|
الانتهازيون والفوضويون وايدلوجيات ركوب المرحلة
عبد الخالق الفلاح
الحوار المتمدن-العدد: 5467 - 2017 / 3 / 21 - 10:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الانتهازيون والفوضويون وايدلوجيات ركوب المرحلة لا يشك اي عاقل أو متابع لمسيرة الحياة الحاضرة الى أننا في زمن يطغى عليه كثرة التقلبات والتغييرات ، في العديد من النواحي والمجالات ، فمن جانب العقيدة ، اضطرب بل ضعف في جانب الولاء ، وأخلاقيا ،انعدمت العديد من القيم ، وسلوكيا ، تقهقرت الكثير من المبادئ ، وثقافيا ، تبدلت واضطربت نسبة كبيرة من المفاهيم ، حتى تكرست حالة أصبحت سمة ظاهرة في العديد من المجتمعات ، وتفاقمت يوما بعد يوم ومستمرة في الانحدار ، وأخذت العديد من الصور والأشكال تتغير، لتكون كالنار التي تأكل الهشيم . كثيرة هي المواقف الّتي تمرّ بالإنسان ما بين فرح وترح ، وتمضي إلى سبيلها ، غير أنّ ما ينتج من تلك المواقف ، يبقى عالقاً في ذهن الإنسان سالباً اوايجابياً، وخصوصاً عندما تتكشّف مواقف الأشخاص ، ويظهر صدقهم من عدمه . وفي كثير من المواقف ، يتكشّف النفاق الاجتماعي الّذي ، بات لدى البعض أداةً تُسيّر الإنسان ومشاعره ومواقفه بحسب الشخص المقابل ، " قال رسول الله ( ص ) اية المنافق ثلاث : إذا حدّث كذب و إذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان" وعن عبد الله بن مسعود قال : ثلاث من كن فيه فهو منافق ، كذوب إذا حدّث ، مخالف إذا وعد ، خائن إذ اؤتمن فمن كانت فيه خصلة ففيه خصلة من النفاق حتى يدعها : ثم تلا هذه الآية {وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ} التوبة: 75 – 77 " . الشخصية الوصولية المنافقة لايهمه شيئ إلا مصلحته ( فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً) البقرة: 10]. بعد ان تخلى عن القيم والمبادئ ، والتقولب بقوالب مختلفة حسب الحاجة والظروف الانية التي تتطلبها اي مرحلة من المراحل حتى لو تنافت مع مفاهيمه، والتأطر بإطار جديد ، وبالتالي يتيح لنفسه استخدام أساليب النفاق والتملق والتزلف ، لصاحب القرار والمعني بذاك التقرب لصاحب الشأن وكسب وده ، والإطراء والمبالغة بالمدح بما لا يستحق ، والانتقاص من الآخرين وخصومتهم وبغضهم ، والتحريض ضدهم والاستعلاء عليهم ويعشق تسليط الأضواء ، ويهوى التصفيق من غير نقاش أو تحمل أي نقد بناء ، ويسمح لنفسه بموعظة الناس ، والضحك على الذقون بأنه منهم وهم منه ، وهم جميعا أخوة وأبناء ، إلا أنه لا يقبل الموعظة من أحد والتوجيه ، ويتيح لنفسه تصنيف الآخرين بما يحلو له من أوصاف ، مع رفضه آراء غيره فيه. يعتبر التملّق والتزلّف للوصول إلى الغايات والأهداف الشخصيّة واكتساب الرّضا ، عادة سيّئة، وخلقاً رديئاً ، ونوعاً من النّفاق ، بل من أشدّ حالاته ، قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ اً}[النّساء: 142[ كما أن مواقف الفرد الانتهازي من الأوضاع السياسية والايدلوجيات الفكرية شيء مؤقت ومتلون ، وقابل للتغيير، كذلك تجمع الأفراد الانتهازيين في هيئة أو حزب أو تكتل شيء مؤقت ، يزول بزوال الظروف التي اقتضته ، أو يرجع ثانية بنفس الشكل أو بشكل آخر إذا ما استجدت الظروف ... وهكذا ، وبما أن الانتهازي كفرد ، يغير موقفه السياسي والفكري حسب تغيير مصلحته ، فإنه مؤهل لتغيير موقفه من الانتهازيين الآخرين حسب تغير تلك المصلحة أيضا . وهذا هو القانون الذي يحكم علاقات الانتهازيين ببعضهم و يعطي لتكتلاتهم و تحالفاتهم صفة عدم الثبوت و التلون المستمر . عندنا في العراق هناك من لايزال يعيش ويشمربسلاح الرعب والخوف من رؤى حزبية وضيعة دموية ماضية يكسوها الالم والمعانات والتضيق الفكري وسلب الحرية يعود بعضهم إليها محاولا هدم العالم ومواريثه ونظراته المتراكمة ، ومنجزاته في الصحف السوداء ، ورؤاه من أجل العودة لإعادة إنتاج حكومات واحزاب مضت وانتهت وانهارت ... ليجسد البعض العديد من مظاهر الوصولية ، يحاول تجدد ماضي الدم والحرمان، فكم من إنسان كان يحمل فكرا معينا وينتهج نهجا شوفيني وقلمه يطفئ النور بدل ان يزيل الظلام ، سرعان ما انسلخ من ذلك وتأقلم وتغير مع مزاجيته وينتقل من كتلة الى اخرى حسب المقتضيات الزمانية والمكانية يضع ملوكاً ويستخلف اخرين ، واقع جديد مؤلم فقد عاصرنا منهم من هو في السلطة الان ويمارس اخلاقيته الماضية ، والدافع هي تلك الوصولية المقيتة والانتهازية المتجذرة . والانتهازيون يعادون ويناقضون الصراحة ، وهذا ما يميز ممارستهم عن ممارسة الطبقات الرجعية الواضحة ، المعادية للتغيير والتقدم . إذ أن لهذه الطبقات التي تدافع عن القديم أو عن الواقع الراهن عادة وتتشبث بها من باب الهدم لا البناء ، مذهب سياسي ، وعقيدة مستمدة من شكل التفكرات التي تقوده و تريد له البقاء على حساب الاخرين . أما الانتهازية فليس لها أي مذهب أو عقيدة أو نظرية محددة ، فهي تقول اليوم ما تنقضه غدا . و تقول غدا ما تتخلى عنه بعد غد...إنها تكتفي بالمواقف السياسية اليومية النفعية ، و إن تبنت شكليا عقيدة ما ، فإنما لخدمة هذا الموقف السياسي أو ذاك ، و هي قادرة على التخلي عن كل المذاهب دفعة واحدة إذا ما اقتضت مصلحتها الظرفية ذلك .( ويغوصون في عالم التفاهة) الذي يعني فشل عقب بعض المقاربات التي تنبع عن غباء وتملق مفرط ، كأطار نظرية ومنهجية وتحليلية غير ثايتة وتمدد في غير محل صاحبه تحت عبائة الاخرين والوصول لمكانات بعيدة عن الاستحقاق ، ميتة أو متكلسة لا تفسر شيئا بل أحيانا لا تصف شيئا . في العراق قد تعقدت الظواهر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية وتداخلت في ظل مكاسب للغير وخاصة بعد عام 2003 وسقوط النظام الدموي البعثي الذي رسخ لهذه الظواهر اساساً ، ولا نملك سوى ادوات ونظرية اكل عليها المكان والزمان تحت طأئلة العنف المتمدد، والخوف والكراهية ، والإقصاءات ، فى ظل انفجارات عبثية فى القاموس السياسى لرجال في الدولة ، وفى اللغة الإعلامية السطحية والآثارية والتافهة فى غالبها ، وفى الأجهزة الإعلامية الفضائية وغيرها . ظاهرة لم تعد قاصرة على وسائل الاعلام التفاهة والتسطيح التى تنتج وتنشر الجهالة والغموض والفوضى والاضطراب فقط انما اصبحت مباحة عند بعض السياسيين المخضرميين العاملين في اعلام النظام السابق ويمارسونه اليوم ... فى بلادنا نلمس وتسمع بعض ملامحها الفوضوية فى اجهزة إعلامية مختلفة واستغلتها بعض الشخصيات السياسية المتلونة في كل حين كالحرباء ( نوع من الزواحف وتمتاز بقدرتها على تغيير لونها طبقاً للون الأشياء التي حولها أو تبعاً لمزاجها ) لطرح مشاريع دنيئة ومدح شخصية مطرودة من العملية السياسية شعبياً بعد ان انكشفت اوراقها وعمالتها وخيانتها وحالمة من ان تكسب شيئ منهم في القادم . لاشك نحن اليوم بحاجة في زمن الفتن للثبات على المبدأ ، والاستقامة على القيم ، ورسوخ العقيدة، ودوام النهج السديد، فهي الحصانة من التلون والانتكاس والمراوغة في التعامل مع الناس ، فن من أهم الفنون على مر الزمن نظراً لاختلاف الطباع .. فليس من السهل أبداً أن نحوز على احترام وتقدير الآخرين .. وفي المقابل من السهل جداً أن نخسر كل ذلك .. وكما يقال الهدم دائماً أسهل من البناء .. امتلاك نظرة إيجابية للحياة هي أحد الخيرات المهمة التي يمكننا أن تختاربشكل واعي طريق الصواب. والعمل على تلاحق الأفكار التي ترفع من الحالات المعنوية ، وأن تلقى المزيد من الضوء البناء على المواقف الصعبة ، وبشكل عام أن نلون يومنا بأساليب تعامل أكثر إشراقًا وأملًا مع كل الأشياء التي نقوم بها . عن طريق اختيار الطريقة المثلى في امتلاك النظرة الإيجابية للحياة... عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
#عبد_الخالق_الفلاح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في الاردن .. قمة المواقد المشتعلة و عدم الاتفاق
-
التحالفات الجديدة ولاء الطاعة للمخابرات الدولية
-
ورقة تسوية لحماية الارهاب
-
تركيا القرارات المحيرة والاوجاع الجديدة
-
نوروز مثل الشموسِ تُكحِّلُ الأسرارا
-
اجتماع انقرة ...واملأ ركابي فضة او ذهبا،
-
تفاءلوا بالخير تجدوه
-
على اعتاب التحالفات الجديدة والرؤية الوطنية
-
دول الفوضى واستمرار التصعيد
-
زيارة الجبير هل تعني اصلاح ما فات ..؟
-
المسارات الصادقة والانانية السياسية
-
انتصارات وحدة الارادة والكلم
-
انتصارات وحدة الارادة والكلمة
-
المنطقة ...الصراعات والتحديات
-
حق الشعب من العملية السياسية
-
خطوات التوعوية في مواجهة مخاطر المرحلة
-
التقارب الخليجي الايراني خطوة مباركة
-
سميرة مواقي شذرة الاعلام الشريف
-
الهدوء لنبعد الارهاب اولاً
-
فشل لغة التهديد والوعيد للرئيس الجديد
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|