أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم الوائلي - القلب كقطاة ، قصيدة للشاعر قيس بن الملوح














المزيد.....

القلب كقطاة ، قصيدة للشاعر قيس بن الملوح


كريم الوائلي
كاتب وناقد ادبي وتربوي .

(Karim Alwaili)


الحوار المتمدن-العدد: 5473 - 2017 / 3 / 27 - 10:16
المحور: الادب والفن
    


القلب كقطاة
د . كريم الوائلي

قال الشاعر قيس بن الملوح :

كأنَّ القلبَ ليلةَ قيل يُغدى بليلى العامرية أويُراحُ

قطاةٌٌ عزَّها شَرَكٌ فباتتْ تُجاذبُهُ وقد عَلِقَ الجناحُ

لها فرخان قد تُركا بوكرٍ فعشهما تُصفّقه الرياحُ

إذاسمعا هبوبَ الريحِ نصا وقد أودى به القدرُ المتاحُ

فلا باليل نالت ماتُرجى ولا في الصبح كان لها بَراحُ

يعمد الشاعر في المقطوعة الشعرية الى لون من المماثلة بين حالته النفسية بعد فراق حبيبته وحالة قطاة ، ويبدو أن جانبا نفسيا يحتوي التجربة بأسرها ، فضلا عن المكونات المادية البيئية التي يعيشها الشاعر ، أما الحالة النفسية التي يعيشها الشاعر فهي رد الفعل الانساني إزاء خبر محزن ، ففي حين بلغ سمع الشاعر فراق حبيبته ورحيلها أخذ قلبه بالخفقان ، ويتوقف الشاعر أمام القلب ـ بوصفه موطن الانفعال ـ ليعقد مقارنة تشبيهية تحتوي الصورة كلها بين القلب والطائر القطاة.
وأول ملامح المقارنة هي الصورة الحركية ببعديها المرئي والسمعي ، فالقطاة الماسورة بشبكة صياد ، وحركة جسمها وجناحها تشبه حركة القلب وخفقانه ، وهذا يعني ديمومة الفعل مادام الأسر قائما ، أي ديمومة خفقان القلب ما دام رحيل الحبيبة قائما .
إن خبر رحيل حبيبة الشاعر يقابله شبكة الصياد التي أسرت القطاة ، وان القلب يقابله القطاة ، وأن خفقان القلب يقابله حركة الجناح المأسور . ولم يكتف الشاعر بذلك بل أراد استكمال الصورة فجعل القطاة أماً ذهبت تبحث عن طعام من أجل قوت هذي الفرخين الصغيرين ،وبذلك أخذت حالة التداعي تنتقل من القلب الىالقطاة التي أخذ ينسج حولها صورة متكاملة لأم يعني أسرها موتها ثم موت صغارها .
أما الفرخان فإنهما لوحدهما في عش تعصف به الرياح ، وقد استعار الشاعر عيارة (( تصفقه )) الرياح لشدة عصف الريح ، وأن صفق الريح يدفعهما الى أن ينصا في العش ، وكأن عصف الريح يمثل قدرا يعصف بحياتهما . أما الأم القطاة فإنها لم تحقق بغيتها في الليل ، ولم تستطع مغادرة شبكة الصياد في الصباح .
ويمكن أن نطلق على الصورة هنا اللوحة الممتدة التي يضفي فيها الشاعر تجربته النفسية على موضوع خارجي ، هو صدى لانفعال قار في أعماقه . إن الصورة التشبيهية له دلالتها الرمزية إذ إنها تمثل حالة اليأس التي يعيشها الشاعر ، لأن النتيجة التي تعيشها القطاة هي عدم تحقيق التواصل مع أبنائها إنما تمثل حياة الشاعر الذي لم يستطع تحقيق التواصل مع حبيبته ، كما أنه في حالة أسر دائم يقوده الى الموت والهلاك .
إن الشاعر حين يماثل بين شبكة الصياد وهي تنطوي على حيلة مقصودة ، والهدف منها ايقاع الطائر بها ، فهي تماثل خبر رحيل حبيبة ، إذ يمثل خديعة يهدف منها أسر الشاعر ومن ثم قتله ، هذا إذا أخذنا بتبادل المعاني داخل النص الشعري ، إ ذ يمثل هذا الفعل الواقع على الشاعر قهرا ، شأن الشبكة التي اصطادت القطاة ، ولا بد أن يكون رد فعل ، ولكنه رد فعل سلبي ، هو مجاذبة الشبكة ، وأو محاولة التخلص منها دون فائدة .
إن حالة التشاؤم واليأس تسيطر تماما على الصورة بأسرها ، ولعل من اللافت للانتباه أن هنالك ليلين ، ليل الشاعر الذي أقض فيه مضاجعه خبر رحيل حبيبته ، وليل القطاة التي أمسكت بها شبكة الصياد ، إن الشبكة وخبر الرحيل أداة موت لكلا الكائنين : الشاعر والقطاة .
وإذا كان الليل مدعاة لاثارة الأحزان فإن مجيء الصباح لا يعني أنه أفضل لأن النهاية ستتحقق فيه ، أي موت القطاة ، وهو متضمن في الوقت نفسه موت الشاعر .
بقي أن اشير الى أن قافية القصيدة تنتهي في كل الأحوال بحرف مد وهو الألف في الكلمات (( يراح ، الجناح ، الرياح ، المتاح ، براح )) له مايبرره فكأن القافية هي التي يتوقف معها تأوه الشاعر ليرتكز من جديد في أول البيت .






#كريم_الوائلي (هاشتاغ)       Karim_Alwaili#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التسامي في الحب عند رابعة العدوية
- ( المسلمون العقائديون ) منظمة اسلامية بنكهة يسارية
- الارهاب صناعة ثقافية / تربوية ( مقترحات ستراتيجية لتربية ما ...
- الدرس الادبي في الجامعات ، الواقع والافاق
- انشطار الذات وانشطار الوعي في رؤية البياتي للتراث
- الحداثة الزمانية ، المبرد وابن قتيبة انموذجا
- اختلاف الاجيال وتغاير الازمنة
- جدلية القامع والمقموع في الديمقراطية العراقية


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم الوائلي - القلب كقطاة ، قصيدة للشاعر قيس بن الملوح