أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - قصة قصيرة ..الحرب وذاكرة موزارت














المزيد.....

قصة قصيرة ..الحرب وذاكرة موزارت


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 1432 - 2006 / 1 / 16 - 10:25
المحور: الادب والفن
    


هناك في البعيد القريب . كمان يشدو بنعومة دمعة .
على مساحة سماء صافية يعلن الأزرق عن بضاعته . صفاء لا يشبه صفاء . إذن سيكون هناك فسحة لنتأمل ما يجري في هذا العالم الفسيح .
اللون السماوي يفتح رغبة أن ينسى الإنسان ما يعتقده هما يوميا قائما على فكرة إن لاشيء يُرضينا حتى لو ملكنا مال قارون .
دائما هناك رغبة في المزيد . حتى في الحب على العاطفة أن تصعد الشوق سلمة سلمة . وفي ذروة ما يحدث يفكر احدهما بممارسة الشوق مرة أخرى وكأن مقولة ( القناعة كنز لا يفنى ) وضعت لتزيين جدران البيوت والمكاتب التجارية .
ورغم هذا . كان في إنشداد للموسيقى والزرقة المفضوحة بشعاع من ضوء لوني واسع عليه أن يدرك فيه إن قناعاتنا بالحياة ينبغي أن تبدأ من لحظة هدوء والأزرق هو دائما محفز لهذا الهدوء كما يقول علماء النفس.
ظلت الموسيقى منذ أن تسللت كما لص المصارف إلى مسامعي لتنشئ لها رغبة من الهيام والولع بتلك المحسوسات النغمية وهي تضرب في مدن رأسي بأعاصير الرغبة لإنتاج شيء فكنت من خلالها اكتب رسالة الحب وذكريات محنتي وقصيدة أستطيع أن أقول إنها لولا الموسيقى لم تكن لتنتظم كما جنود في ساحة عرض وتهبط كما نتف الثلج على خوذتي وأنا انظر في الليل المتجمد محنة أن تكون هناك حرب من دون حضن دافئ لمراة مشتهية أو كمان يسري كما نزيف الجرح على خد الوردة ليذكرها بروعة ما كان لنا من ربيع والآن لاشيء سوى صفير الشجر ونعاس النجوم ولهفة أن يكون موزارت نفسه عريفا للفصيل ليقودني إلى ذروة التلقي لا إلى صومعة يختبئ فيها من تظنه عدوك .
ذهبت مدن الحرب إلى أقبية التاريخ تتلو لها وقيعة ما كان ، زيفا وحقيقة ، فيما عدنا نحن إلى شجن العائلة ولقمة العيش وغبار أضابير الوظيفة . نحتسي شاي الذكريات ونتأسى على سنين ضاعت بين خيال وشظية حرب وكلما يصادفنا وجه نابليون نتذكر المدافع وزعيقها والبغال وعنادها وعطش لحظة يمنعك الخوف حتى من مد يدك إلى الآنية التي تشرب منها الماء ، غير أن المذياع يبقى الأهم في تلك الفترة البونابرتية فهو القاسم المشترك بين رغبة الحياة والوصول إلى مدن تضئ بعطر باريسي وبين فزع من أن تكون جسد بنعش يتلو عليه العلم حسرات انك لم تكمل حياتك لتدخل في جوف امرأة وتنجب درزينة أولاد.
لا أعلم لماذا كان وجه موزارت الطفولي بحمرته اللذيذة ، يلاحق مخيلة متعة تلك الليالي ، وكان علي مثل بقية جنود الربيئة أن أهيم بشوق صوت فيروز أو أم كلثوم وبعضه يتهاد ثملا حين تنطق غجرية بصوتها الريفي الشبق وهي تحثه إلى لوعة العشق في ريف قريته أو في قعر زورق يتهادى كما غيمة في حضن سماء على ماء الهور الأخضر بفضل مرايا القصب النابت في أحشائه .
غير إن كمانات موزارت عزلتني بشغف عجيب عن كل تلك المشرقيات التي كانت تجعل رفاقي يسكرون من شجن العود وأوتاره المدللة ورحت مع كل ضربة بيانو أضع تصورا لما سيحدث في هذا الليل المتصحر بهيمنة الثلج وتدافع الأصوات المجهولة التي تصنعها سيقان أشجار البلوط العارية أو ثغاء ماشية القرى البعيدة أو تصادم الريح بصخور الجبل ، لهذا جعلتني هكذا موسيقى ملكية املك قدرة العرافة اتجاه قدرية من معي وكنت احزن حين تعلمني همسات الموسيقى عن أسماء من سيذهبون إلى فردوس الصمت ودموع الأمهات الجزعات وعن الذين سيفقدون ساقا أو يدا أو ربما تفقدهم حرارة البارود والشظايا نعمة البصر . وكنت اعتصر حزنا وأنا أرى ابتساماتهم ذات الأعمار القصيرة تتحدث عن رغبات المستقبل وقال احدهم وهو في قدريته انه سيموت في الليلة التالية :
ــ انه حين تنتهي الحرب سيعمل أي شيء ويسافر إلى مصر كي يلتقط صورة مع الممثلة المصرية ليلى علوي . وكان يعشقها حد الجنون .
وهكذا منحني هاجس الولد العبقري بفتنة نوتته الملكية ولعا وهوسا بقراءة أشواق الروح وهي تنتظر دورها على أيام روزنامة الحرب .
وظل هذا الهوس معي حتى بعد أن صرت خبيرا بتحضير رضاعات حليب الأطفال وأنا أنوء بحشد من الصغار يدلفون بشيطنة البراءة إلى خلوتي ويتقاسمون معي أحقية كتابة روايتي الأخيرة وبعضهم يطلب مني شطب جملة في مقال لي لأنها لا تعجبه .
وحين يدفعهم تعب اللعب وبراءة الطفولة ويخلدون إلى النوم أعود إلى سيمفونيات الولد ذو الخدين الأحمرين استعيد معها فتنة ما كان من أزمنة الحلم الذي مضى . وحين يغلبني نعاس الإصغاء أحس بيد زوجتي وهي تدعوني إلى السرير .

أور السومرية في 12 كانون ثاني 2006



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة...الخرافة ..هي أن لاتكون قبل أن تكون
- قصة قصيرة ......لماذا يموت البلبل ؟...................
- قصة قصيرة ...كلب القرية لا ينبح بل يغني .
- من يضيف إلى عينيك الكحل غير أصابعي
- قصة قصيرة....أبي في متحف اللوفر...
- قصة قصيرة...شفتا صديقتي تكتب القبلات ببراعة
- قصة قصيرة ...الشراكسة ومدحت باشا ومدينتي
- قصة قصيرة.. شارب دالي ودولة مالي وردود أفعالي .
- البصرة دمعة نخلة وتوابل قبلة خضراء
- قصة قصيرة ..البرتقال وام اولادي
- قبعة مكسيكية .. وموسيقى موزارتية .. وقصائد سريالية
- قصائد كتبتها نيابة عن أندريه بريتون
- عام مندائي آخر .. وسيغطيني النور برداءه الأبيض
- أمنيات 2006..العراق في حاضنة الورد وليس في حاضنة المفخخات
- قصة قصيرة ..الليل ومدونة القلب
- عام جديد .. رسالة حب وحبة كرز ودمعة قطة
- توصيف اللحظة الرومانسية
- الورد الكردي ..يرتدي القمر دمعة ، وطحين كيمياوي
- الكلمة ...الله ... المرأة
- عولمة .... أو لنقل الزمن الأمريكي


المزيد.....




- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - قصة قصيرة ..الحرب وذاكرة موزارت