أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى علوان - .. تلك المنازل و-الشِريعه-














المزيد.....

.. تلك المنازل و-الشِريعه-


يحيى علوان

الحوار المتمدن-العدد: 5439 - 2017 / 2 / 21 - 12:16
المحور: الادب والفن
    


.. تلك المنازل و"الشِرِيْعَه"(1)

سلامٌ على منازل الكْريْمَات(2) ..
منازلِ بيت مَلَحْ وأم طالب ، ومنزل الشيخ عبد الله(3) ،
منازلَ إختفَيتُ عنها ، إختفاءَ اللَفظِ في دُوّامةِ المعنى ..
تلك البيوت القابظة على أحزانها، كانت تشعُّ بالطيبة والمحبّة ،
لكِ ، يا منازلَ ، كلَّ الكلامِ الحلوِ والفرَصِ ، التي لم تأتِ بعد "شباط الأسوَد" !
لكِ العَروضُ ، بما يحتَملُ من أخطاءٍ ، فما بقيَ لديكِ غير ثوابِ "المعصيةٍ"(4) !
* * * *
كُنّا "مجانينَ" رؤيا ، خرَجنا من "شباطَ" نُريدُ تغييرَ الهواء .. الأرضَ والسماء،
نعبثُ بأفكارٍ أكبر مِنّا .. ألتوسَر ، دوبريه ، جيفارا ، سارتر، كولن ويلسن وفانون ...
نُخابثُ الشرطةَ والعَسَس بشعاراتٍ نَصبغُ بها الحيطانَ ومنشوراتٍ نَنثُرُها في الحارات والمقاهي ،
وحينَ ننتهي من "المهمة" ، وئيداً ، نهبطُ "شريعة" الشيخ عبد الله ، كأننا نازلونَ من حُلمٍ إلى حلم ،
نحنُ ، الذين تَجرّأنا على الصَهدِ وعَقَرنا كتائبَ الوَخمة ، رُحنا نقتصُّ من القيظِ ، بالحرثِ في الماء ،
نعجِنُه بمجدافٍ ، حتى يصابُ صوتُ النهر بالبَحَّةِ ،
نكتُب سيرتَه بنزيزِ الجلد ، وأكفٍّ جرّحَها المجداف ،
نَتَقيْلَلُ بقاربٍ ، عند السفارة البريطانية ، تحتَ سِدرَةٍ هائلةٍ تغسلُ أغصانَها بماء الخير،
فالقيلولةُ بين وَقْدةِ الهاجرةِ والعصر هناك ، أَحلى ..
حيثُ نَخُطُّ ذكرياتٍ عاشت تحتَ شناشيل الكريمات ..
وحين نصحو فنجدُ الأباريقَ تَكَسَّرَت ، نرتَجلُ أباريقَ من دخانٍ وشِفاهاً من خَزَفٍ ،
ولكن أينَ الساقي ..؟!
هل تأتي "هاجر" ؟!
كانت تُفاحتي المُشتهاة ... فهل كُنتُ آدَمَها ..؟!!
أمس ، هاتفتُكِ في المنام ، سيدتي ، فلم تُجيبي ،
هل كنتِ منشغلةً بأستقبال ضيوفَكِ .. أم كُنتِ تَتَبضّعينَ لسهرةٍ في حديقتكِ الفارهة ؟!
* * * *
كَسَرنا جِراراً على صلعةِ الزمن المُراوغ ، فأنتفضَتْ مومياء على وشك الزفاف .. سقَطَتْ من يدها
الباردة باقةُ وردٍ ، صارت رماداً .. فبَكى "صريعُ الغواني"(5) !
كُنّا لا نوَفِّرُ إلى مهبطِ الليلِ سُكرتَنا .. ندنو من الجُرفِ ، فتغدو الروحُ نخلاً واشجارَ نارنج ،
وتصيرُ المنازلُ أوسعَ مما تكونُ الخُطى ،
يا رايةَ عَلّوْش(6) قولي كيفَ حال دجلةَ اليوم !
يا عصافيرَ"الشِريعة" أشعلي نارَ الصَباباتِ القديمة !
يا جرحاً تَنكأهُ حُمّى الأسئلة والذكريات .. كيفَ لي أقيسُ بالصواعقِ كُنهَ الذكرى ..؟
تُرى كمْ تَبَدَّدَ في قاعِ النهرِ من شموس ؟
وكم من أَنجُمٌ على ظهرِ مُويجاتِه تَرَنّحَتْ ؟
* * *
كانت رائحةُ الشَطِّ تُضيفُ للسليقةِ "الشمطاء" عنصراً مُحايثاً ،
فالنهرُ لايَمِلُّ من مُراقَصَةِ الأضواءِ ..
لا نَهجعُ قبلَ أنْ تهجعَ الكؤوسُ وكذا المنازل ،
تُوَدّعنا أضواءُ عمارة "الدفتردار"... نصعدُ الشِريعةَ كاللصوص خِفافاً ، كأننا نرتقي سُلَّماَ هشّاً..
ولمّا نرى في عتمة الجرف عاشقينِ خاشعينِ نُغيّرُ مَسرانا كي لانُخدِّشَ "صلاةَ" وحدتهما !



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) الشِريعة مفرد وجمعها شرايع ، هي فُرجاتٌ يمكن النزول منها إلى النهر للأستقاء والعبور إلى الضفة الأخرى ،
أو لنقل السلع والبضائع بين الرصافة والكرخ. يوم لم يكن في بغداد سوى بضعة جسورٍ عوّامة ، كانت هناك عدة شرايع،
منها في جانب الرصافة شريعة القُشله ، شريعة السيد سلطان علي ، شريعة السِنَك ، وشريعة الدفتردار ... وفي جانب الكرخ ،
حيثُ الجرفُ أعلى من نظيره المقابل ، شريعة الجعيفر، شريعة النوَاب ، وشريعة الشوّاكة والكريمات ، التي أصبح أسمها
فيما بعد " شريعة الشيخ عبد الله" لما إنتقل الشيخ الجليل إلى بغداد وإشترى بيتاً ، تُطلُّ حديقته على الشريعة مباشرة ،
حيث كان يقيم طقوس الطائفة المندائية...
2) واحدة من الحارات القديمة في بغداد/ جانب الكرخ ، تُطلُّ على نهر دجلة عند جسر الأحرار .

3) هو رئيس الطائفة المندائية ووالد العالم عبد الجبار عبد الله ، أوّل رئيس لجامعة بغداد بعد ثورة تموز.
4) كانت الكريمات قد شهدت مقاومة باسلة ضد أنقلابيي شباط الأسود 1963، أسوة بما جرى من مقاومة في باب الشيخ وحي الكراد
والكاظمية والشاكرية ، إستمرّت بضعة أيام مما دفع الأنقلابيين في محاولة منهم لإقتحام الحي وأزقته الضيقة بدبابة هدمت الدكاكين
في بداية السوق عند جسر الأحرار، بعدها إنسحب المقاومون عبر الشوّاكه...
5) هو مسلم بن الوليد الأنصاري (757م- 823م) سمّاه الرشيد بصريع الغواني لأنه القائل :
" هل العيشُ إلاّ أنْ أروحَ مع الصِبا *** وأغدو صريعَ الكاسِ والأعيُنِ النُجلِ "
6) كان شاباً طيباً من أبناء الحي يحب الجميع ، شهمٌ يبادر لمساعدة الأخرين دون نخوَة ، بنى له "مقرّاً" من صفيح وقصب ،
تماماًعند مَنبتِ الجسر، يمارس فيه رياضة الكمال الجسماني ، وعدّة صيد السمك .. في الصيف يغدو ذلك الكوخ مأواه ومنزله .
كانت له راية صغيرة مرفوعة فوقَ الكوخ ، لم نسأله يوماً عن مغزاها ... كانت ترفرفُ دوماً إلاّ وقت الشتاء حيث يُنزلها ...













#يحيى_علوان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هو الذي تَبِعَ سربَ القَطَا
- رواية داريغو : ترنيمة للبحر... ملحمة عائد من الحرب ... غنائي ...
- مقاصير نصوص (4)
- ومضات
- هو الذيبُ .. صاحبي !
- غِرّيدٌ أَنبَتَ صداهُ .. ومضى
- الوداع الأخير للمبدع صبري هاشم
- شَذَراتْ
- مقاصير نصوص (3)
- فائز الصغير
- هيَ أشياءٌ عاديّة ، ليس إلاّ !
- ضِدَّ التيّار (8)
- مقاصيرُ نصوص (2)
- ضِدّ التيّار (7)
- لِنَكُن أكثر جرأةً على التنوير !
- ضِدَّ التيّار (6)
- ضِدَّ التيّار (5)
- في برلين ...
- ضِدَّ التيار ! (4)
- ضِدَّ التيّار !


المزيد.....




- مصر.. تأييد لإلزام مطرب المهرجانات حسن شاكوش بدفع نفقة لطليق ...
- مصممة زي محمد رمضان المثير للجدل في مهرجان -كوتشيلا- ترد على ...
- مخرج فيلم عالمي شارك فيه ترامب منذ أكثر من 30 عاما يخشى ترح ...
- كرّم أحمد حلمي.. إعلان جوائز الدورة الرابعة من مهرجان -هوليو ...
- ابن حزم الأندلسي.. العالم والفقيه والشاعر الذي أُحرقت كتبه
- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...
- فنان مصري يعرض عملا على رئيس فرنسا
- من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرة ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى علوان - .. تلك المنازل و-الشِريعه-