أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - قراءة في الإصرار على إقالة وزير التربية














المزيد.....

قراءة في الإصرار على إقالة وزير التربية


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 5461 - 2017 / 3 / 15 - 01:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"جان جاك روسو" فيلسوف التـنوير البارز الذي سبق ماركس في عديد تحليلاته، كما يبدو أكثر منطقية في الحلول التي طرحها لازمة الامساواة بين البشر و تـفاوت الملكية و خاصة في طرحه للدولة الأكثر عدلا، كما انه سبق الفيلسوف الذي يعتبر لحظة فارقة في تاريخ الفلسفة "هيغل" في جدلية السيد و العبد. قال "روسو":
" الذين كانت أموالهم أو مواهبهم أقـل تـفاوتا، و كانوا أقـل بعدا عن حالة الطبيعة، فقد احتـفظوا بالإرادة العليا و أقاموا نظاما ديمقراطيا".
و بما أن تونس جعلت من ثورتها فترة انتـقالية لأجل بناء أول ديمقراطية عربية، فان جل ما شهدته الفترات الانتـقالية من حكم إلى الآن اتجه في خط معاكس للديمقراطية. فلسنا نحن من سنبدع الديمقراطية و إنما نظر لها فلاسفة الأنوار و الذي يكون "روسو" من أبرزهم على الإطلاق، و يكفي أن نقول أن التعبير عن الإرادة الجزئية بواسطة الانتخابات هي من إبداع مخيلته الفذة، التي كان دائم الشحذ لها في مجمل تحليلاته لأصل الامساواة بين البشر تاريخيا، و التي أثبتت البحوث الانثروبولوجية و غيرها فيما بعد صحة عديد الافتراضات التي بنا عليها تحليلاته الدقيقة و الواضحة..
و لعله من باب الأحقية في نقـد تصرف نقابة التعليم الثانوي و الأساسي في إصرارها على المطالبة بإقالة وزير التربية السيد "ناجي جلول"، من حيث انه استجاب للمطالب النقابية الصرف من زيادات في الأجور. كان السيد الوزير تعيس الحظ الذي وجد نفسه في وضعية أو مشهد حكومي بائس على رأس وزارة فيها اكبر نقابتين في البلاد.
النقد الأساسي هو أن مطلب الإقالة هو في غير صلاحيات المطالب النقابية. إذن فالصراع سياسي بحت، و لا نذهب مذهب اللذين يرجعونه إلى صراع شخصي بين رئيس نقابة التعليم الثانوي السيد "لسعد اليعقوبي" و السيد الوزير. لا نذهب كذلك مع منطق أن النقابة ترهن مستـقبل التلاميذ لأجل صراعات سياسية، فمن غير المعقول تصور عـقلية كهذه عند نخبة البلاد أولا و عند الاتحاد العام التونسي للشغل ثانيا و هو المدافع عن الشعب الكادح منذ نـشأته إلى اليوم..
إذن فمن باب السلامة الذهنية هو البحث عن أسباب هذا التصعيد الأقصى و الذي أقـرته القيادة النقابية اليوم بإعلانها يوم 27 مارس يوم تعليق العمل حتى إقالة الوزير. أي إن الخطوة النهائية قد بلغتها..
و كان يمكن الدفاع عن السيد الوزير و عن حكومته لو تركوا لنا و لو أساسا منطقيا واحدا يدفعنا إلى مثل ذلك. الحقيقة أن حكومة السيد يوسف الشاهد لم تـنجز أي انجاز نحو الديمقراطية الفعلية. الديمقراطية التي يكون الطريق إليها بالعمل على الحد أقصى ما يمكن من التـفاوت في امتلاك الأموال و المواهب مثلما قال "جان جاك روسو"..
إننا لم نجد إلا إيغالا في التـفاوت و مزيدا من عدم الاهتمام بالديمقراطية الفعلية الواقعية. و انه لمن المدهـش فعلا هو التمسك بالأشكال الديمقراطية دون المضمون. فصحيح أن مجلس النواب الحالي منتخب من الشعب بحرية و لكنها شكلية. أي أن إرادة الناخب لم تكن فعلية حسب ما يطمح و إنما حسب ما يخاف من عدو متبادل بين "حركة النهضة" و "نداء تونس"، ثم بانت أنها مجرد لعبة لأجل اكتساح البرلمان و الإرادة الشعبية بتعميق تـزيـيفها و من بعد تيئيسها من الانتخابات و الحرية و التعددية و الأحزاب السياسية جميعا..
الناخبون من هنا و هناك و غيرهم القليلون اللذين عبروا عن إرادة حرة فعلا و لكنها لم تحدث وزنا ثـقيلا عدديا في البرلمان، يلاحظون كل يوم إبداعات جديدة في الامساواة و التـفاوت و التغاضي عن المتحايلين بجميع أصنافهم..
يبدو أن الإصرار على إقالة "ناجي جلول" ما هو إلا إصرار على الاحتجاج ضد هذا الوضع غير الديمقراطي لثورة الحرية و الكرامة..
و لذلك فانه من خلال هذا المنطق فان أقصى ثمن يمكن أن يدفعه الشعب و هو التضحية بالسنة الدراسية الحالية لصالح الديمقراطية و الحرية الأساسية في الحد من التـفاوت الاقـتصادي و المعنوي، يبدو معقولا لأجل حياة أفضل لأبنائهم في كنف المساواة في الفرصة حسب الكفاءة و المساواة في التـنشئة و اطلاق المواهب الكاملة للجميع. الغد الأفضل أخلاقيا و ماديا..
ساعتها و بعد سنوات سيقول اللذين ينددون و يسبون النقابة و الاتحاد اليوم، أنهم شاركوا بتضحياتهم في إرساء الديمقراطية الفعلية غير الزائفة.. بل ستجدهم يشكرون نقابة التعليم في جرها أقصى ما يمكن من أفراد الشعب للمشاركة في الثورة العظمى، لتكون فعليا ثورة شعب..



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشهد الثقافي التونسي يعكس حقيقة ما يدور بالمشهد السياسي
- تونس أمام نهاية الانتقالي ام الثوري أم كليهما؟
- طبول الحرب تقرع من جديد في تونس..
- بين الاحتجاج و دوافعه في تونس
- في الذكرى 31 لتأسيس حزب العمال التونسي
- علاقة -دستويفسكي- بالتحرر الفلسطيني
- في الانتقام ل-شكري بالعيد-
- رسالة الى السوريين حكومة و معارضة
- الصفعة الروسية لايران
- تونس بين ديدان الأرض و ثورتها
- نظرة تونسية للجزائر اليوم
- مساجد لعبادة الله أم الإمبريالية ؟
- المسرح الروماني ضد الإرهاب الاسلامي
- -بشار الأسد- و الناعقون على حلب
- المثقف و الاستبداد
- الفوضى السياسية في تونس
- مارد الاستثمار في تونس
- وقف سلسلة الانتقام في تونس
- بوح معذبي الدكتاتورية في تونس
- مهزلة العراق الجحيمية


المزيد.....




- بعد تصريحات متضاربة لمبعوث ترامب.. إيران: تخصيب اليورانيوم - ...
- بغداد تستدعي السفير اللبناني.. فماذا يجري بين البلدين وما عل ...
- الجيش الإسرائيلي يُباشر إجراءات تأديبية ضد أطباء احتياط دعوا ...
- قبيل وصوله طهران- غروسي: إيران ليست بعيدة عن القنبلة النووية ...
- حزب الله يحذر.. معادلة ردع إسرائيل قائمة
- الخارجية الأمريكية تغلق مركز مكافحة المعلومات ضد روسيا ودول ...
- رغم الضغوط الأوروبية… رئيس صربيا يؤكد عزمه على زيارة موسكو ل ...
- البرهان يتسلم رسالة من السيسي ودعوة لزيارة القاهرة
- كيف تنتهك الاقتحامات الاستيطانية للأقصى القانون الدولي؟
- حرائق غامضة في الأصابعة الليبية تثير حزن وهلع الليبيين


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - قراءة في الإصرار على إقالة وزير التربية