|
ريفلين وقفزة القط الشرير
تميم منصور
الحوار المتمدن-العدد: 5439 - 2017 / 2 / 21 - 20:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ريفلين وقفزة القط الشرير تميم منصور
هناك أسطورة تتحدث عن قط شرير قرر التوبة ، فعزم على الذهاب لإداء فريضة الحج في معبد القطط الرئيسي ، فعلم جميع أصدقائه ومعارفه بنيته هذه ، فجاءوا جميعهم في الوقت المحدد لوداعه ، كما كان متبعاً ، باستثناء الفأر ، شعر القط الشرير بغيابه ، فأبلغه بأنه عاتب عليه ، لأن رحلته الى الحج سوف تنهي الصراع التاريخي بين الأثنين ، كما تدخل أهل الخير وطلبوا من الفأر أن يسارع في وداع القط قبل فوات الأوان ، لكن الفأر رفض هذا التوجه ، وقال لهم بصراحة ، بأن هذا القط غير آمن ، وان غريزة العداء متأصلة داخل جيناته ، وأنا لا أثق به . وعندما عاد القط من رحلته ، بانت عليه علامات الهيبة والورع ، وكان يرتدي ملابس الواعظينا ، وكان يجلس هادئاً لا يتحدث الا عن الصلح والأخوة والمحبة بين الجميع ، فحظي باحترام الذين قدموا لتقديم التهاني له ، أما الفأر فلم يغّير موقفه منه ، فرفض القدوم للتهنئة بسلامة العودة ، لكن أهل الخير وجهوا له اللوم وأبلغوه بأن القط مشتاق اليه ، وقد أحضر له هدية خاصة ، فذهب الفأر مع وفد من المهنئين وعندما رآه القط يقف ببابه ، وكان جالساً يرتدي أثواب الوعظ ، قفز باتجاه الفأر يريد التهامه ، لولا أن الفأر كان حذراً ، لحدث ما لم تحمد عقباه . المغزى من هذه القصة ، هو ان الغريزة هي التي تسيطر على تصرفات غالبية الكائنات الحية ، ومنها الانسان ، وان الطبع سبق التطبع ، وهذا المثل ينطبق على رئيس الدولة في إسرائيل " روبين ريفلين " الذي يرتدي بين الحين والآخر ، وفي مناسبات عديدة ، ثوب الواعظينا ، خاصة أثناء لقاءاته مع جانب من المواطنين العرب ، أو قياداتهم السياسية . لقد عبر أكثر من مرة ، وظهر بصورة ، سياسية وإنسانية ، مغايرة لمواقف قادة حزبه الأم الليكود ، خاصة فيما يتعلق بمحاولات سن قوانين عنصرية ، هدفها تطبيق الخناق أكثر على المواطنين العرب . الكل يتذكر موقفه الرافض لمذبحة عائلة الدوابشة الفلسطينية ، وقد ذكر أكثر من مرة بأن والده هو أول من ترجم القرآن الى اللغة العبرية ، كما أنه نوه أكثر من مرة الى حل الدولتين ، وقال أن اتفاق أوسلو أصبح أمراً حتميا لا يمكن التهرب منه ن لكن على ما يبدو أن هذه المواقف وهذه التصريحات ، كانت تصدر للإستهلاك الإعلامي ، ولم تعكس موقف سعادة الرئيس ، فقد سارع للعودة الى طبعه الذي تربى عليه وأختمر في داخله منذ سنين طويلة ، وهذا الطبع الذي عبر عنه أخيراً يناقض كل تلميحاته وأنصاف مواقفه الحمائمية . كشف عن معدنه عشية اللقاء الأخير الذي تم بين الرئيس الأمريكي ترامب وبين رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو ، فقد رمى بثقله العنصري داخل ساحة النقاش المحتدم الخاص بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني ، فلم ينتظر طويلاً لسماع نتائج اللقاء بين الزعيمبن المذكورين ، فقد قرر إضافة عدة مداميك مرة واحدة فوق مداميك المطالبين بضم أكبر مساحة من الأراضي الفلسطينية المحتلة الى دولة الاحتلال , استغل " ريفلين " وجوده في الاجتماع الخاص الذي عقده المسؤولون عن صحيفة " شيبع " في القدس ، وأعلن بالفم المليان وبلسان طلق ، بأنه يؤكد ويدعم ضم جميع المناطق المحتلة الى دولة الاحتلال ، إضافة بأنه على قناعة بأن فلسطين التاريخية بكاملها هي ملك لليهود ، وانه من واجب دولة الاحتلال منح المواطنة لجميع سكان المناطق التي يتم ضمها ، أو سرقتها ، وان السلطة الوحيدة في هذه المناطق يجب ان تبقى بأيدي حكومة الاحتلال . هذا هو رئيس الدولة الذي اعتبره الكثيرون حمائمي ، يسعى للسلام والتعايش والمساواة ، ان مثل هذا الرئيس العنصري لا يختلف عن رئيس الدولة في جنوب أفريقيا ، قبل تطهيرها من الحكم العنصري . لقد فسر الرئيس " ريفلين " موقفه ، بأنه يطالب بحل الدولة الواحدة ، يعيش تحت سقفها وفوق ترابها الفلسطينيون واليهود ، على أن تكون دولة ديمقراطية ، توفر فيها المساواة ، وانها ستكون نموذجاً في التآخي والتعاون في كافة أنحاء العالم ، لقد طالت حبال خيال سيادة الرئيس وهو يتحدث عن هذه الدولة النموذجية التي رسمها في خياله ، لقد أفقده هذا الخيال ذاكرته الى درجة أنه يتصور أن الدولة التي يتحدث عنها هي سويسرا أو السويد . كان من المفروض ان يوقظه أحد المستمعين ويذّكره بأنه يعيش في دولة محترفة في تطبيق أبشع القوانين العنصرية ، دولة لا تقبل الشراكة مع أحد ، وشعب حصل على كل شيء مجاناً ، دولة تدير شؤونها عصابة من المتطرفين المتعطشين لاستعباد شعب آخر ، هل يضمن سيادته بتحقيق المساواة مع شعب يرزح تحت الاحتلال منذ نصف قرن ، ان هدف هذا الضم والدمج الذي يحلم به " ريفلين " وغيره ، هو الاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية ، وإقامة المزيد من الكتل الاستيطانية . كيف يمكن أن تكون إسرائيل دولة ديمقراطية ، بعد أن صادرت إرادة شعب وأجبرته على قبول الحلول التي اختارتها دون موافقه ثلاثة ملايين فلسطيني ؟ نعم انها نموذج لدولة ديمقراطية خاصة بالصهيونية ، لا مثيل لها في كافة ارجاء المعمورة ، اننا نسأل سيادة الرئيس ، هل وفرت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة أي نوع من المساواة لمواطنيها العرب في الداخل ؟ هل فرض الحكم العسكري لمدة عقدين من الزمن يعتبر وجهاً من وجوه المساوة ؟ وهل سياسة مصادرة الأراضي التي مارستها الحكومات المتعاقبة في النقب والمثلث والجليل هي المساواة ؟ وهل رفض هذه الحكومات الاعتراف بعشرات القرى العربية في النقب هي المساواة التي يريدها " ريفلين " ؟ وهل سياسة التمييز القومي في التعامل مع القضايا التي تخص المواطنين العرب هي المساواة ؟ الم يتذ كر سيادته أثناء حديثه عن المساواة قرية جسر الزرقاء التي أصبح سكانها يعيشون في غيتو بعد أن حاصرتها المستعمرات اليهودية. هل يريد " ريفلين " أن يكون وضع المواطنين الفلسطينيين في الدولة المشتركة التي يحلم مثل إخوانهم في مدينة عكا ، ومدنية يافا واللد والرملة وغيرها . المساواة في هذه المدن تكاد ان تخنق المواطنين العرب . كان " رؤوبين ريفلين " صهيوني في تطلعاته ومواقفه واحلامه التوسعية الاحتلالية ، وسيبقى كذلك أثناء توليه هذا المنصب وبعده ، انه يعرف بداية الطريق للوصول الى حلول عمودها الأساسي انهاء الاحتلال ، لكن طبع " ريفلين " هو من طباع شركائه في السلطة التشريعية والتنفيذية ، ومشروعه الخيالي يؤكد بأن طبعه غلب تطبعه .
#تميم_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بلدية البيض في القدس
-
بالأمية والغيبيات تُحكم الشعوب والبلدان
-
وحدها الشعوب العربية قادرة على الزام امريكا بالتغيير
-
وماذا بعد الاستقالات ؟؟؟
-
الاعلام الإسرائيلي يُسقط نتنياهو بحفرة الشبهات
-
حُلم عثمنة تركيا تبدد تحت وقع الإرهاب الاردوغاني
-
الأصابع المرفوعة في السجلات المختومة بالقبلة الامريكية
-
جدل عقيم وحمى الاتهامات
-
الربيع العربي أدخل اسرائيل العصر الذهبي
-
صفق أنت فلسطيني
-
فيدل كاسترو البصمة التي أوجعت امريكا
-
بين فكي كماشة بلفور والتقسيم يعيش الشعب الفلسطيني
-
لا يفتح الطريق المسدود امام الفلسطينيين الا الشعب الفلسطيني
-
مقاييس التكريم محاطة بالجماجم
-
بين الهيئة العربية العليا والقائمة المشتركة
-
موعد مع الغدر في ليلة المجزرة
-
عروبة الحرم القدسي الشريف ليس رهينة لقرارات اليونسكو وغيرها
...
-
حقائق التاريخ تدين الوزير - بينيت -
-
حمامة بيرس للسلام في قفص التساؤلات
-
عباس في خطابه أمام الأمم المتحدة أسقط البندقية وكسر غصن الزي
...
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|