أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - شمدين شمدين - المقدَّس














المزيد.....


المقدَّس


شمدين شمدين

الحوار المتمدن-العدد: 1434 - 2006 / 1 / 18 - 07:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يحكى انه في غابر الزمان وجد الذكر والأنثى منفردين كل منهما في مكان منعزل عن الآخر وحين كان البرد يعصف بكل شيء على وجه البسيطة أحس الرجل بالبرد وأحست المرأة بالجوع فتعلم الرجل الصيد معتمداً على قوة جسده واكتشفت المرأة النار
بالاستناد إلى ذكائها وفي الكهف الذي التجأ إليه الرجل ليتناول وجبته رأى من بعيد ضوءاً كالشمس يقترب منه فشعر بالخوف منه والرغبة الكبيرة في معرفة ماهيته وحين بدت المرأة الأولى وفي يدها شعلة النار بدأ الدفء يتسلل إلى جسده والخوف يتلاشى شيئاً فشيئاً وفي الوقت عينه رأت المرأة الأولى الرجل وفي يده قطع اللحم الني فتقدمت ناحيته وتبادل الاثنان نظرات الحب والرغبة الجامحة في التوحد معاً فكانت الذرية وكانت الحياة وأصبحت النار المقدس الأوحد في حياة البشرية فهو الضياء وهو الأمان من الحيوانات المفترسة وهو الدفء في الليالي الباردة وهو صورة المرأة الأولى والحبيبة فنار الحب مازال المقدس عند الرومانسيين المعاصرين .
وربما وفي ذلك الزمان الغابر ربما ماتت المرأة الأولى قبل الرجل الأول فأصبحت الحياة في عينيه خالية من كل المعاني التي كانت تمثلها المرأة ولم يدري إلى أين ذهبت هذه الحبيبة فظن إن الأرض ابتلعتها فكره الأرض وأعتبر إن في داخلها تكمن قوى الشر والظلام وبما إن القمر والشمس هما وحدهما القادرين على تبديد الظلمة وحيث إن القمر يشبه وجه الحبيبة دون أن يحرق الناظر إليه كما تفعل الشمس أيقن أن حبيبته اختبأت في عباءة القمر وأصبح القمر المقدس الجميل في حياة الرجل فصنع المسلات والمآذن التي اعتقد إنها توصل إلى المقدس العظيم المرآة التي أصبحت آلهة فيما بعد ورغم كل الجهود المضنية لم ينجح الرجل الأول في بلوغ غايته بالوصول إلى القمر وما يحمله من دفء وحنان ونشوة مفقودة وحين يأس بدأ بصنع التماثيل والأصنام التي تشابه حبيبته المرأة الأولى وأخذ يتقرب إليها بالقرابين من فرائس حيوانية وزينات قد تدخل السرور إلي قلبها المتحجر ولكن لم تنفع كل تلك العطايا والهبات فظل الرجل الأول حبيس الحزن والأسى حتى مات تاركا أولاده وأحفاده في مواجهة مصاعب الحياة وأهوالها.
ولذكرى هذا الوالد المقدس أخذ الأولاد يصنعون التماثيل التي تشابه وتمثل هذا الأب الحنون الذي كان يمثل الحماية والأمان
وغدت هذه التماثيل مقدسات لدى الذرية البشرية يتوجب التواصل معها بالعبادة من خلال الاعتناء بها والسهر على راحتها وذلك بتقديم القرابين والأضاحي والأشياء المحببة الى ذواتها الفوق البشرية ومع التطور البشري تحولت هذا الاصنام المقدسة التي مثلت الصلة والرابط بالمقدس الأعظم الأب والأم ،النار والنور(الشمس والقمر) إلى أرواح تجسدت في كيانات بشرية فكان الملوك والأنبياء والفلاسفة هم إما صلة الوصل نحو المقدس أو المقدس نفسه وهنا ظهرت المشكلة الكبرى في مسيرة الحياة البشرية
فسابقا كان المقدس حجراً لا يضر ولا ينفع أو أرواح وكواكب في السموات يمكن تفادي غضبها بالقرابين والمحبة ولكن الآن أصبح المقدس بشراً يضر وينفع والمصيبة الكبرى إن هذا التقديس لم يقتصر على شخصيات بعينها بل تعدتها إلى الأولاد والأحفاد وأولاد الأولاد والأصحاب والأقرباء وأصبحت كل كلمة ينطق بها المقدس أو كل فعل يقوم به وحتى كل همسة وإشارة مقدسات يجب التقيد بها و معاقبة كل من يخرج عنها وهذا ما بدا جلياً في سير الأنبياء والفقهاء والفلاسفة والطغاة وحتى شيوخ الطرق
وشيوخ المذاهب .
وفي العصر الحديث استمر تقديس الأشخاص إما خوفا من العقاب الدنيوي أو العقاب السماوي وظهرت إلى جانب هذه المقدسات مقدسات أخرى مادية وروحية فأخذ الوطن نصيبا كبيراً من التقديس ونسجت حوله القصص والحكايات والملاحم البطولية واستمر البشر في تقديم القرابين من أجل هذا المقدس العصري فكان الشهداء وكانت الشهادة التي مثلت أعظم تضحية يقدم عليها الكائن البشري من أجل مقدس روحي حتى وان كان هذا المقدس أعني الوطن لا يقدم لصاحب التضحية أي فوائد مادية بل يمنحه الفقر والجوع والمرض والتشرد فضلا عن الموت دفاعا عن فكرة لا تعني له إلا قيما روحية كالكرامة والإباء والشرف والى جانب هذا المقدس الكبير العظيم ظهر مقدس أعظم لدى بعض الأمم تمثل في فكرة الأممية وضرورة صعود الطبقة الفقيرة أي البروليتاريا قمة السلطة وفي سبيل هذا المقدس الكبير تم إلغاء جميع المقدسات الأخرى من دينية ومادية وغدت المصلحة العامة هي المقدس الأوحد لكن سرعان ما تبين ضعف هذا المقدس مقارنة بالمقدسات القديمة ولا سيما الروحية منها وتمثل هذا الضعف في انتصار الرأسمالية مع كل ما تحمله من مقدسات شخصية ومادية فقد تبين إن الإنسان بطبعه ميال إلى تقديس الحياة الشخصية وتفضيلها على مختلف القيم الأخرى كم إن المقدس الأخر القديم الحديث والذي يلازم الرأسمالية وهو المال ظهر كغول كاسح في العصر الحديث تسقط أمامه جميع المقدسات الأخرى وفي سبيل نيله والإكثار من جمعه وعبادته تهون وتسقط كل المحرمات وتصبح الحياة البشرية سلعة كباقي السلع مما جعل الأرض ساحة عراك وصراع لا قاعدة تجمع وتحمي أبناء الجنس البشري.
وباختصار فان مفهوم التقديس يختلف من أمة لأمة ومن شعب لشعب بل حتى من فرد لفرد فما هو مقدس لدى شخص ليس بالضرورة مقدسا لدى أخر وما يعتبره أحدهم قيماً ومقدسات يعتبر لدى الآخر وهماً أو ضرباً من الخيال ولكن من أجل أن تتخلص البشرية من الويلات والنكبات التي قامت وتقام باسم القيم والمقدسات فان على جميع أبناء الجنس البشري أن يتنازل قليلا عن بعض ما يعتبره ثوابت لا يمكن أن تتزعزع أو تتحرك وعلى الجميع أن يلتقي في نقطة وسط من اجل تحقيق الرخاء والسلام والحرية وقبل كل ذلك من اجل الحفاظ على الجنس البشري من الهلاك والفناء.



#شمدين_شمدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية الشرقية
- هذا الدم الشرقيُ الرخيص
- نقمة المال


المزيد.....




- الملكة رانيا والأمير الحسين يهنئان ملك الأردن بعيد ميلاده
- بعد سجنه في -معسكر بوكا-.. ماذا نعلم عن أحمد الشرع الذي أصبح ...
- الجولة الثالثة.. بدء إطلاق سراح الرهائن في غزة و110 أسرى فلس ...
- من هي أغام بيرغر الرهينة التي أطلقت سراحها حماس الخميس؟
- هواية رونالدو وشركائه.. هذه مضار الاستحمام في الماء المثلج
- سقطتا في النهر.. قتلى في اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية قر ...
- مراسم تسليم الرهينة الإسرائيلية آغام بيرغر للصليب الأحمر في ...
- -كلاب و100 ضابط من أوروبا على حدود مصر-.. الإعلام العبري يكش ...
- أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يصل إلى دمشق في أول ...
- دقائق قبل الكارثة.. رجل يكشف آخر رسالة من زوجته قبل حادثة مط ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - شمدين شمدين - المقدَّس