|
قصة قصيرة - علاقة خطرة
محمد مزيد
الحوار المتمدن-العدد: 5439 - 2017 / 2 / 21 - 20:51
المحور:
الادب والفن
قصة قصيرة علاقة خطرة محمد مزيد لاحظ إنها تقف أمام المرآة كثيرا ، بعد عشرين سنة من الزواج ، لم ينتبه لوقوفها مثل هذه الايام ، ولم يخامره الشك يوما بتصرفاتها ، تزوجها عن حب دام ثلاث سنوات . غير انها هذه الايام ، بدت له ليست تلك المرأة الطيبة العفوية التي أحب فيها مزايا الروح قبل جمال جسدها الذي يعشقه . تصرفاتها الغريبة ، جعلته يفكر في طريقة ليستكشف دواخل شريكته ، وليس لديه وسيلة سوى إيقاعها في فخ الفيس . وكان من السهل أن يبتكر أسماً ويضع صورة وهمية لشاب وسيم ويصنع له صفحة على الفيس . ولكي يحكم خطته الخطيرة فقد عثر على أسم مألوف . وبالفعل ، نجح في إيجاد صفحة وهمية باسم ذاك الشاب الوسيم وما بقي غير أن يكتب لزوجته طلب صداقة . وباصابع مرتعشة وخوف من عواقب مايقوم به دخل على صفحة زوجته وطلب صداقتها . وأنتظر حلول الليل ، حيث تقوم هي بتصفح الفيس لمدة ساعتين أو اكثر قبل أن تأوي الى الفراش فيلحق بها . وبعد إنتهاء العشاء وشرب الشاي والمحادثات الرتيبة ، وجد أن الوقت قد حان لكي يرى ردود أفعالها ، حيث ستأخذ زوجته مكانها المعتاد بالقرب من النافذة المطلة على الحديقة . لاول مرة أكتشف إنها ترتدي ثوباً أخضر لم يره من قبل ، أو إنه بسبب الأعتياد على صورة وجودها اليومي لم يخطر بباله رؤيتها بهذا الثوب ، مطرز بورد حمر وسود . وضعت موبايلها باليد اليسرى وأطلقت ليدها اليمنى حرية الحركة بين شعرها الاسود وخصلاته التي تتدلى على جبينها . كانت صفحة الرجل الآخر الوهمي أمامه ، ينتظر الأشارة الحمراء للموافقة على طلب الصداقة . نهض الى المطبخ ليعمل له شاياً آخر ، وبقي هناك مدة من الزمن ، توقع إنها ستكون كافية لكي يرى ردود فعلها على طلب الصداقة . وما أن عاد بالشاي ، حتى وجد الأشارة الحمراء على طلب الصداقة . تسارعت نبضات قلبه ، موجات الدم تصاعدت الى وجهه بتدفق عجيب ، الأمور حسب ظنه بدأت تتسارع ، وعليه أن يكون حذرا ويقظا ، عليه الان أن يدخل الآن الى صفحة الرسائل ويكتب لها .. ولكن ماذا يكتب ؟ قلبه مازال يخفق بشدة وتسارع ، كأنما يرتكب ذنباً كبيراً . أراد أن يفركش الامر كله ، غير أن نفسه اللائبة دفعته الى الخوض بالمغامرة الى نهايتها ، فكتب " مرحبا " .. ونظر إليها نظرة سريعة مخاتلة لاتوحي بالمراقبة ، كانت هي منهمكة في قراءة صفحة الشاشة ، وعمل نفسه إنه منشغل جدا في حاسبته ، ولكن جزء من بصره كان يركز عليها ، وجدها ، لاول مرة تنفعل ، تنظر إليه بتردد ، مرة بتركيز ومرة بشرود ، ثم أنحنت وكتبت شيئا ما . أجابت " مرحبا " .. أصابعه مازالت ترتجف ، لايريد أن يكون في وضع الرجل منتهك الكرامة . فقال له عقله " هذه لعبة خطيرة ، توقف هنا لا تستمر ، هذه شريكة حياتك أم أولادك الثلاثة ، ولايمكنها أن تجرؤ على فعل المعصية " . لكن نفسه تقول له شيئا آخر : أكتب لها ، أستمر في لعبتك ولن تخسر شيئا ، بل تخسر إذا بقيت جاهلا . لا يعرف ماذا يكتب لها الان ! هل يستمر حقا ؟ نفسه تحثه على الاستمرار ، تقول له يجب الا تتوقف ، يجب أن تعرف ، يجب أن تكشف الوجه الآخر من زوجتك ، فكتب " كيف الحال " .. راقبها ، كانت تبدو أكثر إنفعالا ، نظرت إليه أكثر من مرة ، لاحظ ترددها ، خوفها ، قبل قليل كانت تجلس مسترخية ، الان أنتصب ظهرها .. " بخير .. من انتَ ؟ " .. مازال يرتجف ، أنهى شرب الشاي ، وبدأ يدخن سيجارته . كتب لها " أنا أنسان أبحث عن قلب ألوذ به كي ينهي مأساتي " ، أبتسمت ، أبتسامتها كشفت له عن أندماج وتماه مع الرجل المجهول " وما شأني أنا بمأساتك ؟ ..أنا سيدة متزوجة ولايجوز مخاطبة الناس والدخول في تفاصيلهم بدون سابق معرفة . " أعجبه ردها ، رد زوجته التي يعرفها جيدا ، أطلق دخان سيجارته بارتياح وأمتنان وكتب : أنا أعرفك ، أنت فلانة ، وصديقتك أم هيام تخرجين معها كل يوم . أم هيام لديها مشكلة مع زوجها لم تحل بينهما منذ أسبوعين . راقبها ، كاد الموبايل يقع من يدها ، أحمر وجهها ، لاحظ أرتعاشة في أصابعها . كتبت " من أنت ؟ قبل أن أحذفك " .. لم يجب ، أشغل نفسه بتقليب صفحات الفيس كأن الامر لايعنيه ، موحيا لها بانه لايتابعها . وعندما شعرت بالاطمئنان من زوجها كتبت : من أنت يا أخي أرجوك ؟ كتب لها : أنا من كنت ترفضين أجابته عندما يسألك وأنت ذاهبة الى السوق عن وقت الساعة . تذكر حكايتها عندما كانت تأتي من السوق تخبره عن شخص يتحرش بها يسألها عن الساعة برغم من إنها لاتحملها . أنفعلت بشدة . ثم ضحكت . ضحكت باطلاق ، فاثارت أستغرابه . نهضت وبيدها الموبايل ، ذهبت الى غرفة النوم . تأكد الان إنها تريد أن تتحدث معه براحتها . مرت بضع دقائق ، جاءت ترتدي ثوبا شفافا يكشف عن مفاتنها ، جلست في نفس المكان . أستغرب من تصرفها ، أخذ ينظر إليها بارتياب ، ثم توصل الى إستنتاج إنها قد وقعت في الفخ ، هكذا قال في نفسه . كتبت " وماذا تريد مني الان ؟ " لا يعرف ماذا يكتب لها ، بعد أرتداء هذ الثياب . شعر أن رغبة عاصفة بالشبق تصاعدت في عروقه ، كتب لها " أريدك " ! وضعت الجهاز على الطاولة أمامها ، نهضت ، قالت له أنا جاهزة ، أتبعني حبيبي . وسبقته الى غرفة النوم .
#محمد_مزيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رواية ( سرير الاستاذ )
-
رواية الغرق - الفصل الثاني
-
رواية ( الغرق )
-
بحر ايجه
-
ليست قصيدة
-
قصة قصيرة جدا
-
الجارة
-
قراءة في رواية شاكر نوري ..- جحيم الراهب - .. التجديف خارج ا
...
-
اعتراف بالحب
-
المفوهون العرب
-
دولة الاحزاب ام دولة المؤسسات
-
قصة قصيرة
-
الثقافة العراقية والتسييس المهمش
-
رد على نقد
-
الناشر والبوكر وحارس التبغ لعلي بدر
-
صحراء نيسابور
-
نجيب محفوظ .. الصانع الامهر
-
كيف ينبغي قراءة نجيب محفوظ
المزيد.....
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|