|
(صبغ الفجر رأسي)
شعوب محمود علي
الحوار المتمدن-العدد: 5433 - 2017 / 2 / 15 - 09:23
المحور:
الادب والفن
حلمت بأنّي أسير على شارع للنواسيّ عند المساء المقارب للشفق الأحمر القرمزيّ المدثّر بقميص من الشام أبكي أحس الدموع على وجنييّ رويداً رويداً تساقط والشجر المتمايل مخمور من خفقات النسيم مراوح أغصانه تلقي بالورق المتساقط قلت الفراشات تخلع ثوب الخريف خليطاً من الفكر أم؟ خليطاً من الذكريات على الرأس من شجر التوت اوراق تسقط تسقط تسقط انّ جواداً يدور على سور (بغداد) بغداد كانت مدوّرة ام انا كنت مخمور كنت ادور في حواري المدينة في الشاطئين على الجسر في شارع كان يعشب في قاع جمجمتي ومن قاع جمجمتي تراءت قصور الخليفة (بغداد) شامخة من لهيب المنائر حتى القباب اسطبل الخيول الجوامع صوت المؤذن الله أكبر بغداد تلبس ثوباً من الكبرياء يدين لها الماء والطين والنخل والسيف والدرع والرمح والغيم حتى أباطرة الروم والفرس كلّ الملوك على الأرض اتعبني الجسر جسر الخيال التصوّر والنحل يكثر من عسل النحل نحل الكلام البلاغة والنحو والصرف للّغة العربيّة امجاد فقه ومنارة علم لقصور الخلافة اجنحة كالنسور الصقور الطيور ملوّنة والزواجل عبر الصحاري الجبال البحار الخليفة سيفه يمتد ما شاء قصر الاميرة بغداد والعرش يزهو العبيد الجواري القيان الاميرات يدرجن مثل الطواويس يركضن مثل الغزال ويسبحن في عطر فسقيّة شاءها العصر.. حيث تنث العبير القناديل تشرق والضوء من قمر يتسلّل عبر النوافذ حيث الخليفة يأسره النهر والسفن المتجاوزة الموج بغداد في عصرها الذهبيّ رنين الصنوج مع الناي يقدح في صخرة الشعراء تشب القرائح حتى الحناجر تشتعل الآن مثل صهيل الخيول الورود تفتّح اكمامها موج دجلة يصعد من طرب والسفائن سكرى بورك السمع من يدخل القصر يحضا بلفتة جيد الغزال وصوت مغنّية آخر الليل أسقط في شرك العشق يجذبني من بعيد رنين الكؤوس تدار الرؤوس جنوباً هنا دجلة تنساب والموج كالوشم رقص النجوم على فضّة الماء يا (شهرزاد) الليالي الطوال تلوح على شفتيك اقاصيص ليل العذاب الصور بعيون المها بغداد تصبح ألمح حلّتها تفرش الارض ورداً وزهراً وفيض عبير يهيم به العاشقون نثيث يغطي غصون الارومة ينشر افراحها والقوافل تأتي من ثغور المدائن والابحر السبع كل ّالمدار على فلك الأرض في راحتي الخليفة صحت متى فرّ طير الزمان؟ وطير المكان وسيف الخليفة يعلوه هذا الغبار بكيت بلا دمع ما من نشيج (بانا روما) هنا اللوح من اين هذا الغبار؟ يساقط مثل الحجار وتسقط تلك الشهب فوق خيمة امّي وخيام العرب غداة تهزّ الرياح المدينة أين تلوذ السفائن والرقعة العربيّة تفقد بعضاً بكى كان يسقط دمع النساء يسلّم مفتاح (غرناطة) الامس واللوحة العربيّة كانت معلّقة لاحتراق السفائن كان النحيب من البحر يأت اصيح به انت تبكي وتذرف تلك الدموع الغزيرة ضيّعها العصف تحمل سقط المتاع وقد ضيّع الدهر وجهك تاريخك العربيّ الربيع فعش في الصقيع من الحزن هذا خنين النساء الخدود التي طرّز الرعب ابعادها صار يبحث في الليل عن قمر (مسحل الكبش) يمتد حتى النجوم توارت نثيثاً من السحب يهبط بغداد طقسك يوحش قطار القوافل يلجأ حيث السلامة اين القصور الشناشيل؟ أسواق بغداد تلك المرافئ ما بين صوبين شطين دجلة يبكيك نهر الفرات يعكر صفو الحياة وبغداد تشحب تبكي الخليفة كالرعد جلجل اين تريقين ماؤك يصعد من صدر بغداد يعشب ينكشف الورد والزهر والآس والياسمين الحكايات تقصر ام قد تطول المدينة ريش الطواويس قمصانها وقوس قزح خوافي العصافير ابراج كل النواقيس المح تلقي بساطاً من الضوء شمسك بغداد حتى النوارس ما بين جسرين تمرح من غبش الدهر حتى مساء الزمان يغنّيك ناي الرعاة رويداً يمر القطيع ومالك فوق المنائر حزنان حيث المساء حزين والقناديل تأفل في القصر حتى الغناء هنا صار يشحب تشحب حتى البساتين حتى القصور الكنائس اجراسها والجوامع تخبو مآذنها كل شيء يؤول لنهر المساء تفر العصافير من قفص الملك صوت الخليفة كالرعد كان يجلجل بغداد تتشح في ليالي افراحها واتراحها يذبل الورد يصفرّ عشب الزمان تفر القلاع الرصافة والكرخ يمسك جسر التواريخ تسرح فوق المياه القوارب اشرعة لملمت نفسها ولم يبق للفرح العربي سوى الذكريات كل شيء توارى القصور الجسور استحال العبور فدارت بنا دورة الفلك المتقاعس لا تاج لا صولجان ولا من امارة لا ميرة في القيد والسجن ابوابه الليل والغرفات الظلام 2 يا لأرض تصفّحت منذ ثمانين حجّة كتابك بغداد كان كتاب الزمان لهذا العراق المضيّع احدّق للسور كيف يصوّر هذا المصوّر تنهض من رحم النار بغداد أبحر في الليل يحمل فرشاته ومرسمه كان في حدقتيه خزيناً لبغداد أجمل ما في الجمال الصور كان يستل الوانه من نزيف الورود الزهور وسعف النخيل واوراق هذا الشجر يا (أبا جعفر) ان بغداد تبكيك كلّ مساء وهذي الدماء خالطت دجلة الخير والحبر ما زال يجري وامّي الحنون الى الآن في حزنها ومن حلمتي ثديها تدرّ دماً من قرون القرون وآخر يرفد يرفد دجلة حبراً من قرون القرون يا أبا جعفر ان بغدادك الآن تخترق وقد عادت الأوجه التتريّة لتقتل تحرق تسرق با يد مشوّكة همجيّة يا (محمّد) ع يا خاتم الأنبياء و يا أكرم الخلق يا سيد البشريّة بلينا بأقوام تقتل تحرق تسرق تحت سقف الشريعة يا سيّد الدوحة الهاشميّة
#شعوب_محمود_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
(من حول الأرض ادور)
-
(الشمس تنتقل)
-
اغنّيك
-
الموجة
-
(حنين الى صديق العمر)
-
(الظنون)
-
السيف والجرح
-
جواد الحلم
-
حنين الى صديق العمر
-
تجلّيات العراق
-
اسكب الواني
-
اول الخطو
-
تجليات العراق
-
انتي بحري وافقه
-
ملجأ الطين
-
الرحيل
-
نواح
-
أغيب عن زمني
-
(بين الزاجل وصقر الحديد)
-
الكبوة والشبك
المزيد.....
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|