أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يوسف شوقي مجدي - بين النقد و الانتقاد















المزيد.....

بين النقد و الانتقاد


يوسف شوقي مجدي

الحوار المتمدن-العدد: 5448 - 2017 / 3 / 2 - 23:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بين النقد و الانتقاد ، و تاريخ موجز عن النقد



ما هو الانتقاد ؟ ، يمكننا القول انه الحكم علي شيء ما انه خطأ علي اساس افكارنا او معتقداتنا ، و بهذا يصبح الانتقاد امر غير مستحب يدعو الي النفور ، لانه يأتي الي اذهاننا هذا التصور النمطي الشكلي عن الانتقاد علي انه الحكم الذاتي علي الاشياء ، علي سبيل المثال من ينتقد اللون الوردي لانه لا يحبه ، او انتقاد طريقة حديث معينة او هيئة شكلية لانسان..الخ ، و لكن لا يتبادر الي اذهاننا تصور اكثر عمقا ، يمكننا ان لا ندرك انه انتقادا ، و لكنه هو كذلك ، مثل انتقاد اي شيء انطلاقا من مباديء فكرية معينة يعتنقها الشخص ، ولا اقصد مباديء دينية فقط و لكن مبادئ علمية ايضا او اي مباديء فكرية ، فما الذي يميز تلك المباديء او القوانين لنستبعد احتمالية كونها انتقادا ؟ ، هل يمكن لان العلم يعتمد علي الادلة المادية و بقية منطلقات الانتقاد لا تفعل ذلك ؟ و لكن فكرة الاعتماد تلك توجد بداخل النظام نفسه اي تمثل جزء اساسي في تكوينه و في بعض الاحيان تعبر عنه و تمثله ، بمعني اخر ، عندما نقر بصلاحية فكرة "الاعتماد علي الادلة " ، كأننا نأخذ من الشيء الذي نحاول اثبات تعاليه ، دليلا في ذاته علي التعالي او الصحة ، و هذا بالطبع مرفوض ، لاننا سنكون مازلنا نحاول "فرض المعايير علي الوقائع فرضا من الخارج " (*) و تظهر عندنا مشكلة "استحالة بيان خطأ اي شيء " التي تشل عقولنا بسبب تمسكنا الجامد بمعاييرنا ، و اصرارنا علي فرضها من الخارج.
فمن الأفضل استخدام "النقد " ، و بعكس الانتقاد ، يبدأ النقد من الداخل و ليس من الخارج ، اي انه يخلو من فكرة " الفرض من الخارج" و المعايير التي يستخدمها الناقد من المحتمل انه لا يؤمن بها ،لان تلك المعايير هي نفس معايير الشيء المراد نقده ، فالنقد لا يهتم بصحة نظام ما في المطلق لكنه يهتم بكفاءة النظام ، اي مدي تناغم عوامل قيام النظام وخصائصه مع بعضها البعض او تنافرها و يطلب ذلك معرفة اسباب نشوء تلك العوامل او الوقائع و ما الوقائع الجديدة التي سينتجها النظام خلال مراحل تطوره ، مثل ما فعل ماركس في تحليله العلمي لرأسمالية القرن التاسع عشر ، الذي كما نعلم ، افضي الي معرفة اسباب نشوء علاقات الانتاج في النظام الرأسمالي و معرفة ما الذي ستؤول اليه ، تناقضات الرأسمالية اي النظام الاشتراكي.
و شكل اخر للنقد ،هو النقد "المحايث " اي الذي يمشي جنبا الي جنب مع حقائق النظام محاولا اكتشاف وظيفة الادعاءات المحايدة في المجتمع في تدعيم النظام او الواقع مثل السينما و الفن بل و الثقافة ايضا ، و هذا الشكل اتبعته او في الحقيقة ابتدعته مدرسة فرانكفورت النقدية بجيلها الاول (ادورنو و هوركايمر و ماركوزه ) ، حيث بَيّن أدورنو و هركهايمر عملية صناعة الثقافة cultural -industry في كتابهما "ديالكتيك التنوير " و اثرها في تشكيل وعي الجمهور و تأييدها لسيرورة التشيؤ reification ، ذلك المصطلح الذي ظهر مع جورج لوكاش ، ويعني ظهور محتويات الواقع القائم و كأنها اشياء ثابتة خالدة لا تتحرك بدلا من تقديمها علي ان لها اصل اجتماعي و اقتصادي ، و اوضح ماركوزة فكرة التسفيل الكبتي repressive de-sublimation، و ذلك المصطلح الذي يبدو انه مناقضا لمصطلح فرويد ، و هو التصعيد الكبتي ، بمعني كبت الانسان لبعض غرائزه و توجيهها لاشياء اخري مثل الفن و الذي يساعد بدوره في رفع مستوي الحضارة و هنا يحدث التصعيد ، و لكن ما يقوله ماركوزه هو حدوث التسفيل ، و لكن هذا لا يقلل الكبت بل يزيد منه ، بمعني انه بعض السلع لكي تباع تحتاج استجابة ليبيدية من المُشترِي و هذا لا يحقق السعادة فيُزيل الكبت بل يزيد منه.
و اخيرا في الحديث عن النظرية النقدية ، و علي نفس الخط الفرويدي يمشي كريستوفر لاش في كتابه ثقافة النرجسية ، فالنرجسية بالنسبة لفرويد هي حالة طبيعية يمر بها الطفل في مراحل تطوره فيعتبر نفسه مركز كل شيء ثم يتعرف الطفل علي العالم فتزول نرجسيته ، و لو استمرت ، تصبح مرضا و ما رآه لاش ، ان المجتمع الحديث بإعلائه من قدر النجاح المهني و المالي يعزز من نرجسية الفرد البالغ و التي تساعدها ايضا عملية صناعة الثقافة في تشكيل شخصية الفرد فينشأ بما يعرف بالثقافة النرجسية cultural narcissism.
و يظهر نقد منظومة فكرية او مادية ما علي شكل وضع تلك المنظومة مع منظومات اخري في سياق أو تطور تاريخي ، وذلك لنفي الادعاءات المتعالية لدي المنظومة ، و هذا ما فعله ماركس عندما تعامل مع الرأسمالية ، كما ذكرنا سابقا ، فكان يريد ان ينفي الادعاء القائل ببقاء الرأسمالية و انها أقصى تطور يمكن ان يصل اليه المجتمع.
و ما قام به هابرماس في نقده لما بعد الحداثة ،و إظهاره ان مرحلة ما بعد الحداثة تمثل جزءا من الحداثة نفسها و ذلك عندما ينتقد الما بعد حداثيون ، الحداثة باستخدام ادوات الحداثة نفسها ، و هنا ينشأ ما يدعوه هابرماس بالتناقض الأدائي performative contradiction اي تناقض ما يقوله الكاتب مع ما ينويه ، مثل انتقاد الما بعد حداثيين لمفهوم الحقيقة و هم يكتبون ليعتبر الناس كلامهم حقيقي.
و النقد ليس احتكارا للماركسيين او المنظرين النقديين ، فقدم بعض فلاسفة ما بعد الحداثة ما يعتبر نقدا ، مثل جان ف.ليوتار ، الذي قال ان في العصر ما قبل الحداثة ، كانت تنتشر القصص و الاساطير الكبري ، و عندما جاءت الحداثة ، رفضت تلك الاساطير و القصص و لكنها صنعت اساطير مماثلة علي صورة سرديات كبري grand narratives ، مثل سرديات التقدم و تحرر الذات و التي أطلقت وعودا لم تتحقق ، ففي مقابل ذلك نشأ ما يعرف "بموت الذات " الناتج عن كون الذات جزء لا يتجزأ من السياق التاريخي.
و اخيرا في حديثنا عن النقد ، ما قصده نيتشة بنقد العلم او الوضعية ، و هو ان العلم يدّعي الموضوعية كونه يهتم بالحقائق الفيزيائية ، و لكن يري نيتشة ان العلم او الوضعية هي ضرب من ارادة القوة اي انه ، اي العلم ، يحوي بين طياته بُعد ذاتي و ميتافيزيقي ، بمعني ان سيادة العلم في الغرب كان بسبب معرفة ان العلم هو الطريق الامثل لتحقيق السيطرة علي الطبيعة اي تحقيق افضل النتائج ، و استخدم المنظرون النقديون هذا الخط النيتشوي ، في فهم دور العقل الأداتي ، في المجتمع الحديث من تعزيز سيرورة التشيؤ، و السيطرة علي الانسان و العقل الاداتي هو العقل الذي يهتم فقط بالتقنية و تحقيق نتائج السيطرة او الفائدة ، و يمكن ايضا ان نلمس تأثير نيتشة بشكل اكبر عند فلاسفة ما بعد الحداثة مثل ليوتار كما ذكرنا.


المصادر و المراجع:

(*)النظرية النقدية لآلن هاو
١ النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت..د.كمال بومنير
٢اصول الفلسفة الماركسية (٢جزء ) لجورج بوليتزر
٣فكرة الثقافة تيري إيجلتون



#يوسف_شوقي_مجدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نيتشة و النازية..لنكتشف الحقيقة!
- الاساطير و حقيقة الزمن
- فلسفة الصليب الاجتماعي
- البحث عن بابل الزانية!
- دموع العذراء
- الانتحار..لماذا؟!
- علم الاجتماع المعاصر :نظرية التحديث و نظرية التبعية
- نظرية كانط لتحقيق السلام..2
- نظرية كانط لتحقيق السلام..1
- المعاناة.. المفيدة و الضارة
- الغشاشون العظماء!
- المنهج العلمى و التجربة الدينية بين التشابه و الاختلاف
- القيامة قامت يا عبدوو!
- النضوج فى مواجهة فكرة خطة الله
- الابداع فى مواجهة الاحساس بالذنب
- نشوء فكرة الالهة(4)..نظرة شاملة
- نشوء فكرة الالهة(3)..اطروحة د.سيد القمنى
- نشوء الالهة(2)..نقد الاستنتاج الفرويدى
- نشوء فكرة الالهة(1)..الاستنتاج الفرويدى
- الجبابرة الذين منذ الدهر ذوو اسم


المزيد.....




- زيارة مفاجئة فجرا للرئيس التونسي إلى المزونة والهدوء يعود إل ...
- البنتاغون يعلن تخفيض وجوده العسكري بسوريا إلى ألف جندي
- قاضية تمنع إدارة ترامب من إجراء تغييرات على جوازات سفر -الأم ...
- إعلام: المسودة الأمريكية لصفقة أوكرانيا لا تتضمن ضمانات أمني ...
- خبير عسكري: الجيش الروسي يقطع شريان حياة المقاتلين الأوكراني ...
- الرئيس الكونغولي السابق كابيلا يعود من منفاه إلى غوما الواقع ...
- -تبت إلى الله-.. تفاصيل التحقيق مع مدرس استدرج طالبة إلى منز ...
- رئيس أركان البنتاغون يغادر منصبه قريبا بعد فضيحة تسريب معلوم ...
- ماكرون يدعو الباحثين من جميع أنحاء العالم إلى اختيار فرنسا و ...
- مجلس الشورى الإيراني: يجب أن يعود الاتفاق مع الولايات المتحد ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يوسف شوقي مجدي - بين النقد و الانتقاد