داود السلمان
الحوار المتمدن-العدد: 5477 - 2017 / 3 / 31 - 23:52
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
بلا مقدمة
هنا لا نحتاج الى مقدمة فيما نحن فيه من سفر، نحث الخطى فيه الى عالم الخيام، ذلك العالم الجلي الواضح، المتماسك التجلي، فهو اشهر من نار على علم كما تقول العرب، فلا نتطرق الى حياته في شيء، بقدر ما نغوص في اعماق فلسفته، وتجلياته الصوفية والفلسفية، وهو المطلوب.
واذا قلنا: بلا مقدمة، نريد الاشارة الى ان المقدمة انها ليست واجبة، ولا مستحبة احيانا، فندخل بالموضوع مباشرة، وهو الاسلم.
يبتدأ الخيام بـ " فاتحة" وينسى او يتناسى البسملة، ان وجدت بسملة، والنسخة التي بين ايدينا الآن هي من ترجمة وتعريب الاستاذ وديع البستاني، المطبعة الشرقية، من دون ذكر سنة الطبع ولا عنوان دار النشر.
وفي معظم ديوان الشاعر والفيلسوف الخيام ذكر: الله ، الرب، الاله، الخالق، ويقول ذلك بصورة واضحة ومتجلية من دون مواربة، او تورية، يقول:
رب رحماك ما كسبت ثوابا
لا ولا كنت مستحقاً عقابا
إنما قلت ما رأيت صوابا
ووجودي علي كان مصابا
وعزائي الجميل كان الحبابا
وكفاني التوحيد ذخراً فإني
لم أعدد في ديني الأربابا
(الديوان: ص 35)
وبحسب الترجمة، ان الخيام، يبدأ بمعاتبة الرب، الخالق، معاتبة خفيفة، لطيفة، معاتبة اقرار بالربوبية، وبايقاع فلسفي، صوفي انه لم يحصل على الثواب، او المثوبة، وهي الشعور الوجودي المثمر الى تجليات حسية نابعة من شيء ملموس له تجلي ثر يشعر به المخلوق، ويتنفسه في وجدانه وضميره.
هذا المعاتبة، ليست اعتراض على امر صدر من جهة عليا خالقة، تسأل، وهي لا تُسأل، بل هو سؤال مدركا لتجليات الخالق، الصانع، المفضي للوجود بكل فيوضاته.
بعد ذلك، يرى انه لم يستحق العقاب المقدر عليه، ان كان ثمة عقابا، والسبب كما اسلفنا، لأنه، اي العبد، المخلوق، او الخيام نفسه، انه تفوه بصواب، اي بكلام، غاية في الصدق، والاخلاص للمعبود، بدليل انه يعاتبه مباشرة، ومن دون وساطة، وهذه هي فلسفة التصوف بلا ريب، بحسب ابن عربي والحلاج والكرخي وسواهم من المتصوفة، ثم يقر له بالربوبية، ويرفع شعار التوحيد، حيث يقول: "وكفاني التوحيد ذخرا" وانه لم يرتاب في دينه، وهو الخضوع لله خالق الخلق، ومالك الملك.
وفي هذه الابيات تجليات صوفية كبيرة، قد نتعرض لها اثناء البحث ونحن نغوص في سفر الخيام هذا.
#داود_السلمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟