|
اردوغان و البارزاني يريدان ان يعيشا المستقبل في الماضي
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 5460 - 2017 / 3 / 14 - 23:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من استمع اليوم الى ما اقدم عليه قوات البارزاني و باعانة تركيا و الياتها المترابطة في ضواحي سنجار الذي تقدموا اليه اخيرا و بعد ان منعت قوات اردوغان و من معه من التقدم الى المنبج، و تسببهم لوقوع عدد من الشهداء و الجرحى من المدنيين الموالين سواء للقوات اهل المدينة او الحزب العمال الكوردستاني الموجودة في تلك المنطقة، و هم من المدنيين الذين ارادوا منع سكب الدماء وحقنها، من خلال منع تلك القوات في التقدم نحو المدينة، كي لا يحتكوا مع لبعض و يحدث اصطدام و ان يتحول الى معركة و حربا، و لكنهم فدوا بانفسهم و دمائهم من اجل السلام . و سيبقى الوضع هشا غير مستقرا طالما سُدت الطريق امام اردوغان فيما اراده في المنبج، و صرح كثيرا بصوت عالي بان المنبج هي الهدف المقبل لقواته، بينما اصطدم بجدار امريكي روسي، و اليوم امتنع من التقدم ولو خطوة واحدة نحو هدفه المنشود، و خذل امام انصاره و مؤيديه من الاتراط و بالاخص انه امام استفتاء مصيري لما يحقق له ما ينويه من ان يكون سلطانا عثمانيا في القرن الواحد و العشرين . و لكنه لم يعلم بانه لم يحسب الحساب جيدا، و لم يقيّم الواقع بما تتطلبه المستجدات من ما جرى في المنطقة، بل يعيش الرجل في القرون السابقة بعقليته، و انه يقرا الامبراطورية العثمانية و ما جرى خلال تلك القرون من جانب واحد و يعقتد بانه مشرق له، يقراه من الهواء الطلق و البروج العالية، و لم يعلم محتوى و طبيقة الارضية التي كانت عليها طوال القرون التي سيطرت على المناطق التي وصلت اليها . اي لم يشغل اردوغان فكره قليلا في النزول من الفضاء العثماني العالي متكابرا ليعلم ما كان عليه آل عثمان و كيف اصبح الان . و هذا له اسبابه الكثيرة؛ شخصية كانت اي ما يتمتع به السيد اردوغان من السمات و ما املت عليه مجريات حياته الخاصة و تعليمه السياسي الديني، و كيف سيطرت عليه المصلحة السياسية الخاصة على عقيدته و فكره و يعمل على ان يضع الدين و جوهره في خدمة اهدافه و طموحاته السياسية الحزبية و الشخصية . اي انه لم يتقن اللعبة التي جرت و ما كانت عليه العثمانية بكل جوانبها، بل انهيريد ان يحتكم من خلال الارث العثماني من البروج العاجية و تخيلاته ازاء ماكانت عليه السلاطين، محاولا دمج الحاضر بالماضي ليتمكن ان يعيش المستقبل في الماضي . ياله من امر صعب جدا بل يمكن ان يقع في حفرته بنفسه و بما يحمل نفسه فيه . من جانب اخر ليس اردوغان وحيدا في هذا، بل يريد ان يعاونه الاخرون على ما يهدف بوضع طُعم فاسد امام مسيرتهم و طموحاتهم هم ايضا كي يذوقوه و ان كان علقما؛ و منهم السيد البرزاني الذي لا يقل فكرا و سمة و كينونة و ما يحمل من الطموحات الشخصية عن اردوغان كما و كيفا، و لكنه بثقل اخف و من موقع اوطا . اي انهما ينظران الى الواقع و ما نحن فيه و كأن المرحلة تتحمل سلطة الامبراطوريات و الولاة و النهب و السلب للامم الموجودة في هذه المنطقة كما مر عليه التاريخ في حينه لاسبا و عوامل كثيرة لا يمكن ان تتوفر لاعادته . الغريب في الامر ان الشخصين وقفا في مكان واحد ثابتين دون تغيير، و لم يحسا بانه يمكن ان ينجح المتحرك دائما كما تفرضه كافة فلسفات الحياة منذ العهود الغابرة و ما يعلمنا التاريخ عن هذا اما الثابت المعتمد على الماضي غير المتحرك فمصيره الفشل . فهل لم يتذكر اردوغان كيف مرضت العثمانية و شلت ايديها و من ثم اجبرت على التراجع و الفشل في ادامة ما كانت تريده رغم توافق النسبة الكبيرة من الارضية التي ساعدت على بقائها لفترة طويلة و ما رسخت من الارضية لتامين مستقبلها و هي التي صنعت عوامل فشلها و عدم استمراريتها . الا ان التغيير الذي لم يتلائم مع العقلية العثمانية و ما سارت عليه في حينه، فرض عليها ما فرض، من عدم امكان تقدمها او السير بما كانت تسير عليه و تفرض كل ما لها من ارادته على اية بقعة كانت تحكمها سواء بشكل مباشر او من قبل الموالين لها . من المعلوم ان العثمانيين و السلاطين قد بنوا لنفسهم امبراطوريات في كل بلد احتلوه، و لم يتمكن اي من تلك البلدان الخروج من الطوع نتيجة التحكم الذي فرضته تلك السلاطين فكرا و عقيدة و مصلحة، اي استخدموا الاسلام وسيلة و المصالح الشخصية و اخلاص الموالين لهم بشتى الطرق طريقة لبقائهم لفترة طويلة، و لم يكن الموالون الا نموذج من التابعين لهم في تنفيذ ما يريدون باي شكل كان، و اليوم يمكن ان نجده طبقا للاصل في شخصية البارزاني عقلا و موقعا و ولاءا و سلطة و سلوكا و مصلحة و اخلاقا . نعم انهما لا يتوازيان في الثقل، بل الطموح الذي يضعه اردوغان امامالبرزاني سرا و خداعا، يجعله ان ينتشي و يسكر بما يمكن ان يصل اليه سلطانا و لا يعلم بانه في اكثر احتمالا و افضله لا يكون اكثر من الولاة الذين اضاقوا الذرع من السلاطين، و ان اكدوا لهم الولاء و الاخلاص بشكل قطعي و مطلق . فكم منهم ادين و قلع من موقعه في تاريخ العثمانية لمجرد احساسهم بانه يمكن ان ينحدر عن المسار الذي وضعوه فيه . فهذا التوجه و العقلية هي التي جعلت البارزاني موافقا سياسة و فكرا و عقلية في تنفيذ ما يريده اردوغان و بلده دون ان يعلم او يعتبر من التاريخ و لم يحمل من التجارب التي مرت بها شعوب المنطقة و ولاتهم، و لم يدرك الواقع و لم يفهم الدرس لحد الساعة . بل انغمس بشكل غير متوقع في مخططات تركيا و اردوغان بدافع حزبي و شخصي، و لم يقيّم ما هو عليه بعيدا عن اردوغان و الخصوصيات التي تتصف بها كوردستان و الوضع الذي هو فيه و كيف يكون دونه غدا و ما يصل اليه في نهاية المطاف، و الاحتمال الاقوى من فشل اردوغان في مهمته الشرق الاوسطية المخادعة و ادعائاته الزائفة التي لا تمكنه من النجاح في اي جانب . و لم يدرك البرازني ما يفرضه الواقع و المرحلة ولم ينظر الى اردوغان كيف اهين و اهان مع نفسه دولته دوليا و دبلوماسيا و دبلوماسية هادئة بعيدة عن كل ما يمت بالسلاح و الحرب من قبل الدول الاوربية العريقة المعتمدة على ما يتطلبه العصر للانسانية جمعاء . هنا يمكن ان نقول للسيدين البرزاني و اردوغان، انكما على الطريق الخطا توجها و استنادا على ما تحملون من ما نفد تاريخ صلاحيته فكرا و عقلية و تريدون النجاح في مهمتكم بوسائل غير ملائمة للقرن الواحد و العشرين و بتوقعات غير مضمونة ، و انكما ستصطدمان بالصخرة التي تمنع تحرككما في اول الطريق، و انتما لام تتقنان ما يفرضه عصر العلم و المعرفة البعيد عن الخيال و المثاليات التي اتقنته العثمانية و كانت الظروف ملائمة لتطبيقها، و ماكانت المنطقة قبلها، و استخدموا كل ذلك في خداع شعوب تلك المناطق التي توغلوا فيها احتلالا و بشتى الادعاءات الزائفة، و لم تكن مصادرها الا اعادة ما كان عليه العهود ما قبل تاريخهم و لكنهم سحلوا على عقول ابناء المنطقة و اضروا بهم و خلفوا المجتمعات اكثر مقارنة بما تقدم به الدول الغربية على حساب هؤلاء ايضا، و دون ان يستفيدوا منهم بقيد انملة رغم كل الاداعاءات الخاوية لتاريخ الفلسفة الشرقية الاسلامية العربية التركية التي طرحها العثمانية و ارادت ان تفرضها دون ان يكون لها جوهر حقيقيشِ .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فشلت ذنبا لأوربا تريد راسا لآسيا
-
التخبط في الوعي الفلسفي العراقي لما بعد السقوط
-
لماذا كل هذا الغضب ؟
-
المراة ضحية نفسها اولا
-
المراة في كوردستان مالها و ما عليها
-
صدام تركي ايراني بقوات كوردية
-
هل بامكان داعش الهروب الى جبال كوردستان الوعرة ؟
-
من حطم اخلاق مجتمعاتنا
-
هل استقلال كوردستان هو افضل الخيارات ؟
-
غيّر اردوغان من اهتماماته باخوان المسلمين ايضا
-
غير اردوغان من اهتماماته باخوان المسلمين ايضا
-
الاستقلال يوحد الكورد ام الوحدة الداخلية هي الأَولى ؟
-
بماذا تفيد كوردستان ان تجعل اربيل وكرا لنشاطات البعثيين ؟
-
ما يحمله اردوغان هو هوس امبريالي قومي تركي
-
المرحلة لازالت تتطلب الكاريزما ام الخلل في الوعي العام ؟
-
المطلوب هو التفكير العقلاني للكورد في هذه المرحلة
-
ما نهاية مائة عام من الاحبا ط ؟ ( 3 )
-
ما نهاية مائة عام من الاحباط ؟ ( 2 )
-
ما نهاية مائة عام من الاحباط (1 )
-
ايهما ارهابي ملكك المعظم ام حزب العمال الكوردستاني ؟
المزيد.....
-
الجيش الأمريكي يعلن استهداف -أحد كبار قيادات- تنظيم تابع لـ-
...
-
مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تعيين دوغ بورغوم وزيرا للداخلية
-
مباحثات إيرانية قطرية حول اتفاق وقف إطلاق النار بغزة ولبنان
...
-
ترامب يعلق على تقارير سحب القوات الأمريكية من سوريا
-
روبيو: ترامب مقتنع بضرورة حل الصراع في أوكرانيا بالوسائل الد
...
-
واشنطن: استمرار الصراع يدمر أوكرانيا ويفاقم خسائرها في الأرا
...
-
المغرب.. تفاصيل دقيقة حول الآليات والمواد والمساحيق التي تم
...
-
الولايات المتحدة تخطط لفرض رسوم جمركية على الصين بسبب -شحنات
...
-
روبيو: عرض ترامب شراء غرينلاند -ليس مزحة-
-
العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة المتحطمة في واشنطن وإر
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|