|
لن أرحل
ابراهيم الوراق
الحوار المتمدن-العدد: 1435 - 2006 / 1 / 19 - 08:38
المحور:
الادب والفن
لن أرحل ، لن ابكي ، وماذا ينفع لو حم القدر ؟؟ أنا مثل الشموس في ظلمتها الظليلة ، أحن إلى هذا الناقوس ، أميل إلى هذا الطفل الغرير، أحب أن أسمعه ، نداءا ، صراخا ، في مجنى الليل ، ومن وراء هذا الشجر ... ويدخل البلبل من هذا الباب ، يريدني خارجا من كوة العزاء ، يقول : لا أعزك الله من صبر ، يامن بات يهوى القمر ، يشدو مع الصغار ، يحن الى عسس اليل ، فهل تعرفونه يا أهل الحضر ؟؟ من أنا ؟؟ قطرة في بحر الإنصعاق ، تصطلمني النفحات ، ذرة تتأوه من بين الكلمات ، دقيقة من ثواني هذه الساعات ، كلمة ، تدعو ، تتدثر في حنايا الطيور . سأجمع حقائبي ، لأرحل ، لأبحث ، في عواصم العالم ، في الإسكندرية ، في طابة ، عن نجيم لاح ، ثم اندحر ، سأنتفض في شرايينك ، سأفض عذريتك ، سأعلمك القرار ، سأكون كونا ، أوأثيرا ، أولا أكون إلا سطرا ، من ورود، من زهور ، تكتب أغنية ، بل صدى بين قباب الصدور. سهل يابنة الحي منك الصدود والهجر ، سهل منك القبول والدبر ، سهل أن تخرجيني من مساحات الضرر ، هكذا ظننت يا حبيبتي بلا حذر ، هكذا علمتك الصبابة في ليالي السهر ، يامن لقلبه أهوى ، ولعينه أعشى ، أنا شرارة من نار ، فحمة تلفعت من وارئها آيات العبر، قطعة من حزن ، فلقة من عذاب ، ترنوإلى ذاك الحجر ، أفلق به رجلي رأسي ، عقلي ، حتى لا يكون لي نظر ، ثم اترك لنفسي مصيرا بين يديك ، عنوانا على الدموع ، في بون الحبيب ، في هجره ، في صدوده ، في كلماته : عد إلى حزنك أيها الكمد ، فما أرى لك من ظفر ، فكذا غنيت يابن الحي ، الذي ، هيجت أحزانه قلبا يحتضر . لن أرحل ، كيف يبدو ذلك ، سكرا ، شفيفا كالطيف ، كموسيقى الأشجار ، كالنور، كالهباء ، فراسة خاطئـــة ، وظن كاذب ، وضياع في زوايا النهار ، في الليل يسعد اللقاء ، فهل استوحشت منك النظرة ، أم قلاني منك الفؤاد ، أم حوراء آدمية تسعى ، تهرول كالنعامة ، تريدني جاريا ، بل سباقا في عراك الجنـــــون ، وحين ألقي بيدها في مرساتي ، ترميني ، إرحل ، لا أرجعك القدر ، في وجودي وجد ، وفي عدمي غذر ، وحين تنعدم مني دقائق الأيام ، تنوب عني الوساوس الثكلى ، في مجرى الأيام ، في وهم ، ترينه ضبابا مترنحا ، بل برقا خلبا ، بل سماء مطيرة ، بل هزيم رعد ، بل هوجا ، بل غريرا في معبد الحب ، يغني للفجر وللقمر ، في بحر الأحدية ، تناديك ، في أعماقك ، إنسانة أخرى ، تعض غيرتك بالإنكاد ، ترسل حبها فيغرقك ، وتشح منها السماء ، فلاترى بين عينيك ، إلا جلجلة ، نيزكا موسوما بالكدر . أعصاب أراها رقيقة ، تتنفخ في غبار اليل ، فأراها نكدا ، صبيبا ، ديمة تهب كالمطر ، وحين أتقرب منها بيدي ، أجدها مادة لزجة ، زئيقية ، لا تعرف حبيبها ، إلا بغيرة مدسوسة بين كل كلام ، سؤال ، لكنها سر ، إلهام ، لهوجة في صدى السعير . لن أرحل ، ودليلي بين يدي سر ، دليل على المراد الذي تبدى ، مني بل منها ، نشازا في صوت كصوت النغير ، سر أحدقت به الأفنان ، وأغصان حب تفرغت في الفؤاد كالتيجان ، لوعى من الحزن ، تطالبني في ليالي النوح السمر ، إرحل ، لا تقلب وجها إلى هذه المعابد ، نشيج يعلوني فلا أري له صديقا إلا خدي والمحاجر ، أردد في ثورة اليل ، كالخفاش ، أذكارا ، صارت مع الحزن كالوتر . لن أرحل ، لن أرحل ، لن ييبس مني العود ، لن تبلى مني الأوراق ، لن تكسف مني العبرات ، لن أرى لعيني بعد هذا إلا الدموع والسهر ، شجراتي تعرت للاقطها ، وتمراتي تبدت لجانيها ، وأعراضي مصفرات في حقن الشجون والعبر . لن أرحل ، أسى ينتابني ، شعور يغتالني ، غيض ، حنق ، عنف ، أقضيه قضاءا مبرما ، في دروب الحيـــاة ، أنسى ساعة ، وأهرول ساعات في الظهر ، في العصر ، ، وحين تأتي واليل قائم ، وظل النهار سارفي العبور ، أقطع من هنا إلى هناك مسافات لنيل الأوطار ، مسافات تطوى ، وأنظر في عيني ، فأراها في بهو المراح كالستور ، تأخذني بلفح شمسها ، تلفعني بلظى سعيرها ، تلقيني بين يدي دفاتري ، صابا ، علقما ، غصة تعتمدني ، عسلينا بل عقيما يختنقني في حلقي كالفهور ، فتتركني أموت بين عنــــوان ، وكلمات ، وأشياء لا ذكر لها ، فأهرول في حوصلة الأحداث ، أبحث عن نفس أراها سعيرا ، لكنه رحمة ، أبصقه على صفحات كتابي . شهدا من السطورالذي أشربه رقرقة من هذا الغدير ، أرتوي بحميا الهوى من هذا اليـــم ، ألتقط وردة من هذا البستان ، أختطف نظرة من هذا الجمال ، صورة ليس لي بين يديها كلام ، أهل أرسلها قبلة ، أم أرسلها أناملا ، أم أهديها مهج الحياة ، مواجيع مفجعات في ليلي ، أقرر الهروب منها إليها فلا تريد ، وتنتهي المسرة بحزني حين تقول إرحل ياحقير . لن ارحل ، فإن أبيت إلا أن أرحل ، فإلى هنا ، حيث دارة الفلك ، حيث النجم ، حيث غدران العواطف ، ساق على ساق ، في رقصة حلزونية ، في جموم الجسد ، في سكر الروح ، في عقل العقل ، في منتهى النشوة ، وينغلق الباب ، فأقول يامجنونتي ، عد ، عد ، إلى وفقة التناصف ، قبل منح الغرور ، يامجنونـــة ، لن أرحل ، فالفصل فصلي ، وفصلي زاهر ، والساعة منحتي ، والممنوح جميل ، هات يديك يامجنونتي ، فالنسيم فد زاد ريا المكان ظرفا وجمالا ، مكان آمن ، وعزة قعساء ، ولون خداع ، عودي إلى مسرح الخيال ، إلى حقيقة الوجود ، إلى عين الزوال ، إلى الفناء والإتحاد والأنوار. لن أرحل ، وفي الكون أحزان وأتراح ، حزن في جمجم حزن ، في قمقم من حلقة الوجود ، فهل تنفع الكلمة من عبد مثلي مندحر ؟؟ في صحيفة بيضاء تصدر من قلب رءوم ، رهيف ، حساس .. أنتم هناك ونحن هنا ، وذات البين قرب في ذاتينا ، لاعليك ، فقد عرفتك سكرانة بماء الحب . يا نجوم السماء أرسليها فوحا ، من المسك واللبان ، وياهبات النسيم أحملوها مني تسليمة في ليل المجانين ، أقول قولي ، ولن أرحل سأبقى لك ، وبك ، وجودا حضورا ، شهودا من وراء السور ، لن أرحل
#ابراهيم_الوراق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إلى الذي سأل أين الله
-
قرية المجانين
-
حين ولدتني أمي !!!
-
خيال إنسانة
-
خيال من خيالات انسانة
-
لقاء على شاطئ سيدي بوزيد
-
مسار عمرو خالد ، وخالد الجندي ، في الميزان
-
صراع الوهم ، أم صراع الإرادات
-
عمرو خالد بين الأسطورة والحقيقة
-
شظايا في افق الكلمات
-
اعباء الروح 1
-
حوار بين العقل والعاطفة رقم 6
-
1-2-3-4-5-مرابع البؤس -الانسان ، الزمان ، المكان- رقم
-
حوار بين العقل والعاطفة رقم 45
-
حوار بين العقل والعاطفة -رقم 1-2-3-
-
ثورة من أجل الحقوق أم على الظلم...؟
-
مجالس سامرة ..محاورة بين التلميذ وشيخه
المزيد.....
-
مسلسل طائر الرفراف الحلقة92 مترجمة للعربية تردد قناة star tv
...
-
الفنانة دنيا بطمة تنهي محكوميتها في قضية -حمزة مون بيبي- وتغ
...
-
دي?يد لينتش المخرج السينمائي الأميركي.. وداعاً!
-
مالية الإقليم تقول إنها تقترب من حل المشاكل الفنية مع المالي
...
-
ما حقيقة الفيديو المتداول لـ-المترجمة الغامضة- الموظفة في مك
...
-
مصر.. السلطات تتحرك بعد انتحار موظف في دار الأوبرا
-
مصر.. لجنة للتحقيق في ملابسات وفاة موظف بدار الأوبرا بعد أنب
...
-
انتحار موظف الأوبرا بمصر.. خبراء يحذرون من -التعذيب المهني-
...
-
الحكاية المطرّزة لغزو النورمان لإنجلترا.. مشروع لترميم -نسيج
...
-
-شاهد إثبات- لأغاثا كريستي.. 100 عام من الإثارة
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|