احمد العطار
الحوار المتمدن-العدد: 1431 - 2006 / 1 / 15 - 09:54
المحور:
الادب والفن
يوم عصيب, شحذت ذهني كالؤلؤ وآليت على نفسي الانشطار. قهوة سوداء هي كل زادي في هذه الغربةالعارية, حتى الدخان هجرته لاأعلم أين. اصطبرت مرة أخرى في فلق نيتشوي و استسلمت لطي الكتمان.فهذا اليوم رهيب - كئيب. وعجيب أمري وأمرهذا القلم أيضا أرقبه يتحرك بانفلات وحدوي على البياض...
مذهون بانشقاقي يبتخس مداده أفكاري ويضحك ملئ ذقنه كالعفريت. هذا اليوم عصيب و أيامي كلها تذوي تباعا وتتبخر كالندى. وهذا الكتاب سقر يشهد ذاك الانشقاق...ذاك الانعتاق...ذاك...
أعبر ذاتي جيئا و ذهابا. أروح و أغدو. والبحر مد و جزر...و انفلات...
أدخل داخلي أطيل المكوث علني أشق طريقا أو أطلب قرص الشمس نورا. فقد أهترأ الزمن و كاد يتسقط و يهوي من السقف كالشعر. كالنثر. كالوحي...
أرشف من كوبي قطرات فيتكسر و يتبعثر الوقت كالفلات...فأسهو في وطني و الصدى يرتل "أنا و أنت بلا وطن يا وطني". أجهش حائرا بالغد و الليل طويل. أغادر نفسي , وطني, قريتي, قاصدا ذاك الغسق السحيق أركب زورقا و أستأنق الرحيل. فالغسق موحش و غاضب أيضا... و السنون عجاف...
مكلوم قلبي منفطر بين حب ووطن و غسق. وكوب بن دهري.
أستريح من تعب الليل و أمشي على الرصيف المرصع بالبياض كالثلج الريفي. ألمح من بعيد عهرا يتشامخ و الناس حوله يثرثرون للمرة الألف, أتهاطل صوبهم وألوذ بالصمت عساي أتكشف عهرهم الجميل أهمس في أذن حجر بالزاوية هناك, فيعصم ثغره, يعصم فاه عني... و الناس يثرثرون.
أستلقي متعبا فالفجر قد لاح و الناس في وطني يرمقون اللضى ويقرأون ماتبقى في جوف الليل من حياة. أتوجس خيفة من العبث مع فتاة الليل تلك في غربتي.أطأالجسد بقدمي و أرفس بقايا المداد على الجبين. وبلادي الرعديدة هناك في الأقاصي تتصنم و أنا أبحث عن الوطن...
أقترب من داخلي عنوة. لعلني أصطفي زادا ينفع هذه الوحدة.أركن الليل في آخر الشارع , وأدنو مني كالموت. أرى يدا تمتد, تقترب... وتختفي.
أعلم أنه انقشاع اللضى في الجبال البالية.أقترب و أقترب. و اليد تمتد و تمتد... وتختفي. فأطوف ببلادي في داخلي و أنبش ذاك الرفات و أصرخ و أأأأأصرخ بملئ الليل.
ليت الشمس تتوسط السماء الهاربة. ليتني أتصوف- أتسرمد, أو أبقى كالعنبر. ليت الناس في بلادي يفتحون الصنوبر و العرعار ذات صباح... و يتجشأون كالصدى. أو يزورون المعبد كالشعب...
ماذا دهاك:أيها الغسق. فلتأفل, فلتذبل كالزهرة كالحصى كالبقاء ...
العود أحمد. و الليل جلاء و القدر.
أما اليوم...عصيب...ع ص ي ب...
#احمد_العطار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟