت حقل تاريخ الفكر الاجتماعي، وعلاقة علم الاجتماع بعلم السياسة أظهرت لنا حقلاً اسمه علم الاجتماع السياسي، وعلاقة علم الاجتماع بعلم الإنسان أوجدت حقلاً اسمه علم الإنسان الاجتماعي، وعلاقة علم الاجتماع بالجغرافيا أظهرت حقلاً جديداً اسمه الجغرافيا الاجتماعية، وهكذا فلا يوجد استقلال مطلق بين العلوم الاجتماعية. ( http://wwww.arts.uokufa.edu.iq/teaching/c/dr.hakem/files/dr.hakem2.doc)، وفي العلوم الاجتماعية نجد علم الاجتماع قد اعتمد على قسم من أبحاث المؤرخين وبعض نتائج البحوث الاقتصادية والسياسية، ففي بداية حياة علم الاجتماع أثرت النظريات الاقتصادية والسياسية والتاريخية على عمل أوغسطين، وتوماس الأكويني، وهوبر، وميكافيلي ومونتسكيو، ولوك، ورسو، وبيجوت، وأوكست كونت، وهربرت سبنسر، وهيجل، وماركس ودوركهايم، وتارد، وماكس فيبر، وباريتو. وبشكل عام يمكن القول بأنه مع تطور علم الاجتماع وتعدد فروعه واهتماماته، والتي اشتملت على مناحي الحياة الاجتماعية كافة، فإنه ما يبرز علمٌ جديدٌ من العلوم إلا وتجد له علاقة بعلم الاجتماع، فحتى مجال علم الفضاء فإن وكالات الفضاء تستعين بخبراء في علم الاجتماع لدارسة بعض الظواهر الاجتماعية ذات العلاقة بالإنسان عندما يكون في الفضاء، خاصة وأن رحلة الذهاب والعودة عبر الفضاء تستغرق عدة أشهر، بالتالي فإن علاقة علم الاجتماع بالعلوم الأخرى من حيث الترابط والتفاعل والتكامل محددة بقدر ما للظاهرة الاجتماعية من جوانب ممتدة في مناحي تلك العلوم، فهو يدرس هذه الجوانب الأخيرة بالقدر الذي يساعده على فهم الظاهرة الاجتماعية وتحليلها وتفسيرها، ومحاولات التنبؤ بها، ولابد من التنويه هنا بأن علم الاجتماع يعتمد في بعض دراساته على بعض نتائج دراسات العلوم الأخرى بسبب احتياجاته لها، ولكي تكتمل الصورة الاجتماعية للظاهرة المراد دراستها. 2- ما أهمية العلاقات البينية بين العلوم ؟ تعتبر الدراسات البينية عبارة عن نتاج من التفاعل بين تخصّص علمي أو أكثر مترابطين أو غير مترابطين، وذلك بغية استحداث برنامج أو برامج جديدة، وبهذا تشكل هذه البرامج مجالاً جديداً قائماً على الاعتماد والتكامل المعرفي والمتداخل والعابر للتخصّص، والمفتوح على الإبداع والابتكار، حيث يمكن الاستفادة من الأدوات والمنهجية المتطورة لبعض العلوم في تحسين وتطوير أدوات تفكير البعض الآخر، وصولاً إلى تحقيق الابتكار والإبداع المفتوح، وأعتقد أن مثل هذه البرامج الابتكارية الهدف الأساسي منها هو تحقيقها الميزة التنافسية، إضافة إلى تضييق الفجوة مع سوق العمل عن طريق الاستفادة من تفوق بعض العلوم والبرامج التي تمتلك القدرة التنافسية؛ لتقوم بعملية الرفع من العلوم والبرامج التي تعاني من بطالة مخرجاتها، أو التي تعاني من الركود والسكون في المنهجية وأدوات التفكير، لذا فإن هذا الترابط والتفاعل سيُمكن تلك العلوم التي تعاني ركوداً من الاستفادة من المنهجية والمعرفة والتنافسية للعلوم الرافعة، بالتالي سيتم إنتاج برامج جديدة مفتوحة أمامها كل مصادر التفكير والمعرفة؛ لتقوم على استخدام منطق جديد للابتكار والإبداع. وكنت قد طرحت في السابق تساؤلات عدة، حول إعادة تعريف جامعاتنا ؟ وماذا نريد ؟ ولماذا ؟ وكيف؟ فهناك عدد من كلياتنا وبرامجنا شارف على الانتهاء أو القفل حتى أن بعض البرامج لا يتجاوز فيها عدد الأساتذة عدد الطلاب ! وهنا يقول المفكر مالك بن نبي أن" العلم الذي لا يترجمه عمل، يظل ترفاً لا مكان له في وطن ما يزال فقيراً في الوسائل والأطر"، وفي الجامعات الليبية لا تزال الأهداف والغايات مقتصره على تخريج الموارد البشرية لإشغال وظائف غير مرغوبة بأسلوب تقليدي، يقوم جُلها على المحاضرات النظرية، كما يعانى التعليم الجامعي من المناهج التقليدية التي تركز تحديداً على نظام واحد فقط، يعتمد على التلقين واجترار المعلومات، دون الاهتمام بالعمل الجماعي والتفكير الإبداعي وتطبيق المعارف، والأكثر من ذلك هو استمرار تعاطي الجامعات مع المشكلات بنفس الأسلوب التقليدي، إضافة إلى عدم الاهتمام بمواءمة احتياجات سوق العمل، وهي بهذا تهدر المال العام ولا تساهم في إحداث التغيير داخل المجتمع، وتضيع فرص اللحاق بالدول المتطورة، لكن ألن يكون من المجدي أن يُمارس قدر من التميز الإيجابي والتفكير الإبداعي لهذه العلوم الاجتماعية والإنسانية بما يراعي حاجات المجتمع والتنمية؟ (مرجين : 2012 :282). فمثلاً يمكن أن يحدث نوع من التكامل بين هذه العلوم يخرج لنا برنامج له علاقة بمشكلات الواقع، وأتذكر أنه قُدمت مقترحات إلى جامعة طرابلس من قبل كلية الآداب العام 2008م، بشأن استحداث أقسام وبرامج ذات تخصصات مزدوجة لتكون عابرة للتخصص، وتستوعب بشكل أفضل ظاهرة التخصصات المتداخلة أو "البينية،" وتمتد في أكثر من قسم علمي، مثل "برنامج التخطيط العمراني"، وهو برنامج تتداخل فيه أقسام الجغرافيا، والهندسة المعمارية، وعلم الاجتماع، وبرنامج "الدراسات البيئية "، وهو برنامج يشترك في إعداده وتنفيذه أقسام الجغرافيا، وعلم الاجتماع، وقسم الغلاف الجوي بكلية العلوم. كما أدت تحديات العولمة وتجلياتها المختلفة التي منها الانفتاح التعليمي، والحراك الثقافي والتقاني إلى ظهور مجتمع المعرفة، فالعالم اليوم أصبح أكثر تواصلاً من قبل بين أطرافه المختلفة، مع تزايد ظاهرة الاعتماد المتبادل بين البلدان، كما برزت أيضاً الشركات العابرة للقارات والتي تتمحور فكرتها على التكامل والتبادل من أجل التنافسية، كما أصبح التعليم في الانفتاح التعليمي والجامعات العابرة للقارات سلعة أكثر حيوية، وقوة محركة للتغيير، ففي التقرير الصادر عن اللجنة القومية للتعليم ومستقبل أمريكا والمعنون بـ " القضايا الأكثر أهمية " أكد على "أن العالم لم يشهد مرحلة مثل المرحلة الحالية ، حيث يكون نجاح الأمم والشعوب وحتى بقاؤها مرتبطاً بقدرتها على التعلم ، ولا يوجد في المجتمع اليوم مجال واسع لغير الماهرين الذين لا يجيدون استخدام مصادر المعرفة، وتحديد المشكلات وحلها وتعلم التقنيات الحديثة (رايلي: 2001 :ص2-6). كما برز الحديث أيضاً عن الجودة وضمانها في التعليم، والفاعلية التعليمية في البرامج الجامعية، انطلاقاً من كون التعليم سيبقى دائماً بوابة المستقبل، وأن التفكير في تجديده وتطويره أمر لازم لوجوده واستمراره، بالتالي لا مكان فيه للبرامج العادية أو المتوسطة في سوق المنافسة القائمة على الجودة والتمييز في اكتساب المعرفة وإنتاجها، ومن ثم يصبح التعليم بعامه تعليماً للتمييز وللجميع، لذا يمكن القول بأن الدراسات البينية أصبحت تشكل حراكاً تعليمياً جديداً، يطلق عليه البعض علوم المستقبل، ويقوم على إحداث التفاعل والتكامل بين البرامج العلمية؛ بغية الكشف عن المشكلات التي تواجه العملية التعليمية من خلال زوايا متنوعة، كما تتجلي أهمية التبادل والتكامل في المنهجية وأدوات التفكير والمفاهيم بين تلك البرامج، ويمكن تحديد أهمية الدراسات البينية في النقاط التالية: تبادل المعارف وتكامل الخبرات بين البرامج العلمية. تأسيس منهج وأدوات تفكير متكاملة على مستوى الأهداف والمخرجات. علاقتها بحاجة سوق العمل. التبصير بجملة البدائل المتوقعة التي تساعد على الاختيار الواعي لمستقبل أفضل. إيجاد مخرجات ذات جودة عالية مبنية على العلوم الأساسية والطبيعية والإنسانية. 2.1 - ما العلاقات البينية بين علم الاجتماع وعلم الحاسب الآلي؟ قبل الولوج في تناول العلاقة بين علم الاجتماع، وعلم الحاسب الآلي، يتطلب الأمر معرفة وتحديد ماهية الحاسب الآلي، حتى نتمكن من مناقشة ما يجمع بين العلمين من علاقات بينية، فالحاسب الآلي أو الحاسوب أو الكمبيوتر هي أسماء لآلة واحدة، وهي جميعاً تقابل المصطلح الأجنبيComputer ) ) فجهاز الحاسب الآلي هو جهاز إلكتروني يمكن برمجته كي يقوم بمعالجة البيانات وتخزينها واسترجاعها، وإجراء العمليات الحسابية والمنطقية عليها بدقة وسرعة فائقة، كما يمكنه تشغيل برامج لتنفيذ مجموعة واسعة من المهام، كما يمتلك مجموعة متداخلة من الأجزاء لديها هدف مشترك من خلال أداء التعليمات المخزنة، كما يُعرف الحاسب الآلي "بأنه جهاز يعمل على إجراء العمليّات الحسابيّة، ومعالجة البيانات بدقّة وسرعة عالية، كما يتعامل مع كميّات هائلة من المعلومات، كما يتمكّن من حلّ المسائل الرياضيّة المعقّدة، ويستوعب آلاف البيانات الفرديّة الصّغيرة، ويقوم بتحويلها لمعلوماتٍ أكثر فائدة بسرعة متناهية، ودقّة تكاد لا تخفق أبداً، وهناك بعض الحواسيب ذات المواصفات العالية تستطيع إجراء بلايين العمليّات الحسابيّة في الثّانية الواحدة" mawsoah.net/gae_portal/maogen.asp?main2&articleid=!%C7%E1%CD%C7%D3%E6%C8!042390_0) ). وقد شاع استخدامه في الآونة الأخيرة في مختلف ميادين الحياة وأثبت كفاية عالية وفرت الجهد والوقت والتكاليف، مما ساعد على التفكير في الاستفادة بإمكاناته في الميادين التربوية، وقد أطلقت على الكمبيوتر عدة مسميات بالعربية منها (الحاسب الآلي، والحاسب الإلكتروني، والحاسوب)، والمستخدم للحاسوب يرى الدقة والإتقان وسرعة الإنجاز وتعدد الإمكانات وسهولة استعماله، كما أنه يقوم بتنفيذ أوامر الإنسان في جميع العمليات، لكنه يقوم فقط بالوظائف التي يرسمها له مسبقاً عند وضع البرنامج، ويعتبر هذا الجهاز من أهم سمات العصر الحديث، فكل شيء حولنا يمكن أن يدار من خلاله، فهو يستخدم في جميع الهيئات والمؤسسات التعليمية، فهو آلة في يد الإنسان، يمكن أن يحسن استخدامه أو يسيء استخدامه. ويتكون جهاز الحاسب الآلي من مكونين رئيسيين، هما: المكونات المادية: وهي المواد والآلات والأدوات المحسوسة والملموسة، سواء ما كان منها ظاهراً مشاهدا مثل الفأرة ولوحة المفاتيح، أم ما كان منها داخل صندوق الحاسب الآلي، مثل المعالج الدقيق والذاكرة بأنواعها المختلفة. المكونات البرمجية: هي البرامج التي يتم من خلالها تشغيل الحاسب الآلي، والاستفادة منه في تنفيذ المهام المتعددة، مثل برامج نظم التشغيل والبرامج المساعدة لأنظمة التشغيل والبرامج التطبيقية المختلف، ونتيجة للثورة الهائلة في مجال تقنية المعلومات أصبح استخدام الحاسب الآلي في كل المجالات بغض النظر شكلها أو نوعها، وأصبح استخدام الحاسب الآلي ضرورياً في حياتنا، وما نشاهده من تطور هائل وسريع في تكنولوجيا المعلومات ما هو إلا دليل على أهمية استخدامه ، إذ لم يعد هناك حقل من حقول المعرفة إلا و الحاسب يلعب الدور الأكبر فيه. http://www.assakina.com/studies/18061.html#ixzz3bzjUO64W))، كما امتد استخدام الحاسب الآلي حتى أصبح في مناحي الحياة كافة، كما أصبح جزءاً من أنشطة الحياة الاجتماعية اليومية للأفراد والجماعات، خاصة بعد أن أصبحت أجهزة الحاسب الشخصية شائعة الاستخدام ومتوفرة في كل مجال عمل، وذلك لصغر حجمها وانخفاض سعرها، إضافة إلى سهولة استخدامها، وهناك العديد من الأمثلة التي توضح أوجه استخدام الحاسب الآلي في المجالات كافة ، فمثلاً: أصبحت جل الأعمال في الجهاز الإداري في الدولة تعتمد على استخدام الحاسب، لذا أصبح هناك ما يسمي بالحكومة الإلكترونية، وهذا الموضوع يحتاج أيضاً إلى دراسة كونه سيكون له ثأتيراً على طبيعة العلاقة بين الفرد والحكومة، فمن خلال التواصل مع الحكومة الإلكترونية أصبح بإمكان الفرد إتمام معاملاته من خلال استخدامه لجهاز الحاسب الآلي، كما أصبح استخدام الحاسب شرطاً من متطلبات التوظيف، كما أصبحت الانتخابات تتم من خلال التصويت الإلكتروني، كذلك الأمر بالنسبة للطالب عند الدخول الجامعة، حيث يبدأ استخدام الحاسب والتعامل معه منذ أول يوم دخوله إلى الجامعة ، من خلال عملية التسجيل، ثم عمليات تنزيل المواد ومتابعة الإرشاد الأكاديمي حتى التخرج، كذلك ما بعد التخرج من خلال التواصل مع رابطة الخريجين، الأمر كذلك بالنسبة للأستاذ الجامعي، حيث أصبح إلزاماً عليه استخدام الحاسب سواء في عمليات التدريس، أم البحث العلمي، أم التواصل مع الطلاب، أم مع غيره من أعضاء هيئة التدريس أكان على المستوى المحلي أم الدولي، كما أصبحت مقرر الحاسب الآلي في بعض البرامج العلمية في الجامعات من ضمن متطلبات الجامعة الأساسية، كما برزت جامعات افتراضية قائمة على طلاب يجيدون استخدام التعامل مع الحاسب، وهناك أيضاً التعليم الذاتي القائم على استخدام الحاسب أيضاً، كما أصبحت الخدمات الصحية الإلكترونية من خلال التواصل مع المستشفيات، وكذلك السياحة الإلكترونية من خلال حجز الطيران، والحجز الفندقي، والحجز في بعض المقاهي، والتجارة الإلكترونية من خلال عمليات الشراء والبيع، كل ذلك مرتبط باستخدام الحاسب، كما يتبادل الأفراد من خلال الحاسب الاهتمامات والمهارات والخصائص اللازمة للنجاح في أي موضوع، بالتالي أصبح استخدام الحاسب والتعامل معه جزءاً حيوياً في المجتمع، بحيث طغت على غالبية الأماكن، حتى أصبحت أمية الفرد مرتبطة بمدى استخدامه وتعامله مع الحاسب، كما برز مفهوم الفجوة الرقمية الذي يقصد به "مدى توافر شبكات الاتصالات ووسائل النفاذ إليها، وعناصر ربطها بالشبكات العالمية وعلى رأسها الإنترنت، وبرزت أيضا صعوبات نظرية من خلال غياب نظرية اجتماعية تتعاطي مع المتغيرات الحادة التي أدت إليها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، كذلك قصور مناهج علم الاجتماع في كشف النقاب عن الدور الذي تلعبه القوى السياسية في توجيه مسار العلم والتكنولوجيا (علي، حجازي:26:2005-28)، كما أصبح الإنسان تابعها في كل عمل ينجزه، ولا يستغني عن تفاعلها معه، كما أصبح الاتصال عبر الحاسب من خلال شبكات التواصل الاجتماعي الفيسبوك، والتوتير، من أفضل طرق الاتصال والتواصل، حتى أنها كان لها دور مهم في عملية الحراك المجتمعي في المنطقة العربية خلال الفترة من أواخر 2010م وبدايات 2011م، كما لعبت دوراً مهماً في عمليات التعبئة الجهادية من خلال الجهاد الإلكتروني، وذلك بغية التجنيد في صفوف الجماعات المتطرفة، والتي تحتاج أيضاً إلى وقفة للتدبر للبحث والدراسة، كما خرجت بعض الدراسات والبحوث حول استخدامات الحاسب من خلال الشبكة الدولية للمعلومات " الإنترنت " وتناولت تلك الدراسات علاقة الفرد ومحيطه المجتمعي بذلك الاستخدام، وأدى ذلك إلى وجود جملة من المفاهيم والمصطلحات، مثل: المجتمع الافتراضي، والعائلة الافتراضية، والصديق الافتراضي، اليوتوبيا الافتراضية، وربما سيكون هناك أيضاً الزواج الافتراضي، فالحياة الاجتماعية أصبحت حياة رقمية بالدرجة الأولى، مما فرض على علم الاجتماع أن يتسع قليلاً ليشمل ببحثه تناول العلاقة بين الأفراد والجماعات من جهة، والمجال الإلكتروني من جهة أخرى، فتشكل بذلك تراكم علمي سمح بميلاد حقل معرفي جديد يعتني بدراسة العلاقة بين علم الاجتماع والحاسب الآلي، خاصة في مجال استخدامات الشبكة الدولية للمعلومات، ولعل كتاب "علم الاجتماع الآلي" للدكتور محمد أرحومة، جاء ليعلن عن مقاربة بين علم الاجتماع والاتصال عبر الحاسب الآلي، من خلال النظر إلى تلك الدراسات كونها دراسات سوسيولوجي تكنولوجي المعاصر إلى الفضاء الإلكتروني في شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، تهتم في مجملها بالحركة البشرية الرقمية في العالم الافتراضي السايبري (الإنترنت)، كما يطلق عليه في أدبيات الغرب Cyberspace علم الاجتماع السايبري أو السيبراني، كما أن ميلاد هذا العلم تمخض عنه بدون شك الحاجة إلى إنتاج مفاهيم ومصطلحات جديدة مستمدة من طبيعة العلاقة بين العلمين، وفي الوقت نفسه تكون قادرة على التعبير عن ماهية العلم الجديد، باعتبار أن "كل علم بحاجة إلى مجموعة من المصطلحات المحددة بكل دقة، وهذه المصطلحات هي التي تحدد مصطلحيته"، ووفقاً لـهذا الاعتبار فلا وجود لعلم دون مصطلحية" http://www.kelmetelsr.com/2014/11/blog-post_83.html)) كما يقودنا الحديث عن العلاقة بين علم الحاسب الآلي وعلم الاجتماع، عن بدايات العلاقة بين العلمين خاصة في نطاق قسم علم الاجتماع - جامعة طرابلس، حيث كانت جلها قائمة على استخدامات بعض البرامج الإحصائية، حيث يتم استخدام الحاسب الآلي في بعض الدراسات السيوسولوجيا بغية تحديد حجم الظاهرة المراد دراستها، كذلك يتم استخدام الحاسب من قبل بعض البحاث للاطلاع على الدراسات السابقة، كما تتم عمليات تفريغ البيانات وتحليل البيانات باستخدامه، كما تعتمد البحوث في علم الاجتماع على استخدام العديد من المعاملات الإحصائية التي توضح أوجه الارتباط بين المتغيرات البحثية المختلفة، أو التأكد من صحة أو خطأ الفروض الموضوعة ، أما فيما يتعلق بأهم البرامج الشائعة الاستخدام في معالجة بيانات في علم الاجتماع هي، : SPSS - STATA5 - MINITAB - SAS EXCEL، ويعتبر برنامج SPSS ، من أهم البرامج المستخدمة خاصة عند طلبة الدراسات العليا، حيث يستطيع SPSS قراءة البيانات من معظم أنواع الملفات ليستخدمها لاستخراج النتائج على هيئة تقارير إحصائية أو أشكال، وتستطيع الحزم جعل التحليل الإحصائي مناسبًا للباحث المبتدئ والخبير على حد سواء، عندما يقومون بتحليل نتائج استمارات العينات. كما تطورت العلاقة بين قسم علم الاجتماع وعلم الحاسب الآلي خلال عام 2008م، حيث أصبح القسم يمتلك معمل حاسوب خاص به، يهدف إلى تزويد الطالب بمهارات استخدام الحاسب، كما اتسعت المساحة المعرفية لمقرر علم الحاسب الآلي، فأصبحت مقررين، جزء نظري، والآخر عملي، والهدف من ذلك كان ممارسة قدر من التميز الإيجابي، خاصة فيما يتعلق بوجود برامج تدريبية يحتاجها سوق العمل، والشيء المهم في وجود معمل الحاسوب هو قيامه باستحداث تفاعل اجتماعي جديد بين الطلاب ومقرر الحاسب الآلي، خاصة الجزء العملي، ونتج عن هذا التفاعل مع مرور الوقت قيم واتجاهات جديدة بين الطلاب مستخدمي المعمل، أهمها تلك الاتجاهات هي تغيير في مواقف الطلاب اتجاه العملية التعليمية، واتجاه القسم بشكل عام، فيما كانت عليه عند البداية، حيث أصبحت مشاركات طلاب وصلاتهم بالقسم أكثر إيجابية، ونتيجة للإقبال والتفاعل الطلابي على التدريب العملي والتزود بالمهارات اللازمة، تبين لي وجود علاقة تبادلية بين الجوانب المتعددة، تحتاج فقط إلى وقفة للتدبر، فيوجد مثلاً تناسق منطقي في برامج الحاسب الآلي مبنياً على استخدام منطق الخوارزميات في حل المشاكلات، وهو تناسق منتظم وقابل للتفكير، كما أنه تناسق تحكمه قوانين، وبنفس المنطق فإن التناسق المنطقي موجود أيضا في الحياة الاجتماعية، وأنه تناسق منتظم وقابل للتفكير، كما وأنه تناسق تحكمه قوانين ومحدودة العدد، يستطيع الباحث الاجتماعي أن يكتشفها ويستفيد منها في فهم الواقع الاجتماعي. 2.2 إن السؤال الذي يتبادر للذهن هو: ما الجديد الذي يمكن أن يتم طرحه في هذه المقاربة البينية؟ من خلال الاطلاع على بعض الأدبيات ذات العلاقة بالموضوع، تبين أن جلها يهتم بدراسة استخدامات الحاسب الآلي من خلال الشبكة الدولية للمعلومات، كما ركز البعض منها على دراسة مواقع شبكات التواصل الاجتماعي من حيث المشكلات والسلبيات وإيجابيات تلك المواقع وتأثيرها على المجتمع، كما تصدرت الشبكات الاجتماعية هذه ثلاثة مواقع مهمة ورئيسة، هي: الفيس بوك، وتويتر، اليوتيوب. من هنا سوف تنحو هذه المقالة منحىً آخر مغايراً، لما دأبت عليه تلك الدراسات، حيث سيتم التركيز على آليات ومنهجية عمل الحاسب الآلي واستخلاص بعض المصطلحات والمفاهيم وربطها بعلم الاجتماع، وذلك لكون علم الحاسب الآلي يزخر بمنهجية متميزة حيث تتعامل مع المعقد والغامض، كما تتسم بالتجديد والفعالية، إضافة إلى وجود العديد من المصطلحات والمفاهيم برزت الحاجة إلى الاستفادة منها في تحسين وتطوير أدوات تفكير علم الاجتماع؛ بغية المساهمة في نشر ثقافة علم الاجتماع، إضافة إلى التجاوب مع طبيعة عصر المعلومات، كما أن الاستعانة بمصطلحات ومفاهيم علم الحاسب الآلي سيمكننا من الجمع بين التوجه العام للأفراد الذين أصبحوا لا يستخدمون أجهزة الحاسب الآلي وحسب، بل أصبحت مصطلحات ومفاهيم علم الحاسب الآلي تستخدم لديهم بشكل واسع وكبير، وبُحاث علم الاجتماع الذين يقومون بدارسة الظواهر الاجتماعية وتفسيرها والتنبؤ بها، كما سيقود ذلك إلى إشاعة ثقافة علم الاجتماع وتوثيق صلته بالواقع الاجتماعي. كما أصبح الاهتمام بالمصطلحات والمفاهيم من الأمور المهمة في الأبحاث الحديثة، حيث تقوم بمهام ضبط التعامل في الحياة اليومية والعملية، خاصة في بناء النظريات والمناهج، كما برزت كتب وأبحاث اهتمت بدراسة المصطلحات والمفاهيم ، وبرزت أيضاً أهمية علم الاجتماع اللغة، ليتم دراسة اللغة بوصفها ظاهرة اجتماعية على أساس أن مهمة اللغة الأساسية هي أداة التواصل من أجل القيام بالوظائف الاجتماعية، وباعتبار اللغة منظاراً نرى به العالم يتغير من ثقافة إلى أخرى، وتتحدد معانيها وفقاً للسياق الاجتماعي ومقام الحدث اللغوي(علي، وحجازي:321:2005)، بالتالي سيتم الربط بين عدد من المصطلحات والمفاهيم في علم الحاسب الآلي وبعض موضوعات علم الاجتماع، وهذا يساعد على زيادة اهتمام الطلاب بمفردات علم الاجتماع، كما يزيد من دافعتيهم لتعلمها، ومن ناحية أخرى تزيد من قدرتهم على التفسير والتحكم والتنبؤ، كما يهدف هذا الربط في العلاقة إلى نشر ثقافة علم الاجتماع بين غير المتخصصين انطلاقاً من اللغة المشتركة "لغة الحاسب"؛ بغية وصولهم إلى إدراك وفهم أفكار علم الاجتماع، وعرض أفكار علم الاجتماع بطريقة مفهومة، إذن العلاقة البينية التي سيتم دراستها والتركيز عليها هي الرابط المصطلحي والمفاهيمي، بالتالي تشكل هذه الورقة دعوة إلى الاستفادة من أدوات ومنهجية علم الحاسب الآلي في تحسين وتطوير أدوات تفكير علم الاجتماع من خلال منظور جديد، يقدم بعض المفاهيم، ويحل المشكلات، والتفسيرات من زاوية جديدة. 3.2 - كيف يمكن الاستفادة من أدوات ومنهجية علم الحاسب الآلي في تحسين وتطوير أدوات تفكير علم الاجتماع؟ خلال شهر أبريل الماضي، شاركت بورقة علمية في الملتقى الدولي الثاني حول الدراسات السوسيولوجية في الجامعات العربية في ظل التغير الاجتماعي في الوطن العربي بين الواقع والمأمول، خلال الفترة 13-14 بريل 2015م، الذي نظمته كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة محمد خيضر بسكرة – الجزائر، وجاءت مخرجات المؤتمر بجملة من التوصيات، أهمها توصية تدعو إلى إعادة النظر في مضمون برامج علم الاجتماع حتى تواكب التغيرات الحادثة على مستوى البناء السوسيو ثقافي للمجتمع العربي، وتكييفها مع حاجيات التنمية، بالتالي ربما تكون هذه دعوة إلى البحث عن أدوات ومنهجية جديدة قد تساهم في الكشف عن ميكانيزمات العلاقات البينية بين علم الاجتماع والعلوم الأخرى، بغية استظهار وفهم مضمون الظواهر الاجتماعية من خلال أدوات ومنهجية جديدة. وقد سبق أن ذكرنا بأن استخدامات الحاسب أصبحت في جل حياتنا، كما أنه لم يعد هناك حقل من حقول المعرفة إلا و للحاسب دور مهم فيه، إضافة إلى كون ما نشاهده من تطور هائل وسريع في تكنولوجيا المعلومات ما هو إلا دليل على أهمية استخدامه، وقد زاد هذا التأثير بدرجة كبير عندما أصبح بالإمكان أن تتصل هذه الحواسيب ببعضها من جميع أنحاء العالم، وبالتالي فهي تحقق سهولة تبادل المعلومات، كما أن جل الدراسات في علم الاجتماع ركزت على جوانب استخدامات الحاسب الآلي من خلال شبكة الدولية للمعلومات " الإنترنت" دون الاهتمام والتركيز على منهجية وأدوات تفكير الحاسب الآلي، أو الاستفادة من المفاهيم والمصطلحات التي يقوم عليها الحاسب، بالتالي سيتم التركيز على هذه المناحي بغية تحسين وتطوير أدوات تفكير علم الاجتماع خاصة في عمليات الفهم والتفسير والتنبؤ بالظواهر الاجتماعية، لذا فإن التركيز سينصب على المحاور التالية : 1- الاستفادة من أدوات ومنهجية علم الحاسب الآلي في تحسين وتطوير أدوات تفكير علم الاجتماع. 2- تقديم تفسيرات حول آليات تهيئة أفراد المجتمع لبعض القيم الاجتماعية الجديدة من خلال استخدام مفاهيم علم الحاسب الآلي. 3- محاولة استخلاص أمثلة وشواهد للعلاقات البينية بين علم الاجتماع وعلم الحاسب الآلي، استناداً إلى ما تمّ مسحه من أدب نظريّ وتجريبي. 1.3.2 والسؤال الذي يمكن طرحه حالياً: ما هي الآلية التي يتم من خلالها تحقيق تلك الأهداف؟ في الحقيقة إنني أجد متعة في إبراز أوجه العلاقة بين الحاسب الآلي وعلم الاجتماع، والبداية هذه العلاقة ستكون من حيث المكونات، ففي حديثنا السابق عن مكونات الحاسب الآلي ذكرنا بأنه توجد المكونات المادية تسمي ،(Hard ware) وهي جميع الأجهزة المرتبطة بالحاسب من: شاشة، ولوحة مفاتيح، والمكون الثاني هي البرمجيات، وتسمي ( Soft ware) ،وهي البرامج المستخدمة في الحاسب، وبهذا التقسيم أيضاً يمكن أن نقسم العلوم إلى مجموعتين، هما : المجموعة الأولى يمكن أن نسميها العلوم المرنةSoft sciences) ). المجموعة الثانية يمكن تسميتها بالعلوم الصلبة sciences) Hard (. وبناءً على ذلك يمكن تصنيف علم الاجتماع من ضمن العلوم المرنةSoft sciences) )، لذلك يمكن أن نسمي هذا المدخـل في التحليل بالمدخل الحاسوبي، وهي الآلية التي سيتم اتباعها لتحقيق إجابات عن تلك التساؤلات. كما أن الأمر يحتاج أيضاً إلى محاولة ضبط المفاهيم قدر الإمكان، حيث سيتم استدعاء بعض المفاهيم في علم الحاسب الآلي لتفعليها ولتشغيلها والاستفادة منها في تفسير بعض المفاهيم والظواهر ذات العلاقة بعلم الاجتماع لتتحرك من خلالها، وليتم بها نسج شبكة بينية فكرية بين علم الاجتماع وعلم الحاسب الآلي، ولتعطي تلك المفاهيم معناها، ومضامينها المقصودة، وليتوازن من ثم البناء الفكري، ولتصبح بذلك مفاهيم عابرة للتخصص. 2.3.2 ما المقصود بالمدخل الحاسوبي؟ يقصد بالمدخل الحاسوبي هو مجموعة من الخطوات المترابطة والمحددة تكفي لأن يقوم باحثون آخرون بانتهاج نفس الخطوات وباستخدام نفس الأدوات؛ للتحقق من النتائج التي تم التوصل إليها وبيان صدقها وثباتها حال توافر ذات الشروط، وهي القدرة على حل مشكلة ما بطريقة فعاله، وفقاً للمنطق الرياضي المرتبط بوجود خوارزميه لحل المشكلة، ووفقاً لهذا المنهج فإنه يمكن الاستفادة منه في التحقق التجريبي لبعض الظواهر الاجتماعية، كما يتضمن التفكير الحاسوبي الخصائص التالية https://ar.wikipedia.org/wikiA) ): تحليل البيانات وتنظيمها منطقيًا. نمذجة البيانات وتجريد البيانات والمحاكاة. صياغة المسائل، مثل تلك التي قد تساعد فيها أجهزة الكمبيوتر. تحديد الحلول الممكنة واختبارها وتنفيذها. أتمتة (مصطلح مستحدث يطلق على كل شيء يعمل ذاتيا بدون تدخل بشري) الحلول عن طريق التفكير الخوارزمي. تعميم هذه العملية وتطبيقها على مسائل أخرى. 4.2 كيف يمكن الاستفادة من أدوات ومنهجية علم الحاسب الآلي في تحسين وتطوير أدوات تفكير علم الاجتماع؟ في الحقيقة لا يمكن للحاسب الآلي أن يقوم بعمليات التفكير والتطوير والابتكار مثل الإنسان، فهذه صفات ميز الله بها الإنسان عن غيره من المخلوقات، فعقل الإنسان قابل للنمو والتطور، في حين أن عقل الحاسب هو عقل معالج، بالتالي المقصود بالاستفادة من أدوات ومنهجية علم الحاسب الآلي هو الاستفادة من أدوات ومنهجية العقل المعالج الذي يقوم باتخاذ القرارات المطلوبة والمناسبة بناءً على ما تم إدخاله من بيانات ومعلومات، من خلال اتباع خطوات محددة وواضحة يقوم بها الحاسب الآلي، حيث تتمحور هذه الخطوات في ثلاث عمليات رئيسة، هي : 1- استقبال البيانات المدخلة ( الحصول على الحقائق المجردة). 2- معالجة البيانات إلى معلومات ( إجراء الحسابات والمقارنات ومعالجة المداخلات). 3- إظهار المعلومات المخرجة ( الحصول على نتائج ). بالتالي فإن فهم الخطوات السابقة تجعل التعامل مع الحاسب أسهـل وأكـثر إنتاجية، في حين أن العقل المعالج للحاسوب يبدأ بالتعامل مع المشاكل والبحث عن الحلول من خلال وجود منظومة خاصة بتلك المشاكل التي تواجه المجتمع، كما يرتبط مفهوم المنظومة بطريقة المعالجة، وهو يضم أيضاً مجموعة من التقنيات والأدوات والوسائل التي تساعد على حل المشاكل، حيث يجري البحث من خلال هذه المنظومات على جعل الحاسب " العقل المعالج" يقوم باتخاذ الحلول المناسبة لمواجهة تلك المشاكل، بالتالي تنطلق إجابة هذا التساؤل من كون هناك حاجة إلى تجديد الأدوات والمنهجية التي يصنع بها العقل المعرفة، والتي يرتبط ارتباطاً عضوياً بالوجه المقابل ونقصد الكيفية التي تصنع معرفة العقل، وهو ما يتطلب السعي الحثيث لسبر أغوار المخ البشري وآلياته الذهنية كون أن الهدف الأساس لعلم الاجتماع الكشف عن المسببات التي تعمد إلى تغيير أنماط السلوك السائدة إلى أنماط من السلوك الشاذ والغريب عن تقاليد وقيم المجتمع ذاته، بالتالي سيتم استدعاء مفاهيم من علم الحاسب الآلي، ليتم بها نسج شبكة بينية فكرية بين علم الاجتماع وعلم الحاسب الآلي، ولتعطي تلك المفاهيم معناها، ومضامينها المقصودة، وليتوازن من ثم البناء الفكري، ولتصبح بذلك مفاهيم عابرة للتخصص، ولعل مفهوم المنظومة في علم الحاسب الآلي يعتبر من أهم المفاهيم التي نقصدها بهذه العلاقة البينية مع علم الاجتماع. 1.4.2 مفهوم المنظومة : يعتبر مفهوم المنظومة من المفاهيم ذات العلاقة بعلم الحاسب الآلي، حيث توجد مقررات ذات علاقة بالمنظومات تتناول مفهومها وآليات تنفيذها، وتقوم فكرة المنظومة بالتعرف على مكونات وأعراض المشكلة ثم تحديد الأسباب التي أدت إلى ظهورها، ومن ثم توصيف طرق الحل لها من خلال القيام بدراسة المشكلة بالتفصيل من قبل شخص يسمى المبرمج، حتى يتمكن من وضع الحل المناسب لها، وذلك من خلال البحث والدراسة، وإجراء مقابلات مع أعضاء وموظفي المؤسسة المحتاجة لهذه المنظومة، حتى يتمكن من وضع الحلول المناسبة وبرمجتها بشكل يلقى قبولهم، وإمكانات المنظومات البرمجة، والوظائف التي تقوم بأدائها تختلف حسب حجم المؤسسة واحتياجاتها، كما تعرف المنظومة في علم الحاسب الآلي كونها العلاقات المخططة بين الأجزاء أو المكونات أو العناصر، ومن أهم مدلولات ومعاني هذه الكلمة هو الهدف الذي تواجد من أجله هذه العلاقات أو الهدف الذي يتحقق من وجود المنظومة نفسها، أو التي تعمل المنظومة لتحقيقه والوصول إليه، وهى مجموعة من المركبات والأجزاء التي تعتمد في عملها على بعضها طبقاً لتخطيط محدد يساعدها (المنظومة) للوصول إلى أهداف محددة بعينها. وفي الحقيقة يتم استخدام مفهوم المنظومة حالياً بشكل واسع في المجتمع، وساعد على هذا انتشار استخدامات الحاسب في كل مناحي الحياة، إضافة إلى ارتباط مفهوم المنظومة في جل أعمال وأنشطة أفراد المجتمع، حتى أصبحت حياة بعض المجتمعات قائمة على المنظومات، ففي التعليم توجد منظومات، مثل منظومة التسجيل والقبول، ومنظومة الخريجين، في المؤسسات الخدمية والإنتاجية توجد أيضاً منظومات يتم بناؤها حسب طبيعة عمل كل مؤسسة، فمثلاً: الأسواق والمستشفيات والفنادق والمصارف أصبحت قائمة على وجود منظومات، وهكذا أصبح المفهوم مرتبطاً بحياة بعض البيئات المجتمعية، وأصبح يشير إلى حالات البحث عن حل أو وجود خلل أو ضعف في بيئة مجتمعية ما، أو الحاجة الماسة إلى إعادة بناء، كما يشير أحياناً إلى عدم فهم. بالتالي هناك حاجة لوجود منظومة، كما ارتبط هذا المفهوم بجملة من السمات جعلت منه متداولاً بشكل واسع، وأهم تلك السمات هي وجود هدف محدد مسبقاً تعمل على تحقيقه من خلال خطة محددة وواضحة؛ بغية معالجة المشاكل، وإيجاد الحلول المناسبة في البيئة المجتمعية التي تعمل فيها، إضافة إلى سرعة الإنجاز، والدقة في التنفيذ، لذلك تم استدعاء مفهوم " المنظومة " من علم الحاسب الآلي ليصبح من المفاهيم المتداولة في المجتمع، وتحديداً عند الحاجة إلى قيام بدراسة مشكلة ما بالتفصيل، أو التعرف على مكونات وأعراض المشكلة التي تواجه المجتمع، وتحديد الأسباب التي أدت إلى ظهورها، وتوصيف طرق الحل لها، فنقول بأن الأمر يحتاج إلى وجود منظومة تقوم بتلك المعالجات، فخرجت مفاهيم مرتبطة بهذا المفهوم، مثل: إعادة بناء المنظومة القديمة، بناء منظومة جديدة، بناء المنظومة الفكرية للإنسان، بناء المنظومة المؤسساتية، بناء ﻣﻧظوﻣﺔ اﻟﻘﯾﻣﯾﺔ، تصميم وبناء المنظومة، منظومة النشاط الإنساني، منظومة اجتماعية، منظومة دينية، منظومة أخلاقية، منظومة تعليمية، منظومة إنتاجية، منظومة سكانية،...إلخ. إذن أصبح مفهوم المنظومة ثقافة عامة ما بين أفراد المجتمع، فعندما يتعامل الأفراد مع مؤسسات المجتمع كمنظومة بما تضمه من تفاعلات وأنشطة إنسانية، فإنه لا يمكن أن نتغاضى عن الآثار السلوكية والقيم الثقافية التي سيضيفها وجود منظومات على مستوى التفاعلات بين الأفراد وتلك المؤسسات، فمثلاً هناك منظومات لها تأثير على نمط العمل واتجاهاته، وتظهر في صورة سلوكيات وقيم، كما تصبح مع مرور الزمن تلك الأنماط والسلوكيات غير قابلة للمناقشة، لتصبح الطريقة أو الأسلوب الذي يعمل به الأفراد داخل مؤسسة ما، وتعبر عنهم جميعاً، فالمؤسسات التي تعاني مثلاً: من عدم التزام الموظفين بمواعيد الحضور والانصراف تقوم بناء منظومة خاصة بالحضور والانصراف، بغية معالجة الخلل الموجود عن عدم الالتزام، كما تعبر تلك المنظومة في مضمونها عن أهمية احترام قيمة العمل من خلال الالتزام بمواعيد الحضور والانصراف، ومع مرور الزمن سيصبح هناك تغيير سيتم إحداثه بفعل تلك المنظومة، كما يعبر هذا التغيير في مضمونه أيضاً عن نسق منظم من الجهود البشرية نحو إشكال عدم الالتزام بمواعيد العمل، ومن ثم البحث عن حلول ناجعة، من أجل تحقيق عدة مصالح مهمة، تتم مع إرساء نظم وأشكال من العلاقات الجديدة، كما يمكن تفسير عمل المنظومة كونها جهداً منظماً يهدف إلى إحداث إصلاح في جوانب ومجالات محددة، وهي في هذه الحالة "التزام بمواعيد العمل"، كما يستهدف عمل المنظومة تحسين إنجاز أفراد المؤسسة، بغية تحقيق النتائج المرغوبة، وكون جل مؤسسات المجتمع تعمل دائماً في بيئة ديناميكية متغيرة الأحوال والتأثيرات، لذا تعتبر طبيعة البيئة المتغيرة إحدى عناصر المنظومات، حيث يتم التعرف على تلك الأحوال والتأثيرات وتحديدها وإدخالها في عناصر المنظومة؛ حتى تستطيع المنظومة إجراء التحليلات اللازمة لها، ويتم الـتعامل مع المنظومة وكأنها كائن حي يتغذى على المدخلات لينتج مخرجات، سواء كانت هذه المخرجات منتجات أم خدمات. فالمنظومة كما ذكرنا في التعريف آنفاً عبارة عن مجموعة من الوحدات أو التنظيمات المترابطة، والتي تألفت معاً لتشكيل كلٍ لا يتجزأ، ولتعمل كوحدة واحدة، حيث تجمعت تلك الوحدات معاً بعلاقة منطقية أو فيزيائية لتعمل معاً كوحدة واحدة، وهذه الوحدات يمكن اعتبارها كأنظمة فرعية مكونة من وحدات أصغر منها وهكذا ، وقد يجوز أن يكون النظام المعني أيضاً نظاماً فرعياً في نظام أكبر وأشمل، فإذا نظرنا إلى المجتمع على أنه يشكل منظومة تتكون من أنظمة فرعية، وهي الأسرة المكونة للمجتمع ، حيث تشكل كل أسرة وحدة من وحدات المجتمع، وهذه تعمل كوحدة واحدة تؤدي هدفاً يعرف بوظيفة الأسرة – والمجتمع الواحد في حد ذاته يعتبر نظاماً فرعياً في مجموعة المجتمعات البشرية التي تعمل كوحدة واحدة لتشكل نظاماً أعم من نظام المجتمع البشري، وهي جزء من منظومة الحياة جميعاً التي تشكل منظومة الحياة، والفرد سيشكل منظومة فرعية في منظومة الأسرة، والأسرة ستشكل أيضاً منظومة فرعية من منظومة المجتمع، وبالتالي تحقيق الفرد لأهدافه مرتبط بتحقيق أهداف الأسرة وأهداف المجتمع، كذلك للفرد مدخلات، ومخرجات، فالمدخلات تأتي من بيئته مثل تعليمه، الدعم والمساندة المتحصل عليها من الأسرة، وضعه الاقتصادي، حوافز مجتمعية،....إلخ، أما المخرجات فهي سلوكه وتعامله مع هذه المدخلات، فإذا حقق أهدافه فإن الأمر يحتاج إلى متابعة التغيرات التي قد تطرأ على المدخلات، وفي حال عدم تحقيق الأهداف، فإن الأمر قد يحتاج إلى مراجعة المدخلات، والمجتمع كذلك له أهداف يحاول تحقيقها من خلال منظومة تتكون من وحدات يمكن اعتبار كل منها منظومة فرعية لهذه المنظومة الأكبر، منها المنظومة التعليمية، والمنظومة الأمنية، والمنظومة الدفاعية والمنظومة السكانية، والمنظومة الدينية، والمنظومة الصحية ...إلخ، أما المخرجات فهي مثلاً: تحقيق تنمية بمجالاتها المتعددة، والرفاهية، والاستقرار، والأمن، ومواءمة مخرجات التعليم مع سوق العمل،...إلخ. وفي حال عدم تحقيق المجتمع لأهدافه ستكون المخرجات عبارة عن ظواهر ومشاكل اجتماعية، واقتصادية، وأمنية...إلخ، فتنتشر مثلاً: البطالة في صفوف الخريجين، والفقر والتسول، والمخدرات والجريمة....إلخ، لذلك فإن الأمر يحتاج وفقاً لمنهجية العقل المعالج" الحاسب الآلي" مراجعة المدخلات والتعرف على الأحوال والتأثيرات المتغيرة وتحديدها وإدخالها في عناصر المنظومة؛ حتى تستطيع المنظومة إجراء التحليلات اللازمة لها، بغية تحقيق النتائج المرغوبة، كما يتطلب الأمر أحياناً مراجعة، أو إعادة بناء المنظومات الفرعية التي قد تكون قديمة. أعتقد بأن علم الاجتماع بإمكانه الاستفادة من هذه المنهجية في التفكير المعالج للظواهر والمشاكل التي قد تنشأ على مستوى الفرد أو المجتمع أو المؤسسات التابعة له، من خلال الخطوات المحددة، ولعل أهم الخطوات هي خطوة التحسين والتطوير، فالتفكير المعالج بحاجة دائماً إلى إمداده بالتغيرات والأحداث الحاصلة بشكل دوري ومستمر؛ ليتمكن من تحقيق الأهداف المناطة به، وهذه الخطوة هي الخطوة الأطول في حياة التفكير المعالج، وليكون قادراً على مواكبة التطورات الحديثة، بغية معالجة المشاكل التي قد تنشأ مع مرور الزمن، وصولاً إلى تحقيق النتائج المرغوبة. 5.2 كيف يمكن تقديم تفسيرات حول آليات تهيئة أفراد المجتمع لبعض القيم الاجتماعية الجديدة من خـلال استخدام مفاهيم علم الحاسب الآلي؟ في إحدى ورش العمل التي كانت بإدارتي وتهدف إلى نشر ثقافة الجودة في الجامعات الليبية، وجه سؤال عن أسباب تقبل بعض الجامعات للجودة وضمانها، في حين أن البعض الآخر يرفض ذلك، وبالتالي غير متقبل للجودة وضمانها بمعني يقوم بمقاومة التغيير " القيم الجديدة ". فكـان الجواب في حدود معرفتي وهو أن الأمر يكمن في وجود قيادات جامعية واعية بأهمية الجودة وضمانها في بعض تلك الجامعات، ولكن في عملية البحث عن تفاصيل الإجابة فيما يتعلق بأسباب تقبل بعض القيادات الجامعية ومقاومة البعض الآخر، فإن الإجابة تكمن في عمليات التهيئة التي قامت بها تلك القيادات الناجحة لمجتمع الجامعة قبل القيام بعملية نشر القيم الجديدة المتمثلة في" ثقافة الجودة وضمانها"، ومن هنا خطرت على ذهني عمليات الربط بين علم الحاسب الآلي وعلم الاجتماع، خاصة فيما يتعلق بنشر قيم جديدة" تغيير"، وهنا أجدد متعتي في عملية الربط من خلال استخدام مفاهيم علم الحاسب الآلي. عندما نريد تنزيل برمجيات جديدة، فإن الأمر يتوجب القيام بعملية يطلق عليها التهيئة، وهي تهيئة الحاسب للبيانات والمعلومات الجديدة، فالحاسب لن يستقبل تلك المعلومات أو يتعامل معها دون القيام بتلك العملية، وهي تعني تقسيم القرص إلى مجموعة من المسارات- القطاعات - الأسطوانات ،بهدف تخزين البيانات والمعلومات عليه، ليتمكن الحاسب الآلي القيام باستقبال تلك المعلومات، ومن ثم عرضها، بمعنى أن يكون جهاز الحاسب الآلي بعد القيام بعملية التهيئة جاهزاً لاستقبال بيانات جديدة ومن ثم عرضها، كما يوجد نوعان من التهيئة، فيزيائيه، وأخرى منطقية، فالتهيئة الفيزيائيه تتم عادة للقرص بعد صناعته مباشرة من قبل الشركة المنتجة للقرص الصلب، وتقوم عملية التهيئة الفيزيائية على تقسِيم الأقراص الدائرية للقرص الصلب إلى العناصر الفيزيائية الرئيسية التالية: المسارات - القطاعات – الإسطوانات، في حين أن التهيئة المنطقية تتم بعد القيام بعملية التهيئة الفيزيائية للقـرص الصلب، وتضع التهيئة المنطقية نظام ملفات للقرص الصلب، مما يسمح للبرامج التطبيقية مثل: (ويندوز) باستعمال المساحة المتوفرة على القرص الصلب لتخزين واسترجاع الملفات، كما أن نوع التهيئة المنطقية التي نريد استخدامها يتوقف على نوع البرامج التطبيقية الذي نريد تركيبة على الجهاز. إذن سيقوم مستخدم الحاسب بعملية التهيئة عند رغبته بتنزيل برامج أو بيانات أو معلومات جديدة على القرص، وهي ليست التهيئة الأولى، إنما هناك تهيئة قامت بها الشركة المنتجة سلفاً، وهي تعتبر تهيئة أساسية أو مبدئية، وهي موجودة في القرص المراد تخزين البيانات والمعلومات عليه، وفي حال رغبة مستخدم الحاسب الآلي تخزين برامج أو بيانات أو معلومات جديدة سيقوم بعملية التهيئة الثانية، وهي تمكين الحاسب من استقبال برامج أو بيانات أو معلومات جديدة يرغب كل مستخدم في تخزينها، ومن ثم يتمكن المستخدم التعامل مع تلك الأشياء، حيث أصبحت هناك مساحة تستوعب ما تم تخزينه، ويمكن الرجوع إليها متى دعت الحاجة إليها، وفي بعض الحالات عندما يتم تخزين بعض المعلومات قد لا يستطيع الحاسب التعامل أو قراءة المعلومات بشكل صحيح نتيجة الاختلاف في البرامج التطبيقية بين جهاز الحاسب والمعلومات أو البيانات المخزنة، فمثلا إذا قام أحد مستخدمي الحاسب الآلي بتخزين عدد من ملفات الوورد على قرص ما وقام بعملية التهيئة قبل عملية التخزين وكانت العملية ناجحة، ولكنه عندما ارد التعامل مع ما تم تخزينه وجد مشكلة ما، وهي أن كل المستندات الوورد المخزنة في القرص غير منسقة وكلماتها متداخلة وهي ما يطلق عليه مفهوم "كاربج" ويمكن شرح ذلك من كون معالج الكلمات وهو احد برامج مايكروسوفت لم يتمكن من معالجة وإخراج تلك المستندات بالشكل المطلوب حيث لم يستطع التحكم في أنواع الخطوط وأحجامها وتنسيق الفقرات والصفحات وإدراج الجداول والرسومات والرسومات البيانية وغيرها من التطبيقات والمميزات الأخرى، وهذا يعني أنها غير مفهومة ولم يستطع الحاسب قراءتها، ويكمن السبب في ذلك إلى اختلاف برمجيات التطبيقية مثل معالجات النصوص، بالتالي فان عملية الاختلاف في البرنامج التطبيقي قد تبين لنا بشكل تجريبي مسالة قبول أو عدم قبول الحاسب لبعض المعلومات الموجودة في القرص في حال اختلاف نظام التشغيل، ويمكن من خلال هذه العملية فهم وتفسير قبول البعض للقيم جديدة في المجتمع، في حين أن البعض الآخر يرفض ذلك، حيث يكمن في اختلاف المقاييس الذهنية " البرنامج التطبيقي "، فالله الذي خلق الإنسان هيأه أولاً عقلياً ، وتقوم عملية التهيئة الربانية على تقسيم عقل الإنسان إلى عناصر الخير والشر، ويقول الله سبحانه وتعالى( إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) أي بينا له السبيل ووضحناه له، كذلك يقول الله تعالى(وهديناه النجدين) ومعناه بينا له طريق الخير وطريق والشر،(http://www.nquran.com/index.php?group=view&rid=3047) يعني أن تلك العناصر والمسارات تحتوي على طريق الخير وطريق الشر، وهذه التهيئة واحدة لكل أفراد المجتمع، أما التهيئة الثانية فتتم في مرحلة ما بعد الولادة وتستمر حتى الممات، وتتم من خلال عمليات التنشئة الأسرية أو التعليمية، وكل ما يتلقفه الفرد من الحياة من خلال تفاعله مع محيطه المجتمعي، وهي بذلك تمثل حصيلة ما يتعلمه أفراد المجتمع، أو التي انتقلت إليهم عبر الأجيال، والهدف من هذه التهيئة هو تقديم القيم لأفراد المجتمع، والتشجيع على تبنيها، وتضمينها في أنماط سلوكهم، كما تعمل هذه التهيئة على تشكيل المقاييس الذهنية للفهم والتفسير والتنبؤ لأفراد المجتمع، وتتكون بالتالي لدى كل فرد من أفراد المجتمع مقاييسه الذهنية التي يجري عليها في تفكيره، وهذه المقاييس ليست واحدة، فنهاك مثلاً: مقاييس ذهنية متطورة تستوعب الأحداث المتغيرة، وأخرى مقاييس قديمة لا تستوعب تلك الأحداث ومتغيراتها، وفي هذا الصدد يقول الدكتور على الوردي بأن التجديد في الفكر "والمقصود القيم الجديدة" لا يعني التشدق بالمصطلحات الحديثة، إنه بالأحرى تغيير عام في المقاييس الذهنية التي يجري عليها المرء في تفكيره، وبالتالي عندما تكون المقاييس الذهنية ليست واحدة بين أفراد المجتمع تحدث عملية "الكاربج " التي تحدثنا عنها سابقاً، وهي تعني أن المقاييس الذهنية لبعض أفراد المجتمع لم تتمكن من قراءة وفهم القيم الجديدة بالشكل المطلوب، لذا فإن الأمر يحتاج إلى تهيئة الفكر بغية تغيير المقاييس الذهنية، وهذه العملية هي الأقرب إلى عملية اختلاف البرنامج التطبيقي سالفة الذكر، إذا اعتبرنا أن البرنامج التطبيقي هو المقياس الذهني الذي سيقوم بقراءة وفهم القيم الجديدة، فإذا كان البرنامج التطبيقي قديماً فلن يتمكن من قراءة وفهم تلك القيم الجديدة، وستكون النتيجة عبارة عن "كاربج" ومن ثم سيتم رفض تلك القيم، بالتالي، فالمجتمع عندما يريد نشر قيم اجتماعية جديدة ما بين أفراده، يتوجب عليه أولاً القيام بعملية التهيئة، وهي التأكد من كون المقاييس الذهنية لأفراده تستوعب القيم الجديدة، وهي قادرة علي فهمها وتفسيرها، فمستخدم الحاسب الآلي عندما يريد التعامل مع قرص جديد "قيم جديدة"، يتوجب عليه أولاً القيام بعملية التهيئة قبل القيام بعملية التخزين، فمن خلال عملية "التهيئة" يتأكد المستخدم من تضمين البيانات والمعلومات داخل القرص"قيم جديدة"، وعند التعامل مع البيانات والمعلومات المخزنة سيتأكد من عدم وجود اختلاف في إصدارات التخزين " المقاييس الذهنية"، بالتالي يمكن الاستفادة من مفهوم التهيئة وعدم اختلاف البرنامج التطبيفي في علم الحاسب الآلي؛ لتقديم تفسير حول آليات تهيئة أفراد المجتمع لبعض القيم الاجتماعية الجديدة. 6.2 كيف يمكن تقديم تفسيرات حول انتشار بعض المشكلات والأمراض الاجتماعية ما بين أفراد المجتمع من خـلال استخدام مفاهيم علم الحاسب الآلي؟ في الحقيقة تعتبر المشكلات الاجتماعية من الموضوعات التى يهتم بها علم الاجتماع، حيث يوجد مقرر يحمل نفس المسمى "مشكلات اجتماعية" ويتم تدريسه في جل أقسام علم الاجتماع في الجامعات الليبية، حيث أنه من المفترض أن يتم دراسة وتحليل المشكلات التى تطرأ على المجتمع، ومعرفة آثارها ومسبباتها، إضافة إلى طرق الحد منها، كما أن المشكلات لم تعد كسابق تحدث داخل المجتمع فقط، أنما أصبح هناك مشكلات عابرة للمجتمعات، ومن أمثلة ذلك المشكلات التى سبق ذكرها سابقاً، مثل: الهجرة غير الشرعية، وبروز التطرف الديني، واستخدامات الشبكة الدولية للمعلومات " الانترنت"، ونعود إلى ما بدأنا منه، وهو البحث عن إجابة التساؤل وهو : كيف يمكن تقديم تفسيرات حول انتشار بعض المشكلات والأمراض الاجتماعية ما بين أفراد المجتمع من خـلال استخدام مفاهيم علم الحاسب الآلي ؟ سيتم استدعاء أحد مفاهيم الحاسوب ليقدم لنا توضيح لماهية مفهوم المشكلات أو الامراض الاجتماعية، إضافة إلى البحث عن كيفية انتشار تلك المشكلات وكيف يمكن علاجها، وهي أيضا محاولة لاستخلاص أمثلة وشواهد للعلاقات البينية بين علم الاجتماع وعلم الحاسب الآلي، فالحاسب يعمل من خلال مجموعة متداخلة من الأجزاء ولكل منها وظيفة محددة، حيث تعمل جمعياً على تحقيق هدف مشترك وهو أداء التعليمات المخزنة، كما يتم تزويد الحاسب ببرنامج يطلق عليه مضاد للفيروسات أي "مضاد للمشكلات" وذلك بغية المحافظة على عدم الإخلال بتلك المهام، وحماية بيانات والمعلومات الموجودة بالحاسب من "المشكلات"، والفيروسات" في الحاسب الآلي هي نوع من الجراثيم الحاسوبية، وهي عبارة عن برنامج يدخل الحاسوب ليدمر أو يشوه البيانات والبرامج المخزنة داخل الحاسوب، وتنتقل الفيروسات من حاسوب إلى آخر عن طريق شبكات الحاسوب أو استخدام الاسطوانات أو الاقراص الملوثة (الزعبي وآخرون : 2004: ص 98)، كما تتعدد وتتنوع الفيروسات" المشكلات "حيث يتم تصميمها بواسطة قراصنة الحاسوب (hackers) حيث يعمل كل فيروس إلى تحقيق هدف محدد وهو أحداث أكبر ضرر ممكن لنظام الحاسوب، ومثل هذه العملية تعتبر عملية تخريب كونها تستهدف إحداث تغير جذرى في بعض المعلومات المخزنة، ولتنفيذ ذلك يتم أعطاء الفيروس القدرة على ربط نفسه بالبرامج الأخرى وكذلك إعادة إنشاء نفسه حتى يبدو يتكاثر ويتوالد ذاتيا مما يُتيح له قدرة كبيرة على الانتشار بين برامج الحاسب ( سلامة : 1997: ص 183) فهناك مثلاً: منها ما يقوم بمهاجمة ملفات نظام التشغيل كبرنامج ويندوز من أجل إيقافه عن العمل أو التأثير على وظيفته. إذن لتجنب الفيروسات يتوجب وجود برنامج مضاد للفيروسات، يقوم باكتشاف الفيروسات حين دخولها للحاسب، وتقوم هذه البرامج بتنظيف الحاسب من الفيروسات " المشكلات" كما أن برامج المضادة للفيروسات لها صلاحية محددة، يعني أنها لن تعمل بشكل دائم، أنما ينبغي التأكد من تحديثها بشكل دوري ومستمر، حيث يتم تحديث وتجديد برامج المضادة للفيروسات، بحيث تتمكن من القضاء على الفيروسات التى يتم تحديثها هي أيضا لكي تستطيع التغلب على بعض برامج المضادة للفيروسات، فالعملية المجابهة ما بين الفيروسات والبرامج المضادة هي عملية مستمرة ودائمة . من خلال التحليل السابق يمكن فهم ميكانزمات المشكلات أو " الفيروسات" الاجتماعية في علم الاجتماع ، فهي في جوهرها تشكل اختلال في أداء النظام المجتمعي لوظائفه أو انحراف عن مساره المقصود، كما أن هذه المشكلات "الفيروسات" الاجتماعية يتم تصميمها أو صنعها بقصد، وأحيانا أخرى بغير قصد، فمثلاً مشكلة التطرف الديني أو انتشار حبوب المخدرة هي صناعة قد تكون مقصودة وهي أيضا تمثل مشكلات عابرة للمجتمعات، حيث يتم تصميمها بغية أحداث ضرر بالنظام المجتمعي، كما أن الكثير من المشكلات الاجتماعية قد تكون ظاهرة واضحة للعيان ولا يختلف عليها أفراد المجتمع، فالبطالة والطلاق مشكلة، وغالبية أفراد المجتمع تعلم هذا وتستنكره، والمخدرات والجرائم من المشكلات الاجتماعية التي توجد في كل المجتمعات بدرجات متفاوتة، والكل يستنكرها، بدرجة أو بأخرى، كل هذه المشكلات وغيرها كثير مشكلات ظاهرة وواضحة ولكن هناك أنواعاً من المشكلات الاجتماعية خافية وغير واضحة للكثيرين منا، وهذا لا يعني أنها غير موجودة أو أنها غير خطيرة، فمثلاً بعض القنوات التى ثبت المسلسلات التركية والهندية وبعض البرامج المترجمة قد تؤدي إلى انحراف الكثيرين من أفراد المجتمع وخاصة الشباب، فالبعض قد لا يحس بهذه الخطورة الكامنة فيها، ورغم ذلك فهي تفعل فعلها في عقول الشباب وأحاسيسهم، وفي توجيههم نحو الجريمة والانحراف ورغم هذا فقد لا يدرك المجتمع ـ للوهلة الأولى ـ خطورة وجود هذه "الفيروسات"، من خلال الدعوة إلى الخروج على المعايير والقيم المجتمعية، في حين تشكل المعايير والقيم الاجتماعية داخل المجتمع الحماية من المشكلات أو "المضادة للفيروسات" وفقا للمدخل الحاسوبي، ونظرا لصعوبة تحديد سبب واحد للمشكلات الاجتماعية، حيث تتعدد الأسباب وتتنوع المشكلات، كما أنها تختلف من مكان لآخر ومن ظروف إلى ظروف، بالتالي تظهر الحاجة إلى مراجعة المعايير والقيم الاجتماعية بشكل دوري وهي التى تمثل"المضاد للفيروسات"، فعندما لا يتم تحديث وتجديد المعايير والقيم الاجتماعية في المجتمع تزداد الفجوة بينها وبين السلوك الواقعي لأفراد هذا المجتمع، وربما هذا يفسر انتشار بعض المشكلات في مجتمع ما دون مجتمعات أخرى، حيث ان معايير والقيم الاجتماعية "برامج الحماية" الموجودة في "الذاكرة" غير قادرة على القيام بمهامها المناط بها وهي تنظيف المجتمع من تلك المشكلات " الفيروسات"، بالتالي يحدث انحراف عن المعايير والقيم المتفق وتبرز المشكلات الاجتماعية، وهي المفارقات ما بين المستويات المرغوبة والظروف الواقعية فهي مشكلات بمعني أنها تمثل اضطراباً وتعطيلاً لسير الأمور بطريقة مرغوبة كما يحددها خبراء المجتمع ( بدوي :1987: ص 242)
النتائج بشكل عام يمكن رسم بعض معالم العلاقة البينية بين علم الاجتماع وعلم الحاسب الآلي في النقاط التالية : أن استخدامات الحاسب الآلي أصبحت في جل حياتنا، كما أن جل الدراسات الاجتماعية في علم الاجتماع ركزت على جوانب استخدامات الحاسب من خلال شبكة الدولية للمعلومات " الإنترنت"، دون الاهتمام والتركيز على منهجية وأدوات تفكير الحاسب الآلي، أو الاستفادة من المفاهيم والمصطلحات التي يقوم عليها الحاسب الآلي. أن المدخل الحاسوبي ربما يشكل مدخلاً جديداً في التعرف على أنماط مختلفة من المعرفة الإنسانية، كما يمكن الاستفادة منه في التحقق التجريبي لبعض الظواهر الاجتماعية. توظيف علم الحاسب الآلي من الاستفادة من نتائج البحوث والرسائل والأطاريح الجامعية، حيث إن مصيرها لا يزال في أحسن الأحوال رفوف المكتبات، كما أن الجامعات تفتقر إلى وجود خطط لتوظيف نتائج تلك البحوث والدراسات، ونحن هنا لا نريد الخوض في قيمة الأعمال، ولكن يمكننا توظيف علم الحاسب الآلي في تصميم برنامج معين نضع فيه كل النتائج السابقة، وعندما توجد مشكلة ربما تحل في تلك الدراسات، ويكون بالإمكان استدعاء الحلول، وذلك من خلال تخزينها في قاعدة بيانات مدعومة بنظام ذكاء اصطناعي، وهي منظومات مبنية على التعليم المسبق، ثم تأتي مرحلة التنفيذ، حيث يقوم النظام بإعطاء النتيجة بناءً على ما تم إدخاله له من بيانات. يمكن الاستفادة من منهجية التفكير "المعالج" لعلم الحاسب الآلي في تحسين وتطوير أدوات تفكير علم الاجتماع، فالتفكير المعالج بحاجة دائماً إلى إمداده بالتغييرات والأحداث الحاصلة بشكل دوري ومستمر؛ ليتمكن من تحقيق الأهداف المناطة به، وهذه الخطوة هي الخطوة الأطول في حياة التفكير المعالج، ويكون قادراً على مواكبة التطورات الحديثة، بغية معالجة المشاكل التي قد تنشأ مع مرور الزمن، وصولاً إلى تحقيق النتائج المرغوبة. بالإمكان الاستفادة من مفهوم التهيئة في علم الحاسب الآلي في تقديم تفسيرات حول آليات تهيئة أفراد المجتمع لبعض القيم الاجتماعية الجديدة. الاستفادة من المنطق الرياضي المرتبط بوجود خوارزمية في حل بعض الظواهر الاجتماعية. أن الاستعانة بمصطلحات ومفاهيم علم الحاسب الآلي سيمكننا من الجمع بين التوجه العام للأفراد الذين أصبحوا لا يستخدمون أجهزة الحاسب الآلي وحسب، إنما أصبحت مصطلحات ومفاهيم علم الحاسب تستخدم لديهم بشكل واسع وكبير، وبُحاث علم الاجتماع الذين يقومون بدراسة وتفسير الظواهر الاجتماعية والتنبوء بها ، كما سيقود ذلك إلى إشاعة ثقافة علم الاجتماع، وتوثيق صلته بالواقع الاجتماعي. أن التنبؤ بالمستقبل-هو المجال الذي يجمع بين علم الحاسب وعلم الاجتماع - وقد يساعد التنبؤ بالمستقبل على طرح أسئلة على أفراد المجتمع حول مستقبل التقنية مثلاً، وعلى تخيّل الأشياء التي يتوجب بناؤها في المجتمع. السعي إلى زيادة ربط أقسام علم الاجتماع بسوق العمل، من خلال إضافة بعض المقررات الدراسية ذات العلاقة ببرامج الحاسب الآلي، وموضوعات التنمية البشرية، التى زاد ترددها خلال هذه السنوات فيما يتعلق بالتطوير والحاجة للتعامل مع المشكلات الاجتماعية، مثل: أمية ثقافة التقنية "الفجوة الرقمية"، وثقافة الرأي والرأي الآخر، وثقافة التواصل الفعال...إلخ، كما أصبحت جل المؤسسات الخدمية والانتاجية الحكومية والخاصة تبحث عن مهارات وقدرات تصقل شخصية الفرد نحو الأحسن والأفضل، بالتالي بإمكان أن يعمل خريجو أقسام علم الاجتماع في وظائف مثل : استشاريون في مجالات التنمية وتطوير القدرات البشرية ومراكز التدريب وأيضا مخططون للسياسة المدنية.
وختاما يمكن القول بأن هذه بعض أفكار لا ندعي كمال نضوجها، وإنما قصدنا طرحها كمبادئ للتدبر والنقاش، عسى أن يؤدي التدبر والنقاش الجاد فيها إلى بلورتها وتطويرها بما يتفق وطموح المشروع لقيام علم اجتماع يعكس خصوصية المجتمعات العربية والإسلامية، ويحمل طموحاتها المستقبلية. المراجع: أ- الكتب: 1. بدوى، أحمد زكي ، 1987،معجم مصطلحات الرعاية والتنمية الاجتماعية،دار الكتاب المصري ، دار الكتاب اللبناني،ط1 2. الجوهري، محمد، 2007، المدخل إلى علم الاجتماع، جامعة القاهرة. 3. الزعبي ، محمد بلال ، وآخرون ، 2004، الحاسوب والبرمجيات الجاهزة، دار وائل للطباعة والنشر ، ط 6 4. سلامة ، حسين صالح ، 1997، الحاسوب وملحقاته الطرفية ،دار صفاء للنشر والتوزيع ط1 5. شلبي، عبدالله، 2012، علم الاجتماع ، الاتجاهات النظرية والإستراتيجيات البحثية، مكتبة الأنجلو مصرية، ط1. 6. عبدالجواد ، أحمد رأفت ، 1982، مبادئ علم الاجتماع ،مكتبة نهضة الشرق، جامعة القاهرة . 7. عودة، محمود، أسس علم الاجتماع، منشورات جامعة عين شمس ، القاهرة ، بدون تاريخ . ب- فصل أو دراسة مضمنة في كتاب محرر: 1- مرجين ،حسين سالم ، 2012، هل نحن بحاجة إلى الجودة وضمانها في الجامعات الليبية الحكمومية ، المؤتمر الرابع للمنظمة العربية لضمان جودة التعليم العالي ، القاهرة. ج- الدوريات: 1- رايلي، ريتشارد:، 2001، أساس المعرفة، المدارس القومية والفعالة في رسالة التعليم ، الولايات المتحدة الأمريكية ، وكالة الإعلام الأمريكية. 2- عبدالمعطي، عبدالباسط ، 1998، اتجاهات نظرية في علم الاجتماع، عالم المعرفة، سلسلة رقم (44) ، تصدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت. 3- علي،نبيل، و حجازي، نادية، 2005، الفجوة الرقمية، عالم المعرفة ، سلسلة يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت. د- الكتب المترجمة: 1- جيدنز، أنتوني، 2006، مقدمة نقدية في علم الاجتماع، ترجمة أحمد زايد وآخرون ، منشورات مركز البحوث والدراسات الاجتماعية – كلية الآداب – جامعة القاهرة، ط2. 2- جيذيز ، أنتوني ، 2005، علم الاجتماع ، ترجمة فايز الصُياغ ، توزيع مركز دراسات الوحدة العربية –بيروت ط5 3- فيريول ،جيل، 2011، معجم مصطلحات علم الاجتماع، ترجمة وتقديم أسام محمد الأسعد ،دار ومكتبة الهلال ، بيروت، ط1. ه- مصادر الإنترنت: 1- أثر استخدام الحاسوب في العملية التربوية، الرابط الموضوع بتاريخ: 3/6/2015 : http://www.assakina.com/studies/18061.html#ixzz3bzjUO64W 2- مصطلحات النقد الآدبي، الرابط الموضوع بتاريخ: 3/6/2015م، http://www.kelmetelsr.com/2014/11/blog-post_83.html 3- التكامل بين الرياضيات والعلوم الأخرى، الرابط المتاح بتاريخ4-6-2015م : http://www.shakwmakw.com/vb/showthread.php?t=234176 4- مفهوم علم الاجتماع وتطوره وعلاقته بالعلوم الأخرى، الرابط المتاح بتاريخ 5- 8-2015م : http://wwww.arts.uokufa.edu.iq/teaching/c/dr.hakem/files/dr.hakem2.doc 5- علم الاجتماع الغربي: مساءلة ومحاكمة ، الرابط المتاح بتاريخ 2012/4/29 ، : http://www.nama-center.com/ActivitieDatials.aspx?id=90 6- التفكير الحاسوبي: الرابط المتاح بتاريخ 24- 6- 2015م : https://ar.wikipedia.org/wiki 7- مفهوم الحاسب، الرابط المتاح بتاريخ 26-5-2012 mawsoah.net/gae_portal/maogen.asp?main2&articleid=!%C7%E1%CD%C7%D3%E6%C8!042390_0 8- موقع لقران علومه الرابط المتاح 23/06/2015 : http://www.nquran.com/index.php?group=view&rid=3047 9- محمد المستاري - ألان تورين منتقدا السوسيولوجيا الكلاسيكية - الرابط المتاح - بتاريخ 25-1-2012 http://www.onmagharebia.com/news1817.html ملاحظة : تم نشر هذه المقالة في فعاليات المؤتمر العلمي الدولي الثالث لكلية الآداب والعلوم الاجتماعية 15 - 17 ديسمبر 2015"العلاقات البينية بين العلوم الاجتماعية والعلوم الأخرى: تجارب وتطلعات" - الجامعة السلطان قابوس
#حسين_سالم_مرجين (هاشتاغ)
Hussein_Salem__Mrgin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أهمية الترقية العلمية لأعضاء هيئة التدريس كمدخل لضمان الجودة
...
-
التعليم في ليبيا .... مشروع للمصالحة
-
هل البحاث العرب في حاجة إلى مجلس عربي للعلوم الاجتماعية؟
-
الأسرة وجودة البرامج التعليمية
-
إصلاح منظومة التعليم الجامعي الحكومي في ليبيا - الواقع والمس
...
-
أهم مرتكزات تحسين وتطوير التعليم الأساسي والثانوي في ليبيا -
...
-
التجربة الليبية في مجال ضمان الجودة والاعتماد
-
جودة التعليم في مقدمة ابن خلدون
-
مكاتب الجودة وتقييم الأداء في الجامعات الليبية الواقع والمست
...
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|